تتجه حكومات العديد من الدول إلى حلول الهوية الرقمية لمواجهة تحدي عدم قدرة المواطنين على إثبات هويتهم. ومن هذه الدول أستراليا التي أولت أهمية خاصة لهذا الموضوع في رؤيتها لعام 2025 وأوكلت لهيئة التحول الرقمي الاسترالية مهمة التعاون مع مكتب الضرائب وإدارة الخدمات البشرية وهيئة الشؤون الداخلية وهيئة الشؤون الخارجية والتجارة في أستراليا لتنفيذ مشاريع وخدمات متعددة منبثقة عن مبدأ المنصات الرقمية ومنصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مستوى الحكومة.
ومن بين هذه الخدمات التي ركزت عليها الحكومة خدمة الهوية الرقمية التي تم طرحها في أستراليا عام 2017 لتمكين المواطنين والشركات من الحصول على الخدمات الحكومية والتقليل من جرائم انتحال الهوية. وأضيفت هذه الخدمة الإلكترونية إلى نقاط الخدمة التقليدية كالخدمات عبر الهاتف أو مراجعة أحد فروع الجهة الحكومية. وكان الهدف الرئيسي الذي سعت الحكومة لتحقيقه هو توفير الخدمات للولايات والمقاطعات بصورة أكثر اتساقًا وسلاسة.
تمتاز مبادرة الهوية الرقمية في أستراليا بتوفير نظام مبتكر يمكن استخدامه للحصول على الخدمات الإلكترونية ويتميز باعتماده على قاعدة بيانات مركزية واتباعه آلية إصدار الهوية التي تتبعها الحكومة المركزية. وفي عام 2017، أُضيفت لهذا النظام خدمة التعرف على الوجه لتعزيز وظائفه ومنافعه. ومن بين أوائل المعتمدين لهذه المبادرة مكتب الضرائب الأسترالي وهيئة البريد الأسترالية الذين أتاحوا إمكانية تقديم الطلبات باستخدام تطبيق "myGovID" وتطبيق "Digital ID".
على صعيد آخر، تقدم الهوية الرقمية ميزة تصديق الهوية مرة واحدة فقط واستخدامها للحصول على الخدمات بدلًا من أن تمر عبر مجموعة من الهيئات المختلفة في كل مرة يتم تصديقها. وتشبه هذه الآلية نظام التحقق من الهوية المكون من 100 نقطة الذي اعتمدته أستراليا لمكافحة عمليات الاحتيال، ولكن بدلًا من التوجه للجهات الحكومية لتصديق مستندات الهوية، من الممكن إتمام العملية بأكملها عبر الإنترنت باستخدام الأجهزة الذكية.
حرصًا على تسهيل الإجراءات على المواطنين وتشجيعهم على إصدار الهوية الرقمية، وضعت الجهات المعنية خطوات بسيطة وميسرة لتقديم الطلب. كل ما عليك فعله هو تنزيل التطبيق عبر الهاتف الذكي وإثبات الهوية من خلال إضافة مستندات مثل رخصة القيادة وشهادة الميلاد لتحصل بعدها على مستندات إثبات الهوية الرقمية التي يمكنك استخدامها للحصول على الخدمات الإلكترونية. ولا تقتصر هذه الخدمة على الأفراد؛ بل يمكن للشركات أن تنشئ المنصات الإلكترونية من خلال ربط حساباتها برقم سجل تجاري أسترالي واستخدامه لإنشاء حسابات للموظفين.
تنطوي منظومة الهوية الرقمية على إطار موثوق يشمل مجموعة من القواعد والمعايير التي تنطبق على جميع الموردين والخدمات ضمن برنامج الهوية الرقمية. ويشارك في تزويد هذه الخدمات الحكومة ممثلة بتطبيق myGovID الذي يستقطب أكثر من 15 مليون مستخدم لحوالي 12 خدمة، والقطاع الخاص ممثلًا بتطبيق Digital ID وقطاع البنوك الذي يوفر سمات مميزة كمعرفة المتعاملين، بالإضافة إلى الولاية والمقاطعات والحكومة المحلية. وبالاعتماد على خدمات التحقق هذه يمكن توفير خدمات التعرف على الوجه والتي تتضمن تقنيات التعرف على ما إن كان الشخص حيًا أم ميتًا. كما تتضمن المنظومة الأفراد الموكل إليهم التصرف بالنيابة عن أفراد آخرين ومدير علاقات التصريح الذي يدير الأفراد الموكل إليهم التصرف بالنيابة عن الشركات. في المقابل، تُثمر هذه المنظومة عن تحقيق سمات حماية الخصوصية والسماح للمستخدم باختيار مزود الهوية مع العلم بأنه لا يسمح للخدمة الرقمية برؤية مستندات التحقق من الهوية الخاصة بالمستخدم، ولا يمكن لمزودي الخدمة رؤية الخدمة المستخدمة. ويمكن توظيف هذه المنظومة في مجالات مختلفة منها الضرائب والرعاية الاجتماعية والصحة والأعمال والتعليم والخدمات الاجتماعية.

وعليه، تشمل بوابة الهوية الرقمية تطبيقي "myGovID" و " Digital ID " للهواتف الذكية إذ يعتزم مكتب الضرائب الاسترالي استخدام التطبيق الاول بحلول نهاية مارس 2020، بينما يستخدم التطبيق الثاني في هيئة البريد الاسترالية. وأخيرًا، هناك بوابة " AUSkey" وهي عبارة عن نظام تصديق للهوية يستخدم لتسجيل الدخول وتحديد هوية الشخص الذي يستخدم الخدمات نيابة عن شركة ما. وتنوي الحكومة استبدال نظام "AUSkey" بتطبيق "myGovID" حيث أنفقت حوالي 30 مليون دولار أسترالي على تطوير تطبيق "myGovID" وتخطط لإنفاق المزيد ليصل إجمالي الميزانية المخصصة لاستبدال نظام التصديق "AUSkey" في مارس 2020 إلى 73 مليون دولار أسترالي. وحسب هيئة التحول الرقمي، وصل عدد مرات تنزيل تطبيق "myGovID" للهاتف الذكي إلى 80,000 وأنشئت عبره 46,000 هوية رقمية. وبعد إطلاق المرحلة الأولى من الهوية الرقمية، تخطط هيئة التحول الرقمي لتوسيع المبادرة من خلال طرح البوابة في في بعض جهات القطاع الخاص. وفتحت مبادرة الهوية الرقمية المجال أمام مبادرة ثانية وهي إطلاق نسخة رقمية لرخصة القيادة لتأكيد استحقاق الشخص للتعويض والتي طُرحت في نوفمبر 2019.