طرق من البلاستيك المعاد تصنيعه للتغلب على التغيّر المناخي في المكسيك

طرق من البلاستيك المعاد تصنيعه للتغلب على التغيّر المناخي في المكسيك

1 دقيقة قراءة
في محاولةٍ لمواجهة هذه التحديات، قامت كلّ من الأمانة العامة للتنقل والأمانة العامة للبيئة في مدينة مكسيكو بالتعاون مع القطاع الخاص بتنفيذ مشروع تجريبي يستخدم نموذجاً لصنع الطرقات يعتمد على إعادة تدوير النفايات البلاستيكية. فكانت النتيجة بناء مسار للدرّاجات الهوائية في غابة "شابولتبيك"، مصنوع من نفاياتّ بلاستيكية معادة التصنيع تعادل بكميتها نصف مليون غطاء من العبوات البلاستيكية. ويهدف هذا المشروع المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص إلى تقديم حلّ يسمح بتخزين المياه وتصريفها بشكل أكثر استدامة، فضلاً عن العمل على تحديث البنية التحتية لتصريف المياه في المدينة، خصوصاً أنّ بنيتها التحتية قد باتت قديمةً ومتهالكةً.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

مع ازدياد عدد السكّان في العالم، وتفاقم الأثر البيئي للتلوّث، لا سيما الناجم عن النفايات البلاستيكية، ومع تداعيات تغيّر المناخ، تواجه مدن عدّة تحديات تتمثل في شحّ مياه الشرب النظيفة، الأمر الذي يتطلب وضع حلول مبتكرة من قبل الجهات المعنية. وفي أحدث الجهود الهادفة إلى التصدي لتبعات تغير المناخ، أنشأت مدينة مكسيكو مساراً للدرّاجات الهوائية في غابة "شابولتبيك"، أحد أكبر الحدائق العامة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، كأحد الحلول المؤقتة لتخزين المياه وتصريفها في المدينة، ولدفع البلاد نحو بلوغ الأهداف المناخية التي تسعى لتحقيقها.

تواجه مدينة مكسيكو، عاصمة المكسيك، ومحيطها نقصاً في مياه الشرب ناتج عن عوامل عديدة، من أهمها الكثافة السكانية التي تعاني منها المدينة، مع تجاوز عدد سكانها 22 مليون نسمة. وما يزيد من حدة هذه التحديات ضعف البنية التحية لتصريف وإدارة المياه الناتجة عن هطول الأمطار الغزيرة التي زادت بمستوياتها السنوية عن 2,1 مليار قدم مكعّب، بالإضافة إلى تلوث مصادر المياه الطبيعية بالنفايات البلاستيكية. كل هذه العوامل تؤدي إلى شحّ في مياه الشرب في مدينة مكسيكو، ما ينعكس سلبياً على صحة وجودة حياة السكان.

وفي محاولةٍ لمواجهة هذه التحديات، قامت كلّ من الأمانة العامة للتنقل والأمانة العامة للبيئة في مدينة مكسيكو بالتعاون مع القطاع الخاص بتنفيذ مشروع تجريبي يستخدم نموذجاً لصنع الطرقات يعتمد على إعادة تدوير النفايات البلاستيكية. فكانت النتيجة بناء مسار للدرّاجات الهوائية في غابة "شابولتبيك"، مصنوع من نفاياتّ بلاستيكية معادة التصنيع تعادل بكميتها نصف مليون غطاء من العبوات البلاستيكية. ويهدف هذا المشروع المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص إلى تقديم حلّ يسمح بتخزين المياه وتصريفها بشكل أكثر استدامة، فضلاً عن العمل على تحديث البنية التحتية لتصريف المياه في المدينة، خصوصاً أنّ بنيتها التحتية قد باتت قديمةً ومتهالكةً.

وتندرج هذه المبادرة أيضاً في سياق البرنامج البيئي الذي كشفت عنه عاصمة المكسيك قبل نحو سنتين والهادف إلى التكيّف مع تغيّر المناخ وتحسين الظروف البيئية في المدينة. في موقع المشروع، تمتد غابة "شابولتبيك" على مساحة ضخمة نسبياً تفوق 686 هكتاراً من الأراضي الطبيعية المتاحة للعامة، لذا يعد إنشاء هذا المسار الصديق بالبيئة خطوة استراتيجية نحو انتقال المدينة تدريجياً إلى التنقّل المستدام.

