تشهد مدينة دبلن مشروعاً تجريبياً لأبحاث السكوتر الكهربائي القائم على الذكاء الاصطناعي، كأول مشروع يجمع بين البحث الأكاديمي وقطاع الصناعة ويركز على الرؤية الحاسوبية في السكوتر الكهربائي. ويمضي هذا المشروع بالتوازي مع التحركات الرامية لجعل استخدام وسائل التنقل قانونياً في جميع أنحاء إيرلندا. حيث يستمر المشروع مدّة ستة أشهر بهدف تحسين أمان السكوتر الكهربائي، وتحرّي حالات استخدامه في المدن الذكية ومدى إمكانيات تزويده بتقنيات الرؤية الحاسوبية.
ويتصف استخدام السكوتر الكهربائي بعدد من المزايا البيئية والاقتصادية التي تجعله يحظى بشعبية كبيرة بين سكان التجمعات الحضرية الكبرى، من قبيل اعتدال أسعاره، وهدوء صوته عند السير داخل المدن، بالإضافة إلى كونه من الوسائل "الخضراء" والصديقة للبيئة، التي لا تنبعث منها أية غازات ملوثة. ويعود الفضل في هذه المزايا إلى اعتماد السكوتر الكهربائي على المحركات الكهربائية التي لا تصدر أية غازات مضرة بالبيئة، كما أنها تعدّ أقل إصداراً للضجيج إذا ما قورنت بمحركات الديزل والبنزين المستخدمة في السيارات والدراجات النارية التقليدية.
ولا تزال دراجات السكوتر الكهربائية تواجه بعض التحديات التقنية التي تحد من انتشارها بشكل أوسع، كتلك المتعلقة بالمدى الذي يمكن أن تقطعه قبل انتهاء بطاريتها، والوقت اللازم لإعادة شحن البطارية، والعمر الافتراضي للبطارية، وحتى ضجيجها وإن كان منخفض الحدة الذي قد يلاحظه الآخرون في أوقات متأخرة من الليل في الأحياء الهادئة. وبغض النظر عن هذه التحديات، فإن ما يشغل المعنيين في دبلن، عاصمة جمهورية إيرلندا، هو الحاجة إلى تنظيم استخدام دراجات السكوتر الكهربائية.
ولهذا الغرض، وبالتوازي مع بعض التحركات الرامية لجعل استخدام السكوتر الكهربائي في الشوارع قانونياً في جميع أنحاء إيرلندا، انطلق في حرم "جامعة مدينة دبلن" (Dublin City University) مشروع تجريبي رائد لأبحاث دراجات السكوتر الكهربائية المجهّزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي يهدف إلى تحسين عملية الأمان لمركبات التنقل الصغيرة هذه، واستكشاف طرق استخدامها في المدن الذكية إذا ما زوّدت بتقنيات الرؤية الحاسوبية. وكانت بلدية مدينة دبلن، التي تمضي حثيثاً باتجاه اعتماد تقنيات المدن الذكيّة في شتى خدماتها، تشاطر العديد من المدن في جميع أنحاء العالم قلقها من دراجات السكوتر الكهربائية، وتطالب المشغلين لها باعتماد حوكمة أفضل لأساطيل دراجاتها، وذلك استجابة لشكاوى المشاة ومستخدمي الطرق المعرضين للخطر، وخشية بعض الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى زيادة أخطار الطريق بسبب صف الدراجات بشكل فوضوي، وكذلك خلال عبور ممرات المشاة بشكل غير قانوني.
ويزعم القائمون على هذا المشروع الذي يجمع بين البحث الأكاديمي وقطاع صناعات السكوتر الكهربائي أنه الأول في العالم الذي يركز على الرؤية الحاسوبية في دراجات السكوتر، فضلاً عن كونه أول تجربة تتعلق بالسكوتر الكهربائي تُنظّم في إيرلندا. حيث تتعاون في المشروع أربع مؤسسات وهي شركة "تير" (Tier)، التي تعد من أكبر شركات السكوتر الكهربائي في أوروبا؛ ومنصة "لونا" (Luna) وهي منصة تكنولوجيا التنقل الحضري الإيرلندية؛ ومركز أبحاث "إنسايت" (Insight SFI) لتحليل البيانات؛ بالإضافة إلى جامعة مدينة دبلن. ويشمل المشروع المناطق الداخلية ضمن مقرات الجامعة بشكل رئيسي، في حين ستكون دراجات السكوتر الكهربائية المجهزة بالرؤية الحاسوبية قادرة أيضاً على العمل بين مختلف مقرات الجامعة (وربما في مواقع اختبار خاصة في أنحاء دبلن) وذلك بمجرد توقيع التشريع الحكومي الذي سينظم استخدام السكوتر الكهربائي ليصبح قانونياً.
وتقوم هذه الشراكة بين القطاع الأكاديمي والقطاع الخاص على توفير أسطول مكون من 30 سكوتر كهربائي مدعوماً بالرؤية الحاسوبية، مما يسمح لباحثي مركز "إنسايت" في الجامعة باكتشاف مصدر جديد لبيانات المدينة الذكية، وذلك على اعتبار أن هذه الدرجات قادرة على تشغيل خوارزميات للتعرف على أماكن تواجد المشاة وعناصر الطريق المختلفة، مما يسمح بمعرفة عدد الأشخاص الموجودين في مسارها، وإدراك ما إذا كانت تسير على الطريق أو على ممر الدراجات أو أنها تعبر ممراً للمشاة.
كما ستقوم الجامعة بالتعاون مع شركة "تير" بتقييم إمكانية استخدام دراجات السكوتر الكهربائية في حرم الجامعة والذي يضم 18 ألف طالب وما يقرب من 2000 موظف، مما يساعد على خفض انبعاثات الاحتباس الحراري الناتجة عن وسائل التنقل الأخرى في الجامعة. حيث سيتم تحليل بيانات الرؤية الحاسوبية التي يجمعها أسطول دراجات السكوتر ضمن البحث بهدف تحديد طرق استخدام المدن الذكية للسكوتر الكهربائي والتعرف على التطبيقات ذات القيمة للسلطات المحلية، بما يتماشى مع رؤية "دبلن الذكية" وهي المؤسسة الحكومية المسؤولة عن تعزيز الابتكار وتبني الحلول الذكية في مدينة دبلن.
ومن التقنيات الذكية الأخرى التي تم دمجها في دراجات السكوتر الكهربائية هو "نظام تحديد المواقع العالمي" (GPS) الذي يمتاز بدقة عالية مقارنة بأنظمة تحديد المواقع الحالية، وحيث تعتبر هذه التقنية هي الأولى من نوعها عالمياً، وتعمل بالترافق مع الكاميرات الذكية على ضبط الفوضى أثناء الاصطفاف على الأرصفة، وعبور ممرات المشاة بشكل غير قانوني.
ومن ناحية أخرى، يرى بعض المتابعين أن هذا المشروع البحثي سيساعد في تقديم فهم أفضل حول مستقبل استخدام دراجات السكوتر الكهربائية، وخصوصاً فيما يتعلق بسلامة الطرق والمستخدمين وتحديد الضرائب المحلية من قبل البلديّة على دراجات السكوتر الكهربائية.
المراجع:
https://www.smartcitiesworld.net/news/dublin-to-host-ai-powered-e-scooter-research-project-6298
https://www.smartcitiesworld.net/news/companies-team-to-roll-out-smarter-e-scooters-in-ireland-6038