أثرت إجراءات الحجر الصارمة التي طبقتها مختلف دول العالم على ما يقرب من 2.7 مليار موظف أو أربعة من كل خمسة من إجمالي القوى العاملة في العالم. وقبل انتشار وباء كوفيد-19، بلغ عدد الأفراد العاطلين عن العمل حوالي 190 مليون فرد، وتتوقع منظمة العمل الدولية ازدياد هذا العدد بما يصل إلى 25 مليون. وبغية مواجهة العواقب الاقتصادية الوخيمة لهذا الركودالذي يشهده الاقتصاد العالمي، يجب على الحكومات تطوير سياسات قوية للاستجابة بشكل فاعل وتقديم إعانات ومساعدات فورية للموظفين والشركات، خصوصًا تلك التي تعمل في القطاعات التي تضررت بشدة وفي الدول النامية لتمكينهم من استعادة سبل عيشهم خلال فترة التعافي.
كانت باكستان من الدول التي تعرضت لكم هائل من الضغوطات الاقتصادية بسبب كوفيد- 19، مع العلم أنها أصلًا تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ومعدلات بطالة مرتفعة. لكنها نجحت في تحويل هذه التحديات إلى فرص يستفيد منها 500,000 شخص عاطل عن العمل؛ إذ وفّرت لهم فرص عمل مناسبة كجزء من برنامج "10 Billion Tree Tsunami " الذي أطلقته الحكومة ضمن مبادرة "التحفيز الأخضر".
تهدف مبادرة التحفيز الأخضر إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما: توفير فرص وظيفية واستعادة الاوضاع الطبيعية في البلاد، بما في ذلك زراعة الأشجار وإحياء المناطق المحمية وتحسين المرافق الصحية بمساعدة العاطلين عن العمل ومنهم الشباب والنساء والعمال الذين فقدوا وظائفهم وعادوا إلى المناطق الريفية.
كما يهدف البرنامج الطموح الذي أطلقه رئيس الوزراء عمران خان في عام 2018 ومدته خمسة أعوام إلى مواجهة التحديات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والجفاف وغيرها من الأحوال الجوية القاسية في البلاد. وقد تم إيقاف البرنامج في البداية بسبب تعليمات التباعد الاجتماعي التي وضعتها الحكومة للتخفيف من انتشار الفيروس؛ إلا أن رئيس الوزراء أصدر قرارًا الشهر الفائت لإعفاء البرنامج والسماح لوكالة الغابات باستئناف عملها لتوفير 63,600 فرصة عمل. الأمر الذي أثمر عن تمكين العاطلين عن العمل من مغادرة قراهم للعمل في المشروع.
تأتي مبادرة التوظيف الجديدة هذه في الوقت الذي أجرى فيه معهد باكستان لاقتصاديات التنمية تقييمًا تنبأ فيه بأن ما يصل إلى 19 مليون شخص في باكستان سيخسرون وظائفهم بسبب إجراءات الإغلاق العالمي وحوالي 70% منهم من منطقة بنجاب.
أما بالنسبة لارتفاع معدل البطالة، فسيبقى بمثابة تحدي أمام العديد من الحكومات في سعيها للتعامل مع الركود الاقتصادي الناجم عن كوفيد-19. وبغية التغلّب على التحديات الاقتصادية، يجب على الحكومات البحث دائمًا عن طرق جديدة ومبتكرة لإيجاد فرص عمل ومساعدة القوى العاملة للحد من تأثير هذه التحديات على المواطنين وضمان التعافي الاقتصادي السريع.
المصدر 1