نظام الخدمات الشتوية الذكي في إسكتلندا لأتمتة أعمال إزالة الثلوج

نظام الخدمات الشتوية الذكي في إسكتلندا لأتمتة أعمال إزالة الثلوج

1 دقيقة قراءة
MFGتعتبر ظاهرة الصقيع ظاهرة مناخية تُصنَّف بكونها جويةً مائية، وهي حالة ناتجة عن انخفاض درجات الحرارة إلى صفر درجةٍ مئويةٍ أو أقل. ويلحق الصقيع أضراراً كبيرةً بالغطاء النباتيّ إلى جانب عرقلته لحركة السير مسبباً آلاف الحوادث سنوياً. وفي سبيل التصدي لظاهرة الصقيع، تبذل حكومات الدول التي تتمتع بالمناخ البارد جهوداً كبيرةً لتحديد الوسائل والأولويات الأمثل في عملية الحد من آثار الصقيع، معتمدةً في ذلك على تنبؤاتٍ تصدر عن مراكز التنبؤات والأرصاد الجوية.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تحتلّ سلامة الطرق وأمان مستخدميها موضع الأولوية لدى المجالس الإسكتلندية، لا سيما في ظل ظروف الطقس القاسية التي تشهدها البلاد طيلة أشهر الشتاء. وبدعمٍ من مركز الابتكار الإسكتلنديّ، يعمل مجلس منطقة "رينفروشاير الشرقية" على تجربة نظامٍ يستخدم أجهزة الاستشعار الموزَّعة على الطرق لرصد درجات الحرارة وإرسال مركبات خدمات إزالة الثلوج والصقيع، ضمن مشروعٍ أشمل يهدف إلى تحسين كفاءة الطرق وخفض عدد الحوادث المرورية.

تعتبر ظاهرة الصقيع ظاهرة مناخية تُصنَّف بكونها جويةً مائية، وهي حالة ناتجة عن انخفاض درجات الحرارة إلى صفر درجةٍ مئويةٍ أو أقل. ويلحق الصقيع أضراراً كبيرةً بالغطاء النباتيّ إلى جانب عرقلته لحركة السير مسبباً آلاف الحوادث سنوياً. وفي سبيل التصدي لظاهرة الصقيع، تبذل حكومات الدول التي تتمتع بالمناخ البارد جهوداً كبيرةً لتحديد الوسائل والأولويات الأمثل في عملية الحد من آثار الصقيع، معتمدةً في ذلك على تنبؤاتٍ تصدر عن مراكز التنبؤات والأرصاد الجوية.

وفي إسكتلندا، عادةً ما تتعرض الطرق للصقيع الذي يفرض مخاطر كثيرة على حركة النقل مثل الانزلاقات والحوادث المرورية ويتسبب في حدوث الفوضى على الطرق، حيث بلغت تكلفة الصقيع والأحوال الجوية السيئة لشتاء عام 2011 على سبيل المثال عدّة مليارات جنيه استرلينيّ. وتتسم منطقة "رينفروشاير الشرقية" بانخفاض درجات الحرارة السطحية وسهولة تشكل الصقيع على الطرقات بعد هطول الثلوج، الأمر الذي يستلزم من السلطات المختصة مراقبةً مستمرةً لمعرفة شدة الصقيع ووقت ومكان حدوثه وتشكُّله، وكذلك الآليات الأفضلَ للإبلاغ عن أماكن تشكله وترتيب عمليات إزالته. 

وللعمل نحو تحقيق مستوى أفضل لإدارة الطرق، أطلق مجلس "رينفروشاير الشرقية" مشروع الخدمات الشتوية الذكية، الذي يُعَدُّ الأولَ من نوعه في إسكتلندا. وقد حاز المشروع على دعم "مركز الابتكار الإسكتلنديّ" (CENSIS)، حيث تبلورت فكرته بعد أن تم طرحه كأحد مخرجات ورشة عملٍ أقامها المركز غير الربحيّ مع المكتب الرقميّ في الحكومة المحلية الإسكتلندية. وتمثّل الدعم الذي قدمه مركز الابتكار في مدِّ الفريق بأجهزة استشعار وتصوير وتقنيات إنترنت الأشياء، وقد سخّر مركز الابتكار الخبرات التقنية لكوادره لاختيار أجهزة الاستشعار المناسبة وتطوير البنية التحتية الخاصة بإنترنت الأشياء لتسهيل نجاح التجربة. 

وبناء على ذلك، فقد تم تركيب أجهزة استشعار على تخوم مدينة "بارهيد" لقياس درجة الحرارة على الطرقات، وهي تعمل على رصد وقياس درجات الحرارة باستمرار، ومن ثم تحوِّلها إلى بياناتٍ قابلةٍ لتحليل لدراسة أنماط وظروف تشكل الصقيع. وعبر شبكتَي اتصالٍ مختلفتَين تربطان المنظومة ببعضها، يتم إرسال البيانات في وقتها الفعليّ إلى مجلس منطقة "رينفروشاير الشرقية" للاطلاع عليها ومراجعتها وتحليلها إلى جانب المعلومات المتوافرة عن الحالة الراهنة للطقس، والتي تقدِّمها السلطات المحلية المسؤولة عن التنبؤات الجوية. وإلى جانب ذلك، يتجه المجلس إلى إدخال هذه البيانات في برنامج رسم الخرائط لإضافة ميزة تحديد الطرق الأكثر تأثراً بالصقيع والظروف الجوية الشديدة. ومن المتوقع أن تؤدي تراكم البيانات على مدى السنوات القادمة إلى تمكين الفرق التقنية من إنشاء نموذجٍ تنبؤيّ تتم تغذيته باستمرارٍ بالبيانات المحدَّثة.

