هيئات الخدمات البريدية بروسيا تستخدم الروبوتات في فرز الطرود وإيصالها

هيئات الخدمات البريدية بروسيا تستخدم الروبوتات في فرز الطرود وإيصالها

1 دقيقة قراءة
قطعت التكنولوجيا شوطاً هائلاً فزادت المهام التي تستطيع الآلة تأديتَها، حقيقةٌ تستفيد منها مؤسسات الخدمات البريدية حول العالم فتسعى لجعل الروبوتات جزءاً من الطواقم العاملة على فرز الطرود وتسليمها، وذلك لتوفير الوقت والجهد وتقليص هامش الخطأ.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

قطعت التكنولوجيا شوطاً هائلاً فزادت المهام التي تستطيع الآلة تأديتَها، حقيقةٌ تستفيد منها مؤسسات الخدمات البريدية حول العالم فتسعى لجعل الروبوتات جزءاً من الطواقم العاملة على فرز الطرود وتسليمها، وذلك لتوفير الوقت والجهد وتقليص هامش الخطأ.

ألهمت فكرة توصيل الرسالة ومهنة ساعي البريد عشرات وربما مئات المبدعين الذين تخيلوا قصصاً تبدأ أو تنتهي في مكاتب البريد، لكنّهم على الأرجح لم يتخيّلوا أن تصل التكنولوجيا إلى حيث يكون أبطالُ هذه القصص رجالاً آليين.

تعيش كلٌّ من اليونان وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والنرويج بعضاً من هذه القصص، حيث تعاني هيئاتُها البريدية العديد من أوجه القصور التشغيلية، خاصةً وأنّ فرز الطرود يتم يدوياً ضمن عمليةٍ تستغرق الكثير من الوقت والجهد وتتسم بهامش خطأٍ كبير وتأخيرٍ في تسليمها للعملاء وتكبيد مقدِّمي الخدمات خسائر كبيرة، وهذا يعوق تقديمَ خدمةٍ حيويةٍ يتزايد الطلب عليها مع تكريس توجُّه التسوّق عبر الإنترنت الذي أصبح الآن سلوكاً راسخاً في عالم ما بعد الجائحة.

لإحداث تغييرٍ جذريّ، تستخدم بعضٌ من مراكز البريد أجهزةً تُعرف بـ"الروبوتات المتنقّلة ذاتية التحكم"، وهي تستخدم أجهزة الاستشعار وتقنيات الملاحة لدراسة البيئة المحيطة لنقل الأشياء ضمن مساحة مفتوحة دون تدخّل بشريّ.

في اليونان، رفدَ مركز هيلينِك البريديّ في العاصمة أثينا، فريقَه بـ55 روبوتاً صغيراً رباعيّ العجلات يعمل بالذكاء الاصطناعيّ ومزوَّدٍ ببطارياتٍ يتم شحنُها لمدة 5 دقائق لكي تزوِّد الروبوت بالطاقة الكافية للعمل 4 ساعاتٍ متواصلة.

لكي تعرف إلى أين ستتجه، تقوم الروبوتات بمسح الرمز البريديّ وتحديد وزن الطرد لتوصله إلى الفئة المناسبة من بين عدة خيارات موزّعةٍ على منصة كبيرة. وفق هذه الآلية، تستطيع الروبوتات التعاملَ مع 168 ألف طردٍ يومياً بأوزانٍ تصل إلى 15 كيلوغرام.

ليست هذه التجربةَ الأولى من نوعها بالطبع، إذ تبدو هذه التقنية حاضرةً في مراكز البريد في مناطق مختلفةٍ من العالم، حيث تعمل على فرزِ الطرود وإيصالها في العديد من الدول المتقدّمة حول العالم.

في ألمانيا، أطلقت هيئة الخدمات البريدية في بلدة هيرسفيلد تجربةً مميزةً حيث ترافق الروبوتات عمال التوصيل في جولاتهم وتساعدهم على حمل الطرود الثقيلة. وقد تمت برمجة هذه الروبوتات بحيث تحاكي في حركتها وتيرةَ ساعي البريد وتستطيع أن تدرك توقُّفَه أو زيادة سرعته لتفعل بالمثل، بينما تحمل أوزاناً تصل إلى 150 كيلوغرام، وهي قادرةٌ على تفادي العقبات واجتياز المطبات والعمل في مختلف الظروف الجوية.

