كندا تحصد نتائج مبادرة التجمُّعات الفائقة للابتكار

كندا تحصد نتائج مبادرة التجمُّعات الفائقة للابتكار

1 دقيقة قراءة
تقدّم التجمّعات الفائقة، في سياق مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها كندا، حلولاً فعّالة لدفع اقتصاد البلاد قدماً إلى الأمام، فتمثل مجالاتٍ للنشاط التجاريّ المكثف الذي يدعم الابتكار والتنمية في قطاعات حيوية كالتكنولوجيا والصناعة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تقدّم التجمّعات الفائقة، في سياق مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها كندا، حلولاً فعّالة لدفع اقتصاد البلاد قدماً إلى الأمام، فتمثل مجالاتٍ للنشاط التجاريّ المكثف الذي يدعم الابتكار والتنمية في قطاعات حيوية كالتكنولوجيا والصناعة.

تنتشر عالمياً أشكال عديدة من التكتّلات الاقتصادية، تسعى معظمُها إلى تحويل العلوم والمواهب إلى نتائج تجاريةٍ قائمةٍ على شبكات التعاون التي تتيح مشاركة الابتكارات والخبرات بين رواد القطاع الواحد.

وإذ يعاني الاقتصاد الكنديّ عثراتٍ تتعلق بمحدودية التعاون بين مختلف القطاعات وضعف حماية الملكية الفكرية والحاجة الملحّة إلى إيجاد المزيد من فرص العمل، وخاصة للفئات المُهمَّشة؛ فقد تضمّنت ميزانية الحكومة للعام 2017 خطةً للابتكار والمهارات، وبموجِبها، تقود مؤسسة الابتكار والعلوم والتنمية الاقتصادية اليوم في كندا برنامجاً اقتصادياً باسم "مبادرة التجمُّعات الفائقة للابتكار" (Innovation Super-clusters)، حيث تُضَخُّ مبالغ تقارب مليار دولار من تمويل الحكومة الفيدرالية في استثمارٍ مشتركٍ بينها وبين قطاع الصناعة، لاستخدامه في تمويلات متناسِبة، وهي استراتيجية تمويل تقوم على مماثلة مبالغ الاستثمار بين الحكومة والقطاع الخاص.

يمثّل كلّ تجمُّعٍ من التجمُّعات الفائقة للابتكار كياناً مميزاً مستقلاً غير ربحيّ، يقوده مجلس إدارةٍ من رواد المجال الذي يختص به، ويتشابه مع التجمُّعات الأخرى في المسؤوليات الملقاة على عاتقه، وهي: إدارة العمليات والأنشطة، وتحديد الأولويات الاستراتيجية، واختيار المشاريع وتمويلها بعدلٍ وتنظيم. تتكوّن التجمُّعات عادةً من شركات كبيرة وصغيرة، ومؤسسات أكاديمية وبحثية، ومنظماتٍ غير ربحيةٍ، وجِهاتٍ تلعب دور المسرِّعات والحاضنات.

وهناك حالياً خمسة تجمُّعات رئيسة في كندا تدعو الشركاء للانخراط في مشاريع واسعة لتسريع النمو في بعض المجالات الواعدة، كالتجمُّع الرقمي الذي يطلق العنانَ لإمكانات البيانات عبر مجموعاتٍ أكبر وتطبيقاتٍ متطوِّرةٍ للواقع المعزز والحوسبة السحابية، حيث أنشأ أول منصةِ تصوُّرٍ تَرصدُ المعادن الثمينة على عمقٍ يصل إلى كيلومتر واحد ضمن عمليةٍ تُعرف بـ"التعدين منخفض التأثير". ويعدّ "تجمُّع صناعة البروتينات النباتية" مثالاً آخر يستخدم علم الجينوم النباتيّ والحلول الرقمية لزيادة قيمة المحاصيل الكندية الرئيسية كالبقوليات والقمح، ولخدمة الأسواق المتنامية في أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا للأغذية الحديثة والبدائل النباتية للّحوم. كما يأتي "تجمُّع الصناعة المتقدّمة" ليعملَ على بناء قدرات التصنيع للجيل التالي كالروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد، وليطوِّرَ أول عملية تصنيع فولاذ مؤتمتةً بالكامل للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. كما يُعنى تجمُّع آخر ببناء سلاسل توريد ذكية بجمع قطاعات البيع بالتجزئة والتصنيع والنقل والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويعمل أحد فِرَق هذا التجمُّع على تطوير منصّةٍ برمجية تساعد وكالات الرعاية المنزلية في إدارةِ خدماتها وكوادرها خلال جائحة كوفيد-19. أما "تجمُّع المحيطات"، فيركّز على جمع نقاط القوة بين الشركات العاملة في المياه المالحة الكندية، سواء في مجالات الطاقة المتجددة أو تربية الأحياء المائية وصيدها، أو النفط والغاز، والدفاع، أو بناء السفن، أو المِلاحة أو التقنيات.

