الهواتف المتحركة لإجراء تحويلات رعاية الأمومة والطفولة في ميانمار

الهواتف المتحركة لإجراء تحويلات رعاية الأمومة والطفولة في ميانمار

1 دقيقة قراءة
لتحسين صحة الأمهات والمواليد الجدد، أطلقت حكومة ميانمار مشروعاً لتقديم الدعم الماديّ الكفيل بتغطية الاحتياجات الغذائية والصحية لهذه الفئة في البيئات الفقيرة، وذلك باستخدام حلولٍ رقميةٍ بسيطةٍ ومنخفضة التكلفة ويمكن الوصول إليها من أيِّ هاتفٍ وفي أيّ مكان.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لتحسين صحة الأمهات والمواليد الجدد، أطلقت حكومة ميانمار مشروعاً لتقديم الدعم الماديّ الكفيل بتغطية الاحتياجات الغذائية والصحية لهذه الفئة في البيئات الفقيرة، وذلك باستخدام حلولٍ رقميةٍ بسيطةٍ ومنخفضة التكلفة ويمكن الوصول إليها من أيِّ هاتفٍ وفي أيّ مكان.

تنظر منظمة الصحة العالمية إلى انخفاض المعدّلات العالمية لوفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة كواحد من أهمّ مؤشرات نجاح عملها، لذا تواظب على إعداد سجّلات وتقارير سنوية دقيقة توثِّقها، فيما تبحث الحكومات عن الاستثمارات الصحيحة القادرة على تخفيف عبء الفقر والمرض.

في جمهورية ميانمار، وهي أحد البلدان الآسيوية منخفضة الدخل، تعجز الحكومة عن تأمين الخدمات الأساسية والبنى التحتية وتحقيق وتيرةٍ ثابتةٍ للتنمية البشرية. ولأنّ الصحة جزء من هذه المنظومة الواسعة، يُلحِق بها هذا الواقع آثاراً بعيدة المدى، فهو يسلب المواليد الجدد في ميانمار 53% من إنتاجيتهم المستقبلية مقارنةً بأولئك الذين يتمتعون بالصحة والتعليم الكاملَين. هذا ما أكّده مؤشِّر رأس المال البشريّ آخذاً بعين الاعتبار مشكلات الصحة والتغذية لدى النساء والأطفال، وهي التحدّي الذي لم تستطع حكومة ميانمار اجتيازَه، رغم نجاحِها في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في القضاء على السل والملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب.

تسعى حكومة ميانمار إلى نمطٍ جديدٍ من الحوكمة الرقمية، وتحديث خدماتها الأساسية، مستفيدةً من انتشار الهواتف النقّالة التي ارتفع عددُ مستخدميها من 4.8% في العام 2010 إلى 82% في العام 2017، خاصةً وأنّ 72% منهم يستخدمون هواتف ذكيةً حديثة.

تلك هي الحقيقة التي بَنَت عليها وزارة الرعاية الاجتماعية مشروعَها الهادف إلى تحسين النتائج الغذائية للأمهات وأبنائهنّ خلال الأيام الألف الأولى من حياة المواليد الجدد. وبعد تلقّيها الدعمَ من البنك الدوليّ، أطلقت مشروع التحويلات النقدية لتعزيز ممارسات النظافة والتغذية والصحة وردم الهوة التكنولوجية التي فاقتمها جائحة كوفيد-19.

استهدف المشروع بشكلٍ أساسيّ الأمهات الحوامل والأطفال دون سنّ الثانية، وهذه الفئة كانت تعاني بسبب رفضِ طلبات الحصول على الدعم الماليّ لعدم اكتمالها، حيث تتلقّى كلُّ أمٍّ مستفيدةٍ من هذا الدعم مبلغَ 10 دولاراتٍ شهرياً إلى جانب مبلغٍ إضافيٍّ يُصرف لها كلَّ 3 أشهر.

بدأ التحضير للمشروع بالتركيز على اجتياز العقبات، فقام فريق العمل برسم خرائط لأصحاب المصلحة وتحديد نطاق التدخّل وأهدافه، وذلك بعد إجراء الزيارات الميدانية وعقد الاجتماعات مع المسؤولين الإقليميين كرئيس الوزراء، ومسؤولي المكاتب المحلية التابعة لوزارة الإدارة العامة، والسلطات المحلية في المدن والبلدات المختلفة، والطواقم العاملة في المستوصفات والمراكز الصحية الريفية.

