طائرات مسيّرة لحماية روّاد الشواطئ الأسترالية من أسماك القرش

طائرات مسيّرة لحماية روّاد الشواطئ الأسترالية من أسماك القرش

1 دقيقة قراءة
لا يوجد حلٌّ سحريٌّ أو فوري، ينبغي رسم الخطط التدريجية وتوظيف التكنولوجيا في تطبيقِها. فبعد مضاعفة تمويل برامج التعامل مع أسماك القرش 3 مرات ليقارب 21 مليون دولار، وضعت حكومة نيو ساوث ويلز الاستراتيجية الخمسية لإدارة أسماك القرش بالتنسيق مع المجالس المحلية في المناطق الساحلية ومع مؤسسة حماية حياة راكبي الأمواج في نيو ساوث ويلز.

ضمن هذه الاستراتيجية، وبعد إجراء الأبحاث اللازمة، انطلق أواخر الصيف برنامجٌ لتطبيق مجموعة من التقنيات على امتداد شواطئ نيو ساوث ويلز.

شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لزيادة الأمان على شواطئها، أطلقت حكومة ساوث ويلز الأستراليّة برنامجاً يوظِّف عدّة تقنيات حديثة لرصد مواقع أسماك القرش باستخدام طائرات ذاتية القيادة ومصائد ذكية وأجهزة استشعار تتقصّى وجودَها وترسل التنبيهات لحماية روّاد الشواطئ من خطرها.

تحظى السياحة البحرية بأهمية كبيرة وتشكل محوراً قوياً للاقتصاد في أستراليا كونها تجتذب الملايين لممارسة الأنشطة المائية كالسباحة والغوص وركوب الأمواج وغيرها، لكنّها لا تخلو من مخاطر العواصف أو الغرق أو مصادفة الكائنات البحرية الخطرة كقناديل البحر أو أسماك القرش.

وحيث تشتهر أستراليا بشواطئها، مقصد ملايين السباحين وراكبي الأمواج كل عام، فإنّ احتمال مصادفة سمكة قرش في البحر خطرٌ داهم يستدعي التعامل معه بشكل فوري. وفي السنوات الأخيرة استطاعت الحكومة الأسترالية الحد من تلك الحوادث من خلال برامج فعّالة للتصدي لأسماك القرش والاستجابة السريعة والتدخلات الطبية الناجحة. ورغم انخفاض حالات الوفيات الناتجة عن هجمات أسماك القرش، فالحوادث ما زالت موجودة، وتتسبب بإثارة الذعر بين رواد الشواطئ مما يكلّف قطاع السياحة الأسترالي خسائر كبيرة. 

ومن الجدير بالذكر هو أنّ حوادث الآونة الأخيرة أصبحت تقع دون أيّ استفزاز لأسماك القرش من قبل السباحين، كما أنّ الشباك التي وضعتها الجهات المسؤولة لردع أسماك القرش عن الاقتراب من الشواطئ لا تمثل حاجز حمايةٍ كافياً، والطرق التقليدية عموماً لا تكفي لإزالة الخطر نهائياً، بالمقابل فإنّ صيد أسماك القرش وقتلها يؤذي البيئة البحرية نظراً لأهميتها في الحفاظ على التنوع الحيوي. لذا، لا بدّ للسلطات من تسريع الاستجابة للحوادث وتحقيق التوازن الصحيح بين الحفاظ على سلامة مرتادي الشواطئ والسباحين وراكبي الأمواج، وحماية النظم البيئية والحياة البحرية.

وإذ لا يوجد حلٌّ سحريٌّ أو فوري، ينبغي رسم الخطط التدريجية وتوظيف التكنولوجيا في تطبيقِها. فبعد مضاعفة تمويل برامج التعامل مع أسماك القرش 3 مرات ليقارب 21 مليون دولار، وضعت حكومة نيو ساوث ويلز الاستراتيجية الخمسية لإدارة أسماك القرش بالتنسيق مع المجالس المحلية في المناطق الساحلية ومع مؤسسة حماية حياة راكبي الأمواج في نيو ساوث ويلز.

ضمن هذه الاستراتيجية، وبعد إجراء الأبحاث اللازمة، انطلق أواخر الصيف برنامجٌ لتطبيق مجموعة من التقنيات على امتداد شواطئ نيو ساوث ويلز.