تلتزم التجمُّعات بالمساواة بين الجنسين، وتسعى لدعم فئات المجتمع الأقلّ تمثيلاً والتي تتعرض للعنصرية. فاستحدث تجمّع المحيطات فرص عملٍ مخصصةً لأبناء السكان الأصليين لتقديم خبرات عملية وخيارات وظيفية أوسع. كما تُقام ورش العمل والتدريبات بناء على حاجة الأعضاء، حيث يوفِّر تجمُّع الإمداد الذكيّ فرصاً لتطوير الأعضاء ويسعى لتنفيذ خطط لتدريب 12,500 مستفيد من طلاب المرحلة ما قبل الجامعية.

يركز البرنامج على الاستخدام الاستراتيجي للملكية الفكرية لدعم نمو الشركات، حيث يمكنها إنشاء أصولٍ للملكية الفكرية لتضمن حماية الاختراعات والتقنيات والبرمجيات ومعلومات الملكية والعلامات التجارية وغيرها. ولتحقيق هذا، ينبغي على كلّ تجمُّع تبنّي استراتيجيةٍ خاصةٍ للملكيات الفكرية وتعيين مدير داخليٍّ يتولى شؤونها وإنشاء قاعدة بياناتٍ للمعلومات المتعلقة بها، كما يلتزم الأعضاء بتطوير اتفاقية ملكيةٍ فكريةٍ لكلِّ مشروعٍ تكنولوجيٍّ.

لتحديد فاعلية التجربة، ستتابع مؤسسة الابتكار والعلوم والتنمية الاقتصادية التقدّم صوب هدفِ إيجاد 50 ألف فرصة عمل والمساهمة بـ50 مليار دولار في الناتج المحليّ الإجماليّ، وخاصة بالنظر إلى التحدّيات التي كانت الحوكمةُ أولَها، حيث استغرقت المفاوضات مع الحكومة وقتاً طويلاً بعد أن وضعت الأخيرة متطلباتٍ صارمة تتعلق بتكوين مجالس الإدارة وكيفية تدفق التمويل والتقارير السنوية والمساءلة أمام دافعي الضرائب. كما تعرضت التجمّعات الأولى لبعض الانتقادات التي عدَّتها بطيئة من ناحيتَي الإنفاق والالتزام، والتي ردّ عليها القائمون على البرنامج بأنّه ليس برنامج مِنَح، بل استثماراً مشتركاً يتطلب عملاً مطوَّلاً وبناءً للعلاقات قبل تحقيقِ النتائج التي تجاوزت التوقعات حتى الآن، بوجود أكثر من 400 مشروع يجري تنفيذُها، 332 منها بقيادة شركاتٍ صغيرةٍ ومتوسّطة، و1200 منتج أو عملية أو خدمة جديدة طُوِّرَت عبر أكثر من 1755 شراكة، و11 ألف وظيفةٍ تم تأمينُها.

قد لا تكون التجمُّعات الفائقة أولويةً لدى صنّاع القرار عند رسم سياسات ما بعد الجائحة، نظراً للواقع الجديد، لكنّها تظلُّ توجُّهاً مهماً في المسعى الحكوميّ لـ"إعادة تصوّر" الاقتصاد.

تحسِّن التجمُّعات التكنولوجية الخدمات والكفاءة في قطاعات الموارد الطبيعية والصحة الدقيقة والتصنيع، ويجذب "تجمُّع البروتينات النباتية" الأسواق المتميزة للمنتجات الزراعية الكندية، فيما يحافظ "التجمُّع الصناعيّ" على مكانة كندا ومشاركتها في التحول الرقميّ العالميّ، ويؤسس "تجمُّع الإمداد الذكيّ" روابط سَلِسةً تتيح أدواتٍ جديدةً وتتنبأ بمواقع الطلب على المنتجات وتوقيته، فتزيد المبيعات بآلية عملِها المباشرِة. أما "تجمُّع المحيطات"، فيحسّن العمليات البحرية وسلامة العاملين فيها ويعزز استدامة الموارد.