على الرغم من أنّ نظام أجهزة الاستشعار ما يزال نموذجاً أولياً ولا يتعدّى كونَهُ تطبيقاً بسيطاً لإنترنت الأشياء، فهو يعتمد على تقنيةٍ منخفضة التكلفة، وقد تم تصميمُه ليكون فعالاً من هذه الناحية، وذلك لتمكين تطبيقه على نطاقٍ واسع، كما أنّ نظام عمله لا يستدعي أية إضافاتٍ للبنى التحتية، ولا حتى توصيله بمصدرٍ للطاقة. كما أنّ المعلومات التي حصل عليها الفريق خلال الفترة التجريبية ستكون مفيدةً لسنواتٍ قادمةٍ في تحسين تقديم خدمات إزالة الثلوج.

فبالرغم من جهود المجالس المحلية لمكافحة الصقيع عبر الوسائل التقليدية كزيادة مخزون الملح الصخريّ، يبقى الصقيع تحدّياً يتكررُ عاماً تلو عام في بلدٍ يتسم بالشتاء البارد ومعدلات ثلوج مرتفعة. كما يصعب على السلطات المحلية أن تشغل مركبات إزالة الثلوج لتغطي جميع طرقات البلاد في وقتٍ واحد، حيث يحدث في بعض الأحيان أن تتراكمَ الثلوج ويشتدَّ الصقيع إلى درجةِ أنّ وصولَ المركبات نفسِها يغدو شبهَ مستحيل.

فمن خلال ما توفِّره أجهزة الاستشعار من بياناتٍ منتظمةٍ ومستمرةٍ، يمكن لطواقم الطرق استهدافُ الموارد في المناطق الأكثر احتياجاً وتقديمُ خدمات إزالة الثلوج بشكلٍ أكثر ذكاءً وأماناً وسهولة. وبالإضافة إلى هذا، يمكن للمجلس استخدام النموذج التنبؤيّ لرفع معدّلات السلامة على الطّرق والحدّ من مشكلات التنقّل عبر توقّعها وتلافيها.

وفي حال نجاح المخطط التجريبيّ لهذا المشروع والذي سيبقى مستمراً طيلة الشتاء، تسعى الحكومة لنشره في جميع أنحاء إسكتلندا، ضمن خطوة لجعل طرقات البلاد أكثر أماناً، مع تعزيز الحوار ومشاركة الخبرات في الخدمات العامة وزيادة توظيف التكنولوجيا في التصميم المستقبليّ للخدمات الحكومية. 

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

دروس مستفادة من تجربة كيب تاون في تجنب أزمة المياه

تحرصُ المدن الكبرى على التخطيط والاستثمار لضمان توفير أهم مورد طبيعي لسكانها، وهو المياه، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ، الذي يؤثر سلباً على صعيدين. فهو يؤدي إلى شح المياه، وهو أيضاً يساهم في تعجيل التضخم السكاني بسبب الهجرة المتنامية لسكان القرى والأرياف نحو المدن، مع تراجع الظروف المناخية المناسبة التي تعتمد عليها الزراعة في بعض المناطق. في هذا السياق، تشكل مدينة كيب تاون حالة بارزة تستحق الدراسة في مواجهة هذا التحدي.

 · · 8 مايو 2024

نظم الإنذار المبكر: دروس من اليابان والصين لمواجهة الكوارث الطبيعية

في ظل الزيادة المتنامية في حدة ووتيرة الكوارث الطبيعية حول العالم خلال العقود الماضية، خاصة تلك المرتبطة مباشرة بتغير المناخ، أطلقت الأمم المتحدة في العام الماضي مبادرة "الإنذار المبكر للجميع" كإطار عمل لضمان حماية كل إنسان من خلال نشر نظم الإنذار المبكر بنهاية عام 2027. وبينما تتضافر الجهود لوضع الخطط وكيفية التعامل مع التحديات الكبيرة التي ستواجه هذه المبادرة، هناك تجارب مبتكرة ومتقدمة ثبت نجاحها في كل من اليابان والصين في هذا المجال، من شأنها المساهمة في تصميم استراتيجيات ونظم الإنذار المبكر حول العالم، ودعم مبادرة الأمم المتحدة بأفضل الممارسات.

 · · 8 مايو 2024

فرنسا تقدم علامة وطنية لمكافحة هدر الطعام

بدافع الالتزام البيئيّ والمسؤولية الاجتماعية، تسعى الحكومة الفرنسية لاحتواء ظاهرة هدر الغذاء عبر تثقيف المستهلكين بوصفهم مفتاح حلّ المعادلة، وسنّ قوانين تلزم المؤسسات بالتبرّع بالأغذية الفائضة، ومنح العلامة الوطنية للجهات التي تبذل جهداً أكثر تفانياً في رحلة مكافحة الهدر.

 · · 21 أبريل 2024

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right