كوريا الجنوبية تخطط لإطلاق الهوية الرقمية بالاعتماد على تقنية بلوكتشين

كوريا الجنوبية تخطط لإطلاق الهوية الرقمية بالاعتماد على تقنية بلوكتشين

1 دقيقة قراءة
لاستغلال التقنيات الناشئة في تعزيز النمو الاقتصاديّ، تسعى حكومة كوريا الجنوبية إلى توفير خدمات بطاقاتٍ شخصيةٍ رقميةٍ وتوقيعٍ إلكترونيٍّ أكثر ملاءمةً وموثوقية لمواطنيها، عبر تبنّي تقنية بلوكتشين التي تضمن خصوصية البيانات، وبالاعتماد على الثقافة التكنولوجية العالية للشعب الكوريّ.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لاستغلال التقنيات الناشئة في تعزيز النمو الاقتصاديّ، تسعى حكومة كوريا الجنوبية إلى توفير خدمات بطاقاتٍ شخصيةٍ رقميةٍ وتوقيعٍ إلكترونيٍّ أكثر ملاءمةً وموثوقية لمواطنيها، عبر تبنّي تقنية بلوكتشين التي تضمن خصوصية البيانات، وبالاعتماد على الثقافة التكنولوجية العالية للشعب الكوريّ.

منذ ظهور وسائل التعريف الرقمية، ركّز عليها الخبراء بوصفها حلاً يقدّم الكثير من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، إلى درجة أنّ البنك الدولي وصفها بالاختراع الذي سوف "يغيّر قواعد اللعبة"، عبر خفض التكاليف وزيادة كفاءة العمل الحكوميّ وحتى إعادة رسم المشهد السياسيّ.

ولأنّ كوريا الجنوبية من الدول السبّاقة في تبنّي التحوّل الرقميّ الذي جعل مجتمعها أكثر ترابطاً وانفتاحاً ومشاركةً، وضعت الحكومة قانون التوقيع الرقميّ في العام 1999 وخدمة الشهادات المعتمدة في العام التالي، حيث أسّست هيئاتٍ قانونيةً تمنح الشهادات التي تثبت هوية الموقِّع عبر الإنترنت دون مستندات، وألزمت المواطنين باستعمالها في المعاملات المالية. وتدريجياً، تعمّق حضور هذه الشهادات لتُستخدَم في شراء العقارات والخدمات المدنية والضرائب والتسوق الإلكتروني والخدمة العسكرية.

لكنّ إلزاميةَ هذه الشهادات تعوق غيرها من الخدمات والتقنيات، وتقيّد حرية المواطنين في اختيار ما يلائمهم من وسائل التوقيع الإلكتروني، كما أنّها تحتاج تجديداً سنوياً، وكلمات مرورٍ معقّدة يمكن نسيانُها، وأنظمة تشغيلٍ ومتصفِّحاتٍ محددة. هذه الثغرات الفنية والخدمية هي ما دفع الحكومة لإلغاء الاستخدام الإلزاميّ في العام 2015، لكنّ مؤسساتٍ كثيرةً ما تزال تطالبُ به.

ثم ظهرت جائحة كوفيد-19 لتجعلَ التحوّل الرقميّ حتمياً، فتراجعت الأنشطة التفاعلية، ونما الاقتصاد غير المباشر، ولم يعد بالإمكان الاعتماد على البطاقات الشخصية البلاستيكية غير المتصلة بالإنترنت فهي عرضةٌ للتزوير والتلاعب والضياع.

وكبديلٍ عن هذه الشهادات، أطلقت وزارتي "الداخلية والسلامة" و"العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" و"إدارة شؤون العاملين" مشروع خدمة إثبات الهوية الرقمية، وصمّمت خطة لتزويد المواطنين ببطاقاتٍ شخصيةٍ تستخدم تقنيةَ بلوكتشين لإنجاز المهام وتسديد المدفوعات واستكشاف العوالم الافتراضية وتحفيز التنافسية في سوق التوقيع الإلكترونيّ.

من حيث المبدأ، تنجز المعرِّفات الرقمية عمليات التحقق بشكلٍ بسيطٍ لا يتطلّب تصوير المستندات أو انتظار تلقّي رموز المصادقة لتأسيس حساباتٍ إلكترونيةٍ على المواقع الحكومية، أو الحضور شخصياً لتحويل الأموال أو تلقّي خدمةٍ أو حتى المشاركة في الانتخابات.

يمكن إنشاء بطاقةٍ شخصيةٍ رقميةٍ بسهولةٍ عبر تخزين معلومات البطاقة الوطنية على جهازٍ ذكيّ، وتوظيفها في استخداماتٍ متنوّعة. ولأنّ التجربة الكورية تعتمد على تقنية بلوكتشين، فهي مقاومةٌ للتزوير والتعديل، ما يعني أنّها تتغلّب على قيود المعرّفات الحالية، ذلك أنّ هذه التقنية هي عبارةٌ عن قاعدة بياناتٍ متقدّمة ومشتركة تسمح بتخزين البيانات ومشاركتها عبر كتلٍ مرتبطةٍ ببعضها البعض.

