ماليزيا توظّف التحوّل الرقمي لتساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على التعافي من الجائحة

ماليزيا توظّف التحوّل الرقمي لتساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على التعافي من الجائحة

1 دقيقة قراءة
لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التعافي من الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد-19، تعمل ماليزيا على خطةٍ متكاملة تقدّم الدعم الإداري والماليّ وبرامج التوجيه والمبادرات الشاملة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التعافي من الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد-19، تعمل ماليزيا على خطةٍ متكاملة تقدّم الدعم الإداري والماليّ وبرامج التوجيه والمبادرات الشاملة.

لم تقتصر آثار الجائحة على الجوانب الصحية والاجتماعية، بل تعدتها لتمس الجانب الاقتصادي، فمع مكوث ثُلث سكان العالم لأشهر في حجرٍ صحيٍّ تفاوتت صرامتُه من بلدٍ لآخر، كان الاقتصاد يتباطأ بمعدّل هو الأسوأ من نوعه منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين.

لمواجهة الجائحة، فرضت الحكومة الفيدرالية الماليزية ما أسمته "أمر تقييد الحركة"، الذي أجبر الأعمال غير الأساسية على الإغلاق المؤقت وحظر أيّ نشاط جماعيّ، الأمر الذي تجلّى بتراجع غير مسبوقٍ في النشاط الاقتصادي، ففي غضون أسبوعين فقط، كانت 70% من الشركات الصغيرة والمتوسطة قد شهدت انخفاضاً في الأداء والأعمال قارب 50%. ضررٌ هو الأكبرُ نظراً لمحدودية التدفّق النقديّ والاعتماد على التفاعل الشخصي مع العملاء، ما يعني آثاراً طويلة الأمد في اقتصاد البلاد ككل. إذ تشكّل الشركات الصغيرة والمتوسطة 99% من المؤسسات التجارية في ماليزيا، حتى أنَّها– وفقاً لإحصائيات العام 2018– تسهم بـ 38.3% من الناتج المحليّ الإجماليّ وتشغّل 66.2% من القوى العاملة، لكنّ معظمَها متأخّر عن سباق الرقمنة ويراه مسألة معقّدة وغير ضرورية وكلفةً لن تعود بأرباح. فنسبة الشركات الفاعلة على الإنترنت لا تتجاوز 29%، أما الشركات التي تمارس التجارة الإلكترونية، فتمثّل 5.2%، لكنّها شهدت خلال العام نفسِه نمواً ملحوظاً، حيث ازداد استخدام الإنترنت لشراء السلع الأساسية بنسبة 144%، مع زيادةٍ بنسبة 61% لشراء الأطعمة و53% للمواد غير الغذائية.

أمام هذا الواقع الجديد المليء بالصعوبات والتناقضات، تنبَّهت الحكومة الماليزية لضرورة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لعبور هذه المرحلة، وهذا ما يقوم به تجمّع الشركات الصغيرة والمتوسطة التابع لوزارة تنمية المشاريع والتعاونيات، وهو الكيان المركزيّ المسؤول عن تنفيذ البرامج التنموية وتقديم الخدمات الاستشارية الخاصة بهذه الشركات، والذي يزيد عمرُه عن ربع قرن، وذلك بعد إنشاء وزارة التجارة الدولية والصناعة لوكالةٍ متخصصةٍ بدعم تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة عبر تأمين البنى التحتية والمساعدات المالية والاستشارات والوصول اليسير إلى الأسواق وغيرها. وهو يفتح أبوابه لأيّة شركة صغيرة ومتوسطة في ماليزيا، حيث يمكن للراغبين الانتسابُ عبر تقديم طلبٍ مرفقٍ بترخيصٍ سارٍ وخطة عملٍ قابلةٍ للتطبيق.

أما الخطة الجديدة، فتقوم على 3 ركائز، وهي الشمولية والتحوّل الرقميّ وتغيير نموذج العمليات.

