أستراليا تخفّض البصمة الكربونية لاقتصادها عبر تقييم الشركات وتأسيس بورصة الكربون

أستراليا تخفّض البصمة الكربونية لاقتصادها عبر تقييم الشركات وتأسيس بورصة الكربون

1 دقيقة قراءة
يقدم النظام مؤشِّراً لكفاءة الطاقة التشغيلية والأثر البيئي لمراكز البيانات في أستراليا. حيث أن بموجبه تستطيع المنظمات استخدامَه لدعوة الخبراء لتقييم كفاءة استخدام الطاقة في منشآتها كافةً بما فيها مراكز البيانات. تتناول هذه التقييمات المواصفات الدقيقة لكلِّ مركزٍ على حدة، وهذا يعني المواصفات التشغيلية الفعلية للمنشأة، وليس تصميمَها، مع التركيز على استهلاك الطاقة، مثل الكمية المُستخدمة في أعمال الحوسبة والتبريد والإضاءة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

مثلما يهدد تغير المناخ العالم أجمع، تقع مسؤولية مواجهتِه على الجميع أيضاً، من منظماتٍ وحكوماتٍ وأفراد. وتعمل اليوم حكومة أستراليا على إيجاد طرقٍ جديدة لمساعدة مواطنيها ومؤسساتها على خفض البصمة الكربونية، فأسست بورصة الكربون لتحفيز أصحاب الأعمال على المشاركة في أنشطة المناخ، كما أطلقت نظاماً لتصنيف كفاءة الطاقة في مراكز البيانات.

ومراكز البيانات هي الجهات المسؤولة عن معالجة وتخزين المعلومات التي يحتاج المواطنون إليها للعمل والترفيه والتواصل، وتحظى باهتمامٍ حكوميٍّ مكثّف لسببَين: فهي أولاً من أكبر مستهلكي الطاقة، إذ يتطلب تشغيلُ بعضِها أكثر من 100 ميغاواط، وهي كميةٌ تكفي لتغذية ما يصل إلى 80 ألف منزلٍ في الولايات المتحدة وفقاً لأحد التقارير. وبهذا، فهي تنفردُ بأكثر من 2% من الاستهلاك العالمي للكهرباء، ما يضعها إلى جانب صناعة الطيران العالمية في المرتبة نفسِها. أما السبب الثاني، فهو ما أدى إليه العقد الماضي من نموٍّ ملحوظٍ في أعداد هذه المراكز في بلدان عدة.

لتنجح هذه المراكز المتنامية في أداء مهمتها، تحتاج قدراً هائلاً من الطاقة، ليبرزَ تحدي التوفيق بين تخزين البيانات ومتطلبات الالتزام بمواجهة تحد تغيُّر المناخ. ولهذا السبب، تستكشف الحكومات حول العالم الوسائل المناسبة لجعل هذه المراكز صديقةً للبيئة، كالحكومة السنغافورية التي علّقت إنشاءَها حتى تجد الطريقة المُثلى لاحتواء أثرها المناخيّ.

أما في أستراليا، فقد بدأت وزارة الصناعة والعلوم والطاقة والموارد مساعدة المنظمات في خفض استهلاكها للطاقة، بإنشاء نظام يحمل اسمَ "نيبيرز"، سيجعل مراكزها أكثر استدامة.

يقدم النظام مؤشِّراً لكفاءة الطاقة التشغيلية والأثر البيئي لمراكز البيانات في أستراليا. حيث أن بموجبه تستطيع المنظمات استخدامَه لدعوة الخبراء لتقييم كفاءة استخدام الطاقة في منشآتها كافةً بما فيها مراكز البيانات. تتناول هذه التقييمات المواصفات الدقيقة لكلِّ مركزٍ على حدة، وهذا يعني المواصفات التشغيلية الفعلية للمنشأة، وليس تصميمَها، مع التركيز على استهلاك الطاقة، مثل الكمية المُستخدمة في أعمال الحوسبة والتبريد والإضاءة. بعدئذٍ، يضع الخبير تقييمَه للمنشأة، ويمنحها مرتبةً من نجمةٍ واحدة إلى 6 نجوم على مقياس فعالية استخدام الطاقة، وهو مقياسٌ مقبولٌ عالمياً، وذلك بعد إيضاح النواحي القابلة للتعديل وسبل تحقيق التحسين التشغيليّ وتوفير التكاليف واستهلاك الطاقة، لتمكين الشركات من تحسين الأرصدة البيئية وكسب العملاء المميزين، وكذلك في مقارنة أدائِها مع نظيراتها عبر أستراليا.

