أتمتة عمليات تفقّد جودة الطرق في فيلادلفيا

أتمتة عمليات تفقّد جودة الطرق في فيلادلفيا

1 دقيقة قراءة
أطلقت المدينة رسمياً في عام 2019 خارطة طريق تقود تحولها لمدينة ذكية تحت مسمى "مدينة فيلادلفيا الذكية" (SmartCityPHL)، تضمنت خطةً لتحديث أنظمة وعمليات تفقد الطرق وصيانتها. وترتكز خارطة الطريق إلى عدة مبادئ جوهرية منها الابتكار والمساواة والتعاون المجتمعي والمؤسسي وتعزيز جودة حياة المواطنين. وتعتمد خطط فيلادلفيا الهادفة إلى تعزيز تحولها إلى مدينة ذكية على مبدأ التشاور والاستفادة من رؤى صناع السياسات ورجال الأعمال والمبتكرين داخل الحكومة وخارجها لتسليط الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه المدينة، ومن ثم التعامل معها.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

من الطبيعي أن تتعرض شوارع المدن وأزقتها إلى أضرار عدة جرّاء العوامل المناخية القاسية والحوادث المرورية. ولذلك تقوم البلديات، خاصةً في المدن الكبرى بإجراء فحوصات دورية للتأكد من حالات الطرق حفاظاً على سلامة المواطنين. تقوم فرق التفتيش بفحص الشوارع والأزقة بدقة لتضع لائحة بأولويات الصيانة تُحدد وفقاً لمعايير تضعها البلدية مسبقاً. ولكن تتكبد السلطات المعنية بالعادة تكاليف باهظة لتفقد حالة الطرق وقد تستغرق تلك العمليات فترات طويلة قد تمتد لأسابيع بل وأحياناً لشهور عدة. فكيف يمكن تسخير الشراكات التكنولوجية لتحسين كفاءة هذه العملية بطرق مبتكرة ومنصفة لجميع فئات المجتمع؟

في مدينة فيلادلفيا في الولايات المتحدة مثلاً، تعمل دائرة الطرق سنوياً على تحديد الشوارع التي تحتاج إلى الصيانة، حيث تختارها وفق عوامل عدّة يحددها مفتشو دائرة الطرق. ويجوب المفتشون شوارع المدينة بشكل دوري لرصد أماكن الشقوق والحفر في الطرقات، وتقييم سلامة الشوارع عموماً. وتستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً، حيث يتعين على مفتشي الطرق كل عام أن يفحصوا جميع طرقات المدينة، التي يزيد طولها عن 2400 ميلاً. فمدينة فيلادلفيا تعتبر من المدن الكبرى المزدحمة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تحتاج شوارعها إلى عمليات تقييم وصيانة دائمة. لكن سلطات المدينة استطاعت في الآونة الأخيرة أن تبتكر حلولاً تعتمد على تقنيات حديثة ساهمت في تحسين جودة عمل إدارة الطرق في عمليات التفتيش والصيانة.

أطلقت المدينة رسمياً في عام 2019 خارطة طريق تقود تحولها لمدينة ذكية تحت مسمى "مدينة فيلادلفيا الذكية" (SmartCityPHL)، تضمنت خطةً لتحديث أنظمة وعمليات تفقد الطرق وصيانتها. وترتكز خارطة الطريق إلى عدة مبادئ جوهرية منها الابتكار والمساواة والتعاون المجتمعي والمؤسسي وتعزيز جودة حياة المواطنين. وتعتمد خطط فيلادلفيا الهادفة إلى تعزيز تحولها إلى مدينة ذكية على مبدأ التشاور والاستفادة من رؤى صناع السياسات ورجال الأعمال والمبتكرين داخل الحكومة وخارجها لتسليط الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه المدينة، ومن ثم التعامل معها.

وكخطوة أولى لمعالجة التحديات التي تواجه قطاع الطرق، توجّه فريق مبادرة "مدينة فيلادلفيا الذكية" إلى إدارات المدينة والأكاديميين والباحثين وقادة القطاع الخاص، لتطوير الحلول والابتكارات. وشاركت بعدها الجهات الحكومية المعنية في اجراء تجارب على الحلول والتقنيات المقترحة واختبارها، ثم تقييمها بناء على معايير تحددها مسبقاً، كفعّالية الابتكار المقترح في خفض التكاليف وزيادة كفاءة الأداء.

وقد دعمت مبادرة "مدينة فيلادلفيا الذكية" حتى الآن أربعة مشاريع تجريبية تتمحور حول استخدام أحدث التقنيات لتحسين نوعية خدمات الطرق التي تقدمها للسكان. وتنوعت أهداف هذه المشاريع مثلاً ما بين الحدّ من النفايات في الشوارع وأتمتة فحص إسفلت الطرق. ومن هذه المشاريع، مشروعان بالتعاون مع شريكين من القطاع الخاص هما شركتا "ستيت أوف بلايس" (State of Place) و"غود رودز" (GoodRoads). وتدور فكرة المشروعين حول استخدام الذكاء الاصطناعي لفحص صور شوارع وأزقة فيلادلفيا، وبالتالي تقديم تحليل مفصل عن المدينة، وربط هذا التحليل بمقاييس جودة حياة السكان.

