ما دور شبكات النطاق العريض في تعزيز الابتكار في المناطق الريفية والزراعية؟ تجري ولاية آيوا الأمريكية اختباراً لتحسين اتصال الإنترنت في المجتمعات الريفية والمزارع عبر شبكات النطاق العريض، وتأمل الحكومة من خلال هذه المبادرة أن تطور بنيتها التحتية الرقمية وتعزز سبل الابتكار في المزارع المتصلة رقمياً ضمن التجربة.
لطالما استقطبت التحديات التي فرضتها الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية اهتمام الحكومات، سواءً كانت الفجوة في التباين بين مستوى الوصول للخدمات الرقمية في المدن والأرياف أو الوعي العام بالمهارات الرقيمة. وقد تجدد هذا الاهتمام بعد أن كشفت جائحة كوفيد-19 عن حجم الأثر المترتب على تراجع خدمات الإنترنت في المناطق الريفية، حيث أدت الظروف التي فرضتها الجائحة إلى اعتماد المؤسسات والشركات والأفراد في المدن على الخدمات التي يمكن الحصول عليها عن بعد وبسرعة من خلال شبكات النطاق العريض وتطبيقاتها المتقدمة، مما ساهم في استمرارية الخدمات والحياة اليومية لسكان المدن على عكس ما حدث في العديد من المناطق الريفية.
وبغية التغلب على هذه التحديات في أرياف ولاية آيوا الأمريكية، أعلنت مؤخراً "المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم" عن برنامج بحثي تطبيقي متطور يقام في الولاية، ويضم مؤسسات حكومية وأكاديمية وبحثية، ويسعى إلى توفير خدمات النطاق العريض وشبكات الجيل الخامس من الاتصالات في المناطق الريفية، بالإضافة إلى توفير تطبيقات مبتكرة تساهم في تنمية اقتصاد تلك المناطق التي تعتمد اعتماداً كبيراً على القطاع الزراعي.
يغطي المشروع منطقة ريفية مساحتها 600 ميل مربع في وسط ولاية آيوا، تعمل فيها السلطات القائمة على المشروع بتوفير خدمات شبكة النطاق العريض في المجتمعات الريفية والمزارع المحيطة بها. وتشمل هذه المساحة ثلاث مقاطعات، وتضم نحو ستة تجمعات سكنية محلية، ومجموعة مدارس، وحرم جامعة آيوا في مدينة "أيمز". ويمثل المشروع حقل اختبار يهدف إلى إيجاد أفضل الوسائل وأقلها تكلفة لربط المجتمعات الريفية في الولاية بشبكات الإنترنت عالية السرعة، وإتاحة الفرصة لتطوير مجموعة من التطبيقات التكنولوجية المبتكرة التي ستساعد المزارعين في تنمية منتجاتهم وأعمالهم.
يندرج المشروع ضمن برنامج "منصات البحوث اللاسلكية المتقدمة" (PAWR) الذي تموله "المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم"، وهي وكالة حكومية مستقلة، ضمن ميزانية تبلغ 100 مليون دولار بالشراكة مع القطاع الخاص، وتديره مؤسسة "يو إس إغنايت" (US Ignite) غير الربحية. وقد تم إطلاق اسم "المجتمعات الريفية والزراعية" (ARA) على هذا المشروع الذي يهدف إلى إنشاء مجتمعات ريفية ذكية ومتصلة لاسلكياً بشبكات النطاق العريض.
سيختبر المشروع مجموعة من التطبيقات الذكية القائمة على الاتصال السريع بالإنترنت، يركز بعضها على توظيف تقنيات مبتكرة في تنمية المزارع وتعزيز إنتاجيتها، والبعض الآخر على تطوير الخدمات المجتمعية مثل التعليم، والنقل، والصحة العامة، وتقديم الرعاية الصحية عن بعد.
ففي مجال التعليم مثلاً، يولي فريق العمل أهمية خاصة لتوفير التطبيقات المتعلقة بتدريس "العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات" (STEM)، كونها ضرورية لتزويد المجتمعات الريفية بالمهارات المطلوبة لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين. حيث سيتيح المشروع للطلاب فرصة اختبار تجارب تفاعلية في العلوم الزراعية التطبيقية من خلال منصات الواقع المعزز (AR) من جامعة آيوا، والمزارع التي تطبق فيها التقنيات الحديثة، ما يساهم في تعريف الطلاب على تطبيقات تمت على أرض الواقع ودراسة فوائدها والتحديات التي تواجهها. فمثلاً، من التطبيقات العملية التي استفادت من التقنيات الحديثة ضمن المشرع هي خدمة تطبيق الحافلة المدرسية الذي يقوم بتعقب موقع حافلة المدرسة بالزمن الحقيقي وإعلام الأهالي عن موعد وصولها إلى منازلهم، وبالتالي تساهم في ضمان سلامة الأطفال خصوصاً في الظروف المناخية الصعبة التي تتعرض لها الأرياف عادةً.
لكن الأهمية الاقتصادية الحقيقية في توفير شبكات النطاق العريض في الأرياف تكمن في أنها تسمح باستخدام التكنولوجيا الزراعية الرقمية التي تساعد المزارعين على توفير ظروف زراعية مناسبة من خلال مراقبة المحاصيل باستخدام تقنيات حديثة. فعلى سبيل المثال، تقوم إحدى التطبيقات ضمن المشروع بالتحكم بالمركبات أو الروبوتات الزراعية الصغيرة التي يتم إدارتها عن بعد، والتي تستخدم لنثر البذور أو رش المبيدات أو إتلاف الأعشاب الضارة أو غيرها من المهام الروتينية في الحقول. ويتم تجهيز هذه المركبات بكاميرات وأجهزة استشعار ووصلها لاسلكياً بمركز للحوسبة السحابية. وتبرز أهمية هذه المركبات في المزارع التجارية الكبيرة، حيث يتم استخدام العشرات أو المئات منها سوياً، فتعمل كل مركبة على جمع البيانات من صور متعددة الأطياف عالية الدقة للمحاصيل والتربة، ثم إرسالها إلى السحابة الحاسوبية ليتم تحليلها في الزمن الحقيقي. وتعمل هذه التقنية على تمكين المزارعين من اتخاذ قرارات دقيقة بشأن المحاصيل، وأداء مهام زراعية خاصة في المساحات الزراعية المتضررة أو تلك التي تحتاج إلى عناية، مثل التخلص من الأعشاب أو الحشرات الضارة، مما يعود بالنفع على إنتاجية المزارع وخفض التكلفة على المزارعين.
وسيعتمد المشروع على أنظمة حاسوبية وبرمجيات وأجهزة اتصالات لاسلكية تشمل الأقمار الاصطناعية، تسمح بإجراء دراسات متعددة التخصصات عبر شبكات الإنترنت. ومن المتوقع أن تؤدي التجارب إلى مجموعة من التطبيقات والتصاميم التكنولوجية المبتكرة في مجال التنمية الزراعية يمكن تطبيقها في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، هذا فضلاً عن توفير خدمات النطاق العريض بتكلفة منخفضة.
وسيعتمد المشروع على أنظمة حاسوبية وبرمجيات وأجهزة اتصالات لاسلكية تشمل الأقمار الاصطناعية، تسمح بإجراء دراسات متعددة التخصصات عبر شبكات الإنترنت. ومن المتوقع أن تؤدي التجارب إلى مجموعة من التطبيقات والتصاميم التكنولوجية المبتكرة في مجال التنمية الزراعية يمكن تطبيقها في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، هذا فضلاً عن توفير خدمات النطاق العريض بتكلفة منخفضة.
المراجع: