سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

1 دقيقة قراءة
من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

تُصنَّفُ سنغافورة عالمياً ضمن فئة المدينة-الدولة، وهو تصنيف يشير إلى جوانب إدارية وجغرافية عديدة، منها محدوديّةُ مساحة سنغافورة الجغرافية، وافتقارُها إلى الأراضي، وعدم توفّر سوى حيّز محدود جداً لتشييد المباني والمنشآت. فمع نحو 5.6 مليون نسمة، ومساحةٍ لا تزيد إلا قليلاً عن 700 كيلومتر مربع، تعدّ هذه الدولة واحدةً من أكثر دول العالم كثافة سكانية، بأكثر من 7800 شخص لكل كيلومتر مربع.

صحيح أنّ سنغافورة حققت عبر تاريخها نجاحاً مشهوداً في التعامل مع هذا التحدي، إلا أنّها واظبت على البحث عن حلول جديدة لتلبية التزايد المستمر في احتياجاتها لمساحاتٍ تستوعب منشآتها، ومرافقها الجديدة، ومتطلبات تطورها الحضري، مع الاحتفاظ بالأراضي السطحية لحياة أفضل للمواطنين.

يعدّ الحيّز الجوفي في سنغافورة حالياً موطناً لبنية تحتية واسعة تشتمل على خطوط القطارات، وشبكات المرافق، وممرات المشاة، ووحدات تخزين الوقود، وحتى الذخائر. ومن المحتّم أن يصبح هذا الحيّز في المستقبل أكثر ازدحاماً، ما يزيد التحديات الماثلة أمام البلاد، على صعيد إدارة وتخطيط مساحات ما تحت الأرض لاستيعاب الاحتياجات الحالية والمستقبلية.

جعل هذا الوضع من أي توسعة في أعمال التطوير تحت الأرض عمليةً حسّاسة، تتطلّب بالضرورة بيانات موثوقة عن موقع البنية التحتية الجوفية، كما جعل من جودة البيانات مسألة حاسمة. إذ أن التجارب الماضية بيّنت لمختلف الجهات المعنية أن الكثير من المعلومات المتاحة حالياً هي معلومات غير موثوقة، وأن الاعتماد عليها تسبب مراراً وتكراراً بضياع الوقت والمال والفرص.

لتدارك هذا الوضع، برزت الحاجة الملحة إلى تخطيط وإدارة جوف الأرض بشكل أفضل، استعداداً لدعم خطط سنغافورة المستقبلية. فأصدرت هيئة إعادة التطوير الحضري في العام 2019 مسوّدة خطةٍ رئيسية وفّرت لأول مرة إطاراً لتطوير الحيّز الجوفي لمناطق محددة في السنوات العشر إلى الخمس عشرة القادمة. ثمّ أطلقت سلطة الأراضي السنغافورية، بالتعاون مع مركز ETH-سنغافورة لبحوث البيئة وبلديّة زيورخ في سويسرا، مشروعاً أطلقت عليه اسم "مشروع توأم الجوف الرقمي" كمبادرة بحثية تطبيقية متكاملة.

باستخدام تقنيات المسح تحت السطحي، ونمذجة البيانات المتقدمة، تضمّن المشروع البحث في التوائم الرقمية تحت الأرض لفهم الأبعاد المتعددة للبنية التحتية تحت السطحية. ولضمان تلبية الاحتياجات الفعلية على أرض الواقع، حلّل فريق العمل المعلومات المطلوبة عن المرافق الجوفية في سنغافورة، وحلّل منظومات رسم الخرائط المستخدمة حالياً في سنغافورة وخارجها، مثل أدوات المسح التقليدية، والليزر والمسح التصويري، ورادار اختراق الأرض، وموجات الراديو، ورسم الخرائط الرقمية. كما أجرى الفريق سلسلة من الدراسات التجريبية لتقييم جدوى التقنيات المختلفة.

يتكوّن المشروع من ثلاث مراحل، وهو يخوض الآن غمار مرحلته الثانية. حيث جرى في المرحلة الأولى تحديد معالم المشكلة وأبعادها، وتشكّلت لدى الفريق- عبر نمذجة البيانات التي تم التقاطها، ودمجها مع البيانات الواردة من مصادر أخرى- رؤى جديدة ودروس مستفادة، مهّدت الطريق لتطوير خارطة طريق تحتوي على مجموعة من الاستراتيجيات والتوصيات المفيدة في تطوير خرائط موثوقة وعالية الجودة للمرافق تحت الأرض.  

فيما تضمنت المرحلة الثانية النظر في مستلزمات منظومة رسم الخرائط، ودراسة سير عمل المرافق تحت الأرضية. في هذه المرحلة يعمل الفريق على بناء توأم رقمي موثوق، وإرساء أسس منظومة مستدامة لرسم الخرائط يمكنها أن تدعمه. وبناءً على ذلك، سيقترح الفريق جملة أدوات تساعد البلاد على وضع خططها موضع التنفيذ، بما في ذلك إطار عمل لإدارة بيانات المرافق الجوفية؛ وإثبات مفهوم البنية التحتية لإدارة البيانات الرقمية؛ ومعايير مسح الخرائط؛ فضلاً عن إطار لتدريب وترخيص مهنيي المسح.

في نهاية المرحلة الثالثة، ستحظى البلاد بخريطة وطنية للمرافق الجوفية، تدمج في مكان واحد البيانات المتعلقة بالمرافق الحالية مع البيانات الجديدة، ما سيعطي دفعة مهمة لتنفيذ استراتيجيات وخطط البلاد، وما قد يمثّل نموذجاً تحتذي به مناطق أخرى في العالم تكتظّ بالسكان، وتعاني من ضيق المساحة الجغرافية.

المراجع:

https://www.geospatialworld.net/prime/case-study/aec/singapore-goes-underground-with-the-digital-underground-project-2/

https://digitalunderground.sg/about-project

https://sec.ethz.ch/research/digital-underground.html

https://geospatial.blogs.com/geospatial/2022/06/developing-a-subsurface-digital-twin-for-singapore.html

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right