مشروع باركر: إعادة ابتكار دور المركبات الكهربائية كمصدر للطاقة في الدنمارك

مشروع باركر: إعادة ابتكار دور المركبات الكهربائية كمصدر للطاقة في الدنمارك

1 دقيقة قراءة
تسهم المركبات الكهربائية بشكل كبير في معالجة بعض التحديات البيئية العالمية الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تسهم المركبات الكهربائية بشكل كبير في معالجة بعض التحديات البيئية العالمية الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولكن مع زيادة أعداد المركبات الكهربائية قد تصبح عملية تأمين مصادر طاقة كافية لها أمراً معقداً. ومن هذا المنطلق، يهدف مشروع "باركر" في الدنمارك إلى إثبات فعالية المركبات الكهربائية في مواجهة التحديات الناتجة عن زيادة الطلب على الكهرباء، إضافةً لدورها كوسيلة نقل صديقة للبيئة.   

أصبح استخدام السيارات الكهربائية أمراً مرغوباً لدى الكثيرين، خصوصاً من مواطني الدول التي أقرت القوانين والأنظمة الهادفة إلى تشجيع وسائل النقل الكهربائية ووفرت محطات الشحن الكهربائي بشكل واسع. ويتوقع الخبراء أن زيادة الإقبال على وسائل النقل تلك سوف تتسبب بارتفاع معدلات الطلب على الطاقة من الشبكات الكهربائية وخصوصاً في ساعات ذروة الشحن المحلية، مما يفرض على منتجي وموزعي الطاقة تحديات عدة يجب التغلب عليها لضمان استمرارية الخدمة في المستقبل.

يتم شحن المركبات الكهربائية بشكل رئيسي عن طريق محطات شحن كهربائية موزعة على عدة مناطق داخل المدينة، أو في بعض الأحيان تكون مدمجة في المجمعات السكنية أو المنازل. وعملية الشحن تحدث بالعادة من الشبكة الكهربائية إلى المركبات. ولكن يوجد نوع أخر من أنظمة الشحن يسمى بـ"من المركبة إلى الشبكة" (Vehicle-to-Grid). ويتيح هذا النظام المستحدث لأصحاب المركبات الكهربائية أو الهجينة التواصل مع شبكة الطاقة لبيع الكهرباء عن طريق إعادة الكهرباء من مركباتهم إلى الشبكة. ويمكن من خلال هذا النظام أن يخزّن أصحاب المركبات الكهربائية الكهرباء المتولدة من مصادر طاقة متجددة ويفرغوا الفائض منها في الشبكة مباشرة.

أدركت الدنمارك أهمية تأمين نظام شحن يعمل على تفريغ الكهرباء من المركبات إلى الشبكة لتحقيق أهدافها المتعلقة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 70 %بحلول عام 2030، حيث تتطلع الدنمارك إلى وضع ما لا يقل عن 775 ألف سيارة كهربائية أو هجينة على الطرقات بحلول ذلك العام. وجاء مشروع "باركر" (Parker) كخطوة أساسية لاختبار هذا النموذج والتعرف على نقاط القوة والضعف فيه. وتتمحور مهمة المشروع حول إثبات قدرة المركبات الكهربائية على دعم شبكة الكهرباء بوصفها مصادر قادرة على تخزين وتفريغ الطاقة إلى الشبكة مباشرة، وبالتالي تعزيز توازن الشبكة. وبذلك يمهد المشروع الطريق في حال نجاحه أمام اعتماد المركبات الكهربائية كمصادر مساهمة في تأمين الكهرباء بشكل اقتصادي ومستدام، يعتمد في أغلبه على مصادر الطاقة المتجددة.

وتتلخص الفرضيةً الجوهريةً لمشروع باركر في إعادة ابتكار دور المركبات الكهربائية في مواجهة تحديات نقص الطاقة وزيادة الطلب على الشبكة. وتلعب المركبات الكهربائية حسب هذه الفرضية دور عامل توازنٍ ضمن الشبكات الكهربائية من خلال إمدادها بالطاقة عند اللزوم.

ولاختبار هذه الفرضية، استخدم مشروع باركر أسطولاً من المركبات الكهربائية الحديثة وأجهزة شحن كهربائية من نمط "من المركبة إلى الشبكة"، قدمها شركاء المشروع من الصناعيين، واستخدمها لإجراء عدد من الاختبارات والعروض التوضيحية في مختبر الطاقة في الدنمارك (PowerLabDK) الذي يعتبر منصة تجريبية لأبحاث نظام الطاقة في البلاد. وقد أثبتت تلك الاختبارات للقائمين على المشروع جهوزية المركبات الكهربائية المشمولة في التجربة لدعم شبكة الطاقة المحلية.

وقد اعتمد فريق مشروع باركر على ثلاثة محاور أساسية، وهي:

  1. تطبيقات الشبكة: تطلب المشروع بشكل أولي دراسة التطبيقات العملية لخدمات الكهرباء والطاقة الخاصة بالمركبات الكهربائية الحديثة، والبحث في "الرحلة" التي تمر بها المركبات الكهربائية في تعاملها مع الشبكات المحلية. وقد ساهمت هذه الدراسة بتحديد التحديات التقنية والاقتصادية والتنظيمية أمام الشبكات، وبالتالي إيجاد حلول عملية لها قابلة للتطبيق.
  2. فحص جاهزية الشبكة الكهربائية: حدد فريق مشروع باركر النواحي التقنية والفنية التي تحتاجها الشبكة لتمكين المركبات الكهربائية من تفريغ الطاقة فيها. وتمثّل التحدي الأكبر ضمن هذه الخطوة في تقديم ملخص شامل عن المركبات الكهربائية على اختلاف أنواعها وبطارياتها وكيفية استجابة الشبكة المحلية لها.
  3. قابلية التكرار والتوسع: يتم دراسة المشروع حالياً على نطاق محلي ضيق، ولكن من المتوقع أن يتم تكرار التطبيقات المدروسة في المشروع عبر مختلف المناطق الجغرافية والتقنيات ومجموعات المستخدمين في المستقبل.