في الولايات المتحدة الأمريكية، أطلقت هيئة الخدمات البريدية في العام 2018 برنامجاً تجريبياً شاملاً للاستعانة بالروبوتات في إنجاز المهام الرتيبة والمستعجَلة خلال ساعات الذروة ضمن استثمارٍ سيستمرّ لعقدٍ من الزمن بميزانيةٍ تفوق 40 مليار دولار.

على سبيل المثال، احتضنت ولاية فلوريدا تجربتَين في كلٍّ من أورلاندو وتامبا، حيث تعمل الروبوتات مع العمال الذين يفحصون الطرود عبر الماسح الضوئيّ لإدخال معلوماتها إلى الحاسوب، ليقومَ بتوجيه الروبوتات إلى الصناديق الصحيحة، وهناك، ينتظر عمال آخرون إيصالها إلى وجهاتها.

بالمثل، تعاونت هيئة البريد الحكومية بروسيا مع شركة خاصة للبدء بإدماج الروبوتات ضمن منظومتها التي تشمل 38 ألف مركزٍ تتعامل مع أكثر من 108 مليون طردٍ كلّ عام. وسيستهدف المشروع بدايةً 27 مكتباً بريدياً في العاصمة موسكو، حيث سيعمل 36 روبوتاً على إيصال الطرود إلى المناطق القريبة مع ترك الخيار في أيدي متلقّيها وتمكينِهم من متابعة مسار الطرد باستخدام رمز تحقُّقٍ خاص.

أما النرويج، فقد اجتازت عتبةً أخرى، حيث موّلت وزارة النقل والاتصالات تطويرَ روبوتٍ مستقلٍّ لتسليم الطرود إلى وجهاتها خارج ساعات العمل. مرّ هذا البرنامج بسلسلةٍ من الاختبارات التي بيّنت أنه سيواجه تحدياتٍ كثيرةً أبرزُها الحاجة إلى برامج توجيهيةٍ ذكيةٍ عالية التقنية تمكّن الروبوتات من التنقّل بين الناس في البيئات الحضرية بسلاسةٍ وأمانٍ ودون معين. وهذا أمرٌ صعب، إذ لا يمكن التكهّن بسلوكيات الناس جميعاً، ولا استبعادُ النزعات التخريبية التي قد تظهر لدى بعضهم، كما ينبغي أن تُبرمج الروبوتات للتعرّف على كل العناصر التي قد تصادفها في شارعٍ عاديّ كأعمدة الإنارة وإشارات المرور والأرصفة، ولا بدّ من وسائل لتمكينها من العمل في الظروف الجوية القاسية وشقَ طريقها على الجليد أو تحت الثلوج.

أمام كلّ هذه التحديات، من المُستبعَد أن تعمل هذه الابتكارات في مناطق مكتظةٍ قبل أن تحقّق أعلى نسبةٍ ممكنةٍ من الفاعلية في أداء الوظائف البشرية. وحتى ذلك الوقت، يجادل البعض بأنّها ستحتاج ممراتٍ خاصةً بها لحمايتها من العوامل الخارجية، وخاصةً في مراكز المدن الكبرى.

يتخوّف معارضو هذه التقنية من أن تحلّ الروبوتات محلّ البشر وتؤثّر على فرص العمل، لكنّ الشركات المطوِّرة تتمسك بالقول إنّ رؤيتها هي إدخال عنصرٍ مكمِّل للجهد البشري وليس بديلاً عنه. إذ تستطيع بعض نُسَخ هذه الروبوتات العملَ في ظروف الطقس الشديدة من الحرارة المرتفعة إلى البرد القارس.

في اليونان، تتولّى الروبوتات اليومَ 80% من عمليات فرز الطرود لتجعلَ العمليات أسرعَ بـ3 مرات، وهذا يعني ضمان تسليم الطرود في اليوم التالي لإرسالها.

فيما تفرز الروبوتات في التجربة الأمريكية ما يصل إلى 3500 طردٍ يومياً خلال أوقات الذروة، فتخفّف العبء عن العمال.

أما في العاصمة النرويجية أوسلو، فتأمل السلطات أن تساعدها تجربة الروبوتات في استكشاف آفاق زيادة الاستدامة والكفاءة في سلاسل التوريد اللوجستية.

