إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد من النفايات العضوية في تورونتو

إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد من النفايات العضوية في تورونتو

1 دقيقة قراءة
ضمن مساعيها لتحقيق أهدافها المتعلقة بالحد من تغير المناخ والتحول إلى اقتصاد دائري مستدام يعزز تنافسيتها عالمياً، أعلنت مؤخراً مدينة تورونتو، وهي عاصمة مقاطعة أونتاريو في كندا، عن إنشاء أول مرفق لإنتاج "الغاز الطبيعي المتجدد" (RNG) من النفايات العضوية الصلبة أو القابلة للتحلل البيولوجي، كخطوة أولى لاستخدامه في شبكة إمدادات الغاز في المدينة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

ضمن مساعيها لتحقيق أهدافها المتعلقة بالحد من تغير المناخ والتحول إلى اقتصاد دائري مستدام يعزز تنافسيتها عالمياً، أعلنت مؤخراً مدينة تورونتو، وهي عاصمة مقاطعة أونتاريو في كندا، عن إنشاء أول مرفق لإنتاج "الغاز الطبيعي المتجدد" (RNG) من النفايات العضوية الصلبة أو القابلة للتحلل البيولوجي، كخطوة أولى لاستخدامه في شبكة إمدادات الغاز في المدينة.

وتفرض عملية إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد تحديات عدّة، مهما كان مصدر الغاز المتجدد، سواء من النفايات العضوية أو مكبات النفايات أو غيرها من المصادر. حيث غالباً ما تبرز مسألة ارتفاع تكلفة الاستثمارات الأولية التي تتطلبها مرافق إنتاج الغاز المتجدد، بالإضافة إلى النقاش الدائر حول محدودية إنتاجه بكميات كافية للاستغناء عن الغاز الطبيعي بالكامل. ولكن ترى مدينة تورونتو في الغاز الطبيعي المتجدد فرصةً لمعالجة تغير المناخ، نظراً لكونه بديلاً فعّالاً للغاز الطبيعي. حيث يمتاز الغاز الطبيعي المتجدد بتركيبة كيميائية مشابهة للغاز الطبيعي، ولكنه في نفس الوقت يتسبب بمعدلات منخفضة من انبعاثات الاحتباس الحراري المضرة بالمناخ، فهي أدنى بكثير من تلك الصادرة عن إنتاج الغاز الطبيعي. هذا فضلاً عن أن الغاز الطبيعي، بخلاف الغاز الطبيعي المتجدد، يتطلب عمليات حفر الآبار التي تساهم بشكل كبير في تلوث البيئة.

ولهذا السبب يتوجه مجلس بلدية مدينة تورونتو إلى إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد واستخدامه لتغذية أنابيب الغاز في المدينة. وتأتي هذه المبادرة ضمن الجهود التي تبذلها حكومة المدينة لتنفيذ الاستراتيجية الخاصة بمعالجة تغير المناخ والتي تنص على ضرورة تحقيق مستويات صفرية من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2050، وتوليد ما يعادل 1.5 مليون غيغاجول من الطاقة من معالجة الغاز العضوي بحلول عام 2030.

وتبعاً للاستراتيجية التي صادق عليها مجلس بلدية مدينة تورونتو العام الماضي، ستقوم الجهات المختصة بالعمل على مزج الغاز الطبيعي المتجدد الذي سيتم إنتاجه من النفايات العضوية مع الغاز الطبيعي المستخدم حالياً في شبكة أنابيب الغاز في المدينة ليزود في مرحلته الأولى الشاحنات وغيرها من المركبات بالوقود، بالإضافة إلى تدفئة المرافق المملوكة من قبل الحكومة. حيث تشير التقديرات أنه من خلال هذه العملية ستتمكن تورونتو من خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن قطاع الطاقة. كما يتوقع مجلس المدينة أن يساهم مزج الغاز الطبيعي المتجدد في تحقيق توفير في النفقات الحكومية على المدى الطويل.

وقامت البلدية بالتعاون مع شركة "إينبريدج غاز" (Enbridge Gas) باختيار المواصفات التقنية والتصاميم وسبل تشييد البنية التحتية اللازمة للمشروع الجديد في "مرفق دفرين لإدارة النفايات الصلبة"، والذي يعد المرفق الأول من نوعه في أمريكا الشمالية لإنتاج الغاز الطبيعي المتجدد. ولكن تعزم البلدية على أن تنتظر إلى العام 2022 لمزج الغاز الطبيعي المتجدد المنتج في شبكة الغاز في المدينة وذلك عندما يصبح معدل الإنتاج مستقراً على مستويات كافية لتحقيق الأهداف المنشودة من المشروع. وحتى ذلك الوقت سيتم تخزين الغاز الطبيعي المتجدد بمرافق خاصة ضمن الشبكة.

ولا تتوقف خطة تورونتو عند ذلك الحد، فقد تم تحديد أربعة مواقع محتملة أخرى بجوار المدينة، مثل مكبات النفايات ومصادر أخرى للغاز العضوي يمكن استغلالها لتوليد كميات من الغاز الطبيعي المتجدد من شأنها تلبية كامل احتياجات المدينة من الغاز، والتي تبلغ 50 مليون متر مكعب سنوياً، ما عدا احتياجات وكالات المدينة التي تبلغ 60 مليون متر مكعب إضافية في السنة.

