بلديةٌ تونسيّةٌ تستخدم نظام المعلومات الجغرافيّة لإدارة خدمات المجتمع

بلديةٌ تونسيّةٌ تستخدم نظام المعلومات الجغرافيّة لإدارة خدمات المجتمع

1 دقيقة قراءة
لاستغلال آفاق التكنولوجيا الواعدة في تطوير الإدارة المحلّيّة، بدأت بلديّة بني خلّاد التونسيّة بالتعاون مع شريكٍ من القطاع الخاص ثورةً في آليات عملها، فاستخدمت نظام المعلومات الجغرافيّة، والتطبيقات الذكيّة، ولوحة التحكّم الحيّة، لتعزيز تقديم الخدمات والكفاءة التشغيليّة، إلى جانب تعزيز الشفافيّة والمشاركة العامّة، ما يمهّد الطريق لتحقيق التّنمية المجتمعيّة المستدامة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لاستغلال آفاق التكنولوجيا الواعدة في تطوير الإدارة المحلّيّة، بدأت بلديّة بني خلّاد التونسيّة بالتعاون مع شريكٍ من القطاع الخاص ثورةً في آليات عملها، فاستخدمت نظام المعلومات الجغرافيّة، والتطبيقات الذكيّة، ولوحة التحكّم الحيّة، لتعزيز تقديم الخدمات والكفاءة التشغيليّة، إلى جانب تعزيز الشفافيّة والمشاركة العامّة، ما يمهّد الطريق لتحقيق التّنمية المجتمعيّة المستدامة.

في سلسلةٍ تبدأ بالحكومة وتنتهي عند المواطن، تلعب الإداراتُ المحلّيّةُ دورَ حلقات الوصل الأهمّ، فعلى عاتقها تقع مسؤولياتُ تقديم الخدمات للناس وتحسين حياتهم وتلبية احتياجاتهم.

لكنّ أنماط الحياة تتطوّر، ومعها المتطلّبات، ولا بدّ لأنظمة الإدارة المحلّيّة من مواكبة هذا التطوّر. هذه هي الحال في بلدة بني خلّاد التونسيّة، وهي تاريخياً منطقةٌ زراعيّة يسكنها مجتمعٌ ريفيّ، لكنّ تعدادَها السكانيّ أخذ في التزايد حتى فاق 26 ألف نسمة، ولم تَعُد الوسائل التقليديّة تكفي لخدمته.

حتى العام 2022، استخدم فريق بلدية بني خلّاد مستندات ورقيّة وآليات عمل قديمة ترهِقه وتحدّ كفاءة عملياته، وتسبّب بطئاً في رصد المشكلات وتحديد مواقعها، ناهيكَ عن حلِّها.

لهذا، ارتأت البلديّة أن تبدأ رحلةَ تحسين خدماتها باستغلال أهمّ موارد العصر، أي التكنولوجيا، فتعاونت مع شركة رائدة في مجال توفير حلول نظم المعلومات الجغرافيّة، لإدماج هذه الأنظمة في منهجية عمل البلديّة.

وقع الاختيار على برنامج سحابي شامل، استخدمَه فريق البلديّة لإنشاء الخرائط وتحليل البيانات ومشاركة تجارب البلديّة في الاستجابة لاحتياجات المجتمع وحلّ مشكلاته.

صُحِبَ هذا البرنامج بتطبيقٍ خاصٍّ للهواتف الذكية، يحمل اسم "سورفي 123"، اسمٌ يعني بالعربيّة (استطلاع 123)، ووُجِّهَ للمواطنين، ليكون منصَّتهم الرقميّة الديناميكيّة للإبلاغ عن أيّ حادثةٍ أو مشكلةٍ أو احتياجٍ يتعلّق بحياتهم اليوميّة، مثل إدارة النفايات أو إنارة الشّوارع. وقد تضمّن التّطبيق تصنيفاتٍ متنوِّعةً للبلاغات، وهو يتيح للمواطنين إضافة الملاحظات التفصيليّة، إن وُجِدَت، أو تحميلَ الصّور لإيضاح المشكلة أكثر وتبيان موقعِها الدّقيق.

بمجرد أن يتم الإبلاغ وتبدأ الاستجابة، ستدخل الحالة المُبلغُ عنها لوحة البيانات الخاصّة التي تقدّم تمثيلاً مرئياً ومباشراً للحالة على الأرض وتَقدُّم الاستجابة وفقاً للأولويات.

ولأنّ إدارة بيانات البنى التحتيّة مهمّة معقّدة، لجأ فريق البلديّة إلى تطبيق للخرائط الميدانيّة والمصمّم ليعمل على الهواتف الذكيّة والحواسيب اللوحيّة، حيث يمكن استخدامُه لتسجيل كلّ البيانات وتوثيق حالة الطّرق وإدارة عمليّات إدارة النّفايات ومتابعة الأعمال الخَدَميّة لحظةً بلحظة.

