لاس فيغاس تبدأ باستخدام تقنية التوأم الرقمي للحد من الانبعاثات

لاس فيغاس تبدأ باستخدام تقنية التوأم الرقمي للحد من الانبعاثات

1 دقيقة قراءة
التوأم الرقميّ هو عبارة عن تمثيل افتراضيّ لما يجري ضمن العالم الحقيقي من عملياتٍ وعلاقاتٍ وسلوكياتٍ تتم مزامنتُها بترددٍ ودقةٍ محدّدَين. ولإنشاء التوائم الرقمية للمدن، يستخدم المختصون عدة تقنيات توفر البيانات حول تصميم المدن وبناها التحتية، بالإضافة إلى بيانات جغرافية ومكانية وأخرى عن العمليات التشغيلية فيها، وتجمع هذه البيانات باستخدام أجهزة الاستشعار وتقنيتَي إنترنت الأشياء والتعلُّم الآلي. وتاريخياً، تم استخدام هذا الابتكار بدايةً لإدارة المصانع، ثم لوضعِ التصورات حول التغييرات المُراد إدخالُها على منشأة أو عمليةٍ ما ودراسةِ تأثيراتِها، حتى توسَّع المفهوم ليصل إلى التخطيط الحَضَريّ وإدارة المدن.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تماشياً مع الأهداف العالمية لمواجهة تغير المناخ، بدأت لاس فيغاس الأمريكية العمل لتخفيض بصمتها الكربونية، لتصبحَ ثاني مدينة تنضم إلى برنامج "مدنٌ نظيفةٌ لمستقبلٍ نظيف" الخاص باستخدام تقنية التوأم الرقميّ لخفض الانبعاثات وتوفير التكلفة على أصحاب المباني.

والتوأم الرقميّ هو عبارة عن تمثيل افتراضيّ لما يجري ضمن العالم الحقيقي من عملياتٍ وعلاقاتٍ وسلوكياتٍ تتم مزامنتُها بترددٍ ودقةٍ محدّدَين. ولإنشاء التوائم الرقمية للمدن، يستخدم المختصون عدة تقنيات توفر البيانات حول تصميم المدن وبناها التحتية، بالإضافة إلى بيانات جغرافية ومكانية وأخرى عن العمليات التشغيلية فيها، وتجمع هذه البيانات باستخدام أجهزة الاستشعار وتقنيتَي إنترنت الأشياء والتعلُّم الآلي. وتاريخياً، تم استخدام هذا الابتكار بدايةً لإدارة المصانع، ثم لوضعِ التصورات حول التغييرات المُراد إدخالُها على منشأة أو عمليةٍ ما ودراسةِ تأثيراتِها، حتى توسَّع المفهوم ليصل إلى التخطيط الحَضَريّ وإدارة المدن.

وجاء هذا التطور ليعزز المسعى العالميّ للوصول إلى معدل الانبعاثات الصفرية، حيث أنّ المدن مصدر حوالي 75% من انبعاثات الكربون في العالم. ولذلك اتضحت الحاجة إلى إيجاد طرقٍ أكثر ذكاء واستدامة لإدارة المدن وتخفيف الانبعاثات يتم دراستها عبر التوائم الرقمية.

وحيث بات الذكاء الاصطناعيّ جزءاً أساسياً من هذا التوجه المتنامي، فقد تعاونت حكومة لاس فيغاس مع شركتَي "سيتي زينِث" و"تيرباين" لابتكارات إنترنت الأشياء في شراكة بين القطاعَين الحكومي والخاص لتطوير التوأم الرقمي والذي يقوم على إنشاء نموذجٍ رقميٍّ لوسط المدينة يتضمّن الأبنية ومنظومة النقل والبنية التحتية، وذلك لتحسين جودة الهواء وإدارة المياه وخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن الأبنية والعمليات الكبرى في المدينة.

سيقوم التوأم الرقمي بجمع وتصوير وتحليل البيانات بشكل ثلاثيِّ ورباعيِّ الأبعاد، وسيربط الكفاءات في المنظومات المختلفة، كما يمكنه توفير منصّةٍ هندسيةٍ محسَّنةٍ. سيتم ذلك باستخدام بيانات تقنية إنترنت الأشياء التي تجمعُها أجهزة الاستشعار وترسلُها عبر شبكة الجيل الخامس. ومع مرور الوقت، سيتم جمع البيانات من مصادرَ وأنظمةٍ متعددة عبر شركة "تيرباين"، بما فيها تلك المحفوظةُ لدى سلطات المدينة والمقاطعة والولاية إلى جانب المورِّدين التجاريين، وسيقوم النموذج بتحليل المعطيات السابقة والتعلّم منها كجزء من استراتيجية "إنترنت القدرات"، وهي الشكل المتطور لإنترنت الأشياء، والذي يعمل على تطوير منصة شبكة إنترنت الأشياء والتحكم فيها عبر تعزيز القدرات البشرية والذكاء الرقمي، أي بتحقيق التكامل بين الإنسان والحاسوب بدلاً من التفاعل بينهما.

