الهند تستخدم الذكاء الاصطناعيّ لتعزيز سلامة الطُرُقات

الهند تستخدم الذكاء الاصطناعيّ لتعزيز سلامة الطُرُقات

1 دقيقة قراءة
وضعت الحكومة الهندية هدفَ تخفيض عدد الوفيات إلى النصف بحلول العام 2030، واستهلّت هذا المسعى بإطلاق مشروع باسم "الحلول الذكية للسلامة الطرقية عبر التكنولوجيا والهندسة"، والذي جاء حصيلة تعاون عدة شركاء، كمبادرة الذكاء الاصطناعيّ الهندية، والمعهد العالي لتكنولوجيا المعلومات بحيدر أباد، والمعهد المركزي لبحوث الطرق التابع لمجلس الأبحاث العلمية والصناعية، وشركاء من القطاع الخاص، والهيئة البلدية بمدينة "ناجبور".
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

فيما توجد في الهند إحدى أكبر شبكات النقل وأكثرها ازدحاماً، تسعى الحكومة الهندية لتعزيز سلامة مواطنيها من خلال الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لاستخدام الحلول القائمة على التكنولوجيا ودمج الابتكارات الموجّهة لحماية النساء في وسائل النقل العامة.

يخرج مئات الملايين في الهند كلّ يوم من منازلهم قاصدين أماكن العمل أو الدراسة، فيجتازون طرقاتٍ مختلفة، بدءاً من السير عبر الجبال، وليس انتهاءً بركوب قطارات الأنفاق، ما يجعل اهتمامَ الحكومة بالسلامة الطُرُقية واستراتيجيات تعزيزِها ضرورةً حيوية.

إحصائياً، كلّما ارتفعَ التعداد السكانيّ لدولةٍ ما، ازداد تعقيدُ شبكات النقل فيها، وانخفضت نِسَب السلامة الطُرُقية. وكما هو متوقّع، تتصدّر الهند لائحة الوفيات العالمية في حوادث الطرق، فتنفردُ وحدَها بـ11% منها، حسبما أورد تقرير البنك الدوليّ العام الفائت. ولم تستطع إجراءات الإغلاق التي فُرضت في العام 2020 أن تحولَ دون هذه الحوادث، فسلبت حياة 120 مواطنٍ هنديّ وفقاً للمكتب الوطني لسجلات الجرائم. لكنّ الملفت هو تركُّزُ نصفِ تلك الحوادث في 5% من الطرق.

أمامَ هذا الواقع، وضعت الحكومة الهندية هدفَ تخفيض عدد الوفيات إلى النصف بحلول العام 2030، واستهلّت هذا المسعى بإطلاق مشروع باسم "الحلول الذكية للسلامة الطرقية عبر التكنولوجيا والهندسة"، والذي جاء حصيلة تعاون عدة شركاء، كمبادرة الذكاء الاصطناعيّ الهندية، والمعهد العالي لتكنولوجيا المعلومات بحيدر أباد، والمعهد المركزي لبحوث الطرق التابع لمجلس الأبحاث العلمية والصناعية، وشركاء من القطاع الخاص، والهيئة البلدية بمدينة "ناجبور".

يتمثّل الابتكار في إضافة العنصر الوقائيّ للمنهجية التصحيحيّة المعتمدة تقليدياً في مجال البنى التحتية للطرق. وصوبَ هذا الهدف، قدّم كلّ شريك مساهمتَه، فطوّرت شركة "إنتل" نظام مساعدة السائق المتقدّم، حيث تقوم كاميرا مثبّتة على الزجاج الأمامي للسيارة بمسح الطريق بالكامل أمامها، وتستخدم خوارزمياتٍ معقّدةً لقياس المخاطر المحتملة، وفورَ رصدِ أيٍّ منها، يصدر النظام تحذيراً صوتياً وآخرَ بصرياً للسائق، فإن اقترب من السيارة أمامه أكثر مما ينبغي أو أوشكَ على الاصطدام بأحد المارّة أو انحرف عن مساره دون إرسال إشارة، يرشده النظام لإبطاء السرعة أو الحفاظ على مسافة آمنة أو تصحيح المسار. وقد تبنّت الحكومة هذا النظام في أحد الطرق السريعة في العاصمة لضبط المخالفات والتقاط لوحات السيارات ورصد أيّ خلل في معلوماتها، وتخطِّط لتطبيقه على مستوى البلاد. 

