لا يُمكن للمرء أن يصدق ما يسمعه في فيتنام إلّا إن يشاهده بعينه المجرّدة.

قرّرت الحكومة الفيتنامية ألّا تطلب قرضًا من البنك الدولي لتستخدمه في شراء مواردها، إلا إذا حصلت على دليل موثق بصورة رقمية، لا ورقية، يلتَقط باستخدام الهواتف الذكية، يثبت تأسيس بنية تحتية ملائمة للمياه الريفية وكذلك للصرف الصحي وأنها تعمل بطريقة صحيحة.

وقد أوضح برنامجان من أجل النتائج (PforRs) أجريا مؤخرًا أن الهدف من استخدام شبكات الهواتف الذكية هو التحقّق من النتائج.

فقد اعتمدت وسائل المراقبة والتقييم التقليدية على إرسال تقارير ورقية من الخطوط الأمامية إلى النظام الإداري، لكن استخدام الهواتف الذكية المتزامنة مع حلول الحوسبة السحابية، يتيح استخراج النتائج بسرعة للتحقّق من صحتها ويضفي نوعًا من الشفافية على حوكمتها، وكذلك من أجل اعطاءالأولوية لإجراءات الدعم عند الحاجة لها.

إن تحسين جودة المياه ومرافق الصرف الصحي يؤثر تأثيرًا كبيرًا في نوعية حياة المجتمع، وعند استخدام التمويل الحكومي  لدعم هاذين المحورين المهمّين، فكيف يمكن استخدام آلية قائمة على النتائج، بناءً على أدوات التحقّق الفعّالة المستخدمة، لتحفيز تحقيق هذه النتائج المنشودة والمضي قدمًا فيها؟

ما مبرّر استخدام الهواتف الذكية لفحص المراحيض وشبكات المياه؟

يمكن لفعل بسيط مثل التقاط صور رقمية للبنية التحتية الفعلية أن يولّد بدوره سلسلة فعّالة من الشفافية في التعامل والمساءلة من أجل إحداث تأثير أكبر في الدولة.

إن استخدام الهاتف الذكي باستمرار للتحقّق من البنية التحتية لشبكات المياه أو الصرف الصحي يساعد في تسليط ضوءٍ أقوى على المسألة.

فهل هناك قائمة مرجعية تشمل النقاط الصحية والإنشائية التي يجب التحقّق منها؟ من الممكن تقليل المخاطر وتعزيز فاعلية العمليات بالتشديد على سلامة الأداء الفعلي للنظام وليس فقط على طريقة تركيب البنية التحتية.

تعدّ عملية مُزامنة الهواتف الذكية مع الحوسبة السحابية عمليةً قابلة للقياس بدرجة كبيرة، إذ أن استخدام البرمجيات والتطبيقات المفتوحة أو التي تتطلّب اشتراكًا يعني أن هذه المنصّات يمكن تصميمها وفقًا لطبيعة المخاوف المحلية الرئيسية إلى جانب تهيئتها للتعامل مع أهم التحديات القائمة.

يجب أن تُركّز عملية جمع البيانات، خصوصًا جانبي التحليل والتصوّر المرئي منها، على الهدف الذي تسعى لتحقيقه.

ما الإجراءات التي اتخذت في هذا المجال؟

من أجل التحقّق من النتائج، يوظّف برنامج المياه الإقليمية والصرف الصحي الفيتنامي من أجل النتائج، منصّةً فريدة من نوعها قائمة على الحوسبة السحابية.

يمكن للمشاركين استخدام أنواع عديدة من الهواتف الذكية لإكمال التصوير بناءً على بروتوكول تحقّق بسيط لكن منهجي وواضح في الوقت نفسه.

وحتى إن كان التطبيق خارج تغطية الإنترنت، فإنه يعمل بشكل طبيعي لكنه يُزامن الصورة لاحقًا عند الاتصال بالإنترنت. تعتبر هذه المزايا هي الخصائص الأساسية الموجودة في جميع تطبيقات المستخدمين التي يستعملها ملايين الصغار والكبار في فيتنام.

أما داخل السحابة نفسها، توفر المنصّة مجموعة بسيطة من التحليلات السريعة، والتي يمكن تنفيذها عن بُعد من أي مكان في العالم.

وإذا أوضحت الصورة وجود أي مشكلة يُمكن بسرعة توجيه الموظفين الميدانيين لإجراء التحديثات اللازمة.

كيف يمكن تعميم استخدام هذا النوع من الأدوات والمنصّات؟

يشير السجل الخاص بعمليات التحقّق من نتائج تصوير البنية التحتية لشبكات المياه في فيتنام، الواردة من الهواتف الذكية، إلى وجود بعض المكوّنات الرئيسية في قياس حجم التحوّل الرقمي الذي تتبناه الحكومات، خاصة إذا كانت نقطة البداية ما تزال ترتكز على سياق العمليات والتوثيق الورقي.

غير أن الحكومات تميل أكثر إلى استخدام العمليات القائمة على الورق، فقد ألقى أحد الزملاء طُرفةً مفادها: "نحب آي بي إم لأن الاستخدام اليدوي أفضل من الآلي.

