أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

1 دقيقة قراءة
تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

يلعب المناخ دوراً حاسماً في تحديد شكل الحياة في بلدٍ ما وأولويات حكومته وأنماط عيش سكّانه، تماماً كما يساهم الطقس كلَّ يوم في تحديد مزاج وإنتاجية البشر. وفي حين تنفق الكثير من الدول أموالاً طائلةً للحفاظ على درجات حرارةٍ معتدلة، تجد بلدان أخرى أنفسها أمام تحدّي حماية مواطنيها من خطر البرد القارس.

تأتي المملكة المتحدة في مقدّمة تلك البلدان، فهي تشهد شتاءاتٍ طويلةً وقاسية تلقي بآثار مختلفةٍ على كلٍّ من الناس والاقتصاد. على سبيل المثال، حين تنخفض درجة الحرارة وتتساقط الثلوج وتتكوّن طبقةٌ من الجليد على الطرق، فالنتيجة هي ما يُسمى فيزيائياً بـ "تقليل التصاق الأسطح"، الذي يسبب حالات الانزلاقات المرورية ويُفقِد السائقين السيطرةَ على مركباتهم ويشلُّ حركة المرور بشكلٍ شبه تام في المناطق الجبلية ويتسبّب باصطداماتٍ في غاية الخطورة.

وفي حالاتٍ أكثر قسوة، قد يحمل الشتاء عواصفَ تودي بحياة الناس وتعطِّل القطاعات الحيوية كالنقل والكهرباء والتعليم وغيرها. وهذا تماماً ما شهدته المملكة المتحدة قبيل نهاية العام 2022، حيث جاءت العاصفة لتسبِّبَ اضطراباً شاملاً عصف بالاقتصاد المترنِّح أصلاً بسبب أزمة الطاقة وتأرجح الاقتصاد العالميّ وتبعات جائحة كوفيد-19.

لهذا، تتَّبع البلديات والمجالس المحلية عبر البلاد سياساتٍ متنوِّعةً لتخفيف حدة الظروف الشتوية وزيادة معدّلات سلامة الحركة المرورية، وذلك عبر جرف الثلج أو نقله أو رشِّهِ بالملح أو الرمل، إذ يساعد الأول على إذابته، ويساهم الثاني في تقليل الاحتكاك. وفي حين قد يعتقد البعض أنّ هاتين المادتين متاحتان بوفرةٍ في كلّ مكان، فالواقع أنّهما ليستا كذلك، لا سيما أنّ مخازن الملح محدودةٌ في العديد من أرجاء المملكة وهذا يعني أن السلطات تحتاج إلى دراسة قراراتها بدقة قبل إرسال الفرق لمعالجة الطرق بالملح.

لتسريع الاستجابة للمشكلات على الطرق، أطلق مجلس مدينة سندرلاند مشروعاً بقيمة مليون جنيه استرلينيّ يستخدم التكنولوجيا الحديثة في مواجهة الظواهر الشتوية والحماية منها.

يمكن تلخيص الهدف الرئيسيّ من المشروع بإيجاد وسيلةٍ لاتخاذ قراراتٍ مستنيرة حول إجراءات تعزيز السلامة المرورية. ولتحقيق ذلك، انطلقت أعمال تركيب أجهزة الاستشعار على أعمدة الإنارة في 10 مواقع عبر المدينة، وستواظب هذه الأجهزة على قياس درجة حرارة الطريق وإرسال البيانات إلى فريق الخدمات البيئية الذي سوف يجمعها مع التنبؤات الواردة من محطّات الطقس. وبناءً على هذه المعطيات، سيتم توجيه الفِرَق البلدية فوراً إلى الطرق التي تحتاج إلى التدخل أو توشك على ذلك.

