إعادة تصميم الراحة: زيٌّ موحّدٌ جديدٌ للبحّارة الأنثى

إعادة تصميم الراحة: زيٌّ موحّدٌ جديدٌ للبحّارة الأنثى

1 دقيقة قراءة
في البحرية الأمريكية، إحدى أكثر بيئات العمل تطلّباً للدقة والكفاءة، رصدت الإدارة شعور العاملات بالتقييد في الزيّ الرسميّ الموحّد، فشرعت في مهمة طموحةٍ لإعادة تصميمه وفق نهجٍ مبتكرٍ مدفوعٍ بالشمولية والبيانات، بحيث يلائم احتياجاتهنّ وطبيعة مهامهنّ ويبقى شعاراً للاحترافية والهوية والوحدة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

في البحرية الأمريكية، إحدى أكثر بيئات العمل تطلّباً للدقة والكفاءة، رصدت الإدارة شعور العاملات بالتقييد في الزيّ الرسميّ الموحّد، فشرعت في مهمة طموحةٍ لإعادة تصميمه وفق نهجٍ مبتكرٍ مدفوعٍ بالشمولية والبيانات، بحيث يلائم احتياجاتهنّ وطبيعة مهامهنّ ويبقى شعاراً للاحترافية والهوية والوحدة.

من المستشفيات إلى المطاعم إلى مرتّبات الجيش، يمثّل الزيّ الموحّد هويةَ الفرد ومسؤولياتِه وخبرتَه، لكنّ أهميته لا تقتصر على هذه الرمزيات، فهو الشريك الصامت في الأنشطة اليومية لمرتديه، وتصميمُه نتاج رحلاتٍ من الابتكار المستمرّ.

في المجالات التي تتسم بالدقة والحركة والتركيز، إمّا أن يوفّر الزي الرسميّ الدعم والراحة أو أن يكون عائقاً يقيّد الأداء الوظيفي. وفي الجيش، ليس هذا الزيّ مجرد ملابس، بل رمزاً للانضباط والمساواة والوحدة، وإن لم يلائم احتياجات عناصره، فهو يعرّض هذه القيمَ للخطر، ويؤدي إلى انعدام الرضا، وحتى انخفاض الكفاءة التشغيلية. على مدى عقود، واجهت البحارة الإناث في البحرية الأمريكية صعوبات في ارتداء لباسٍ موحّدٍ لا يلائمهنّ ولا يريحهنّ. ومنذ ثمانينات القرن الماضي، تتالَت الشكاوى التي تعبّر عن هذه المشكلة، وأثبتت المسوح المتتابعةُ أوجه القصور في نظام المقاسات الحاليّ.

في مرحلةٍ ما، لم تَعُد الحلول الآنيةُ أو الجزئية تجدي نفعاً، وصار لا بدّ من حلٍّ شاملٍ يضمن الملاءمة والراحة وأعلى أداء وظيفيٍّ ممكن.

وراء هذه المبادرة، تقف قيادة خدمة التبادل في البحرية، وهي الجهة التي تشرف على معايير الزي الرسميّ وتوزيعه في مختلف أقسام المؤسسة، حيث تعاون فريقُها المتخصص مع باحثين وعناصر في البحرية لتحديث منظومة مقاسات الزيّ الرسميّ الخاص بالإناث.

قامت المبادرة على مبدأ الشمولية والاستماع الفعّال لاحتياجات المستفيدين وملاحظاتهم وتجاربهم إلى جانب الاستناد إلى البيانات الدقيقة، إذ بدأ الفريق بإجراء مسحٍ لتجارب قياس الزي الموحّد التي أُجريت في نورفولك بولاية فرجينيا. ضمّ هذا المسح 400 مشاركةٍ بأعمارٍ ومواصفاتٍ جسمانيةٍ متنوّعة، وجرّبت كلٌّ منهن ارتداء ثلاث فئاتٍ محدّدةٍ من لباس البحارة الأمريكيّة، وهي القمصان البيضاء ذات الأكمام الطويلة والقمصان باللون الخاكي والقمصان البيضاء الصيفية، ثم جرى جمعُ القياسات الدقيقة والتفصيلية لكلّ تجربة لتوحيد الأنماط وتحقيق ملاءمةٍ أفضل وراحةٍ أكبر.

بعد بدايةٍ بطيئةٍ نوعاً ما، استطاع المسح أن يجذب 100 مشاركةٍ إضافيةٍ بحلول الأسبوع الثاني، متجاوزاً بذلك هدفَه الأول. وتخطط القوات البحرية لإدماج هذه البيانات الشاملة في التصاميم المستقبلية للزي الرسمي، والتأكد من استدامة التحسينات وقابليّتها للتكيف مع الاحتياجات المتطورة. ومن خلال استخدام منهجيةٍ قائمة على البيانات، تهدف البحرية إلى ابتكار زي موحد عملي ومريح في آن واحد، ووضعٍ حدٍّ نهائيٍّ للقيود والانزعاج الذي عانته البحارة الإناث لأمدٍ طويل.

بالرغم من أهمية المبادرة، فقد واجهت عدة تحديات. أولاً، هناك التعقيد اللوجستيّ، فتنظيم استبيانات تجربة الملابس وإجراءُ كلّ جلسات القياس لعددٍ كبيرٍ من المشاركات، تطلّب موارد كثيرة ودقةً كبيرةً في جمع البيانات، وتخطيطاً لتفاصيل التفاصيل، وتنظيماً كبيراً في توثيق النتائج.

