الإدارة الذكية للنفايات لشوارع أكثر نظافة في إدنبرة

الإدارة الذكية للنفايات لشوارع أكثر نظافة في إدنبرة

1 دقيقة قراءة
انطلاقاً من الرؤية الرقمية للعاصمة الاسكتلندية إدنبرة، بدأ مجلس المدينة بمشروع تركيب أجهزة استشعار ذكيّة في حاويات النفايات في جميع أنحاء المدينة، لتوفير الموارد وإدارة العمليات بشكلٍ أكثر ذكاءً وكفاءة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

انطلاقاً من الرؤية الرقمية للعاصمة الاسكتلندية إدنبرة، بدأ مجلس المدينة بمشروع تركيب أجهزة استشعار ذكيّة في حاويات النفايات في جميع أنحاء المدينة، لتوفير الموارد وإدارة العمليات بشكلٍ أكثر ذكاءً وكفاءة.

دون استثناء، تواجه حكومات القرن الحادي والعشرين تحدّياتِه بمختلف أشكالها، من نموٍّ سكانيٍّ مضطرد ترافقه متطلّباتُ واحتياجاتٌ كثيرةٌ تفرضها الحياة المعاصرة، وتطلُّعاتٌ إلى الازدهار الاقتصاديّ، وليس انتهاءً بأزمة تغيّر المناخ وما تفرضه من تبعات سلبية.

كغيرِها من الدول المتقدّمة، لدى اسكتلندا عدّة أولويات تسعى إليها، مثل الحرص على تقديم خدمات حكومية ممتازة وتوفير بيئة نظيفة وجودة حياة عالية لسكانها.

في العاصمة سريعة النموّ، تركّز السلطات المحلية على تغيير شكل الخدمات البلدية التي تستهلك الكثير من الوقت والموارد. على سبيل المثال، يدير مجلس المدينة أسطولاً من شاحنات النفايات التي تسير كلٌّ منها في طريقٍ مُحدَّدٍ مسبقاً، فتمرّ على سلسلةٍ من الحاويات لإفراغها. وبسبب اختلاف الكثافة السكانية والعادات اليومية بين حيٍّ وآخر، قد تكون بعضُ الحاويات نصفَ ممتلئة، ويتعيّن على عمال البلديات التحقّق من ذلك يدوياً، في حين قد تفيض النفايات عن استيعاب حاوياتٍ أخرى ريثما تصل إليها الشاحنات، فتسبِّب تلوثاً بيئياً وبصرياً، ناهيك عن أنّ آلية العمل هذه تؤدي إلى استهلاكٍ هائلٍ للوقود وتزيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ، كما أنّها أبعدُ ما تكون عن الاستثمارات المثلى للقوى العاملة.

وقد وجدَ مجلس مدينة إدنبرة أنّ التكنولوجيا والحلول الذكية هي خيار العصر، وهذا ما دفعه إلى وضع خطة المدينة الذكية التي تقضي بتوظيف التقانة لتقديم خدماتٍ عالية الجودة للمواطنين لتكريس العاصمة كواحدةٍ من المدن العالمية الذكية والشاملة والمستدامة رقمياً. وضمن مشروعٍ يستمرّ لـ 5 سنوات، سيعمل مجلس المدينة على تركيب 11 ألفاً من أجهزة الاستشعار الذكية في حاويات النفايات الموزّعة عبر المدينة لتقوم بقياس مستويات النفايات في كلّ حاوية، ومتى تم إفراغُها وكم مرةً استُخدِمَت.

من خلال شبكة إنترنت الأشياء، سيتمّ ربط أجهزة الاستشعار هذه بأسطول شاحنات النفايات. وبهذا، يمكنها إرسالُ الإشعارات عند امتلاء حاويةٍ ما لتوجيه الشاحنة إليها، وتحديدُ نقاط الضغط التي تتراكم فيها النفايات سريعاً كالحاويات القريبة من المقاهي أو مطاعم الوجبات السريعة أو محطّات وسائل النقل العمومية أو مواقف السيارات أو المدارس أو المراكز التجارية أو غيرها. وقد دعت السلطات المحلية السكان لإرشادها إلى هذه النقاط عبر الإنترنت ومشاركة آرائهم حول ما إذا كانت تلبّي الحاجة من حيث العدد والنوع والتوزُّع وسهولة الوصول.