بدوره، قدّم المعهد المركزي لبحوث الطرق خبراته الهندسية التي تكاملت مع خبرات القطاع الخاص في قيادة مبادرات الطرق الكبرى المتضمّنة برامجَ توعويةً عامة وتدريباتٍ للسائقين في "ناجبور"، التي تبنّت بلديتُها تقنيةَ تجنُّبِ الاصطدام، وقامت بتركيب أجهزة استشعار في أسطول من الحافلات التي تجوب المدينة. وتعمل هذه التقنية على تعديل سلوك السائقين وتوجيههم.

كما تحاول المدينة الاستفادة من الإمكانيات التنبؤية للذكاء الاصطناعيّ لإصلاح البنى التحتية للطرق، حيث يستخدم فريق المطوِّرين التحليلَ الإحصائيّ للمناطق المختلفة، فيراجعون نِسَبَ الحوادث والوفيات السابقة، وفي حال بلغت مستوياتٍ مرتفعة، يصنّفون المنطقة كـ"نقطة سوداء"، ليُحوَّل ملفّها إلى قسم هندسة الطرق التفصيلية الذي يدرس سُبُل تحسين بنيتها التحتية.

عمل المعهد العالي لتكنولوجيا المعلومات لسنوات مع شركة "إنتل" على إنشاء بيانات لكلّ ما يتعلق بالمشهد المروريّ في الهند، فدرس حالة الطرق وسلوكيات السائقين وأنواع السيارات، ثم نظّم تلك المعلومات ضمن ما أسماه "المجموعة الهندية لبيانات القيادة"، لتكون مرجعاً للباحثين العاملين على تطوير الخوارزميات. 

ومن نتائج هذه الجهود، طوّر المعهد خوارزمية تستخدم التعلُّم الآليّ والرؤية الحاسوبية لتكشف نعاس السائقين، عبر عدسة تتابع ملامح الوجه وترصد تعابيره كإغلاق العينين أو التثاؤب. كما طُرحت مبادرة أخرى مدعومة بالذكاء الاصطناعيّ باسم "إنذار الذعر"، وهو ابتكارٌ موجَّهٌ للنساء والأطفال، حيث يتم تزويد الحافلة بـ4 أزرارٍ و3 كاميرات ومسجِّل فيديو لشبكة الهاتف المحمول يستخدم الذكاء الاصطناعيّ ويرتبط بمركز تحكم يعمل بنظام الحوسبة السحابية. وفي حال تعرضت أيّة امرأة أو طفل للمضايقة أو التهديد من راكب آخر، يتيح الضغط على الزر توثيق الحادثة وإبلاغ العاملين في مركز التحكم وشرطة المدينة لتستجيب لها فِرَقٌ خاصة وظّفتها وزارة النقل. وتم تركيب هذا النظام في 500 حافلة في مدينة "تشيناي" على أن يُضاف إلى 2500 حافلة أخرى ضمن مبادرة "مدينة نيربايا الآمنة". وتزامنت هذه الجهود مع وضع 66 محطة لحافلات العاصمة تحت المراقبة. 

لكنّ التحدي الذي واجه المشروع هو طبيعة الحلول الذكية التي طُوِّرَت في الغرب لتحاكي واقعاً مختلفاً كلّ الاختلاف عن الواقع الهندي. ولهذا، كان على الفريق بذل جهود دؤوبة لتكييف التكنولوجيا المطوّرة لتحاكي المعطيات المحلية.