لتحقيق الشمولية، صمّم التجمّع برنامجَ النظام البيئيّ الشامل للشركات الصغيرة والمتوسطة، والذي يهدف إلى تمكين 40% من هرم الدخل من الوصول إلى الأدوات الرقمية، عبر التركيز على 3 فئات مجتمعية، بدءاً بالشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، حيث يقدِّم لهم البرنامج تدريبات عبر الإنترنت لتنمية مهاراتٍ عمليةٍ كالتسويق والمحاسبة وغيرها، ثم أبناء المجتمعات الريفية الذين يوليهم البرنامج اهتماماً خاصاً فيقدّم لهم التوجيه والدعم الفنيّ والماليّ والتكنولوجيّ لتأسيس المشاريع الصغيرة وإدارتِها. أما الفئة الثالثة، فهي النساء، حيث أطلق البرنامج مبادرة "شبكة رياديات الأعمال" التي تقيم تدريبات للسيدات لإكسابهنّ مهارات الإدارة وسوق العمل.

وفيما يتعلّق بالرقمنة وتغيير نموذج العمليات، يهدف البرنامج إلى زيادة حضور الرقمنة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتغييرِ الاعتقاد السائد بأنّ الرقمنة عبارة عن معدّات باهظة الثمن واستثمار في غير محلّه. يستند البرنامج إلى دراسةٍ أجراها اتحاد الجامعات الماليزية، وخَلُصَ إلى أنّ الرقمنة مؤهّلةُ لإحداث تحسينات ملموسة في أداء الشركات، وذلك في 5 جوانب أساسية، وهي المشتريات والتخزين، ثم المحاسبة والضرائب، فالتسويق الرقمي، تليه التجارة الإلكترونية، وأخيراً، نقاط البيع الإلكترونية والدفع اللاتلامسيّ.

لبلوغ هذه التحسينات، ستقدّم الحكومة 88 مليون دولار من ميزانيتها السنوية على شكل مِنَح وقروض لتمويل مشاريع الرقمنة والتكنولوجيا والابتكار، كما أسست بوابةً إلكترونية لمساعدة أصحاب الشركات في التطور واجتياز العقبات والتواصل مع الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات ومؤسسات القطاع المشترك، كما أتاح البرنامج للشركات الصغيرة والمتوسطة الاستفادةَ من مبادرة "تسوّق عبر الإنترنت" الهادفة لتشجيع هذا التوجّه.

لكنّ تحدياتٍ جوهريةً تعوق هذه الجهود، أبرزُها ضعفُ التدفقات النقدية الذي أبطأ التحوّل الرقميّ لدى 75% من الشركات. من جانبٍ آخر، فإنّ تدنّي جودة الإنترنت قد يكون سبباً رئيسياً يمنع هذا التحوّل، فخلال أمر تقييد الحركة، واجهت 84% من الشركات صعوباتٍ جمةً في التواصل مع العملاء والمورِّدين عبر الإنترنت. ولمقاربة هذا التحدّي، أنشأت وزارة تنمية المشاريع والتعاونيات شراكاتٍ مع 237 شركة تقنية محلية لتقديم خصوماتٍ لتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة على تحسين منظومتها الرقمية.

في غضون شهرين، اشترك أكثر من 21 ألف مستفيد بالمنصات الرقمية، بينهم أكثر من 6 آلاف سيدةٍ انضممنَ إلى برنامج يشجّعهن للمغامرة في الأعمال التجارية، كما تلقت ألفا سيدةٍ أخرى تدريبات على تسجيل الشركات وإدارتها عبر الإنترنت.

تفيد رقمنة الشركات في تحسين الكفاءة والقدرة التنافسية وتوفير الوقت والجهد والكلفة، وتتيح البوابة الإلكترونية ترويجَ المنتجات والخدمات لشرائح أوسع من العملاء المحتملين، وهذا ما أثبتته الأشهر الستّ الأولى، حيث حقّقت الشركات التي تستخدمها مبيعات تجاوزت 200 مليون دولار. وقد شهدت الشركات التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعيّ وتلك النشطة إلكترونياً زيادة في الإنتاجية بلغت 26% للأولى و27% للثانية، في حين يُقدّر أنّ البرامج والمبادرات ستعود بالنفع على 500 ألفٍ من رواد الأعمال المحليين.

المراجع:

https://govinsider.asia/connected-gov/huawei-delivers-growth-and-development-momentum-in-asia-pacific-digital-economy-drive/

https://www.smecorp.gov.my/index.php/en/about-sme-corp-malaysia

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right