ولحماية أجهزة الاستشعار من المواد الملوِّثة أو السائلة التي قد تفسِدُها، سيتمّ وضعُها بداخل صناديق رمادية صغيرةٍ قبل تثبيتها في الجزء الخلفيّ من حاويات النفايات.

تأتي جهود سلطات العاصمة في إطار مسعى وطنيٍّ للوصول إلى الاقتصاد الدائريّ عبر تخفيض الطلب السكانيّ على الموارد الأولية وتكريس ثقافة إعادة تدوير تلك الموارد. وتأمل الحكومة أنَّ المجتمع الاسكتلنديّ سيعيد استخدام 95% من نفاياته بحلول العام 2025. ولتحقيق هذا الهدف الطموح، كانت منظّمة "اسكتلندا الخالية من النفايات" غير الربحية قد أطلقت برنامج "كفاءة الموارد" بتمويلٍ من الحكومة وصندوق التنمية الإقليميّ الأوروبيّ. ويقدّم البرنامج الدعمَ لمؤسسات القطاعات الحكوميّ والخاص والمشترك لتعزيز إنتاجيتها واستخدام الطاقة والمياه والمواد الأولية وغيرها من الموارد بكفاءةٍ أكبر.

لكنّ إنجاحَ هذه المساعي قد يتطلّب سنواتٍ من العمل، ففي مشروع الإدارة الذكية للنفايات، ورغم فاعلية الحلّ نفسِه، ثمة مجموعةٌ من الاعتبارات التي ينبغي على صنّاع السياسات ومشغّلي الخدمات النظرُ فيها، ولعلّ أبرزَها الكلفةُ الهائلة اللازمة لترقية حاويات النفايات على مستوى مدينة، ناهيك عن بلدٍ بأكمله، ولأنّها ليست كلفةً تُسدّد لمرةٍ واحدة، فهنا يبرز التحدي الثاني، إذ إنّ الحفاظ على هذه المعدات يتطلّب بدوره ميزانيةً دائمة ووقتاً طويلاً وفنيين يواظبون على مراقبة أجهزة الاستشعار وتفقُّدِها وإصلاحها واستبدالها نتيجة تعرُّضِها للتلف أو ربما التخريب، فسلوك المواطنين بحدِّ ذاتِه قد يكون تحدّياً.

يشكل هذا المشروع جزءاً من شبكة أجهزة استشعار تُنشر على أرجاء المدينة لجعلها ذكيةً في كافة المجالات، حيث تستكمل حكومة إدنبرة جهودها بمنصة بيانات في الوقت الفعلي لتقييم أداء الخدمات ومراقبة أحوال المدينة.

تبقى هذه الحلول جديدةً ومقيَّدةً بقدرات الأنظمة الموجودة حالياً، لكن في حال تمّ تنفيذُها وفقاً للمخططات الحكومية، فهي ستحلّ مشكلةً مُعقّدةً طال أَمدُها.

من خلال وضع مسارات مُحسّنةٍ لشاحنات النفايات، ستوفّر هيئة الخدمات البلدية الكثير من الوقت والموارد، وتحدُّ من الأثر البيئيّ، ما يعني عملياتٍ أكثرَ كفاءةً في جمع النفايات ومستوىً أفضل من الصحة العامة ومشهداً أكثرَ جماليةً للمدينة. الأمر الذي سيساهم في دفع مدينة إدنبرة نحو تحقيق أهدافها في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2030.

وإلى جانب الفوائد البيئية والجمالية والاقتصادية، فإنّ هذا التحوّل الرقميّ سيؤدي إلى ترقية أداء السلطات المحلية وتقديمٍ تجربةٍ أفضل للمواطنين، فيصلُ بهم إلى مجتمعٍ صديقٍ للبيئة يعيش برفاهية ضمن مدينةٍ نظيفةٍ وخضراء.

المراجع:

https://www.smartcitiesworld.net/smart-waste/edinburgh-to-deploy-smart-waste-management-technology-7548

https://www.gov.scot/policies/managing-waste/

https://www.cgi.com/uk/en-gb/video/emerging-technologies/edinburgh-scotlands-smart-capital-city

https://www.edinburgh.gov.uk/news/article/12985/edinburgh-gets-smart-with-new-digital-strategy

https://www.zerowastescotland.org.uk/

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right