يتميّز مسار الدراجات المستحدث ببنية خفيفة الوزن وسهلة التركيب، تعمل على توجيه مياه الأمطار إلى باطن الأرض، حيث يتكون المسار من عدّة كتل متراكبة ذات ثلاث عناصر رئيسية، وهي الكتلة السطحية، والبنية الداعمة، ومخازن مخصصة لمياه الأمطار. وتسمح البنية الداخلية لهذه الكتل الثلاث المزوّدة بتجاويف خاصة، بتخزين فائض مياه الأمطار، ومن ثم إطلاقها تدريجياً إلى التربة، ما يؤدي إلى المساهمة في دعم إدارة المياه المستدامة، عوضاً عن هدر مياه الأمطار في المصارف الصحية. وتصل سعة المخازن المخصصة للمياه ضمن المسار حتى 300 ليتر لكل متر مربع واحد، أي أنّها قادرة على استيعاب سقوط أمطار غزيرة يصل إلى 100 ملم في الساعة، ويمكن أن تضاف إلى هذه المخازن أجهزة استشعار تسمح بالكشف المبكر عن الفيضانات في المستقبل.

أحد أهم المخاوف التي راودت القائمين على هذا المشروع هو إمكانية تحلل الكتل البلاستيكية في المسار وبالتالي إطلاق جسيمات بلاستيكية في الهواء وعبر مياه الأمطار المخزنة. ولهذا السبب تم تزويد المسار بسطح عازل يشابه في تركيبته الأسطح المستخدمة على الجسور لحماية العناصر البلاستيكية من الاتصال المباشر بحركة المرور على المسار وأشعة الشمس. من جهةٍ أخرى، لا يتطلب هذا المسار أعمال صيانة مكلفة أو معقدة، وفي حال وجود عطل ما أو الحاجة إلى القيام بأعمال صيانة ضمن التمديدات الموجودة تحت المسار كأنابيب الصرف الصحي وغيرها، سيتمكن فرق الصيانة من تفكيك الكتل المتضررة وإعادة تركيبها بسهولة.

يشكّل مسار غابة "شابولتبيك" للدراجات الهوائية خطوة إيجابية نحو مستقبل قادر على التصدي للتحديات التي يطرحها تغير المناخ. حيث تعدّ المكسيك مثلاً الدولة العاشرة عالمياً من حيث حجم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن تزداد تلك الانبعاثات بنسبة 75% بحلول العام 2050 مع استمرار اقتصاد الدولة في النموّ. وفيما تعهّدت المكسيك بالعمل على خفض هذه الانبعاثات بنسبةٍ تتراوح من 22% إلى 36% بحلول العام 2030، كجزء من التزامها باتفاق باريس للمناخ، تشير المؤشرات الدولية إلى أن المكسيك بحاجة لبذل جهود مكثفة لتحقيق هذه الأهداف. ويطرح مسار غابة "شابولتبيك" مثالاً على الابتكار الهادف إلى التخفيف من آثار التغيّر المناخي السلبية لا سيما في المناطق التي تعاني من مواسم أمطار غزيرة متبوعة بفترات جفاف، فضلاً عن مساهمته في إعادة تصنيع النفايات البلاستيكية.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024

الولايات المتحدة تعتمد الأتمتة لتسريع مشاريع الطاقة الشمسية

لحثِّ الخطى صوب الحياد المناخي، الهدف المرجو لمنتصف القرن الحادي والعشرين، ابتكرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وسيلةً جديدةً لتخفيف عبء البيروقراطية عن أصحاب مشاريع الطاقة المتجددة، الشمسية على وجه الخصوص، عبر منصةٍ إلكترونية تدرس خطة المشروع وتمنحه التصريح القانوني تلقائياً، فتختصر وقت المعاملات من أسابيع إلى دقائق.

 · · 22 يناير 2024

اليابان تعلّق آمالها على الهيدروجين لمستقبل أخضر

رسمت اليابان أهدافاً طموحةٍ لمستقبلٍ محايدٍ لمستويات الكربون، فوضعت الاستراتيجية الوطنية الساعية إلى مجتمعٍ قائمٍ على الهيدروجين وبشكلٍ مجدٍ اقتصادياً، فافتتحت محطة عالمية للهيدروجين الأخضر، وأطلقت أولى سفن نقل الهيدروجين المسال، وصمّمت سياسات الدعم الحكوميّ وعقدت الشراكات الدوليّة لبلوغ رؤية العام 2050. عقب الإجماع العالميّ على هدف مواجهة تغيّر المناخ وتحقيق الحياد الكربونيّ، تخرج الحكومات […]

 · · 22 يناير 2024

إندونيسيا تضع البيانات الصحية في متناول أيدي مواطنيها

على خطى التجارب الرقمية الناجحة للدول الأخرى، تعمل إندونيسيا على إنشاء سجلّ صحيّ إلكترونيّ موحّد يتضمّن التاريخ الطبيّ لكلِّ مواطنٍ على حدة، ويتيح مشاركة المعلومات بين المرافق الصحية بسهولة والرجوع إليها وتحديثها في أيّ وقت.

 · · 1 نوفمبر 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right