ستكون البداية من الطرق التي تعبرها الحافلات العمومية وتلك الأكثر اكتظاظاً، لكونها تمثل الشرايين الأساسية للحياة في المدينة، فهي الطرق التي يمرُّ بها السكان يومياً قاصدين أماكن العمل أو الدراسة، وهي كذلك خطوط سير مركبات الطوارئ والبضائع والخدمات البلدية. وقد قامت السلطات بتخزين أكثر من 13 ألف طن من الملح لإذابة الجليد الذي قد يتكون على الطرق السريعة.

وقد خاضت مقاطعة نورفولك تجربةً مشابهة، إلا أنّها تبنّت أولوياتٍ مختلفةً نظراً لطبيعتها الحَضَرية وتنوُّع طرقها، فكانت شبكة الاستشعار في بعض المناطق أكثر كثافةً منها في مناطق أخرى، تُدار عبر تقنية إنترنت الأشياء والشبكات اللاسلكية ذات المدى البعيد ومنخفضة الطاقة.

في هامبشاير أيضاً، تعاون مجلس المحافظة مع أحد مقدِّمي خدمات صيانة الطرق من القطاع الخاص لتنفيذ مشروعٍ مماثل يجمع البيانات والتنبؤات من مصادر مختلفة، وبشكلٍ يراعي الفروقات الكبيرة في درجات الحرارة بين منطقةٍ وأخرى، والتي قد تصل إلى 15 درجةً مئوية. كما يأخذ مجلس هامبشاير اعتباراتٍ أخرى في الحسبان، حيث تجمع شبكة أجهزة الاستشعار بياناتٍ عن مختلف الظروف الجوية مثل سرعة الرياح واتجاهها أو معدّلات الهطول المطرية.

من ناحيةٍ أخرى، فإنّ أيّ عطلٍ قد يصيب هذه الأجهزة كفيلٌ بإخراج العملية برمتها عن مسارها، وهذا أحد التحدّيات الأبرز التي تنتظر المجالس المحلية في المملكة المتحدة، فأيّ حادثةٍ أو عملية تخريب متعمّدة قد تُتلف أجهزة الاستشعار، وبالتالي لا يمكن التعامل معها كمصدرٍ وحيدٍ للبيانات، بل كمكمِّل لمنظومة أوسع تشمل محطات الطقس والفِرَق البشرية والخطّ الساخن الذي يتيح للمواطنين الإبلاغ عن أيّ طارئ في حركة السير.

لكنّ إثباتَ المفهوم كان أولَ التحديات التي واجهت هذا الابتكار، فلا بدّ لمشاريع من هذا النوع أن تحقّق عائداتٍ تشغيليةً سريعة وتوفيراً ملموساً في التكاليف وفرقاً جوهرياً في عملية اتخاذ القرار.

ستساهم هذه الشبكة في زيادة كفاءة العمليات الشتوية، واختصار جهود فِرَق الخدمات البلدية، وتوفير الكلفة الهائلة التي تتكبّدها المجالس المحلية والناس على حدٍّ سواء بسبب تعطّل حركة السير، حيث قُدِّرَ أنّ كلّ طريقٍ سيوفّر 5 آلاف جنيهٍ استرلينيّ سنوياً، كما أنّ زيادة معدّلات السلامة على الطرق تعني إنقاذ الأرواح، ناهيك عن أنّ العمليات الموجّهة تلغي الحاجة إلى الجولات الدورية التي اعتادت سيارات البلدية تأديتَها، وهذا ما سيخفّف عبء انبعاثاتها عن البيئة.

المراجع:

https://www.usatoday.com/story/news/nation/2022/12/25/winter-storm-updates-arctic-christmas/10952092002/

https://edition.cnn.com/2022/12/12/uk/uk-snow-weather-disruption-gbr-intl/index.html

https://www.bbc.com/news/uk-england-tyne-63634972

https://www.sunderlandecho.com/news/people/gritting-and-snow-plough-teams-gear-up-to-keep-sunderland-moving-this-winter-with-more-than-ps1million-budget-3918239

https://www.norfolk.gov.uk/what-we-do-and-how-we-work/campaigns/digital-connectivity/internet-of-things/using-the-internet-of-things/winter-gritting-cost-savings

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right