روبوتات ذاتية القيادة لتنظيف الشوارع في هلسنكي

روبوتات ذاتية القيادة لتنظيف الشوارع في هلسنكي

1 دقيقة قراءة
نجحت بلدية العاصمة الفنلندية هلسنكي في عمل تجربة فريدة في إحدى مناطقها، لتنظيف الشوارع والأزقة باستخدام روبوتٍ ذاتي القيادة لتنظيف الشوارع، يعمل آلياً دون الحاجة إلى تحكّم بشري. حيث سعت التجربة إلى تحرّي سبل قيام بلدية المدينة بتنظيف الطرقات في مناطقها السكنية عبر أساليب مستحدثة لا تستهلك الكثير من الطاقة ولا تتسبب بإزعاج السكان أو […]
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

نجحت بلدية العاصمة الفنلندية هلسنكي في عمل تجربة فريدة في إحدى مناطقها، لتنظيف الشوارع والأزقة باستخدام روبوتٍ ذاتي القيادة لتنظيف الشوارع، يعمل آلياً دون الحاجة إلى تحكّم بشري. حيث سعت التجربة إلى تحرّي سبل قيام بلدية المدينة بتنظيف الطرقات في مناطقها السكنية عبر أساليب مستحدثة لا تستهلك الكثير من الطاقة ولا تتسبب بإزعاج السكان أو تعرقل حركة السير.

مرّت عمليات تنظيف الشوارع بمراحل مختلفة من التطور التقني متجهةً تدريجياً نحو الأتمتة، حيث انتقلت من استخدام عربات رش المياه الغزيرة لتنظيف الشوارع، والاعتماد على عمال النظافة لجمع القمامة إلى عربات متعددة الوظائف تختصر عدد العمال. وتستعين حالياً الكثير من بلديّات المدن حول العالم، وخصوصاً في أوروبا، بعربات تنظيف الشوارع المجهّزة بمرشّات للمياه ومكانس دائرية خشنة في أسفلها، لتنظف الشارع وإزالة الغبار والتقاط القمامة، مع نثر بعض المياه في الوقت نفسه، كي لا يتصاعد الغبار. وتعمل هذه العربات في المساء غالباً كي لا تعرقل حركة سير السيارات نهاراً، وتحتاج في العادة إلى وجود سائق لقيادتها.

ولكن بالرغم من أن هذه العربات حققت في الماضي نقلة نوعية في رفع جودة العمل وخفض التكلفة، برزت من خلالها بعض التحديات التي بدأت البلديات بملاحظتها خصوصاً في مدينة مثل هلسنكي التي يُنظر إليها عالمياً على أنها رائدة في حركة المرور الذكية. فعربات كنس الشوارع المستخدمة في المدينة تُنتج انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الأحياء والأزقة التي تسير فيها، الأمر الذي لا يتناسب مع أهداف المدينة التي تسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني [LZ1] بحلول العام 2035، كما أنها تتسبب في إزعاج السكان جرّاء ما تحدثه من ضوضاء، فضلاً عن أنها تعرقل حركة السير لبطء حركتها بالنسبة للسيارات والمركبات.

وبغية التغلب على هذه التحديات، قامت بلدية هلسنكي بالتعاون مع شركة من القطاع الخاص بتجربة قيام الروبوتات بتنظيف الشوارع آلياً كحل مبتكر يلبّي الحاجة إلى جيل جديد من عربات كنس الشوارع. واعتمدت تجربة بلدية هلسنكي على روبوت أُطلق عليه اسم "ترومبيا فري" (Trombia Free)، الذي يعدّ أول عربة كنس شوارع تعمل بالطاقة الكهربائية وذاتية القيادة في العالم.

يشبه "ترومبيا فري" في الشكل آلة قطع عشب كبيرة الحجم، أو مكنسة كهربائية آلية. ويبلغ طوله حوالي 3.52 متراً وعرضه 2.3 متراً، مع قناتين للتصريف، ويتوسع عرضاً ليصل إلى حوالي 3 أمتار. ويتميز روبوت التنظيف هذا بتقنيات تساعده على التنقل في أي طقس، ليلاً ونهاراً، باستقلالية تامة، على الرغم من أن بلدية هلسنكي حرصت في التجارب على أن يرافقه موظف يراقب عمله. ويعتمد الروبوت على تقنية "ليدار" (LiDAR) التي تُمكنه من تجنب العقبات في الشوارع من تلقاء نفسه، بحيث تقيس مستشعرات أنظمة "ليدار" الوقت الذي تستغرقه أشعة الليزر من لحظة إطلاقها إلى لحظة عودتها إلى المستشعر بعد انعكاسها على السيارات وإشارات المرور.