تُرجم تنوُّع الشركاء المساهمين في هذا المشروع إلى تنوّع الخبرات والفوائد، حيث ستقدّم مجموعة بيانات القيادة عوناً كبيراً للباحثين، كما تساعد أجهزة الاستشعار ببياناتِها في تحديد المخاطر المحتملة في منطقة ما لإنشاء مؤشر رئيسي للنقاط السوداء. أما مشروع سلامة حافلات النقل العام فسيساعد في الكشف عن الحوادث وتحسين حياة النساء والأطفال.

في الوقت الراهن، تدرس مدن هندية مختلفة تكرارَ تجربة "ناجبور" وتبنّي التكنولوجيا في تحسين أداء الحافلات على الطرق السريعة وزيادة معدّلات السلامة المرورية في كامل الأراضي الهندية

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حكومات توظف الابتكار لمواجهة القيادة المستهترة

سعياً لاحتواء ظاهرة القيادة المستهترة التي تعتلي لائحة مسبِّبات حوادث الطرق في العالم، لجأت حكوماتٌ عدّة في كلٍّ من أوروبا وأمريكا إلى الكاميرات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعيّ، لترصدَ المخالفات وتتكاملَ مع أُطُر ولوائحَ قانونيةٍ صارمةٍ لا تتهاون مع أيّ سائقٍ يعطي لعوامل التشتيت الأولوية على حساب سلامته وسلامة الآخرين.

 · · 4 ديسمبر 2023

سيؤول تطلق أولى منصات الخدمات العامة عبر الواقع الموازي "ميتافيرس"

لتكون في طليعة توجُّهٍ متنامٍ، نقلت حكومة سيؤول، الحاضرة الكورية، خدماتها إلى بُعدٍ آخر بالمعنى الحرفيّ للكلمة، فأطلقت المنصة الأولى من نوعها في العالم التي تقدّم الخدمات افتراضياً، والتي ستتّسع شيئاً فشيئاً لتواكب أحدث التطوّرات وتزيح عن مواطنيها أعباء الأعمال التقليدية.

 · · 4 ديسمبر 2023

كيف يُستخدم الواقع المعزّز لتقديم تجارب أفضل في عدة مدن من العالم

بعدما ابتكرت مخيّلة العلماء والمطورون الواقع المعزّز، بدأت مدن عديدةٌ باستخدام تطبيقاته لتعزيز السياحة وحماية إرثها الثقافيّ وحتى تخطيطِ مستقبلها. ففي دبلن وليتشفيلد وستيرلينغ، برمجت المجالس المحلية تطبيقاتٍ ذكيةً تستخدم الواقع المعزّز كدليلٍ سياحيٍّ للزوار، وفي زيورخ السويسرية صمّمت المدينة نظاراتٍ ذكيةً يمكن ارتداؤها أمام أرضٍ خاليةٍ لترسم صورةً ثلاثية الأبعاد للأبنية التي قد تقوم عليها مستقبلاً.

 · · 4 ديسمبر 2023

كيف تثري لوحات البيانات قضية السلامة العامة بثقافة المساءلة

بهدف تأسيس حالةٍ من الشفافية والمساءلة، بدأت المدن الأمريكية بإطلاق لوحات بياناتٍ إلكترونيةٍ تجمع كلّ المعلومات المتعلّقة بالجرائم، وبأداء وكالات إنفاذ القانون، وتتيح الحقائق لمواطنيها لاطلاعهم على سير العمل وجعلهم جزءاً من عملية صنع القرار.

 · · 13 نوفمبر 2023

الذكاء الاصطناعيّ والطائرات المسيرة تساعد الحكومات المحلية في صيانة الطرق

لأنّ جودة الطرق عاملٌ رئيسيّ في سلامة مستخدميها، بدأت عدّة دول كالمملكة المتحدّة وليتوانيا باستخدام التقنيات المتطوّرة لجعل عمليات فحص الطرق وصيانتها أكثر سهولة وكفاءة. طائرات مسيرة من دون طيار، وذكاء اصطناعيّ، وأجهزة استشعار، وكاميرات حديثة عالية الدقة، تستطيع تغطية مئات آلاف الكيلومترات والوصول إلى حيث يعجز البشر، هي أبرز هذه التقنيات.

 · · 13 نوفمبر 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right