مختبر للطباعة ثلاثية الأبعاد لرفع جودة الجراحة في سنغافورة

مختبر للطباعة ثلاثية الأبعاد لرفع جودة الجراحة في سنغافورة

1 دقيقة قراءة
في بعض الحالات، مثل الجراحات المعقّدة أو الدقيقة وما يصاحبها من ضغوطاتٍ على المرضى وعائلاتهم، قد يصعب إنشاء نماذج تُستخدم كأدلة جراحية، ما يدفع الأطباء لطلب إنشاء نماذج خاصة لحالةٍ محددة، لكنّ هذا الحلّ ليس جذرياً، فقد يستغرق أسابيع ويكلف آلاف الدولارات. بالإضافة إلى هذا، فغالباً ما يظهر تحدٍّ أمام الشركات العاملة في مجال تطوير النماذج، وهو فهمُ احتياجات مقدّمي الرعاية الصحية بدقة، ما يستدعي جهداً إضافياً من الجرّاحين وأخصائيين الأشعة والمرضى والفِرَقَ التقنية.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

ضمن الجهود الساعية لتعزيز الابتكار في مجال الرعاية الصحية في سنغافورة، ، بدأ الأطباء في اثنين من المستشفيات الحكومية الرائدة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتطوير الأدوات الجراحية ونماذج لأجزاء جسم المريض بغرض استخدامها في الاستشارات الطبية، بعد إنشاء مختبرٍ متخصصٍ لأداء هذه العملية بأيدي محترفين، وضمن المستشفيات نفسِها، لاختصار الوقت والتكلفة.

عادةً ما يخضع المريض قبل إجراء الجراحات للفحوصات الشعاعية، وهي عملية تهدف إلى التعريف عن حالة المريض ونقلِها بدقة وبصيغةٍ قابلةٍ للاستخدام؛ وغالباً ما يستخدم الأطباء نماذج أو قوالب جراحية، يسمونها اصطلاحاً بـ"الدليل الجراحي"، ويسترشدون بها في اختيار الأدوات الجراحية المناسبة كنوع المشرط أو غيرها من الوسائل المستخدمة في إجراء العمليات للمرضى. قد لا يحتاج الجرّاحون ذو الخبرة الطويلة إلى نماذج تبيّن العضو المتضرر في الحالات المتكررة أو الشائعة، لكنّ حالاتٍ كالكسور المركَّبة مثلاً والتي تكون أكثر تعقيداً تستدعي منهجية تخطيط في غاية الدقة وقائمةً على نماذج شاملة للحالة.

لهذا، وبدعمٍ من مجلس التنمية الاقتصادية السنغافوريّ، تعاون مستشفى جامعة سنغافورة الوطني مع شركةٍ متخصصةٍ بالصناعات الطبية في إجراء الأبحاث لاستخدام التكنولوجيا في تحسين هذه العملية. وقد أفضت هذه الجهود إلى إنشاء مختبرين للطباعة ثلاثية الأبعاد ضمن مستشفى جامعة سنغافورة الوطني ومستشفى تان توك سينغ.

حيث أن في بعض الحالات، مثل الجراحات المعقّدة أو الدقيقة وما يصاحبها من ضغوطاتٍ على المرضى وعائلاتهم، قد يصعب إنشاء نماذج تُستخدم كأدلة جراحية، ما يدفع الأطباء لطلب إنشاء نماذج خاصة لحالةٍ محددة، لكنّ هذا الحلّ ليس جذرياً، فقد يستغرق أسابيع ويكلف آلاف الدولارات. بالإضافة إلى هذا، فغالباً ما يظهر تحدٍّ أمام الشركات العاملة في مجال تطوير النماذج، وهو فهمُ احتياجات مقدّمي الرعاية الصحية بدقة، ما يستدعي جهداً إضافياً من الجرّاحين وأخصائيين الأشعة والمرضى والفِرَقَ التقنية.

ولأنّ فهم المعطيات البصرية وتذكُّرها أسهل على أغلبية البشر من المعطيات الشفوية أو المكتوبة، فقد توصّل الباحثون إلى أنّ الحلّ الأمثل يكمن في إنشاء نماذج حقيقيةٍ لشرح الحالة الصحية والإجراء الواجب اتخاذُه، وذلك باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

عبر هذه التقنية، يمكن إنشاء قوالبَ مصممةٍ بدقةٍ وفقاً لحالة المريض، وذلك باستخدام مادة "الراتنج الصمغية" (Resin)، والتي يستغرقُ تشكيلُها بضع ساعاتٍ ويتم ضمن المستشفى نفسه. للمرة الأولى محلياً، يستطيع الأطباء طلب نماذج مطبوعةٍ ثلاثية الأبعاد بناء على نتائج فحوصات "التصوير المقطعيّ المحوسَب" (CT Scan)، الذي يعتمد على تصوير جسم المريض بالأشعة السينية من زوايا مختلفة. يتم استخدام هذه القوالب في عملية محاكاةٍ جراحية، حيث يعتمد عليها الأطباء في التخطيط للجراحات واستكشاف الإجراءات المتبعة فيها، إلى جانب مناقشة الحالات مع مهندسي الطبّ الحيويّ.