ويقصد المتحدث بكلمة "يدوي" أنها قائمة على الورق، حيث يرى بعض البيروقراطيين أن مسارات العمل الرقمي قد تعرقل الطرق التقليدية التي تتبعها الحكومة في ممارسة أعمالها.

وقد يُعزى جزء من هذه المقاومة للتغيير إلى مسألة الأمية الرقمية، لكنه يمكن أيضًا أن ينجم عن قلق البعض بأن التكنولوجيا ستستبدل الطرق التقليدية في إنجاز المهام الحكومية، بما في ذلك بعض حالات الفساد .

من أجل زيادة سرعة التحوّلات الرقمية، فكّر بالآتي:

• تقدّم المنصات القائمة على الحوسبة السحابية وتقنيات الخدمات حاليًا خيارات عدّة لتنفيذ عمليات التحوّل بسرعة وبصورة ناجحة، لكن حتى عند إخفاقها، فهي تفشل بتكلفة أقل من الاستثمار في أنظمة المراقبة والتقييم التقليدية والمعدات الحاسوبية.
• تتيح عمليات التنفيذ السحابية لتصاميم المنصّات أن تركّز على قياسات النتائج الواضحة والحرص على أن تكون البيانات متوافقة بشكل صحيح مع مسارات العمل الرقمية بهدف تجميع مجموعة من القياسات المهمّة، وذلك بدلاً من بدء التصميم من مشاريع أنظمة مراقبة وتقييم مشتّتة.
• تتيح المنصّات القائمة على الحوسبة السحابية والمكتبات والخدمات "المعيارية" للحكومات التركيز على تصميم تجارب أفضل وأبسط، بما في ذلك إجراء التجارب والاختبارات السريعة.
• إن البيانات التي تولّدها الهواتف الذكية، وغيرها من المصادر مماثلة، يمكن التحقّق منها بسرعة، كما يمكن استغلالها بشكل أكبر في تحليل البيانات وتصوّرها، عبر وضعها مثلاً مع بيانات الأقمار الصناعية.

ضمن إطار الثقافات التي تعتمد العمليات الورقية، لطالما افتقرت تكنولوجيا المعلومات إلى هدف واضح، ولطالما كانت تصاميمها غير متمحورة حول المستخدم.

ولذلك، يكون تصميم معظم التطبيقات في نهاية المطاف غير متقن، بدلاً من التركيز على المزايا المتطوّرة المهمّة، والمتمثلة في تحديد الأمور التي يجب على الموظفين الميدانيين التقاط صور لها وتقديمها.

تُصمَّم أنظمة المراقبة والتقييم بهدف تلبية احتياجات المشاريع الفردية، ومنحها شعورًا بالامتثال الكامل من أجل تنفيذها.

السؤال الذي يجب أن نطرحه هو الآتي: أيٌ من ابتكارات التصميم يمكنها توليد آراء وتعليقات ثنائية متبادلة بشكل أفضل؟ بالنظر إلى تكنولوجيا مثل  الاستشارات الطبية عن بُعد (telemedicine)، هل يمكن للصورة التي تلتقطها الهواتف الذكية أن تقدّم رؤى واضحة من موارد رئيسية بناءً على هذه الصور الملتقطة، وذلك بدلاً من تراكم المزيد من البيانات، والتي غالبًا ما تكون غير مدروسة جيدًا من خلال المؤشرات؟

لا يزال استخدام الأدلة الورقية خيارًا مفضلاً في إطار عمل السياسات والأنظمة، فيما تشدد الحكومة أو شركاء التطوير على أهمية تخفيف عبء رفع التقارير من المستويات المحلية بشكل جذري.

ولذلك، غالبًا ما ينتج بيانات إضافية، لكنها تكون ذات جودة وقيمة منخفضة إلى حدٍّ هائل. كما يجري عادة إهمال القيام بالمزيد من التحليل والتصوّر المرئي، ما يعزّز الشعور بأن البيانات تعدّ أداة شكلية وليست قوية وفي غاية الأهمية.

لكن في نهاية المطاف، علينا أن نصدق ما نراه فقط؛ إذ من خلال قيادة عملية تصميم تطبيقات رقمية أكثر مرونة، سيصبح التحوّل الرقمي واسع الانتشار هو الواقع الجديد الذي تتبناه الحكومات.

صرف صحي أفضل من أجل المستقبل

إن إدراكنا لأهمية إحراز تقدّم أفضل في توفير خدمات المياه والصرف الصحي ما هو إلا رحلة من استثمارات ذكية وتغييرات في سلوكيات الأطراف المعنية، إلا أن الرؤى الرقمية تساعدنا بشكل متزايد على تعزيز التقدّم بهذا الاتجاه.

وكما رأينا في فيتنام، فإن مجرد تصوير البنى التحتية للصرف الصحي في الدولة باستخدام الهواتف الذكية شكّل قفزة أولية هائلة.

المصدر: كتب هذه المقالة كلُّ من كاي كايزر وليليان بينا بيريرا وايس. نُشرَ المقال الأصلي من قبل البنك الدولي.