التوأمة الرقمية للتعافي السريع من الكوارث الطبيعية في الفلبين

التوأمة الرقمية للتعافي السريع من الكوارث الطبيعية في الفلبين

1 دقيقة قراءة
تتعرّض مدينة "كاوايان" الفلبينية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 129 ألف نسمة، لخطر الأعاصير سنوياً، ما دفع بلديتها إلى أن تضع عملية التعافي السريع بعد الكوارث في مقدمة أولوياتها. ولذلك قامت حكومتها المحلية بالتعاون مع شركة خاصة بتصميم برنامج إلكتروني مبني على تقنية التوأمة الرقمية والذكاء الاصطناعي لاحتساب الأضرار الناجمة عن الأعاصير، ما أدى إلى […]
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تتعرّض مدينة "كاوايان" الفلبينية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 129 ألف نسمة، لخطر الأعاصير سنوياً، ما دفع بلديتها إلى أن تضع عملية التعافي السريع بعد الكوارث في مقدمة أولوياتها. ولذلك قامت حكومتها المحلية بالتعاون مع شركة خاصة بتصميم برنامج إلكتروني مبني على تقنية التوأمة الرقمية والذكاء الاصطناعي لاحتساب الأضرار الناجمة عن الأعاصير، ما أدى إلى تحسين سبل الإغاثة والتنسيق مع الوكالات المحلية.

يضرب الفلبين سنوياً حوالي عشرين إعصاراً، نصفها من الأعاصير القوية التي تتسبّب بأضرار كارثية تجرف معها المنازل والمحاصيل والمواشي. وبغية احتساب حجم الضرر، يتعيّن على المسؤولين إعداد تقرير مفصّل بالأضرار لمشاركته مع الوكالات المحلية بعد كل كارثة طبيعية، ومنها الأعاصير، بما يمكّن الحكومة من التخطيط والاستجابة بسبل الإغاثة والموارد الملائمة. إلاّ أنّ إعداد هذا التقرير يمكن أن يستغرق شهوراً، لا سيما وأنّ الطرقات تبقى مقطوعةً لفتراتٍ طويلة، وقد يتضرر المفتشّون أنفسهم بتداعيات الكارثة، الأمر الذي يؤخّر عملهم.

وقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى تعطيل العديد من أعمال البلديّة في مدينة "كاوايان" الواقعة على ضفاف نهر "كاجايان" في الفلبين. وكانت بلديتها تستخدم الطائرات بدون طيار لمراقبة مدى التزام السكان بتدابير الإغلاق والتباعد الاجتماعي من أجل الحدّ من تفشّي الجائحة. وفي هذه الأثناء واجهت المدينة إعصار "فونغ فونغ" (Vongfong) الذي تسبب في تضرر العديد من المباني والبنى التحية.

ولذلك اعتمد مجلس المدينة حلاً مبتكراً، بالتنسيق مع شركة "غرافيكو" (Graffiquo)، من أجل استخدام الصور الملتقطة بالطائرات المسيّرة في إعداد توأم رقمي ثلاثي الأبعاد للواجهات المائية لنهر "كاجايان"، ليساعد المسؤولين في المدينة على إعداد تقرير مفصّل ودقيق يضمن استجابةً سريعةً للكوارث.

تمكّن المشروع من مسح المناطق الجغرافية ورقمنتها بشكل نماذج ثلاثية الأبعاد، بعد إدخال كافة أنواع البيانات المتاحة من تغذية كاميرات المراقبة والمخططات الهندسية وغيرها من البيانات المرئية، ليسمح لبلدية مدينة "كاوايان" بالوصول إلى مجموعةٍ واسعة من البيانات.

من جهتها، خضعت فرق إدارة الكوارث في المدينة لتدريباتٍ تم إجرائها عن بعد حول كيفية التقاط الصور باستخدام الطائرات بدون طيار التي كانت تُستخدم لمراقبة مدى التزام السكان بتدابير الإغلاق من أجل الحدّ من تفشّي الجائحة. وباستخدام التوأم الرقمي ثلاثي الأبعاد، تمكنت فرق إدارة الكوارث من رصد التغيرات في الجوّ والتربة، من قبيل ارتفاع ضفاف النهر، ومدى تآكل التربة، وحالة البنية التحتية للطرقات تسهيلاً لعملية التخطيط لإمدادات الطوارئ ومراكز الإجلاء. كما ساهم هذا البرنامج استناداً إلى الذكاء الاصطناعي في تقدير نطاق الكارثة وإعداد تقرير عنها في لحظات، وإرساله إلى الوكالات المحلية لتخصيص الموارد بشكلٍ آني.

ولاحقاً تم تكرار تجربة تطبيق هذا البرنامج المبتكر بعد أن اجتاح إعصار "أوليسس"(Ulysses) الفلبين في نوفمبر 2020، حيث تمكن البرنامج من احتساب نسبة إتلاف الاعصار للمحاصيل بقيمة تقارب نصف مليون دولار أمريكي بسرعة وبدقة، وكمية الأضرار بالبنية التحتية التي فاقت 11.5 مليون دولار أمريكي. كما تمكن البرنامج أيضاً من تحديد الحاجة الملحّة إلى إجلاء 7724 عائلة وقتها، ما ساهم في التوزيع الفوري لعشرات آلاف حصص الإغاثة.

وعلى الرغم من أنّ التعافي من الكوارث الطبيعية يعتبر أحد أولويات مدينة "كاوايان"، إلاّ أنّه من المقرّر أن تكون للبرنامج تطبيقات أوسع نطاقاً تضم قطاع النقل، بهدف التحكّم بحركة السير والتخفيف من الازدحام المروري، وتخطيط المدن تمهيداً لتشييد مبانٍ جديدة. كما أنه من المخطط للبرنامج أن يدعم مشاريع تستهدف أهداف التنمية المستدامة، كإنشاء بنك للغذاء مثلاً. وتتطلّع مدينة "كاوايان"، والتي حققت مكاسب كبرى في مشروعها الهادف للتحوّل إلى مدينة ذكية، إلى التنسيق مع مدنٍ أخرى من أجل إضفاء الطابع الرقمي على مبادراتها، إذ تتعاون مع مدينة "توغويغاراو" لإنشاء نموذج التوأم الرقمي الخاص بها.

ومن الجدير بالذكر أنّ مدينة "كاوايان" كانت قد اختيرت كأول مدينة ذكية في الفلبين عام 2015 بعد أن رسمت لنفسها رؤية تتناسب مع أهداف التنمية المستدامة، لمعالجة مشاكل المواطنين في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، وقد عملت على تطبيق مشاريع تكنولوجية في مجال الزراعة والسياحة وقطاع الشرطة والأمن.

ومستقبلاً تخطط الشركة المطورة للمشروع لإضافة ميزات لتوقع حدوث الكوارث البيئية، بحيث تتيح للمسؤولين محاكاة تلك الكوارث لمعرفة المناطق المعرّضة للفيضانات عند حدوث الأعاصير أو الزلازل. كما تسعى الشركة أيضاً لإدماج البيانات من مختلف المجالات بهدف تزويد المسؤولين بنظرةٍ أفضل، كأن يقوم البرنامج بجمع البيانات حول مرضى كوفيد-19 والأمراض المعدية الأخرى لرسم صورة أفضل عن الأزمات الصحية التي يمرّ بها المواطنون، وبهذه الطريقة، يسهم برنامج التوأمة الرقمية في تخطيطٍ أفضل لضمان مستقبل أكثر جاهزية لمواجهة الأزمات على أنواعها.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right