مطلع العام 2021، بدأ منح بطاقة الخدمة المدنية لبعض الوزارات كتجربةٍ قبل تحويلِها إلى نظامٍ متكاملٍ لسائر البلاد، حيث استلمَ الموظّفون بطاقاتهم عبر التطبيق الذكيّ، واستطاعوا استخدامها لعبور البوابات الأمنية ودخول المكتبة الوطنية وفتح الحواسيب الشخصية وأشياء أخرى. وفي المراحل القادمة، سيتم إصدار نسخٍ إلكترونيةٍ متنقّلةٍ لشهادات الاستحقاق الوطنية وبطاقات الإعاقة وتسجيل الأجانب ورخص القيادة، حيث ستخزِّن الأخيرةُ المعلومات على الهاتف المحمول للمستخدم، وستتيحُ له اختيار المعلومات التي يرغب بمشاركتها، وستكون قابلةً للاستخدام سواء توفّر الاتصال بالإنترنت أم لا.

منذ إلغاء إلزامية الشهادات المعتمدة، منحت الحكومة الصلاحية القانونية للعديد من وسائل التوقيع الإلكترونيّ، فبات في وسع المواطنين إثبات هويتهم باستخدام رقم الهاتف المحمول أو الحساب المصرفيّ أو رقم سجلّ الإقامة ودون تجديد البرمجيات كلّ عام.

في الوقت الراهن، وقعت الحكومة مذكرة تفاهم مع مزوِّدي خدمة التوقيع الإلكتروني للمساعدة في استخدامه ضمن أعمالها، مثل إصدار الإقرار الضريبيّ وتلقّي الشكاوى والمقترحات المدنية، وأطلقت وزارة الداخلية والسلامة منصةً مشتركةً للمصادقة على التوقيع الرقميّ، وهي تلتزم بزيادة المواقع التي تستخدم المصادقة المبسّطة، كما أرست الإطار التنظيميّ الذي يتضمّن معايير التشغيل الرسمية، والذي أسمته "صندوق الرمل" أو المختبر التنظيمي، كنايةً عن بيئة اختباريّة استمدت اسمها من المساحة التي يلعب فيها الأطفال بحرية، إذ أرادت الحكومة إنشاء فضاءٍ مفتوحٍ للابتكارات التكنولوجية تحكمه لوائح أكثر تساهلاً.

وفي حين تلغي البطاقات الرقمية مخاطرَ عديدة، فهي قد تواجه تحدياتٍ تنظيمية كانتهاك الخصوصية أو إعراض الناس عنها لأسباب ناجمة عن عدم الثقة فيها. ولكن الخطة لا تسمح للحكومة بالوصول إلى المعلومات المخزّنة على الهواتف، فاستخدام تقنية بلوكتشين يعني عدم وجود مخدِّمٍ مركزيٍّ لتخزين المعلومات. ويشير البعض إلى أنّ المشروع الكوريّ طموحٌ بعض الشيء، فهو يسعى لتبنّي 45 مليون مواطنٍ للمعرّفات الرقمية خلال عامين، وهي مدةٌ قصيرةٌ نسبياً، خاصةً وأنّ الأمر سيتطلب التوجّه إلى مكاتب الخدمات المدنية وتسديد الرسوم، لكنّ الحكومة تعوِّل على ميل الكوريين للتقبّل السريع للتكنولوجيا وقدرتهم على تحويلها بسرعةٍ إلى جزءٍ أساسيّ من حياتهم، أفراداً وشركاتٍ ومؤسسات.

وتقدّر الحكومة الكورية أنّ المعرِّفات الرقمية باختلاف أنواعها يمكن أن تعودَ على الناتج المحليّ الإجماليّ بـ42 مليار دولار أمريكيّ خلال 10 سنوات.

ومن شأن هذه التقنية توفير الوقت والجهد في المجالات الإدارية والصحية والضريبية، وتوسيع الائتمان الاستهلاكيّ، وتسهيل التجارة والحدّ من الاحتيال، وتأمين فرص عمل ضمن أسواق جديدة تنافسيةٍ ومنصفة.

المراجع:

https://www.mckinsey.com/industries/public-and-social-sector/our-insights/how-governments-can-deliver-on-the-promise-of-digital-id

https://dgovkorea.go.kr/contents/blog/111

https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-10-16/south-korea-aims-to-boost-economy-with-digital-id-on-blockchain

https://www.scmp.com/tech/policy/article/3196183/south-korea-plans-blockchain-based-digital-ids-joining-other

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right