بالتزامن مع تطوير كلّ هذه البرمجيّات، كان الشّريك التقنيّ يقيم ورش العمل لتدريب كوادر البلديّة وأبناء المجتمع المحليّ وتأهيلهم للتعامل مع تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافيّة وكيفية الاستفادة من تطبيقاتها المختلفة لتقديم خدمةٍ مجتمعيّةٍ فعّالة.

والحقيقةُ أنّ هذه الخطوة كانت ضروريّةً لاجتياز تحدّي التحوّل الكبير في ثقافة العمل المُتبنّاة منذ سنواتٍ، وربما عقود، فالانتقال من النّظام الورقيّ التقليديّ إلى منصّةٍ رقميةٍ متطوِّرةٍ يحتاج تغييراً كبيراً في ذهنيّة العمل ومقارباتِه، ويتطلّب من الممارِسين (وهم الموظّفون) والمستهدَفين (وهم السكّان المحليّون) بذلَ وقتٍ وجهدٍ لا يُستهان بهما من أجل التكيّف مع الأدوات الجديدة، فالتّنفيذ النّاجح يتطلّب ما هو أبعد من الحلول التقنيّة، لأنّه ينطوي على معالجة الفروق التشغيليّة الدّقيقة في المنظّمة.

بناءً على هذا، فقد كان من الأهمّية بمكانٍ أن يشارك أبناء المجتمع في التدريبات، لاجتياز تحدٍّ آخر حسّاسٍ جداً، وهو يتمثّل في ضمان إمكانيّة الوصول إلى التّطبيق وسهولة استخدامه من عامة الناس، لا سيما في مجتمعٍ لا يألف هذه التقنيات المتقدّمة.

عبر اعتماد هذه التكنولوجيا، أصبحت عملية الإبلاغ أبسطَ وأسرع، وكذلك حلُّ المشكلات. كما أنّ لوحة التحكّم، التي تنقل المعلومات بشكلٍ مباشر، ساعدت فِرَق البلديّة على تحديد أولويّات الحوادث المُبلغ عنها وتخطيط عمليّاتِهم بدقّة وكفاءةٍ أكبر.

كما ساهم هذا الابتكار الشّامل في تعزيز قدرة الموظّفين على إدارة الموارد وتحسين عمليّات صنع القرار وبناء الثّقة وترسيخ الشفافيّة والمساءلة في العمليات البلدية، بسبب مشاركة المعلومات مباشرةً بين صنّاع القرار والعامة.

لأنّ التّطبيق سمح للمواطنين بالإبلاغ عن احتياجاتهم بسرعة ودقة، فقد حقّق مستوى غير مسبوقٍ من المشاركة العامّة، وساعد بلديّة بني خلّاد في اجتياز عتبةٍ جديدةٍ صوب نهجٍ أكثر شمولاً واستجابةً في الإدارة المحلّيّة، ما رسّخ معياراً جديداً لهذا المجال في تونس وخارجها.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024

مشروع "روبو فود": روبوتات صالحة للأكل تفيد قطاعي الصحّة والبيئة

شراكةٌ بين عدّة مؤسساتٍ أكاديميةٍ وبحثية، أثمرت عن تجربةٍ فريدةٍ من نوعها، حيث لا تُصنَع الروبوتات من المعادن، بل من مواد عضويةٍ صالحةٍ للأكل، فتَعِدُ بثورةٍ في الرعاية الصحية المستدامة وحتى في التجارب الغذائية.

 · · 30 ديسمبر 2024

الأمنُ السيبرانيّ في منطقةِ دول مجلس التعاون الخليجي ... لمحةٌ من كلِّ دولة

في عصر الاتصال الرقميّ تتنامى أهمية حماية الفضاء الإلكترونيّ، حقيقةٌ أدركتها دول مجلس التعاون الخليجيّ الساعية لتنويع اقتصاداتها خارج نطاق النفط والغاز، فكانت لكلٍّ منها تجربتُها في هذا السباق العالميّ.

 · · 6 ديسمبر 2024

الخرائط المناخية المصغّرة لمواجهة تأثير الجزيرة الحراريّة الحَضَريّة في سيدني

ضمن استراتيجيّة التكيّف طويلة الأمد، تعمل حكومة مدينة سيدني الأستراليّة بالتعاون مع خبرائها الأكاديميّين، على دراسة تغيُّرات درجات الحرارة عبر مناطقها المختلفة من خلال مسجِّلاتٍ تجمع البيانات، لتحليلِها والبناء عليها في اختيار الوسائل المثلى لمشاريع التبريد المستقبليّة.

 · · 19 نوفمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right