وعموماً، تَعِد هذه التطبيقات بفتح الآفاق لخدماتٍ جديدةٍ وخدماتٍ مُحسَّنةٍ في مجال التوصيل.

المراجع:

https://www.weforum.org/agenda/2021/10/robots-greeces-postal-service-ai#:~:text=They%20scan%20the%20postal%20code,four%20hours%20for%205%20minutes.

https://www.reuters.com/article/us-deutsche-post-robot-idUSKBN1C9213

https://www.mynews13.com/fl/orlando/news/2021/12/23/usps-uses-robots-to-deliver-the-holidays#

https://www.computerweekly.com/news/252450906/Postal-delivery-robots-trialled-in-Norway

https://www.reuters.com/technology/robot-mail-russian-post-teams-up-with-yandex-deliver-parcels-moscow-2021-10-25/

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

المستشعِرات الحيوية … البيولوجيا ترصد البيولوجيا

في سعي العلم الدائم وراء الدقة والمعرفة الأعمق، تبرز المستشعِرات الحيوية بوصفها أجهزةً تحليليةً متطوّرةً تجمع بين عناصر الاستشعار البيولوجية ومحوّلات الطاقة لرصد المواد وقياسها، فتبشِّر بتغيير قواعد اللعبة في مجالاتٍ كالرعاية الصحية والمراقبة البيئية وسلامة الأغذية.

 · · 18 يونيو 2025

الدماغ الفائق … ابتكارٌ يبصرُ به المكفوفون

ضمن قفزةٍ رائدةٍ في تقنية المُعينات، طوّرت شركة "سيفِن سينس" من مقرِّها في إستونيا جهاز "الدماغ الفائق"، الذي يسمح لضعيفي البصر والمحرومين منه بـ "الرؤية" من خلال حاسة اللمس، باستخدام التقنيات المتقدّمة التي ترسم صورةً ذهنيةً للواقع فتطرح معايير جديدةً في هذا العالم.

 · · 18 يونيو 2025

حلولٌ مستوحاةٌ من الطبيعة… العفن يرسم خريطة لمحطات شحن المركبات الكهربائية

من الملهم أن يجد الباحثون حلولًا لأكبر التحديات في أصغر الكائنات. هذا ما فعله باحثون في سعيهم لتطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية، فاستوحوا من العفن الغروي طريقةً لإنشاء شبكة شحنٍ متعدّدة الأغراض توفِّر الوقت والتكلفة والأثرَ البيئيّ. مع التحول العالمي نحو وسائل نقل نظيفة، من المتوقع أن تحتل المركبات الكهربائية مكانة الصدارة في مستقبل النقل […]

 · · 23 مايو 2025

هامبورغ تطورّ الذكاء الاصطناعي محلياً لتحديث العمل الحكومي

مع تسابق حكومات العالم للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات سعياً لزيادة فعالية عملية اتخاذ القرار ورفع كفاءة خدماتها وسبر آفاق جديدة في العمل الحكومي، باشرت هامبورغ باختبار فعالية نموذج مبتكر من نماذج اللغات الكبيرة (LLM) أو برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، طورته المدينة الألمانية محلياً ليس بهدف تحسين آليات تقديم الخدمات العامة فحسب، بل ولإعادة تصور إطار عمل تلك الخدمات والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.

 · · 23 مايو 2025

مشروع أحياء الابتكار في هلسنكي يحول الضواحي إلى مختبرات حية

تتّخذُ غالبية مجمعات الابتكار، سواءٌ أكانت أكاديمية أو تكنولوجية أو صناعية، من مراكز المدن ومحيطها مقراً لها. لكن عاصمة فنلندا، هيلسنكي، وجّهت أنظارها صوب ضواحي عاصمتها، ليس لتنميتها فحسب بل ولتحويلها تدريجياً إلى مناطقَ ذكيةٍ للعيش والعمل، وجعلها محرّكاً للنمو الاقتصادي القائم على الابتكار على الأمد الطويل، لكي تواكب التنمية، مثل باقي أحياء مدينة هلسنكي، من خلال تبني الأفكار الجيدة وتطويرها ضمن مشاريع تعاونية عملية. يأتي ذلك ضمن رؤية هلسنكي في أن تحتل مكان الريادة بين مدن العالم الذكية.

 · · 23 مايو 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right