نيويورك تستعدّ لمواجهة تأثيرات تغيُّر المناخ على محطات الطاقة الكهرمائية

نيويورك تستعدّ لمواجهة تأثيرات تغيُّر المناخ على محطات الطاقة الكهرمائية

1 دقيقة قراءة
ضمن رؤية ولاية نيويورك المزدهرة والمرنة والصديقة للبيئة، تعزِّز هيئة الطاقة استعداداتِها للمستقبل بإطلاق دراسة لعلاقة تغيُّر المناخ بعملها، عبر توقّع السيناريوهات المختلفة، وتخمين آثارها، واقتراح ما ينبغي فعلُه لمواجهتها.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

ضمن رؤية ولاية نيويورك المزدهرة والمرنة والصديقة للبيئة، تعزِّز هيئة الطاقة استعداداتِها للمستقبل بإطلاق دراسة لعلاقة تغيُّر المناخ بعملها، عبر توقّع السيناريوهات المختلفة، وتخمين آثارها، واقتراح ما ينبغي فعلُه لمواجهتها.

يمكن القول إنّ تغيُّر المناخ أصبح واحدةً من أكثر القضايا العالمية إلحاحاً التي تدفع باتجاه انطلاق سباق محموم لرسم السياسات وتغيير أشكال الإدارة, فاختيار الحكومات استراتيجياتِها الحالية سيحدِّد شكلَ مستقبلها.

وفي بلدٍ بحجم الولايات المتحدة الأمريكية، قد يكون هذا مسعى معقَّداً ومتشعِّباً، خاصةً بالنظر إلى استهلاكِها المهول للطاقة. لذا، اتّجهت الأنظار إلى أكبر كِيانات القطاع، وهي هيئة الطاقة في نيويورك، التي تنتج رُبعَ طاقة الولاية، وتعتمد في 80% من إنتاجِها على الطاق ة الكهرمائية، فتجمعُها من 16 منشأةً تولِّد الكهرباء، وتنقلُها عبر شبكةٍ من أكثرَ من مليوني كيلومترٍ من خطوط الكهرباء.

واقع الأمر أنّ هذا القطاع شديد التأثُّر بتغيُّر المناخ، خاصة مع تغير معدّلات الهطول المطريّ وتفاوُت كمياتِها وشدّتها وتواترِها، كما أنّ ما تنتجه الظواهرُ الجوية القاسية قد يهدِّد محطات التوليد ووظائفَها وطواقمَها ورأس مالها، ويسبِّب تراجع الأداء. بالتالي، لا بدّ من إدارة قطاع الطاقة الكهرمائية بمزيد من الفعالية والأمان، لكنّ هذا التوجّه غير ممكنٍ دون فهمٍ شاملٍ لتأثير تغيُّر المناخ على الشركات وأصولِها واستراتيجياتها، ووضع سياسات واضحة لتحديد مَواطن الخلل ومعالجتِها قبل أن تؤثر على العملاء.

للإجابة على هذه التساؤلات، تعاونت هيئة الطاقة مع كلٍّ من مختبر أرغون الوطنيّ التابع لوزارة الطاقة، ومعهد أبحاث الطاقة الكهربائية، ومركز كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية، وأطلقت تجربتها الأولى في تقييم مدى تأثير تغيّر المناخ على عملياتِها بميزانية قاربت مليون دولار، وذلك ضمن استراتيجية رؤية 2030 التي وضعتها السلطات، والتي عَدَّت المرونةَ ركيزةً أساسية لها.

يمكن تشبيه هذا المشروع بإنشاء توأم رقميّ لنظام هيئة الطاقة، بمعنى جمع المعطيات المناخية وإسقاطِها على النموذج الافتراضيّ لشبكة الكهرباء التابعة للهيئة، والنتيجة هي تنبؤاتٌ تحدِّد الظواهر الجوية المستقبلية بدقة. وبناء عليها، يضع الفريق البحثيّ توقعاتٍ تفصيليةً للفيضانات أو الرطوبة أو الجفاف أو غيرها، ويبني نماذج توضح آثارَها على المرافق والأصول والمعدّات الحيوية.