وللتحقق من مدى ملاءمة هذا الحل للمدينة، تمحورت التجربة حول اختبار ثلاث نقاط أساسية، وهي مستوى انبعاثات الكربون الناتجة عن الروبوت، الضوضاء التي يحدثها، ومدى تسببه في عرقلة السير. واختيرت لهذا الغرض منطقة ميناء سابق أعيد تطويرها كأرض اختبار تستخدمها الشركات لتجربة خدمات وتقنيات جديدة في بيئة حضرية مناسبة. كما تم اختبار أداء الروبوت في الشوارع الرئيسية ضمن المنطقة، وكذلك في مسار للدراجات فيها. وقد شاركت في التجربة "دائرة الخدمات الإنشائية" في بلدية هلسنكي (Stara)، التي تتخصص في مجال البناء والإدارة البيئية والخدمات اللوجستية، بهدف الاستفادة من الرقمنة والروبوتات لتعزيز الإنتاجية ولتوفير الراحة لسكانها في المدينة.

توصلت بلدية هلسنكي إلى عدة ملاحظات على أداء روبوت كنس الشوارع المستحدث، ومنها أن هذه الروبوتات تتميز بأداء هادئ للغاية وصوت منخفض مقارنةً بعربات كنس الشوارع المستخدمة حالياً، مما يسمح للبلدية باستخدامها ليلاً لتجنب عرقلة حركة المرور. ولكن المكسب الأكبر للمدينة تمثل في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن عملية تنظيف الشوارع، حيث تستهلك هذه الروبوتات 15% فقط من الطاقة التي تتطلبها عربات التنظيف التقليدية، كما أنها لا تستهلك سوى جزء بسيط من كمية المياه التي تستخدمها العربات التقليدية.

وبناء على النتائج الإيجابية التي توصلت إليها المدينة من جهة والمزايا الاقتصادية التي توفرها روبوتات كنس الشوارع من جهة أخرى، يتوقع القائمون على هذا المشروع أن تلاقي هذه الروبوتات رواجاً في المستقبل في مدينة هلسنكي، وربما في مدن فنلندية أخرى.

المراجع:

نجحت بلدية العاصمة الفنلندية هلسنكي في عمل تجربة فريدة في إحدى مناطقها، لتنظيف الشوارع والأزقة باستخدام روبوتٍ ذاتي القيادة لتنظيف الشوارع، يعمل آلياً دون الحاجة إلى تحكّم بشري. حيث سعت التجربة إلى تحرّي سبل قيام بلدية المدينة بتنظيف الطرقات في مناطقها السكنية عبر أساليب مستحدثة لا تستهلك الكثير من الطاقة ولا تتسبب بإزعاج السكان أو تعرقل حركة السير.

مرّت عمليات تنظيف الشوارع بمراحل مختلفة من التطور التقني متجهةً تدريجياً نحو الأتمتة، حيث انتقلت من استخدام عربات رش المياه الغزيرة لتنظيف الشوارع، والاعتماد على عمال النظافة لجمع القمامة إلى عربات متعددة الوظائف تختصر عدد العمال. وتستعين حالياً الكثير من بلديّات المدن حول العالم، وخصوصاً في أوروبا، بعربات تنظيف الشوارع المجهّزة بمرشّات للمياه ومكانس دائرية خشنة في أسفلها، لتنظف الشارع وإزالة الغبار والتقاط القمامة، مع نثر بعض المياه في الوقت نفسه، كي لا يتصاعد الغبار. وتعمل هذه العربات في المساء غالباً كي لا تعرقل حركة سير السيارات نهاراً، وتحتاج في العادة إلى وجود سائق لقيادتها.

ولكن بالرغم من أن هذه العربات حققت في الماضي نقلة نوعية في رفع جودة العمل وخفض التكلفة، برزت من خلالها بعض التحديات التي بدأت البلديات بملاحظتها خصوصاً في مدينة مثل هلسنكي التي يُنظر إليها عالمياً على أنها رائدة في حركة المرور الذكية. فعربات كنس الشوارع المستخدمة في المدينة تُنتج انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الأحياء والأزقة التي تسير فيها، الأمر الذي لا يتناسب مع أهداف المدينة التي تسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني [LZ1] بحلول العام 2035، كما أنها تتسبب في إزعاج السكان جرّاء ما تحدثه من ضوضاء، فضلاً عن أنها تعرقل حركة السير لبطء حركتها بالنسبة للسيارات والمركبات.

وبغية التغلب على هذه التحديات، قامت بلدية هلسنكي بالتعاون مع شركة من القطاع الخاص بتجربة قيام الروبوتات بتنظيف الشوارع آلياً كحل مبتكر يلبّي الحاجة إلى جيل جديد من عربات كنس الشوارع. واعتمدت تجربة بلدية هلسنكي على روبوت أُطلق عليه اسم "ترومبيا فري" (Trombia Free)، الذي يعدّ أول عربة كنس شوارع تعمل بالطاقة الكهربائية وذاتية القيادة في العالم.