علاوةً على ذلك، ظهرت التحدّيات الموروثة التي تعانيها المؤسسة منذ عقود، فحتى نظام المقاسات الذي طوّر في الثمانينات قد لا يناسب الأشكال والمعايير المعاصرة للأجسام والراحة والكفاءة. وواقعُ الأمر، أنّ الانتقال من الأنماط القديمة إلى نظامٍ حديثٍ وموحّدٍ، يستدعي التغلّب على الممارسات الراسخة والصور النمطية واجتياز مقاومة التغيير التي قد تطرأ داخل المنظّمة.

ونظراً لطبيعة المشكلة الأساسية، لا شكّ بأنّ المبادرة قد واجهت الجوانب الأوسع نطاقاً لعدم المساواة بين الجنسين. وفي حين تعالج جلسات التجربة وجمع المقاسات مشكلةً مفصلية، علينا ألا ننسى لائحةً لا يُستهان بها من الصعوبات التي تواجهها النساء في الخدمة العسكرية عموماً، ومن أهمّها ارتفاع تكاليف الزيّ الموحّد ومحدودية توفّر بعض القطع. تتطلب معالجة أوجه عدم المساواة المتجذّرة هذه جهوداً متواصلة وتعاوناً بين مختلف الأقسام والإدارات.

مع ذلك، حقّقت المبادرة تأثيراً متعدّد الأوجه، وفوائد تتجاوز مجرد الراحة البدنية للإناث ضمن المؤسسة. على سبيل المثال، من شأن المظهر المهنيّ اللائق والنموذجيّ أن يعزّز ثقة الإناث وفخرهنّ بالانتماء للبحرية وشعورهنَ بالمساواة ضمنَها. كما أنّ هذه الخطوة ستحسّن كفاءة العمليات عبر التحرّر من عوامل التشتيت وتعزيز الحركة وتقليل مخاطر السلامة.

من خلال إشراك شابّات البحرية في عملية التصميم والتقييم بفاعلية، تُظهر البحرية التزامها بمعالجة التحديات الخاصة بالنوع الاجتماعي ووضعَها احتياجات أفرادها- كلِّ أفرادِها- أعلى سلم أولوياتها، ما يصبّ في خدمة الأهداف العسكرية الأوسع نطاقاً، أي تعزيز التنوع والمساواة والشمول.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

مطعم الطلبات الخاطئة … أفكار مثيرة للجدل حول الخَرَف في اليابان

في قلب طوكيو، افتتحُ مبتكِرون مطعماً يُسمح فيه للنادل بأن يقدّم للزبائن أطباقاً غير التي طلبوها، بل وتلاقي هفوتُه هذه الترحابَ وتُقابَل بالضحكات، لأنّ هذا النادل هو مسنٌّ يعمل في "مطعم الطلبات الخاطئة"، الذي يطلق مفهوماً ثورياً ويتحدّى الأعراف المجتمعية، ويعزّز فهم المجتمع للخَرَف وتقبُّلَه له من خلال تجربة طعامٍ قلّ نظيرُها.

 · · 23 سبتمبر 2025

كيف تساعد التكنولوجيا في تتبّع رسوم الجدران للحدّ من جرائم الكراهية في كندا

في عصرِ الفنّ الحرّ، يمكن للمنتَجِ الإبداعيّ أن يكون ملهِماً للسلام أو رمزاً للتعصّب. وفي كندا التي تفاخرُ العالمَ بتنوّعها، لا يمكن السماح للكراهية بالتمدّد، وإن كانت ضمن إطارٍ فنيّ. لهذا، أطلقت مدينة إدمنتون مبادرةَ "المنارة" التي تسخّر قوة التكنولوجيا لرصد أيّة تعبيراتٍ عن الكراهية والحدّ منها.

 · · 23 سبتمبر 2025

القصص لرصد منجزات التنمية البشرية في الهند

قامت وكالة رصد الفقر والتنمية البشرية الهندية بتغيير وسائل جمع البيانات، لتبني فهماً حقيقياً عن حياة الناس الذين يقفون خلفها، فتجمع القصص والدلائل البصرية وتحلل البيانات وتوحّد أصحاب المصلحة، لتؤسس نهجاً جديداً في التنمية البشرية.

 · · 23 سبتمبر 2025

الأسلوب المرن … تصوّرٌ جديدٌ للخدمات الحكومية

لأنّ الخدمات الحكومية أعقدُ بكثيرٍ مما تبدو، قررت مدينة "غيتسهيد" الإنجليزية خوض تجربة جريئة تضع العلاقات والتفاهم الإنساني في الصدارة، بدلاً من التركيز على الكفاءة التقليدية. وقد أطلقت على تحولها الجذري هذا اسم "الأسلوب المرن".

 · · 9 سبتمبر 2025

مدينة العمر المديد: كيف أعادت نيوكاسل تعريف الشيخوخة في البيئة الحضرية

يحتفي مشروع "مدينة الحياة المديدة" في نيوكاسل بكبار السن عبر إعادة تشكيل التصورات التقليدية حول الشيخوخة، من خلال بيئة حضرية ديناميكية وداعمة تمكّنهم من العيش بفاعلية واستقلالية. تعتمد هذه المبادرة على تكامل الابتكارات التكنولوجية، والتخطيط العمراني المستدام، والمشاركة المجتمعية، بهدف تعزيز جودة الحياة لكبار السن.

 · · 9 سبتمبر 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right