خطوة جديدة للبرتغال صوبَ الاستدامة عبر الإدارة الذكية للنفايات

خطوة جديدة للبرتغال صوبَ الاستدامة عبر الإدارة الذكية للنفايات

1 دقيقة قراءة
التزاماً بثقافة الابتكار وتوظيف التقنية في العمل الحكومي، أطلقت اثنتان من كبرى المدن البرتغالية مشروعَين لتحسين إدارة النفايات، فتبنّت براغا نظاماً إلكترونياً لإدارة الشاحنات وبدأت لشبونة استخدام إنترنت الأشياء لمراقبة مستويات امتلاء الحاويات، وذلك لتطوير عملية أكثر فعالية وكفاءة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

التزاماً بثقافة الابتكار وتوظيف التقنية في العمل الحكومي، أطلقت اثنتان من كبرى المدن البرتغالية مشروعَين لتحسين إدارة النفايات، فتبنّت براغا نظاماً إلكترونياً لإدارة الشاحنات وبدأت لشبونة استخدام إنترنت الأشياء لمراقبة مستويات امتلاء الحاويات، وذلك لتطوير عملية أكثر فعالية وكفاءة.

في المدن، لا سيما الكبرى منها، تتعدّى إدارة النفايات كونَها مهمةً بلديةً روتينية، فتنطوي على آثار بيئيةٍ وصحية، وتضبطُها معايير ماليةٌ واقتصادية، وإطاران سياسيٌّ وقانوني، فضلاً عن جوانبَ اجتماعيةٍ وحضارية، خاصةً مع التوجُّه العالميّ صوبَ الاستدامة.

في البرتغال، تنفق البلديات الملايين سنوياً لإدارة نفايات كلّ فرد من سكانها ضمن عمليات تتسم بالتعقيد البالغ والاستهلاك الكبير للموارد، إذ يلقي المواطنون بأكياس القمامة في الشارع ليجمعَها موظفو البلدية في مواعيد محددة، وغالباً ما يصادفون صناديق غير ممتلئة، فيهدرون الوقت والمال في التحقق من ذلك يدوياً. ورغم الاعتماد الجزئيّ للمدن مرتفعة الدخل على مواطنيها في تسديد رسومٍ لتغطية النفقات، فهذا ليس كافياً، ما يفرض اللجوءَ إلى عائدات الضرائب لتعويض النقص، ويحوِّل إدارة النفايات إلى عبءٍ ماليٍّ يثقل كاهل البلديات.

لمقاربة هذه التحدّيات، انطلق ابتكاران رائدان في كلٍّ من العاصمة لشبونة ومدينة براغا، لاستخدام التقنيات الحديثة في إنشاء عمليةٍ أكثر سلاسة وكفاءة.

في براغا، أطلقت شركة المياه والصرف الصحيّ والنفايات التابعة للبلدية، المعروفة اختصاراً بـ "آغير" شبكةً محسَّنة لإدارة النفايات الحَضَرية، وهي عبارة عن نظام جديد يقوم على أسطولٍ من 23 شاحنة لجمع النفايات، ولوحةٍ ذكيةٍ تديرها عبر نظام أتوماتيكيّ متكامل يتصف بالمسؤولية البيئية تمت برمجتُه وتحميلُه على الشاحنات الحديثة. وكانت شركة "آغير" قد أطلقت في العام 2018 مشروعاً لتبني عمليةٍ لوجستيةٍ أكثر كفاءة، حيث استثمرت قرابة 6.2 مليون يورو، لتركيب 4400 حاويةً للنفايات فوقَ الأرض وتحتَها، توزَّعت وفقَ خريطةٍ تضمن وجودَ مكبٍّ للقمامة على مسافةٍ لا تتجاوز 100 مترٍ عن أيِّ مسكنٍ في المدينة.

في الممارسة العملية، تستخدم المركبات تقنية الأشعة تحت الحمراء للكشف عن الحاويات وإفراغها وغسلِها مباشرةً دون أن يحتاج السائق إلى الترجّل من الشاحنة. كما تتابع الشبكة الوقت الذي تستغرقه عمليات تفريغ صناديق القمامة، لضمان تنفيذ العمل وفق الخطط الموضوعة مسبقاً. وقد طوَّر الفريق التقنيّ مجموعة تحليلات متقدّمة تستخدم الذكاء الاصطناعيّ لمراقبة كفاءة العمليات في أيّ وقت، عبر مجموعة واسعة من مؤشرات الأداء الرئيسية.

