بادرت الحكومة النيوزيلندية بإطلاق مجموعة من المشاريع التجريبية للارتقاء بإمكاناتها وتعزيز مستوى خدماتها بما يخدم رفاهية المواطن ويحقق الأهداف الاستراتيجية للدولة. ومن ضمن المحاور التي ارتأت الحكومة ضرورة تحسينها طريقة صياغة القوانين والسياسات؛ ففي الوقت الذي تعتمد فيه الحكومة على نماذج تقليدية لصياغة القوانين تبيّن بأن هذه النماذج لا تحقق الاتساق المطلوب بين الهدف من القانون أو السياسة وتطبيقه الفعلي والعملي بحيث يتعذّر على عامة الشعب فهم القوانين ويفسّرها كل شخص بشكل مختلف مما يزيد من تعقيد الأمور. علاوة على ذلك، هناك تحدي في عدم وضوح الهدف من السياسة أو القانون وكيفية إشراك الفئات المستهدفة فيه، وهو ما يؤدي إلى انخفاض معدل مشاركة هذه الفئات، وفي حال شاركوا، تأتي مشاركتهم في مراحل متأخرة. ونظرًا إلى اعتماد الأصول المعرفية المميزة والثابتة على لغة مختصة بمجال معين تخدم عالمًا افتراضيًا على الورق؛ لا يتم تداولها ونشرها بشكل متسق عبر جميع المراحل، ولا يتم الحصول على آراء وملاحظات المستخدمين بعد عملية تطبيقها لعدم توافر قنوات الاتصال الكافية.
من هنا جاءت فكرة إطلاق مشروع "Better Rules" الذي يهدف إلى تحسين القوانين والسياسات ووضعها في صيغ مقروءة للبشر والآلات لتسهيل فهمها وتطبيقها على أرض الواقع خلال إطار زمني أقصر مقارنة بعمليات تطوير القوانين والسياسات التقليدية. وتتميز القوانين والسياسات الناتجة عن المشروع بإمكانية تعقبها وسهولة إدارتها فضلًا عن كونها متسقة وموثوقة وتتقبل الآراء والملاحظات الواردة من الفئات التي قامت بتطبيق النسخ التجريبية منها. يستعين المشروع بفريق متعدد التخصصات لتصميم الأصول المعرفية المشتركة، والنماذج، وأنظمة القياس، وتوفيرها لإعادة استخدامها في أي وقت ومكان. كما يوفر سيناريوهات مبكرة ونسخ تجريبية تساعد في تقديم أدلة لخيارات التنفيذ المستقبلية.
استهلت المرحلة التجريبية للمشروع في عام 2018 حيث تمت دراسة إمكانية تطوير قوانين مقروءة ويسهل تفسيرها آليًا من خلال صياغة رموز "codes" تسمح للحواسيب قراءة القانون وتفسيره بصورة متسقة وثابتة على عكس النهج التقليدي. تُسهم هذه الرموز في الحد من تحدي عدم وضوح القوانين أو عدم اتساقها كونها تقلل من الاعتماد على عنصر الحكم البشري. أدرك العاملون على المشروع أن التشريعات التي تتضمن عمليات حسابية وتتطلب معطيات دقيقة وأرقام لتطبيقها وتحديد الأهلية والأحقية هي أنسب أنواع التشريعات التي يمكن قراءتها آليًا.
بدأت معالم المشروع تتبلور في فبراير 2018 حيث تم تشكيل فريق متعدد التخصصات لتصميم القانون القابل للقراءة آليًا. وبعد تطبيق النموذج على حالتين من أرض الواقع وهما قانون Rebate Rate لعام 1973 وقانون العطلات والمغادرات لعام 2003، توصل الفريق إلى فهم شامل للتحديات المحتملة والفرص الهائلة التي يتيحها استخدام قوانين قابلة للقراءة آليًا.
عقد فريق Better Rules منتدى حواريًا إلكترونيًا عام 2018 لجمع المعلومات والحصول على رؤية مشتركة من أكثر من 130 شخصًا من 20 دولة حول العالم. وفي الوقت الحالي، يواصل فريق Better Rules تجربة النموذج على حالات أخرى للتوصل إلى مرحلة التصميم والتنفيذ النهائي.