إلى جانب تغطية المشروع لمنطقة الوادي الأكبر، سيكون مرتبطاً بالمدينة الفعلية، وهذا يعني أنّ مجريات الحياة اليومية التي تجري في شوارع المدينة وأبنيتِها وعبر شبكاتها الكهربائية وفي هوائِها، كلُّ هذا سيتم رفعُه إلى التوأم الرقمي، بحيث تدير المدينة نفسَها بنفسِها.

بيدَ أنّ عملية الإدارة هذه ستتم بعد منح الإذن وفق نموذجٍ قائمٍ على تقنية التعلُّم الآليّ، ومن خلالها، ستتمكن مجموعة من المستخدِمين من التحكم في البنية التحتية مثل أنظمة الإضاءة والمرور وغيرها، عبر التوأم الرقمي.

وحيث أنّ الهدف الأول للمبادرة هو تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري، سيكون في وسع مالكي المرافق ومديريها تقليل البصمة الكربونية لمرافقهم من خلال ترشيد استهلاك الطاقة عبر المكونات والنظم المختلفة. فعلى سبيل المثال، قدّمت شركة غوغل مقياس "نيست ليرنينغ ثيرموستات" الذي يستخدم إنترنت الأشياء لتشغيل أجهزة الاستشعار المقترنة بنظام التدفئة والتبريد ضمن المبنى. وبهذا، يكشف المقياس درجة حرارة الغرفة ورطوبتها ويبرمج أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف لضبطِها إلى الدرجات الأمثل في الوقت الفعليّ. ومن خلال التعرف على الأنماط والظروف المكانية المرغوبة في أُطرٍ زمنيةٍ محددة، ينشئ المقياس جداول ديناميكيةً لمواعيد تشغيل الأنظمة على مدار أيام الأسبوع.

قد يواجه المشروع تحدياً يتمثّل بتحفيز مالكي الأبنية للانضمام إلى المبادرة الأمر الذي قد يؤخر توسُّعَها، لكنّ الفريق التنفيذيّ يرى أنّه من الطبيعي أن تستغرق أيّ تقنيةٍ جديدةٍ بعض الوقت لتحقِّقَ التطوّر والانتشار، ويسعَون لنشر الوعي بأهمية جهود الاستدامة للمدينة، ويعوِّلون على هذا الوعي بجذب المزيد من الأفراد والشركات ليكونوا جزءاً من هذا التوجّه. تدريجياً، ستتكرّس تقنية التوأم الرقمي بوصفها أداة مفيدة لإدارة أنواع عالية الجودة من الطرق وأنظمة الصرف الصحي وإضاءة الشوارع، كما أنّ الوصول إلى البيانات بحدّ ذاته سيكون عامل جذبٍ للشركات والاستثمارات المستقبلية.

تتطلع سلطات المدينة للاستفادة من التوأم الرقمي في تحسين التنقّل وجودة الهواء وتخفيف الضوضاء وإدارة المياه وانبعاثات الأبنية الكبرى. وهذا يعني تكوين رؤى أكثر دقة تتيح إدارة الأنظمة الرئيسية للمدينة بطريقة أكثر فعالية لمخططي المدن وسكانِها ومستثمريها. إذ تشير تقديرات شركة إرنست ويونغ إلى أنّ المشروع سيوفر 35% من التكاليف التشغيلية للمباني أياً كان حجمُها، كما سيقلل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مقابل استثمارٍ ضئيلٍ أو معدوم، ما يؤهله لزيادة الاستدامة مستقبلاً.

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن تحوز أتمتة المباني الذكية قيمةً سوقيةً تفوق 20 مليار دولار بحلول العام 2027، وأن تتبنى 78% من الأبنية الجديدة استخداماً واحداً على الأقل لإنترنت الأشياء وغيرها من تقنيات الأبنية الذكية.

وإذ تستعد لاس فيغاس وغيرها من المدن الكبرى للانضمام إلى البرنامج، فإنّ هذا المشروع سيؤسس نموذجاً للمدن حول العالم لتكون أكثر ذكاءً وكفاءة وأماناً واستدامة.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right