يتضمن البرنامج أسطولاً جديداً من الطائرات بدون طيار، والتي دخلت تجربةَ مراقبة أكثر من 50 شاطئاً لاكتشاف أسماك القرش والكائنات البحرية الأخرى. وبمجرد رصد سمكة قرش، يتم إطلاق صافرة الإنذار للتواصل مع سلطات الشاطئ مباشرة.

استمرت التجربة 5 أسابيع في كوفس هاربور، حيث خاضت الطائرات أكثر من 8 آلاف رحلة قطعت خلالها أكثر من 25 ألف كيلومتر ورصدت قرابة 350 سمكة قرش في 48 موقع متفرق، كما تم إنجاز تجربة ثانيةٍ للمقارنة بين مشاهدات المروحيات ومشاهدات الطائرات المسيّرة من دون طيار.

كما تضمن البرنامج وسمَ أسماك القرش ليسهل التعرف عليها، حيث يتم وضع الوسوم الخارجية على أسماك القرش بعد صيدها، جنباً إلى جنب مع أجهزةٍ صوتيةٍ يتم زرعها جراحياً داخل جسم السمكة، لتقوم بتسجيل الحركات الطبيعية لها للمساعدة في تحديد العوامل البيئية والحيوية المحيطة.

وتم أيضاً نشر 37 محطة، وهي محطات استماع ترتبط بالأقمار الصناعية وتكتشف وجود أسماك القرش والكائنات البحرية الأخرى الموسومة في نطاق 500 متر، ثم ترسل المعلومات إلى القمر الصناعي. حيث ترتبط هذه المحطات أيضاً بتطبيق "شارك سمارت" الذي انطلق كجزء من المشروع، والمتضمّن ميزاتٍ أخرى كأمان الشاطئ وتوقعات الطقس. يتولى التطبيق نقل المعلومات مباشرةً إلى سلطات الشاطئ وطواقم الإنقاذ التابعة للمجلس، وهي بدورها توجه مرتادي الشواطئ لتحميله.

إلى جانب المحطات، تتوزع على طول الساحل مئات أجهزة الاستشعار التي تتلقى معلومات إضافية حول أسماك القرش الموسومة صوتياً، حيث تختلف هذه المستقبلات عن غيرها بأنّها تقوم بتخزين البيانات التي ينبغي تحميلها يدوياً على فترات منتظمة.

كما ضمَّ البرنامج 170 مصيدة ذكية من مصائد أسماك القرش للكشف عن وجودها وحماية مرتادي الشواطئ، وهي عبارة عن سلسلة من خيوط الصيد المثبتة على عوامات ذات خطافات صيد كبيرة يتم إنزالُها في المحيطات لجذب أسماك القرش وبالتالي تقليل أعدادها قرب الشواطئ، وهي تختلف عن المصائد التقليدية لأنها غير مصممة لقتل أسماك القرش، بل ترسل التنبيهات إلى فرق الاستجابة التي تسارع لوسم سمكة القرش ونقلها بعيداً، وتوضع فقط في الأماكن التي تتوفر فيها فرقٌ للاستجابة الفورية.

شمل البرنامج أيضاً تقنية العوامات الذكية، وهي تقنيةُ مراقبةٍ متطورةٌ تعمل بأشعة السونار لرصد الأجسام المتحركة بحجم أسماك القرش وإرسالها إلى الفرق المعنية، وهي قيد الاختبار والتحسين حالياً. كما خصصت الحكومة جزءاً من التمويل لإجراء الأبحاث وإطلاق برامج التوعية والتثقيف المجتمعي. 

في حين يتم قياس مدى نجاح الحلول التكنولوجية الموسعة ورصد تحديات تطبيقها، يستمر نشر شباك أسماك القرش كجزء من برنامج صيد أسماك القرش في منطقة سيدني الكبرى.

من شأن المراقبة الجوية وجمع البيانات مساعدةُ العلماء على فهم العوامل التي قد تؤثر على تحركات أسماك القرش وتوزُّعِها.

بدرجة غير مسبوقة من الاختبارات والتجارب على التقنيات ووسائل تخفيف تفاعلات أسماك القرش، يُعدُّ هذا البرنامجَ الأكبر في العالم، وهو يساعد في تحسين قدرات طواقم الإنقاذ، وتعزيز سلامة الملايين من مرتادي الشواطئ كل عام، كما يساعدهم التطبيق في التخطيط لرحلات آمنة.

وعلى الأمد البعيد، سيساهم توسيع استخدام هذه التقنيات في تلبية المتطلبات الحالية والمستقبلية في تلك المناطق الساحلية السياحية.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right