في المشروع الأوّل، استخدمت الشركة الأولى الصور التي جمعتها البلدية من عمليات تفقد الطرق وحللت فيها أكثر من مئة وخمسين نقطة بيانات بيئية، من ضمنها سلامة الطرق وممرات المشاة ومقاعد المتنزهات وغيرها، ثم استخدمت هذه البيانات لتقديم لائحة بعمليات الصيانة اللازمة. وقد أخذ هذا المشروع بعين الاعتبار أهمية المحافظة على الموارد العامة، وتحقيق المساواة بين سكان المدينة، وبناء الثقة بين المجتمع والبلدية.

أما في المشروع الثاني، طلبت البلدية من القطاع الخاص تقديم عروض لتقييم حالة الشوارع والأرصفة تقييماً آلياً بتكلفة مناسبة، فوقع الاختيار على شركة "غود رودز" كمورّد وشريك في مشروع تجريبي يغطي 1200 ميل من الطرقات. وتضمن المشروع تثبيت أجهزة محمولة منخفضة التكلفة على مركبات تفتيش الطرق، حيث مكّنت هذه التقنية فرق التفتيش من التقاط صور الشوارع أثناء قيامهم بجولات تفتيشية في طرق المدينة. وفي غضون 438 ساعة فقط (أي ما يعادل خمسة أيام عمل لفريق تفتيش مكون من 10 موظفين) التقط المفتشون أكثر من مليون صورة تظهر حالة الطرق. وقامت الشركة على إثرها بتحليل الصور باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تحديد الشقوق والحفر وآثار تقادم الشوارع، مما سمح لدائرة الطرق بتطوير تصوّر شامل عن الإصلاحات المطلوبة. وفي الوقت ذاته، تم الاستفادة من الصور في تدريب منصة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة لتحديد إشارات الطرق والأرصفة المتضررة، وقامت البلدية على إثرها بالنظر في تحسين تلك العناصر وتحديد أولويات الإنفاق. ولم يقتصر الأمر على شوارع فيلادلفيا فحسب، فقد ساعدت هذه البيانات عند دمجها مع معلومات ديمغرافية واجتماعية تضمنت أعراق السكان ومستويات دخلهم، على ترتيب أولويات الأعمال بشكل أكثر إنصافاً لسكان المدينة.

ونتيجة لهذين المشروعين، استطاعت دائرة الطرق توسيع الإطار الزمني لخططها من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات بشكل يتماشى مع الميزانيات الخمسية التي حددتها البلدية ومؤسسات المرافق الأخرى. كما استطاعت الدائرة أن تبني عملية صنع القرار على البيانات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية وبالتالي منح أولوية الإصلاحات للمجتمعات المحرومة، بما يتناسب مع التزام البلدية بالعدالة العرقية والاقتصادية كمحور أساسي في عملية وضع الميزانية.

ومما يميز هذه التقنيات أنها قابلة للتطوير والتكيّف مع المستجدات لاستخدامها في مشاريع أخرى مستقبلية. إذ تمت الموافقة على تمويل مشروع جديد للتوسّع في باقي أرجاء فيلادلفيا لفحص طرقات المدينة، بالإضافة إلى تطوير استخدامات إضافية للصور، كإمكانية تفحّص التفاصيل الأخرى لخدمات الطرق العامة، مثل تقييم النظافة العامة ومكبات النفايات وفحص سلامة أبنية المؤسسات.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

دروس مستفادة من تجربة كيب تاون في تجنب أزمة المياه

تحرصُ المدن الكبرى على التخطيط والاستثمار لضمان توفير أهم مورد طبيعي لسكانها، وهو المياه، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ، الذي يؤثر سلباً على صعيدين. فهو يؤدي إلى شح المياه، وهو أيضاً يساهم في تعجيل التضخم السكاني بسبب الهجرة المتنامية لسكان القرى والأرياف نحو المدن، مع تراجع الظروف المناخية المناسبة التي تعتمد عليها الزراعة في بعض المناطق. في هذا السياق، تشكل مدينة كيب تاون حالة بارزة تستحق الدراسة في مواجهة هذا التحدي.

 · · 8 مايو 2024

نظم الإنذار المبكر: دروس من اليابان والصين لمواجهة الكوارث الطبيعية

في ظل الزيادة المتنامية في حدة ووتيرة الكوارث الطبيعية حول العالم خلال العقود الماضية، خاصة تلك المرتبطة مباشرة بتغير المناخ، أطلقت الأمم المتحدة في العام الماضي مبادرة "الإنذار المبكر للجميع" كإطار عمل لضمان حماية كل إنسان من خلال نشر نظم الإنذار المبكر بنهاية عام 2027. وبينما تتضافر الجهود لوضع الخطط وكيفية التعامل مع التحديات الكبيرة التي ستواجه هذه المبادرة، هناك تجارب مبتكرة ومتقدمة ثبت نجاحها في كل من اليابان والصين في هذا المجال، من شأنها المساهمة في تصميم استراتيجيات ونظم الإنذار المبكر حول العالم، ودعم مبادرة الأمم المتحدة بأفضل الممارسات.

 · · 8 مايو 2024

فرنسا تقدم علامة وطنية لمكافحة هدر الطعام

بدافع الالتزام البيئيّ والمسؤولية الاجتماعية، تسعى الحكومة الفرنسية لاحتواء ظاهرة هدر الغذاء عبر تثقيف المستهلكين بوصفهم مفتاح حلّ المعادلة، وسنّ قوانين تلزم المؤسسات بالتبرّع بالأغذية الفائضة، ومنح العلامة الوطنية للجهات التي تبذل جهداً أكثر تفانياً في رحلة مكافحة الهدر.

 · · 21 أبريل 2024

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right