حالياً، يقوم المختبر بإنشاء نماذج تشريحيةٍ لأجزاء مختلفةٍ من أجسام المرضى مثل مفاصل الساق والركبة، وفي المراحل القادمة، يخطط فريق المختبر لإنتاج أجهزة وأدواتٍ طبية أخرى مثل الأدلة الجراحية المستخدمة في الجراحات المعقدة، ثم سيتجه لاستكشاف تقنية الواقع المختلط لدعم تطوير الجيل التالي من التطبيقات السريرية.

بوصفه مؤسسة رعاية صحية أكاديمية رائدة، يوظِّف مستشفى جامعة سنغافورة الوطني مختبر الطباعة ثلاثية الأبعاد لتحسين النتائج السريرية وتطوير تقنياتٍ جراحيةٍ جديدة، وكذلك لرفع جودة التدريبات المقدّمة للجرّاحين والأطباء الجدد.

إذ ما تزال التجربة في مراحلها الأولى، يجري تقييمُها ورصد تحدياتِها باستمرار، وفي حال نجاحها، يتطلع الفريق إلى توسيع نطاق هذه التقنية، ويعملون صوب إنشاء مركزٍ متخصصٍ للطباعة ثلاثية الأبعاد لتقديم هذه الخدمة للمستشفيات المختلفة، وبهذا، ستُدار العملية بأيدي خبراء في المجال، ما سيزيد كفاءة التنسيق بين التخصصات المختلفة ويرفع مستوى الرعاية الصحية.

حيثُ يكتسب هذا الابتكار أهميةً وحضوراً متزايدَين في عدة مستشفياتٍ حول العالم، فإنّ من شأنه مساعدةَ الأطباء في تزويد المرضى بمعلوماتٍ أكثر قابليةً للفهم واستشاراتٍ أكثر وضوحاً، والأهم هو أنهم سيتمكنون من أداء أعقد الإجراءات الطبية بشكل أسرع وأكثر دقة وأقل خطورة، كما أنّ كلفة هذه النماذج أقلّ بـ10 مراتٍ من الخيارات المتاحة تجارياً، إذ لا يتعدّى متوسط كلفة تطوير النموذج 50 دولاراً.

سيساهم هذا الابتكار في تقليل وقت الانتظار قبل إجراء الجراحات، مما يزيد من فرص المريض بالشفاء، وفي السياق نفسِه، فإنّ تقليل اعتماد الجرّاحين على الأشعة المقطعية سيحدّ من تعرّض المرضى لإشعاعات هذا النوع من الفحوصات.

بوجود نماذج واضحةٍ للحالة سيقل هامش الخطأ مما يجنِّب الأطباء خطرَ إلحاقِ الضرر بالأعضاء الحيوية. حيث يصبُّ كلّ ذلك في الهدف النهائي المتمثِّل برفع مستوى الرعاية الصحية في البلاد.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

سنغافورة تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي

كشفت السلطات في سنغافورة عن تطويرها لإطار عمل ومجموعة أدوات اختبار مبتكرة تساعد الشركات في مختلف القطاعات على تعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي.

 · · 29 يناير 2024

التحول الرقمي للقطاع المالي البرازيلي يعزز الشمول المالي

تشهد البرازيل ثورةً في عالم التمويل الرقميّ وتزايداً في أعداد المنضمّين إليه، من خلال حملة إصلاح شاملة تقودها الحكومة، تكثِّف استخدام التكنولوجيا وتركّز على احتياجات العملاء وتجدِّد اللوائح وتطوِّر تطبيقات التحويل الفوري وتحمي مواطنيها من ارتفاع الفوائد وعمليات الاحتيال.

 · · 22 يناير 2024

كيف يساعد الذكاء الاصطناعيّ فِرَق الإطفاء الأمريكية

أمام أخطار كثيرة ومتنوعة تواجه رجال الإطفاء، من الأبنية الآيلة للانهيار إلى حالات الوهج الشديد التي قد تحدث في أي لحظة عند ارتفاع درجات حرارة الحرائق أو حرائق الغابات التي تلتهم كلّ ما في طريقها، لجأت عدة مدن أمريكية للذكاء الاصطناعيّ، بغية ترتيب أولويات هدم الأبنية القديمة، وإرشاد فِرَق الإطفاء في مهامها، والتنبؤ بحالات الانفجار الناتجة عن الحرائق الشديدة.

 · · 19 ديسمبر 2023

مدن ألمانية تحلّ التحديات المعقّدة باستخدام التوائم الرقمية

لأنّ التوائم الرقمية تقدّم نماذج تقنية تدعم التنمية المستدامة المستقبلية، تعمل الحكومة الألمانية باختلاف مستوياتها على إنشاء هذه التوائم، فترسي الشراكات مع القطاع الخاص لتطوير شبكة السكك الحديدية وإدارة شبكات المياه وتحسين جودة الحياة.

 · · 19 ديسمبر 2023

حكومات توظف الابتكار لمواجهة القيادة المستهترة

سعياً لاحتواء ظاهرة القيادة المستهترة التي تعتلي لائحة مسبِّبات حوادث الطرق في العالم، لجأت حكوماتٌ عدّة في كلٍّ من أوروبا وأمريكا إلى الكاميرات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعيّ، لترصدَ المخالفات وتتكاملَ مع أُطُر ولوائحَ قانونيةٍ صارمةٍ لا تتهاون مع أيّ سائقٍ يعطي لعوامل التشتيت الأولوية على حساب سلامته وسلامة الآخرين.

 · · 4 ديسمبر 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right