وضع المشروع بشكل منهجي كخطوة أولى شاملة لخدمات الطاقة والكهرباء، وأدرجها فيما يسمى "كتالوج الخدمة". وتم اختيار مجموعة فرعية من هذه الخدمات تتصل بشكل مباشر مع فرضية البحث المتمثلة في اختبار قدرة المركبات الكهربائية المدمجة في المشروع على موازنة شبكة الطاقة. وبرز تحد تنظيمي أثناء إجراء اختبارات الخدمة تمثل في الحاجة إلى تنظيم تردد الكهرباء. ونجح مشروع باركر حتى الآن في إثبات أن المركبات الكهربائية والبنية التحتية لشبكات الشحن قادرة تقنياً على توفير جميع خدمات تنظيم التردد الكهربائي المتعارف عليها في الدنمارك. وخلُصت التجارب إلى أن تكنولوجيا الشحن "من المركبة إلى الشبكة" قابلة للتطوير في الدنمارك، سواء من حيث عدد المركبات الكهربائية، أو نوع الخدمة، أو أحجام البطارية.

وأخيراً يمكن للمشاريع التجريبية مثل مشروع باركر أن تؤدي دوراً أساسياً في تحديد التحديات والفرص المتاحة في استغلال المركبات الكهربائية وشبكاتها وبالتالي إيجاد الحلول المبتكرة للتغلب على التحديات البيئية. وبناءً على منهجها العلمي تطرح تلك المشاريع الدلائل المثبتة علمياً وتجريبياً مما قد يزيد من جاذبية المركبات الكهربائية للمستثمرين والمستهلكين، إضافةً إلى تشجيعهم على بيع الكهرباء للشبكات المحلية.

المراجع:

https://parker-project.com/wp-content/uploads/2019/03/Parker_Final-report_v1.1_2019.pdf

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

إعادة تصميم الراحة: زيٌّ موحّدٌ جديدٌ للبحّارة الأنثى

في البحرية الأمريكية، إحدى أكثر بيئات العمل تطلّباً للدقة والكفاءة، رصدت الإدارة شعور العاملات بالتقييد في الزيّ الرسميّ الموحّد، فشرعت في مهمة طموحةٍ لإعادة تصميمه وفق نهجٍ مبتكرٍ مدفوعٍ بالشمولية والبيانات، بحيث يلائم احتياجاتهنّ وطبيعة مهامهنّ ويبقى شعاراً للاحترافية والهوية والوحدة.

 · · 8 أكتوبر 2025

مطعم الطلبات الخاطئة … أفكار مثيرة للجدل حول الخَرَف في اليابان

في قلب طوكيو، افتتحُ مبتكِرون مطعماً يُسمح فيه للنادل بأن يقدّم للزبائن أطباقاً غير التي طلبوها، بل وتلاقي هفوتُه هذه الترحابَ وتُقابَل بالضحكات، لأنّ هذا النادل هو مسنٌّ يعمل في "مطعم الطلبات الخاطئة"، الذي يطلق مفهوماً ثورياً ويتحدّى الأعراف المجتمعية، ويعزّز فهم المجتمع للخَرَف وتقبُّلَه له من خلال تجربة طعامٍ قلّ نظيرُها.

 · · 23 سبتمبر 2025

كيف تساعد التكنولوجيا في تتبّع رسوم الجدران للحدّ من جرائم الكراهية في كندا

في عصرِ الفنّ الحرّ، يمكن للمنتَجِ الإبداعيّ أن يكون ملهِماً للسلام أو رمزاً للتعصّب. وفي كندا التي تفاخرُ العالمَ بتنوّعها، لا يمكن السماح للكراهية بالتمدّد، وإن كانت ضمن إطارٍ فنيّ. لهذا، أطلقت مدينة إدمنتون مبادرةَ "المنارة" التي تسخّر قوة التكنولوجيا لرصد أيّة تعبيراتٍ عن الكراهية والحدّ منها.

 · · 23 سبتمبر 2025

القصص لرصد منجزات التنمية البشرية في الهند

قامت وكالة رصد الفقر والتنمية البشرية الهندية بتغيير وسائل جمع البيانات، لتبني فهماً حقيقياً عن حياة الناس الذين يقفون خلفها، فتجمع القصص والدلائل البصرية وتحلل البيانات وتوحّد أصحاب المصلحة، لتؤسس نهجاً جديداً في التنمية البشرية.

 · · 23 سبتمبر 2025

الأسلوب المرن … تصوّرٌ جديدٌ للخدمات الحكومية

لأنّ الخدمات الحكومية أعقدُ بكثيرٍ مما تبدو، قررت مدينة "غيتسهيد" الإنجليزية خوض تجربة جريئة تضع العلاقات والتفاهم الإنساني في الصدارة، بدلاً من التركيز على الكفاءة التقليدية. وقد أطلقت على تحولها الجذري هذا اسم "الأسلوب المرن".

 · · 9 سبتمبر 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right