خدمة البريد الأمريكية توظّف الذكاء الاصطناعي لتعزيز عملياتها

خدمة البريد الأمريكية توظّف الذكاء الاصطناعي لتعزيز عملياتها

1 دقيقة قراءة
لمواجهة سلسلة معقّدة من الصعوبات، شرعت خدمة البريد الأمريكية باستكشاف الحلول التي تقدّمها التكنولوجيا لإدارة منظومةٍ ذكيةٍ تتعرّف فيها الخوارزميات على الطرود البريدية وتتبَّع رحلاتِها من المرسِل إلى المستلِم وتعثُر عليها إذا ما ضاعت، لتعيدَها إلى مسارِها بسرعة وكفاءة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لمواجهة سلسلة معقّدة من الصعوبات، شرعت خدمة البريد الأمريكية باستكشاف الحلول التي تقدّمها التكنولوجيا لإدارة منظومةٍ ذكيةٍ تتعرّف فيها الخوارزميات على الطرود البريدية وتتبَّع رحلاتِها من المرسِل إلى المستلِم وتعثُر عليها إذا ما ضاعت، لتعيدَها إلى مسارِها بسرعة وكفاءة.

يقول المختصون إنَّ التكنولوجيا بابتكاراتها المختلفة قد قطعت خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين شوطاً أكبرَ من ذاك الذي قطعتْه خلال القرن الماضي برمته، فأسست لنمطٍ جديدٍ من التفكير لا يسع أيَّ مؤسسةٍ أو كيانٍ الاستغناءُ عنه. وفي حين حلّت التكنولوجيا محلّ وسائل المراسلات التقليدية، فقد ساهمت في الوقت نفسِه في تطوير المنظومة البريدية التي ما تزال تُستخدم على نطاقٍ واسعٍ في إرسال الطرود.

في الولايات المتحدة الأمريكية، تُجرى العمليات البريدية كافةً عبر كيان مركزيّ واحد، وهو خدمة البريد التي تتعامل مع 129 مليار عملية إرسال سنوياً، أي 230 ألف مظروفٍ وطردٍ كلّ ثانية. ونظراً للحجم الكبير الذي تتسم به هذه المؤسسة الفيدرالية، قد يكون التحوّل لمؤسسةٍ ذكيةٍ رحلةً طويلةً وشاقةً ومليئةً بالتحديات، ليس التشغيلية فقط، بل والقانونية والتقنية والتمويلية والتنظيمية، وهذا ما أكّدته جائحة كوفيد-19 التي زادت الحاجة إلى عمليات التوصيل من جهة وخفّضت حجم القوى العاملة من جهةٍ أخرى. تفاقمت المشكلة أثناء انتخابات العام 2020 الرئاسيةِ التي أرهقت مراكز البريد بتوارد أوراق التصويت المرسلة من شتى الولايات، حيث اشتكى 22% من العملاء من تأخيرٍ في استلام بريدهم الذي قد يكون إيصالاتٍ نقديةً أو مستنداتٍ مهمةً أو حتى مستلزماتٍ دوائية، كما يتكرر أن تضيع الطرود في مرحلةٍ ما من العملية، وقد يتطلّب العثور عليها عدة أيامٍ أو حتى أسابيع، أو تتعذّر قراءة أرقامها المكتوبة يدوياً بخطوطٍ مختلفةٍ وصعبة الفهم أحياناً.

بعد سنواتٍ عشرٍ ركّزت فيها خدمة البريد على إدماج التكنولوجيا في عملياتها وخدماتها، وضعت هذا العام خطّتها للعقد القادم. بميزانيةٍ قاربت 2.4 مليار دولار، حملت الخطة العشرية اسمَ "العمل من أجل أمريكا: رؤيتنا وخطة السنوات العشر في تحقيق الاستدامة المالية والتميّز في الخدمة"، وهي تهدف لتنفيذ إحدى عشر استراتيجيةٍ للعمل المستقبلي الذي سيرتكز على التقنيات الحديثة بشكلٍ أساسيّ، حيث انصبّت جهود التطوير التكنولوجيّ في الماضي على عنصرين أساسيين، وهما الابتكارات البريدية وتحليلات البيانات.