تألف فريق المشروع من مستشارين متخصصين في تكنولوجيا المعلومات، وقد عمل هؤلاء على تطوير تطبيقٍ مفتوح المصدر لتسجيل المستفيدين من التحويلات النقدّية وضمان حصولهم عليها، وتم ربطُ هذا التطبيق بلوحة معلوماتٍ لمراجعة البيانات والتحقق من صحتها وفحص طلبات الحصول على الدعم الماليّ وقبولها أو رفضها، وهي متاحة للعاملين في الوزارة والإدارات التابعة لها باختلاف مستوياتهم الوظيفية ومواقعهم الجغرافية.

برمجياً، استخدم الفريق نظام "أو دي كي" الخاص بجمع البيانات، وهو يمكّن المستخدمين من ملء النماذج والاستثمارات دون اتصال بالإنترنت وإرسال البيانات إلى المخدِّم المركزيّ بمجرد توفر الشبكة، كما أنّه يستخدم جداول معياريةً بسيطةً يسهل على المستخدم العاديّ التعاملُ معها. في هذه الجداول، تُدخِلُ السيدة أو أحد ذويها معلوماتها التعريفية الأساسية مثل الاسم وتاريخ الميلاد واللغة الأم ومعلومات الاتصال وتاريخ الحمل وفترته بالإضافة إلى الصور والموقع الجغرافي، ليقوم التطبيق بتحميل هذه البيانات إلى خوادم سحابيةٍ تلبي متطلبات أمن البيانات والكلفة والإمكانيات التقنية لدى الحكومة المحلية، وبالشكل الذي يغنيها عن العمليات الورقية التقليدية.

حرص الفريق على تحقيق استدامة النموذج واستخدام البنى التحتية الرقمية المتاحة وتبنّي تصميمٍ تكراريّ يركّز على المستفيدين، وذلك بجمع تعليقاتهم وملاحظاتهم مباشرةً، والتي عُدَّت مُدخَلاتٍ محوريةً في تحديد الشكل الأمثل للخدمة المُقدّمة، حيث استطاعت معظم السيدات المستفيدات اختيار الاستخدامات الأنسب للدعم، وقد اخترنَ الغذاء والرعاية الصحية.

خلال جائحة كوفيد-19، سمح هذا الحلّ بتحديد أكثر من 290 ألف أمٍّ وابن وتسجيلهم، مع توفير كلفة تطوير البرامج المختلفة، ودون فرض أي تكلفة إضافية أو متطلبات تقنية على المستفيدين أو مقدّمي الخدمات الصحية. كما بسّطت هذه الأدوات التقنية عمليات تسجيل المواطنين وتنسيق معلوماتهم ومشاركتها، وساهمت في تقليص فجوات المعلومات وتيسير عمليات الرصد والتقييم.

سيسدّ مبلغ الدعم كثيراً من الاحتياجات، لا سيما لسكان المناطق الريفية التي تأثرت كثيراً بسبب الجائحة، وهذا جوهريٌّ لنساء تلك المناطق اللواتي سيحظينَ بوضعٍ اقتصاديٍّ أفضل يخفّف عنهنّ عبء التمييز الاجتماعيّ ويمكِّنهنَّ من رعاية أطفالهنّ واتباع ممارسات التغذية الصحية، إذ تشير الأرقام إلى أنّ الرُضَّع الذين يتمتعون بنظام غذائيٍ مقبول في ميانمار قد ارتفع من 9.9% إلى 41.7%.

فتح المشروع آفاقاً واسعةً لاستخدام التكنولوجيا في العمل الحكوميّ، وأثبتَ أنّ انخفاض سعر التقنية لا يعني تدنّي فائدتها، وأنّ الأدوات الرقمية الأقلّ تعقيداً هي الأكثر فاعليةً في المشاريع التي تستهدف العامة، كما أكَّد أهمية المرحلة التحضيرية وإجراء الاختبارات واستكشاف الأخطاء وإصلاحها.

من شأن هذه الحلول الرقمية منخفضة التكلفة دعم التحوّل الرقميّ الحكوميّ لزيادة الكفاءة في تقديم الخدمات العامة، حتى في أكثر البيئات فقراً.

المراجع:

https://thedocs.worldbank.org/en/doc/4a7b8c573212473885d9c81b3a87eb72-0350062022/original/GovTech-Case-Studies-Myanmar-Mobile-Phones-for-Maternal-and-Child-Cash-Transfers.pdf

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right