لبناء عملية محاكاة شاملة، سيستخدم الفريق 3 نماذج مختلفة للمناخ العالميّ، وسيقوم بإسقاط سيناريوهَين مختلفَين لمعدّلات انبعاثات الغازات الدفيئة في الكوكب. كما سيُعِدُّ الباحثون تقييماً على مستوى النظام يقسِّم المخاطر المناخية المحتملة بحسب المنطقة وأهميتها ضمن منظومة البنية التحتية التابعة للهيئة. ثم سيضعون خطة تستهدف المرونة المناخية، وتتضمن إرشادات للفريق الإداري حول احتواء آثار الظواهر الجوية الشديدة. بالإضافة إلى هذا، ستقدّم الدراسة المعايير التشغيلية والمواصفات والتصاميم الخاصة بمشاريع الحلول، مثل كفاءة الطاقة ومحطات الطاقة الشمسية والتخزين ومحطات شحن المركبات الكهربائية.

سيستفيد مختبر أرغون الوطنيّ من خبرته في إنشاء مجموعات البيانات التي تحاكي الظواهر المناخية المحلية، وامتلاكه لمعظم الإسقاطات المناخية التفصيلية في البلاد، وسيستخدم أحدث تقنيات النمذجة للنُظُم المناخية والبنى التحتية ليرسمَ صورةً دقيقة لتأثيرات المناخ على الاستراتيجيات الاستثمارية. سيعتمد المختبر على مدخلات مركز كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية، والتي ستتناول النهج المقترح لتطبيق نماذج البنى التحتية والطاقة في البحث. كما سيساعد المركز في تصميم السيناريوهات وتحليل النتائج وتقديم التوصيات والمقترحات.

تعجز معظم النماذج المناخية عن دراسة التغييرات على نطاقٍ واسع، فلا تستطيع أن تغطّي أكثر من 100 كيلومتر مربع. وبالنظر إلى مساحة نيويورك، سيكون وضع النموذج مسألة حسابية مكثّفة للغاية، لدرجة أنّ إجراءَها عبر الحواسيب العادية سيستغرق أكثرَ من 3 آلاف سنة. لهذا، وظَّف مختبر أرغون حاسوباً عملاقاً فائق القدرات قادراً على إنجاز هذه العملية في غضون ساعات.

استخدم المختبر نموذجاً مناخياً إقليمياً لأمريكا الشمالية، وهو عبارةٌ عن شبكة مربّعة تغطّي 12 كيلومتراً طولاً ومِثلَها عرضاً ممثَّلةً في صورةٍ بدقةٍ مقبولةٍ وأحجامِ بكسل أصغر. بهذا، احتوى النموذج مئات آلاف الشبكات، وتضمَّنت كلٌّ منها عشرات المعادَلات التي تمثِّل عملياتٍ وظواهرَ مناخية وجوية متنوِّعة يتولى الحاسوب الفائق تحليلَها وحسابَها، ويعطي نتائجَ مُقسَّمةً إلى وحداتٍ زمنيةٍ من 3 ساعات. فإن أراد الدارس معرفة النتائج في شهر يناير من العام 2050، سيجد تحليلاً لما سيحدث خلال الساعات الثلاث الأولى، يليه تحليلٌ للساعات الثلاث التي تليها، ويمكن إسقاطُ هذه النتائج على سنواتٍ أو عقود مقبلة.

ليست هذه الدراسة إجراءً منفرداً، فهي المرحلة الأولى لخطة انطلقت قبل انتشار جائحة كوفيد-19 التي أوقفتها مؤقتاً، والمُراد لها أن تستمرّ لسنوات، وأن تفضي إلى تعزيز الأداء البيئيّ والاجتماعيّ والحوكمة. أما المرحلة الثانية التي ستنطلق في العام 2023، فستتجه إلى التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لتغيُّر المناخ على المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة وستركّز على الصمود والتكيّف الإقليميّ والمجتمعيّ.