يتبنى النظام 3 مستويات مختلفة من التصنيفات حسب الاحتياجات. في المقدمة، تأتي معدات تكنولوجيا المعلومات لتمثِّلَ تصنيفاً مخصصاً للمؤسسات التي تمتلك أو تدير معداتها الخاصة كالخوادم وأجهزة التخزين ومعدات الشبكة، ولا تتحكم بخدمات الدعم كالتكييف والإضاءة والأمن. وفي هذه الحالة، يقيس التصنيف الانبعاثات المرتبطة بالمعدات التقنية فقط، لتعريف المؤسسة بكفاءة أجهزتها. وهكذا، كلّما انخفض استهلاك الطاقة، ارتفعتِ الكفاءة، وتحسّن التصنيف.

ثم تأتي البنية التحتية، وهي التصنيف الموجّه لأصحاب مراكز البيانات ومديريها. وبخلاف النوع الأول، يلبي هذا التصنيف احتياجات مراكز المواقع المشتركة، حيث لا يتحكم المشغّلون بأيٍّ من معدات تكنولوجيا المعلومات المستأجَرة، لكنّهم مسؤولون عن أنظمة التكييف وتوصيل الطاقة.

أما التصنيف الثالث والأشمل فهو تصنيف المنشأة بالكامل، الذي يجمع سابقَيه، وهو مُصمم للمؤسسات التي تدير مراكز بياناتِها وتشغِّلها، أو حيث لا يسمح نظام القياس الداخليّ بإجراء تصنيفاتٍ لمعدات تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية بشكلٍ منفصل.

وحيث تشجِّع أستراليا المواطنين والمنظمات على السعي للاستدامة في شتى مناحي الحياة، فقد أنشأت الحكومة صندوقاً يحفّز الشركات على تخفيض بصمتها الكربونية، بمنحها ما يسمى بـ"الأرصدة الكربونية" كلما نجحت بتخفيض انبعاثاتها بمقدار طن. وعلى هذا الأساس، يمكن لأصحاب الأرصدة بيعُها مجدداً إلى الحكومة أو إلى شركاتٍ أخرى، ضمن إطارٍ مشابهٍ لعمليات سوق الأوراق المالية عبر الإنترنت. المشروع الذي حملَ اسم بورصة الكربون الأسترالية سيعمل على شراء الأرصدة الكربونية وتصفيتِها وتسويتِها مع أيّ وحداتٍ وشهاداتٍ ائتمانيةٍ أخرى. كما يكافئ الصندوق الشركات حين تتبنى تقنية جديدة لخفض الانبعاثات مثلاً، ويمنح الأرصدة للمنظمات التي تثبت تخزينَها للكربون.

وحيث وضعت الحكومة الفيدرالية في ميزانية العام 2020 هدفاً يقضي بتبسيط إجراءات القطاع الخاص لدعم خفض الانبعاثات، ستتضمن إجراءاتُها اختصار نصف مدة تطوير منهجياتٍ جديدةٍ لصندوق خفض الانبعاثات وكذلك مدة تقييم الطلبات لتسجيل المشاريع الجديدة وإصدار الأرصدة الكربونية، وذلك لتسريع العملية.

تدرس الوزارة حالياً مبادرات الاستدامة التي تساعد أصحاب الأعمال والمنازل على تغيير أسلوب حياتهم وتبني نمطٍ جديدٍ أكثرَ كفاءة في استخدام الطاقة.

وحين يرتفع تصنيف مركزٍ للبيانات من 3 إلى 5 نجوم، فهذا يعني أنّه نجح في توفير قرابة 1.5 مليون دولار سنوياً، وذلك وفقاً للموقع الرسميّ لنظام التصنيف. كما أنّ هذا التقييم الإيجابيّ ومشاركتَه يمنح المنظمات تأكيداً موثوقاً بشأن كفاءة الطاقة والالتزامات البيئية.