أما فيما يتعلق بعملية إنتاج الغاز، فسيتم إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد من خلال معالجة الغاز العضوي الناتج عن تسخين النفايات العضوية القابلة للتحلل وتخميرها، بالاعتماد على عمليات تحلل حيوي تحدث طبيعياً في غياب الأكسجين، ومن ثم إزالة ثاني أوكسيد الكربون وشوائب أخرى، لإنتاج غاز الميثان بنسبة نقاوة أعلى من الغاز الطبيعي تتعدى 90%. ومن المتوقع أن ينتج هذا المرفق 3.3 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المتجدد، والذي سيشكل عند مزجه مع الغاز الطبيعي ما نسبته 7% من الغاز في شبكة المدينة.

ومن أهم ميزات هذه العملية هي الاستفادة من الغاز العضوي الذي يتم إعادة إحراقه للتخلص منه، مما يسبب في إطلاق 9,000 طن من الكربون سنوياً إلى الغلاف الجوي للأرض. وبينما يعد الغاز الطبيعي المسال المستخدم في الشاحنات أقل ضرراً على البيئة من وقود الديزل بنسبة 20%، فإن هذه النسبة تصل إلى ما بين 100 و120% عند مقارنة الغاز الطبيعي المتجدد مع الديزل. ومن ناحية أخرى، فإن إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد يجنب المدينة إلقاء النفايات العضوية في مكبات النفايات. وبناء على هذه التقديرات، يشير المسؤولون في مجلس بلدية مدينة تورونتو، إلى أن هذه الميزات والفوائد تجعل عملية الاستثمار في الغاز الطبيعي المتجدد مجدية اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً.

أما الخطط المستقبلية لمجلس بلدية تورونتو فتتضمن إعداد مرفق ثاني لإنتاج الغاز الطبيعي المتجدد بنهاية العام 2023، يليه لاحقاً إعداد مرفقين آخرين يستخدم فيهما مكبات النفايات لإنتاج الغاز. ومن الجدير بالذكر أن الحد من تغير المناخ وتعزيز مرونة المدينة في التعامل مع آثاره يعدان من أهم المجالات التي تركز عليها تورونتو في خططها للتعافي من جائحة كوفيد-19 وإعادة إنعاش اقتصاد المدينة. كما تطمح تورونتو، وهي المركز المالي الأول في كندا، لأن يساهم هذا المشروع في جعلها أول مدينة تتحول إلى الاقتصاد الدائري في مقاطعة أونتاريو.

المراجع:

https://www.toronto.ca/services-payments/recycling-organics-garbage/solid-waste-facilities/renewable-natural-gas/

https://www.smartcitiesworld.net/news/toronto-to-produce-renewable-natural-gas-from-green-bin-waste-6659

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

دروس مستفادة من تجربة كيب تاون في تجنب أزمة المياه

تحرصُ المدن الكبرى على التخطيط والاستثمار لضمان توفير أهم مورد طبيعي لسكانها، وهو المياه، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ، الذي يؤثر سلباً على صعيدين. فهو يؤدي إلى شح المياه، وهو أيضاً يساهم في تعجيل التضخم السكاني بسبب الهجرة المتنامية لسكان القرى والأرياف نحو المدن، مع تراجع الظروف المناخية المناسبة التي تعتمد عليها الزراعة في بعض المناطق. في هذا السياق، تشكل مدينة كيب تاون حالة بارزة تستحق الدراسة في مواجهة هذا التحدي.

 · · 8 مايو 2024

نظم الإنذار المبكر: دروس من اليابان والصين لمواجهة الكوارث الطبيعية

في ظل الزيادة المتنامية في حدة ووتيرة الكوارث الطبيعية حول العالم خلال العقود الماضية، خاصة تلك المرتبطة مباشرة بتغير المناخ، أطلقت الأمم المتحدة في العام الماضي مبادرة "الإنذار المبكر للجميع" كإطار عمل لضمان حماية كل إنسان من خلال نشر نظم الإنذار المبكر بنهاية عام 2027. وبينما تتضافر الجهود لوضع الخطط وكيفية التعامل مع التحديات الكبيرة التي ستواجه هذه المبادرة، هناك تجارب مبتكرة ومتقدمة ثبت نجاحها في كل من اليابان والصين في هذا المجال، من شأنها المساهمة في تصميم استراتيجيات ونظم الإنذار المبكر حول العالم، ودعم مبادرة الأمم المتحدة بأفضل الممارسات.

 · · 8 مايو 2024

فرنسا تقدم علامة وطنية لمكافحة هدر الطعام

بدافع الالتزام البيئيّ والمسؤولية الاجتماعية، تسعى الحكومة الفرنسية لاحتواء ظاهرة هدر الغذاء عبر تثقيف المستهلكين بوصفهم مفتاح حلّ المعادلة، وسنّ قوانين تلزم المؤسسات بالتبرّع بالأغذية الفائضة، ومنح العلامة الوطنية للجهات التي تبذل جهداً أكثر تفانياً في رحلة مكافحة الهدر.

 · · 21 أبريل 2024

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right