سنغافورة وأبوظبي تنجحان في تنفيذ أول نموذج تجريبي رقمي للتمويل التجاري في العالم

سنغافورة وأبوظبي تنجحان في تنفيذ أول نموذج تجريبي رقمي للتمويل التجاري في العالم

1 دقيقة قراءة
وعلى اعتبار أنّ التجارة الدولية تشكّل العمود الفقري لاقتصاد سنغافورة المفتوح، بادرت هيئة تطوير وسائل الإعلام المعلوماتية السنغافورية، من خلال العمل مع العديد من الوكالات والشركاء في الصناعة على الصعيدين المحلي والخارجي، إلى ابتكار منصّة أطلقت عليها اسم "تريد ترست" (TradeTrust)، كحل شامل للتحديات التي تطرحها الوسائل التقليدية لإتمام المعاملات التجارية عبر الحدود.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

بعدما طورت سنغافورة منصةً تقدّم حلاً شاملاً للتحديات القائمة منذ فترة طويلة الخاصة بالتجارة الورقية عبر الحدود، أُنجزت بنجاح مؤخراً أولُ تجربة تمويل تجاري رقمية في العالم، نفذتها كل من سلطة تنظيم الخدمات المالية لدى سوق أبوظبي العالمي وهيئة تطوير وسائل الإعلام المعلوماتية السنغافورية، والسلطة النقدية في سنغافورة، بالتعاون مع عدد من الشركاء التجاريين. وفّرت التجربة للمعنيين دليلاً على أصالة وملكية المستندات الرقمية المستخدمة في تمويل التجارة، وأتاحت التحقق من صحة المستندات رقميّاً على الرغم من أنها مدرجة على منصات تمويل تجاري مختلفة، وكما سمحت بتبادل هذه المستندات مع الأطراف الأخرى في الوقت الفعلي.

قد يبدو مفاجئاً أن قطاع تمويل التجارة الدولية العابرة للحدود، مازال بعيداً عن عالم الرقمنة، على الرغم من التطوّر الكبير والمشهود الذي أحرزته شتّى القطاعات المالية، من بنوك ومصارف مركزية ومؤسسات تأمين وما شابه. إذ مازال تمويل التجارة العابرة للحدود يتّكئ بشكل ملحوظ على الوثائق الورقية والعمليات غير الرقمية، ما يجعل منه عرضةً لشتّى عمليات الاحتيال والتلاعب والتزوير، فضلاً عن الأخطاء العفوية غير المقصودة، والتأخير المفرط في إتمام العمليات، جرّاء التدفق المعقد للمعاملات وتعدد الأطراف المعنية. أما جهود الرقمنة التقليدية التي بذلت حتى الآن فلم تسفر إلا عن ظهور أنظمة رقمية مجزأة تعمل بمعزل عن بعضها البعض، على نحوٍ يحول دون تنفيذ أي عملية مؤتمتة وفعالة لتبادل المستندات الإلكترونية.

وعلى اعتبار أنّ التجارة الدولية تشكّل العمود الفقري لاقتصاد سنغافورة المفتوح، بادرت هيئة تطوير وسائل الإعلام المعلوماتية السنغافورية، من خلال العمل مع العديد من الوكالات والشركاء في الصناعة على الصعيدين المحلي والخارجي، إلى ابتكار منصّة أطلقت عليها اسم "تريد ترست" (TradeTrust)، كحل شامل للتحديات التي تطرحها الوسائل التقليدية لإتمام المعاملات التجارية عبر الحدود.

تلخصت فكرة الابتكار في أن تعتمد منصة "تريد ترست" نهجاً متعدد الجوانب، بوصفها إطار عمل للتشغيل البيني (Interoperability Framework) يدعم متطلبات الوثائق التجارية المختلفة اللازمة للتجارة غير الورقية عبر الحدود؛ وأداة رقمية يستخدمها العاملون على النظام من دون الحاجة إلى القيام بأي تعديل إضافي؛ وتطبيقاً مرجعياً سهل الاستخدام يعمل كآلية محايدة للتحقق الذاتي من قابلية التشغيل البيني. كما حرصت المنصّة على اعتماد مجموعة من المعايير والأطر المقبولة عالمياً، التي تربط الحكومات والشركات باستخدام تقنية "بلوك تشين"، بما يضمن للأطراف والبنوك المتعاملة إمكانية التحقق من المستندات الصادرة من حيث مصدرها وأصالتها؛ وعلى توفير إمكانية التشغيل البيني الموثوق لمستندات التجارة الإلكترونية عبر منصات رقمية مختلفة، الأمر الذي يساعد في التخفيف من مخاطر الاحتيال وتقليل التكاليف وتحسين الثقة والكفاءة.

عملياً، تحتاج التجارة العابرة للحدود، كأي صفقة تجارية أخرى إلى طرفين، بائع ومشتري، أو مصدّر ومستورد. ولذلك تم تطبيق الابتكار من خلال أول تجربة تمويل تجاري رقمية في العالم بالتعاون مع سلطة تنظيم الخدمات المالية لدى سوق أبوظبي العالمي، وهيئة تطوير وسائل الإعلام المعلوماتية السنغافورية، والسلطة النقدية في سنغافورة، الأمر الذي سمح بتبادل سندات الشحن الإلكترونية في كلا البلدين، وتم ذلك أيضاً بالشراكة مع الشركاء التجاريين المتمثلين في بنك "دي بي إس" وبنك "الإمارات دبي الوطني" و"ستاندرد تشارترد".