من بين الاستراتيجيات الجديدة، تأتي الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعيّ في جميع مراكز البريد الموزّعة في 195 موقعاً، وذلك عبر إدخال بيانات الطرود مما يتيح تتبُّعَها من المرسل إلى المستلِم وتحديدِ موقعها في حال ضياعها، حيث تقوم 4 مخدِّماتٍ بمعالجة 20 تيرابايت من الصور باستخدام تقنية التعرّف الضوئيّ على الأحرف وبرنامج الحوسبة الحَدِّيّة، وهو ليس نموذجاً تقنياً بقدرِ ما هو جغرافيّ، إذ يقوم على مبدأ وضع عناصر الحوسبة وتخزين البيانات في موقعٍ قريبٍ من المستخدم أو الوجهة النهائية التي تستفيد من الخدمة الحاسوبية. بالتالي، يمكن وصفُ هذا النظام برمته بـ"ساعي البريد الرقميّ" الذي يقوم بإيصال نماذج الذكاء الاصطناعيّ من 195 فرعاً إلى المركز الرئيسيّ. كما تستخدم خدمة البريد جهاز محادثة يستخدم الذكاء الاصطناعيّ لتلقّي الاتصالات ومساعدة العملاء والإجابة على الأسئلة الأكثر شيوعاً.

تلقائياً، يتم التقاط صورةٍ لكلّ طردٍ يدخل منظومة البريد، أياً كان مصدرُه أو وجهتُه. بعدئذٍ، تقوم الخوارزميات بتصنيف الطرود بحسب احتياجات العمل الداخلية التي تشمل البحث العكسي عن الصور عبر معالجة رموزِها الشريطية "باركود"، والتحقّق من العناوين التي ستُرسَل إليها، وتحليل خطوطِ مرسليها بمقارنتها بالأنماط الموجودة مسبقاً، وتحديدِ الطرد المطلوب من بين عشرات آلاف الصور.

حالياً، تستكشف خدمة البريد حوالي 30 استخداماً آخرَ للذكاء الاصطناعيّ، مثل قراءة الرموز الشريطية التالفة والتحقق التلقائيّ من الطابع البريديّ وملاءمته لحجم الطرد ووزنِه والمسافةِ التي سيقطعُها. وفي الوقت نفسِه، يبحث الخبراء إمكانية توظيف تقنيات إنترنت الأشياء و"بلوكتشين" والمركبات ذاتية القيادة في منظومة البريد.

وحيث استعرضت خدمة البريد هذه التجربة في تقريرٍ مفصّل، فقد أوردت ما واجهها من تحديات، وهي تتعلّق بشكلٍ رئيسيٍّ بمحدودية التمويل وضعف الاستثمار في البحث والتطوير والبنى التحتية التكنولوجية، لا سيما بعد الإجراء الذي اتخذته الإدارة مؤخراً بتخفيض إنفاقِها الاستثماريّ، ما يقيِّد فرصَ المنافسة مع الشركات الخاصة التي تحظى بالأفضلية سلفاً كونها تحرّرت من عبء البيروقراطية، فهي – بخلاف خدمة البريد – لا تواجه التحدّيات التنظيمية التي تخوضها الهيئات الحكومية قبل اختبار المفاهيم الجديدة، والتي تؤخّر تطوير المنتجات ا لداخلية، وتعوق الاستثمار في التقنيات الناشئة وتطوير الخبرات المعلوماتية.

على أية حال، فإنّ هيئة البريد تحاول تحقيقَ الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة وتعزيزَ قدرتها على الابتكار عبر إجراء الاختبارات التشغيلية واختبارات السوق والتعاون مع الشركات الناشئة ونشر أوراق بحثية تدرس التقنيات الناشئة وتحلّل تأثيراتها المحتملة وإمكانيات تطبيقها.

من المأمول أن تؤدي هذه الجهود إلى تقديم خدمة أفضل للعملاء وتحقيق الكفاءة المادية وتقليص هامش الخطأ في منظومة تخدم الملايين عبر الولايات الأمريكية كلّ يوم.

المراجع:

https://www.cbsnews.com/news/postal-service-louis-dejoy-delivery-10-year-plan/
https://about.usps.com/newsroom/national-releases/2021/usps-delivering-for-america-plan-at-a-glance.pdf
https://www.uspsoig.gov/sites/default/files/document-library-files/2021/RISC-WP-21-007.pdf
https://blogs.nvidia.com/blog/2021/05/06/edge-ai-usps/
https://fedtechmagazine.com/article/2021/06/usps-uses-edge-ai-apps-help-track-down-missing-packages-faster
اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025

أعضاء على رقاقة … ثورة في اكتشافِ الأدوية والرعاية الصّحيّة

سعياً إلى توفير أدوية أكثر أماناً وفعالية، أثمرت جهود العلماء ابتكاراً سُمي "الأعضاء على الرقاقة"، يقوم على محاكاة العمليات الحيوية على مستوى خَلَويّ، ويَعِد بسدّ الفجوة بين النظرية العلاجية والتطبيق السريريّ.

 · · 30 ديسمبر 2024

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

 · · 30 ديسمبر 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right