وإلى جانب قيادة كندا لتحتلّ مكانة رائدة عالمياً، تساعد التجمّعات ببناء قوة عاملة ماهرة ومتنوعة، وتربط مئات الشركاء لمقاربة التحديات المشتركة، كما تجذب أصحاب المواهب ورؤوس الأموال والشركات الناشئة، وتفسح المجال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للنمو بشكل أسرع والاستفادة من الخبرات وإيجاد أسواق جديدة والوصول إلى الملكية الفكرية، وهي تثري السوق العالمية إذ تنمّي صناعات أكثرَ إنتاجيةً وأنظمةً بيئيةً أكثرَ صحة وفرصَ عملٍ أكثرَ تنوعاً.

المراجع:

https://www.ic.gc.ca/eic/site/093.nsf/eng/00016.html#1

https://www.thestar.com/business/2022/03/05/superclusters-supercharging-canadas-innovation-economy

https://brookfieldinstitute.ca/wp-content/uploads/Superclusters_Final2.pdf

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

إعادة تصميم الراحة: زيٌّ موحّدٌ جديدٌ للبحّارة الأنثى

في البحرية الأمريكية، إحدى أكثر بيئات العمل تطلّباً للدقة والكفاءة، رصدت الإدارة شعور العاملات بالتقييد في الزيّ الرسميّ الموحّد، فشرعت في مهمة طموحةٍ لإعادة تصميمه وفق نهجٍ مبتكرٍ مدفوعٍ بالشمولية والبيانات، بحيث يلائم احتياجاتهنّ وطبيعة مهامهنّ ويبقى شعاراً للاحترافية والهوية والوحدة.

 · · 8 أكتوبر 2025

مطعم الطلبات الخاطئة … أفكار مثيرة للجدل حول الخَرَف في اليابان

في قلب طوكيو، افتتحُ مبتكِرون مطعماً يُسمح فيه للنادل بأن يقدّم للزبائن أطباقاً غير التي طلبوها، بل وتلاقي هفوتُه هذه الترحابَ وتُقابَل بالضحكات، لأنّ هذا النادل هو مسنٌّ يعمل في "مطعم الطلبات الخاطئة"، الذي يطلق مفهوماً ثورياً ويتحدّى الأعراف المجتمعية، ويعزّز فهم المجتمع للخَرَف وتقبُّلَه له من خلال تجربة طعامٍ قلّ نظيرُها.

 · · 23 سبتمبر 2025

كيف تساعد التكنولوجيا في تتبّع رسوم الجدران للحدّ من جرائم الكراهية في كندا

في عصرِ الفنّ الحرّ، يمكن للمنتَجِ الإبداعيّ أن يكون ملهِماً للسلام أو رمزاً للتعصّب. وفي كندا التي تفاخرُ العالمَ بتنوّعها، لا يمكن السماح للكراهية بالتمدّد، وإن كانت ضمن إطارٍ فنيّ. لهذا، أطلقت مدينة إدمنتون مبادرةَ "المنارة" التي تسخّر قوة التكنولوجيا لرصد أيّة تعبيراتٍ عن الكراهية والحدّ منها.

 · · 23 سبتمبر 2025

القصص لرصد منجزات التنمية البشرية في الهند

قامت وكالة رصد الفقر والتنمية البشرية الهندية بتغيير وسائل جمع البيانات، لتبني فهماً حقيقياً عن حياة الناس الذين يقفون خلفها، فتجمع القصص والدلائل البصرية وتحلل البيانات وتوحّد أصحاب المصلحة، لتؤسس نهجاً جديداً في التنمية البشرية.

 · · 23 سبتمبر 2025

الأسلوب المرن … تصوّرٌ جديدٌ للخدمات الحكومية

لأنّ الخدمات الحكومية أعقدُ بكثيرٍ مما تبدو، قررت مدينة "غيتسهيد" الإنجليزية خوض تجربة جريئة تضع العلاقات والتفاهم الإنساني في الصدارة، بدلاً من التركيز على الكفاءة التقليدية. وقد أطلقت على تحولها الجذري هذا اسم "الأسلوب المرن".

 · · 9 سبتمبر 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right