يشبه "ترومبيا فري" في الشكل آلة قطع عشب كبيرة الحجم، أو مكنسة كهربائية آلية. ويبلغ طوله حوالي 3.52 متراً وعرضه 2.3 متراً، مع قناتين للتصريف، ويتوسع عرضاً ليصل إلى حوالي 3 أمتار. ويتميز روبوت التنظيف هذا بتقنيات تساعده على التنقل في أي طقس، ليلاً ونهاراً، باستقلالية تامة، على الرغم من أن بلدية هلسنكي حرصت في التجارب على أن يرافقه موظف يراقب عمله. ويعتمد الروبوت على تقنية "ليدار" (LiDAR) التي تُمكنه من تجنب العقبات في الشوارع من تلقاء نفسه، بحيث تقيس مستشعرات أنظمة "ليدار" الوقت الذي تستغرقه أشعة الليزر من لحظة إطلاقها إلى لحظة عودتها إلى المستشعر بعد انعكاسها على السيارات وإشارات المرور.

وللتحقق من مدى ملاءمة هذا الحل للمدينة، تمحورت التجربة حول اختبار ثلاث نقاط أساسية، وهي مستوى انبعاثات الكربون الناتجة عن الروبوت، الضوضاء التي يحدثها، ومدى تسببه في عرقلة السير. واختيرت لهذا الغرض منطقة ميناء سابق أعيد تطويرها كأرض اختبار تستخدمها الشركات لتجربة خدمات وتقنيات جديدة في بيئة حضرية مناسبة. كما تم اختبار أداء الروبوت في الشوارع الرئيسية ضمن المنطقة، وكذلك في مسار للدراجات فيها. وقد شاركت في التجربة "دائرة الخدمات الإنشائية" في بلدية هلسنكي (Stara)، التي تتخصص في مجال البناء والإدارة البيئية والخدمات اللوجستية، بهدف الاستفادة من الرقمنة والروبوتات لتعزيز الإنتاجية ولتوفير الراحة لسكانها في المدينة.

توصلت بلدية هلسنكي إلى عدة ملاحظات على أداء روبوت كنس الشوارع المستحدث، ومنها أن هذه الروبوتات تتميز بأداء هادئ للغاية وصوت منخفض مقارنةً بعربات كنس الشوارع المستخدمة حالياً، مما يسمح للبلدية باستخدامها ليلاً لتجنب عرقلة حركة المرور. ولكن المكسب الأكبر للمدينة تمثل في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن عملية تنظيف الشوارع، حيث تستهلك هذه الروبوتات 15% فقط من الطاقة التي تتطلبها عربات التنظيف التقليدية، كما أنها لا تستهلك سوى جزء بسيط من كمية المياه التي تستخدمها العربات التقليدية.

وبناء على النتائج الإيجابية التي توصلت إليها المدينة من جهة والمزايا الاقتصادية التي توفرها روبوتات كنس الشوارع من جهة أخرى، يتوقع القائمون على هذا المشروع أن تلاقي هذه الروبوتات رواجاً في المستقبل في مدينة هلسنكي، وربما في مدن فنلندية أخرى.

المراجع:


 [LZ1]Carbon neutral:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

سيؤول تطمح أن تكون مدينة الروبوتات العالمية

أمام ظاهرة شيخوخة السكان وانكماش الفئة العاملة، تتوجه حكومة العاصمة الكورية، سيؤول، إلى الروبوتات لسدّ فجوة العرض والطلب في الاقتصاد المحلي، فبدأت بتوظيف الروبوتات لتقديم الخدمات ودعم مشاريع مطوِّريها وإنشاء مركزٍ بحثيٍّ متخصِّصٍ لإجراء التجارب، لتكون بهذا مثالاً لدولةٍ تسخّر التكنولوجيا للتغلب على تحديات صعبة في رأس مالها البشري. غالباً ما تنتج أفضل الابتكارات عن […]

 · · 21 أبريل 2024

فرنسا تقدم علامة وطنية لمكافحة هدر الطعام

بدافع الالتزام البيئيّ والمسؤولية الاجتماعية، تسعى الحكومة الفرنسية لاحتواء ظاهرة هدر الغذاء عبر تثقيف المستهلكين بوصفهم مفتاح حلّ المعادلة، وسنّ قوانين تلزم المؤسسات بالتبرّع بالأغذية الفائضة، ومنح العلامة الوطنية للجهات التي تبذل جهداً أكثر تفانياً في رحلة مكافحة الهدر.

 · · 21 أبريل 2024

سنغافورة تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي

كشفت السلطات في سنغافورة عن تطويرها لإطار عمل ومجموعة أدوات اختبار مبتكرة تساعد الشركات في مختلف القطاعات على تعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي.

 · · 29 يناير 2024

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right