وكانت ولاية نيويورك قد تبنّت أهدافاً طموحةً عبرَ قانون قيادة المناخ وحماية المجتمع الذي يدعو منظومة الطاقة للعمل صوبَ إزالة الكربون بالكامل بحلول العام 2040، لكنّ الهيئة تطمح لتحقيق هذا الهدف قبل 5 سنوات من التاريخ المحدد.

ستدعم هذه الجهود تخطيط استثمارات البُنى التحتية وتعزِّر قدرةَ هيئة الطاقة على مواجهة المخاطر، القائمة منها والمستقبلية، بما فيها الظواهر المناخية، وستمكِّن المسؤولين من رسم السياسات المستقبلية التي تضمن وجود منظومة طاقة موثوقة ومرنة وميسورة التكلفة في جميع أنحاء ولاية نيويورك، ما سيقرِّبها من هدفِها ببلوغ العام 2050 ولايةً خاليةً من الكربون.

المراجع:

https://www.anl.gov/article/argonne-new-york-power-authority-plan-for-the-future-in-a-changing-climate

https://www.nypa.gov/news/press-releases/2021/20210805-climate

https://gcn.com/cloud-infrastructure/2021/08/new-york-argonne-model-climate-change-impact-on-power-grid/316241/

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

ثلاث مدن تنفّذ حلولاً مبتكرة لمواجهة موجات الحر

تمثّل ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة الحاد في المدن تهديداً لصحة السكان وجودة حياتهم. لذا تسعى الحكومات إلى اعتماد طرائق مبتكرة لاحتواء هذه الظاهرة، بدءاً من إرشاد الناس للاحتماء منها كما في ملبورن السويسرية، مروراً بإنشاء المساحات الخضراء لتبريد المدينة وكسر حدة التلوّث كما في باريس الفرنسية، وليس انتهاءً بتركيب مظلّات تقي الناس حرّ الشمس كما في إشبيلية الإسبانية.

 · · 19 ديسمبر 2023

الحكومات المحلية في المملكة المتحدة تستثمر التكنولوجيا الجغرافية المكانية

تسعى العديد من الحكومات المحلية في المملكة المتحدة لإدماج الأدوات التقنية في عمليات التخطيط، واللجوء إليها لفهم البيئات الحَضَرية ورسم الخرائط التفاعلية والتصوّرات ثلاثية الأبعاد وإشراك الناس في عمليات صنع القرار.

 · · 18 سبتمبر 2023

اختبار مياه الصرف الصحي مرجعاً لقرارات الصحة العامة

كوسيلةٍ إضافيةٍ لتتبُّع حركة فيروس كورونا الذي يتطوّر بوتيرةٍ شبه يومية، لجأت بعض الدول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى مراقبة شبكات الصرف الصحيّ وتحليل عيناتٍ منها لرصد وجود الفيروس في منطقةٍ ما قبل حتى ظهور أيّ إصابةٍ فيها.

 · · 25 أبريل 2023

مدن أمريكية تسوِّق لسكانها تطبيق الأمن السيبرانيّ

مع انتقال الكثير من الأنشطة الحياتية والوظيفية إلى الإنترنت وتزايُد المخاطر هناك، تتلاحق المدن الأمريكية لاستكشاف الحلول لحماية مواطنيها ومؤسساتها، فتبنّت العديد من المدن مثل دالاس ونيويورك وميشيغان سياسة تطوير التطبيقات الذكية التي تحظر البرمجيات الضارة وترشِد المستخدمين إلى تدابير الحماية.

 · · 12 أبريل 2023

الابتكار من الماضي ... بنغلادش تحيي تقنية المزارع العائمة

سعياً لتحقيق الأمن الغذائي الذي يهدده خطر الفيضانات، يستخدم المزارعون البنغاليون حلّاً عمره قرون، وهو تربية محاصيلهم في مزارع عائمةٍ على سطح المياه، مدعومين باهتمامٍ حكوميٍّ وغير حكوميّ يرى في هذا الابتكار ركيزةً في التنمية ومكافحة الفقر.

 · · 31 مارس 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right