أول مفاعل نووي يعتمد على الطباعة ثلاثية الأبعاد

أول مفاعل نووي يعتمد على الطباعة ثلاثية الأبعاد

1 دقيقة قراءة
إن الولايات المتحدة الأمريكية تؤمن أن توليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية يمكن أن يساهم في إيجاد بدائل مستدامة للوقود الأحفوري وبالتالي خفض الانبعاثات الكربونية.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

إن الولايات المتحدة الأمريكية تؤمن أن توليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية يمكن أن يساهم في إيجاد بدائل مستدامة  للوقود الأحفوري وبالتالي خفض الانبعاثات الكربونية. ولكن التكلفة المرتفعة لإنشاء المفاعلات النووية تشكل تحدياً أساسياً أمام إحراز تقدم ملموس في هذا المجال. ولهذا السبب قامت ولاية تينيسي الأمريكية بالعمل على تطوير نواة مفاعل نووي باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد وإيجاد طرق مستحدثة لاختبار مكوناته.

ما تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد بشكل كبير على مصادر غير متجددة لإنتاج الطاقة كالبترول والغاز الطبيعي. وبالرغم من أنها حققت نجاحاً في مجال الطاقة النووية، حيث توفر ما يقارب من 20% من حاجة البلاد للطاقة الكهربائية، إلا أن التكلفة المرتفعة وطول الفترة الزمنية اللازمة لتشييد المفاعلات النووية ومرافقها تحد من إمكانية تبني الطاقة النووية كمصدر أساسي لتوليد الكهرباء. فقد قامت الولايات المتحدة بإنشاء مفاعل نووي واحد فقط خلال العقدين الماضيين على أرض ولاية تينيسي التي تُعد من أحد أكثر الولايات استهلاكاً للطاقة. وما يدفع صناع القرار في الولايات المتحدة إلى العمل على إيجاد حلول سريعة ومبتكرة في قطاع الطاقة النووية هو الحاجة إلى تجديد مفاعلاتها النووية، حيث سيتم التخلي عن العديد منها خلال العشرين عاماً المقبلة لانتهاء صلاحيتها.

ومن هذا المنطلق، توجه فريق مختبر "أوك ريدج" الوطني في ولاية تينيسي الأمريكية، التابع لوزارة الطاقة، إلى استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم وبناء المكونات الأساسية لنواة مفاعل نووي، الذي سيتم تشغيله في عام 2023 ليصبح أول مفاعل نووي في العالم ذو نواة مُصنّعة بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد.

تُشكل جهود مختبر "أوك ريدج" جزء من برنامج أوسع يعمل على استخدام تقنيات الذكاء والطباعة ثلاثية الأبعاد لتطوير وتسريع عملية إنشاء المفاعلات النووية، أكبر مصدر للطاقة الخالية من انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة. وقد تم من خلال البرنامج وعلى مدى اختبارات عديدة اثبات نجاح تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في صناعة مكونات المفاعل النووي، إذ حققت المكونات التي تم طباعتها المواصفات المطلوبة من حيث الجودة وسرعة التصنيع.

ومن الجدير بالذكر أن السبب وراء بطء عملية تصنيع المفاعلات النووية يعود إلى الثمن الباهظ الذي قد تتكبده الدول في حال حدوث خطأ أو حادث ما، كما حدث في "تشيرنوبيل" و"فوكوشيما". ولهذا السبب معظم المفاعلات المستحدثة قيد التطوير اليوم هي تصاميم معدلة للمفاعلات التي تم بناؤها بنجاح على مدى العقود الماضية، ولكن يكمن الابتكار الذي يتطلع فريق "أوك بريدج" إلى تحقيقه في إيجاد وسائل أقل تكلفة تساهم في تسريع عملية تصنيع نواة المفاعل النووي، وهي الجزء المسؤول عن الاحتفاظ باليورانيوم والمكونات الأخرى التي تتحكم في عملية الانشطار النووي داخل المفاعل.