استخدمت التجربة منصة "تريد ترست" لتسهيل نقل السجلات الإلكترونية بين السلطات القضائية التي اعتمدت قانون لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "الأونسيترال" النموذجي المتعلق بالسجلات الإلكترونية القابلة للتحويل. حيث جرى تنسيق عملية التعريف عن المستندات الرقمية قانونياً، مثل سندات الشحن الإلكترونية، عبر كلا السلطتين القضائيتين، في خطوة تمهّد الطريق أمام معاملات رقمية أكثر سلاسة وبساطة وسرعة.

يرى المسؤولون أن نجاح هذه التجربة يدعم حركة التجارة العالمية الكبيرة التي تقودها مجموعة الدول الصناعية السبع، بشأن اعتماد السجلات الإلكترونية القابلة للتحويل في العمليات التجارية الدولية. ويعزز التجارة العالمية لاقتصادات هذه الدول، واتجاهها نحو السجلات القابلة للتحويل رقمياً في التجارة الدولية، حيث أن هذا الحل يتماشى مع معيار قانون "الأونسيترال" النموذجي العالمي للسجلات الإلكترونية القابلة للتحويل والذي اعتمدته سنغافورة في التشريع، بما أنه يوفر أداة رقمية متاحة مجاناً جنباً إلى جنب مع تطبيق مرجعي مصمم للامتثال لمتطلبات هذا القانون.

تعود منصّة "تريد ترست" بفوائد عديدة على مجتمع التجارة والتمويل والخدمات اللوجستية العالمي، ومن أبرزها هو زيادة الكفاءة من خلال تقليل مخاطر المستندات أو المعلومات المزيفة، حيث سيتم تسجيل المصادر بشكل ثابت دون الحاجة إلى إجراء فحوصات متكررة من قبل مختلف الأطراف للتأكد من صلاحية المستندات المستلمة؛ وانخفاض تكاليف التوثيق على اعتبار أنّ تحويل المستندات الورقية رقمياً يلغي تكاليف طباعة ومناولة ونقل مئات الصفحات بين العديد من الأطراف لشحنة واحدة من البضائع؛ ودعم الخدمات الجديدة من خلال الرقمنة وقابلية التشغيل البيني، فضلاً عن أنها تجعل أتمتة العمليات الرئيسية أمراً ممكناً، من خلال أتمتة المدفوعات أو تحرير الأموال باستخدام العقود الذكية عند استيفاء الشروط.

كما إنّ شفافية ونزاهة عمليات الشحن تفيد في تقليل بعض مخاطر تأمين البضائع، حيث يمكن لمتعهدي التأمين مراجعة طريقة تسعير أقساط التأمين على البضائع، وتسعير القسط ديناميكياً أثناء حركة البضائع خلال رحلتها، بدلاً من التسعير الثابت، ما يقلل أكثر من تكلفة الشحن.

المراجع:

https://www.imda.gov.sg/news-and-events/Media-Room/Media-Releases/2021/Worlds-first-digital-trade-financing-pilot-between-MLETR-harmonised-jurisdictions

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

دروس مستفادة من تجربة كيب تاون في تجنب أزمة المياه

تحرصُ المدن الكبرى على التخطيط والاستثمار لضمان توفير أهم مورد طبيعي لسكانها، وهو المياه، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ، الذي يؤثر سلباً على صعيدين. فهو يؤدي إلى شح المياه، وهو أيضاً يساهم في تعجيل التضخم السكاني بسبب الهجرة المتنامية لسكان القرى والأرياف نحو المدن، مع تراجع الظروف المناخية المناسبة التي تعتمد عليها الزراعة في بعض المناطق. في هذا السياق، تشكل مدينة كيب تاون حالة بارزة تستحق الدراسة في مواجهة هذا التحدي.

 · · 8 مايو 2024

نظم الإنذار المبكر: دروس من اليابان والصين لمواجهة الكوارث الطبيعية

في ظل الزيادة المتنامية في حدة ووتيرة الكوارث الطبيعية حول العالم خلال العقود الماضية، خاصة تلك المرتبطة مباشرة بتغير المناخ، أطلقت الأمم المتحدة في العام الماضي مبادرة "الإنذار المبكر للجميع" كإطار عمل لضمان حماية كل إنسان من خلال نشر نظم الإنذار المبكر بنهاية عام 2027. وبينما تتضافر الجهود لوضع الخطط وكيفية التعامل مع التحديات الكبيرة التي ستواجه هذه المبادرة، هناك تجارب مبتكرة ومتقدمة ثبت نجاحها في كل من اليابان والصين في هذا المجال، من شأنها المساهمة في تصميم استراتيجيات ونظم الإنذار المبكر حول العالم، ودعم مبادرة الأمم المتحدة بأفضل الممارسات.

 · · 8 مايو 2024

فرنسا تقدم علامة وطنية لمكافحة هدر الطعام

بدافع الالتزام البيئيّ والمسؤولية الاجتماعية، تسعى الحكومة الفرنسية لاحتواء ظاهرة هدر الغذاء عبر تثقيف المستهلكين بوصفهم مفتاح حلّ المعادلة، وسنّ قوانين تلزم المؤسسات بالتبرّع بالأغذية الفائضة، ومنح العلامة الوطنية للجهات التي تبذل جهداً أكثر تفانياً في رحلة مكافحة الهدر.

 · · 21 أبريل 2024

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right