بالإضافة إلى هذا، تسمح الشبكة بالإبلاغ عن أيّ خلل قد يؤدي إلى تأثيرات بيئية أو مشكلات صحية، أو عن أي حالة إساءة في استخدام الحاويات أو تلفِها أو امتلائها. تقوم الفكرة على إنشاء مجموعات البيانات عن بُعد وإرسالها إلى مركز التحكّم والتحليل. ولا تقتصر هذه البيانات على المركبات، بل وتشمل حالة الطريق ومعلومات السائق وطبيعة الحمولة وكميتها. كما يقوم النظام بتحليل أنماط القيادة وعادات السائقين لتوجيههِم إلى السلوكيات المُثلى والطرق الأسرع.

تعمل لوحة الإدارة على تكييف القياسات والتمثيلات الوسيطية، وهي نوع من المعادلات التي تُعَرِّف العلاقات الرياضية بدلالة وسائط تجعلها أبسط، مثل استخدام وسيطٍ زمنيٍّ لتحديد موقع جسمٍ متحرِّكٍ أو سرعتِه. وعبر تقديمِ هذه المعطيات، يقيِّم النظام أسلوب القيادة ويجمع بياناتٍ تظهِر ما يواجه السائقين من تحديات، ليتمَ تطوير البرامج التدريبية للتغلُّب عليها.

 وقد خصّصت الشركة جزءاً من التمويل للأنظمة التكميلية، كنظام فصل النفايات الحَضَرية القابلة للتحلل. يخدم هذا الأهداف البيئية الطموحة التي تنوي براغا تحقيقَها بحلول العام 2030، بعد أن وقعّت مع 12 مدينةً أوروبية أخرى على اتفاق المدينة الخضراء الملتزم بتكثيف العمل للحدّ من التلوث بمختلف أشكاله وحماية البيئة والتنوع البيولوجيّ وتعزيز الاقتصاد الدائريّ. ورغم أنّ سلطات براغا لا تملك استراتيجية ابتكار واضحة، فهي تخصص جزءاً كبيراً من ميزانيتها لإطلاق مشاريع مشتركة مع المؤسسات العامة.

 أما في تجربة لشبونة، فقد طبّقت البلدية حلّ إنترنت الأشياء لإدارة عمليات جمع النفايات الحَضَرية، فاختارت تركيبَ أجهزة الاستشعار التي تراقب مستوى امتلاء الحاوية وتبعث بقراءاتِها إلى الإدارة 3 مرات في اليوم إلى تطبيقٍ يعتمد خوارزمية رياضية، فيحلل ما يَرِده من بيانات للتنبؤ بسلوكيات تعبئة الحاويات في المستقبل والخروج بأفضل الطرق لجمع النفايات.

باستخدام هذا الحل، يمكن لفِرق النظافة العامة مراقبة الحاويات عبر المدينة والاستجابة بفعالية لحالات الامتلاء غير المتوقعة، وجمعُ معلوماتٍ عن كميات النفايات وأنواعها، وتحديثُها بشكلٍ يوميٍّ وأسبوعيٍّ وشهريّ. وقد نجحت بلدية لشبونة حتى الآن بتزويد 1500 حاوية بأجهزة الاستشعار الذكية، وهي تخطط لمضاعفة هذا الرقم، وتتطلّع إلى زيادة كفاءة العمليات وتحسين استثمار الموارد المادية والبشرية.

أما في براغا، فيساعد النظام الذكيّ في الحفاظ على المركبات وتقليل معّدلات التآكل والتلف، كما يسمح بتخفيض دوائر جمع النفايات، ما يعني توفير التمويل والوقود المُستهلكَين وتخفيض نِسَب الانبعاثات. إلى جانب ذلك، تزيد المتابعةُ الدائمة معدّلات السلامة والراحة والكفاءة لدى العاملين في جمع النفايات، والأهمّ هو أنّ التحكم المباشر بسير العمل يساعد في توفير الكلفة وزيادة الإنتاجية، فيما يعزِّز الابتكار الشراكة بين سلطات المدينة ومجتمعها المحليّ، عبر تمكين المواطنين من الإبلاغ عن الملاحظات والمشكلات.

المراجع:

https://www.themayor.eu/en/a/view/waste-collection-in-braga-meets-telemetrics-5616

https://agere.pt/recolha-residuos/

https://www.themayor.eu/en/a/view/garbage-bins-in-lisbon-tell-when-they-are-full-2463

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right