تتطلب عملية تشييد نواة المفاعل بالطباعة ثلاثية الأبعاد إلى استخدام برمجيات حاسوبية تم تطويرها خصيصاً لهذا الغرض، فضلاً عن تطوير أساليب قادرة على التحقق من المواصفات الدقيقة لمكونات المفاعل خلال إنتاجها في عمليات الطباعة، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن خلال تلك التقنيات، سيقوم فريق "أوك بريدج" بتصنيع نواة المفاعل النووي بالكامل عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد من مادة شديدة الصلابة مكونة من السيليكون والكربون تتميز بقدرتها الكبيرة على مقاومة الانصهار. سيولد المفاعل ما يصل إلى 3 ميغاواط من الطاقة، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات الطاقة لأكثر من 1000 منزل.

ويشكل هذه البرنامج طفرة نوعية من حيث الاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي لم يكن متوفراً قبل عقود من الزمن. حيث أن تقنيات التصنيع التقليدية لبناء نواة المفاعل حدت من أداء المفاعلات النووية. ولكن نظراً لمقدرة الطابعات ثلاثية الأبعاد على دمج المعادن معاً طبقة تلو الأخرى، سيتمكن الخبراء من بناء تصاميم كانت تُعد مستحيلة الصنع في السابق. على عكس المفاعلات النووية التقليدية، ستساعد الطباعة ثلاثية الأبعاد المهندسين النوويين في الحصول على صورة أفضل لما يحدث داخل نواة المفاعل، حيث تسمح التصاميم الجديدة بدمج أجهزة استشعار توفر بيانات تشير إلى حالة وأداء المفاعل. علاوة على ذلك، تمنح الطباعة ثلاثية الأبعاد مزيدًا من التحكم في عملية التصنيع من خلال خوارزميات خاصة تقوم بتحليل البيانات التي تجمعها كاميرات الأشعة تحت الحمراء وأجهزة الاستشعار الأخرى لرصد أي عيوب قد تحدث أثناء الطباعة. وعلى الرغم من القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19، استمر فريق "أوك ريدج" في العمل عن بعد لمتابعة إنجاز التصاميم والقيام بالدراسات اللازمة لإنشاء المفاعل النووي في الوقت المحدد وإطلاقه في عام 2023.

من جهة أخرى، يسعى القائمون على المشروع إلى ضمان نقل المعارف والتقنيات الناتجة عن تجربة برنامج مختبر "أوك ريديج" إلى القطاع الخاص لتوفير الطاقة النووية بشكل تجاري. حيث سيتم تطوير منصة رقمية بالتعاون مع جهات أخرى لمساعدة الصناعيين على تبني تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها، بهدف تسريع انتشار الطاقة النووية في الولايات المتحدة.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024

مشروع "روبو فود": روبوتات صالحة للأكل تفيد قطاعي الصحّة والبيئة

شراكةٌ بين عدّة مؤسساتٍ أكاديميةٍ وبحثية، أثمرت عن تجربةٍ فريدةٍ من نوعها، حيث لا تُصنَع الروبوتات من المعادن، بل من مواد عضويةٍ صالحةٍ للأكل، فتَعِدُ بثورةٍ في الرعاية الصحية المستدامة وحتى في التجارب الغذائية.

 · · 30 ديسمبر 2024

الأمنُ السيبرانيّ في منطقةِ دول مجلس التعاون الخليجي ... لمحةٌ من كلِّ دولة

في عصر الاتصال الرقميّ تتنامى أهمية حماية الفضاء الإلكترونيّ، حقيقةٌ أدركتها دول مجلس التعاون الخليجيّ الساعية لتنويع اقتصاداتها خارج نطاق النفط والغاز، فكانت لكلٍّ منها تجربتُها في هذا السباق العالميّ.

 · · 6 ديسمبر 2024

الخرائط المناخية المصغّرة لمواجهة تأثير الجزيرة الحراريّة الحَضَريّة في سيدني

ضمن استراتيجيّة التكيّف طويلة الأمد، تعمل حكومة مدينة سيدني الأستراليّة بالتعاون مع خبرائها الأكاديميّين، على دراسة تغيُّرات درجات الحرارة عبر مناطقها المختلفة من خلال مسجِّلاتٍ تجمع البيانات، لتحليلِها والبناء عليها في اختيار الوسائل المثلى لمشاريع التبريد المستقبليّة.

 · · 19 نوفمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right