بدورها، ستدعم بورصة الكربون الصناعات والاقتصاد عبر زيادة الشفافية في التسعير، واختصار الإجراءات الروتينية؛ كما ستسهِّل التداول، وتدعم الطلب المتنامي للشركات، وتعزز النمو في سوق الكربون النشط، وتساهم في تحقيق أهداف الميزانية الفيدرالية، حيث تشير التقديرات إلى أنّها ستوفر ما يصل إلى 100 مليون دولار من تكاليف المعاملات المرتبطة ببورصة الكربون بحلول العام 2030.

من خلال التقييم وبورصة الكربون، يمكن للمنظمات اتخاذ قراراتٍ أكثر استنارةً بشأن استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية، ما سيحدُّ تدريجياً من الأثر المناخيّ.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

أدوات مبتكرة لتحصين الصحة العامة ضد موجات الحر الشديد

بفعل تغير المناخ ازدادت في السنوات الأخيرة حدة وتواتر موجات الحر الشديد، لتصبح مشكلة حقيقية تهدد الصحة العامة والبيئة، بالإضافة إلى انعكاساتها السلبية على شتى الجوانب الحياتية والاقتصادية. في مواجهة هذا التحدي، لجأت سلطات أستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية، وهونغ كونغ، إلى إطلاق مبادرات مبتكرة للحد من آثار الحر الشديد، ركزت الحلول على تعزيز المرونة في التعامل مع درجات الحرارة العالية من خلال عدة إجراءات جمعت ما بين التكنولوجيا والأساليب العملية، شاملة التدابير الاستباقية، ورفع الجاهزية، والبيانات الفورية، والتواصل الفعال مع الجمهور.

 · · 21 أبريل 2024

ثلاث مدن تنفّذ حلولاً مبتكرة لمواجهة موجات الحر

تمثّل ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة الحاد في المدن تهديداً لصحة السكان وجودة حياتهم. لذا تسعى الحكومات إلى اعتماد طرائق مبتكرة لاحتواء هذه الظاهرة، بدءاً من إرشاد الناس للاحتماء منها كما في ملبورن السويسرية، مروراً بإنشاء المساحات الخضراء لتبريد المدينة وكسر حدة التلوّث كما في باريس الفرنسية، وليس انتهاءً بتركيب مظلّات تقي الناس حرّ الشمس كما في إشبيلية الإسبانية.

 · · 19 ديسمبر 2023

الحكومات المحلية في المملكة المتحدة تستثمر التكنولوجيا الجغرافية المكانية

تسعى العديد من الحكومات المحلية في المملكة المتحدة لإدماج الأدوات التقنية في عمليات التخطيط، واللجوء إليها لفهم البيئات الحَضَرية ورسم الخرائط التفاعلية والتصوّرات ثلاثية الأبعاد وإشراك الناس في عمليات صنع القرار.

 · · 18 سبتمبر 2023

اختبار مياه الصرف الصحي مرجعاً لقرارات الصحة العامة

كوسيلةٍ إضافيةٍ لتتبُّع حركة فيروس كورونا الذي يتطوّر بوتيرةٍ شبه يومية، لجأت بعض الدول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى مراقبة شبكات الصرف الصحيّ وتحليل عيناتٍ منها لرصد وجود الفيروس في منطقةٍ ما قبل حتى ظهور أيّ إصابةٍ فيها.

 · · 25 أبريل 2023

مدن أمريكية تسوِّق لسكانها تطبيق الأمن السيبرانيّ

مع انتقال الكثير من الأنشطة الحياتية والوظيفية إلى الإنترنت وتزايُد المخاطر هناك، تتلاحق المدن الأمريكية لاستكشاف الحلول لحماية مواطنيها ومؤسساتها، فتبنّت العديد من المدن مثل دالاس ونيويورك وميشيغان سياسة تطوير التطبيقات الذكية التي تحظر البرمجيات الضارة وترشِد المستخدمين إلى تدابير الحماية.

 · · 12 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right