"التنقل كخدمة": الحكومة البريطانية تجمع كل وسائل النقل على منصة واحدة

"التنقل كخدمة": الحكومة البريطانية تجمع كل وسائل النقل على منصة واحدة

1 دقيقة قراءة
انطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات في عدد من الدول تسعى إلى استثمار التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقنيات الدفع الإلكتروني، في جمع خدمات وسائط النقل المختلفة على منصة واحدة، توفر للمستهلكين سهولة غير مسبوقة في التخطيط لرحلاتهم، واختيار وسائل النقل التي تناسبهم، والحجز، وشراء التذاكر– ضمن ما أصبح يطلق علية تسمية "التنقل كخدمة". لكن هذه التجارب لا زالت في بداياتها، وهي محدودة النطاق بشكل عام نظراً لمجموعة من التحديات. في المملكة المتحدة، حيث تم إطلاق أكثر من مبادرة في هذا المجال، أصدرت الحكومة مؤخراً مدونة ممارسات خاصة بمفهوم وتطبيقات "التنقل كخدمة" كمرجع للمعايير والإرشادات التي تتوافق مع توجهات وطموحات الحكومة لمشهد التنقل في المملكة، خاصة من جهة المحافظة على الشمول المجتمعي، وضمان نفاذ كل فئات المستخدمين للخدمة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

انطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات في عدد من الدول تسعى إلى استثمار التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقنيات الدفع الإلكتروني، في جمع خدمات وسائط النقل المختلفة على منصة واحدة، توفر للمستهلكين سهولة غير مسبوقة في التخطيط لرحلاتهم، واختيار وسائل النقل التي تناسبهم، والحجز، وشراء التذاكر– ضمن ما أصبح يطلق علية تسمية "التنقل كخدمة". لكن هذه التجارب لا زالت في بداياتها، وهي محدودة النطاق بشكل عام نظراً لمجموعة من التحديات. في المملكة المتحدة، حيث تم إطلاق أكثر من مبادرة في هذا المجال، أصدرت الحكومة مؤخراً مدونة ممارسات خاصة بمفهوم وتطبيقات "التنقل كخدمة" كمرجع للمعايير والإرشادات التي تتوافق مع توجهات وطموحات الحكومة لمشهد التنقل في المملكة، خاصة من جهة المحافظة على الشمول المجتمعي، وضمان نفاذ كل فئات المستخدمين للخدمة.
يوفر "التنقل كخدمة" (MaaS) كامل الحرية للمستهلك، والقدرة على التحكم في تنظيم تنقلاته ورحلاته، خاصة تلك التي تتطلب وسيلتي نقل أو أكثر، لتتناسب مع جدوله الزمني وميزانيته ورغباته. وبصورته المثالية يشمل المفهوم معظم وسائط النقل المتوفرة في المدينة أو المقاطعة أو الدولة، سواء أكانت حكوميةً أو خاصةً، وبمختلف أنواعها من قطارات وحافلات وسيارات أجرة وسيارات مؤجرة ودراجات هوائية وكهربائية وقوارب عبور وغيرها. هذا يعني أن تتوفر على المنصة جداول الرحلات الخاصة بكل مشغل لوسيلة تنقل، مع تحديثاتها الفورية، ما يتطلب ربط النظم المختلفة الخاصة بكل طرف بمنصة "التنقل كخدمة"، وهذا يمثل بحد ذاته تحدياً تكنولوجياً معقداً.
والتحدي المهم الآخر هو مسألة تسعير التذاكر، والمشاركة في الإيرادات بين مشغلي وسائط التنقل، ومزودي التكنولوجيا القائمة عليها منصة "التنقل كخدمة"، والسلطات المحلية التي تستقطع ضريبة مباشرة أو غير مباشرة على بيع التذاكر.
أما التحديات الأخرى التي تتعلق بإطار العمل، وتصميم وعرض محتوى منصة "التنقل كخدمة" لكي تفي بالغرض الذي أنشئت من أجله على أفضل صورة، وتتماشى مع الرؤية المستقبلية للتنقل في المملكة المتحدة، فهي من اهتمامات الحكومة التي بدأت تتبلور في العام 2019 مع إصدار "الاستراتيجية الحضرية لمستقبل التنقل"، التي تقوم على ثلاث ركائز: سهولة النفاذ إلى الخدمات، والشمول، وتوفر الخدمات لجميع فئات المجتمع.
ساهمت الاستراتيجية في البدء بتطوير أول منصة لـ "التنقل كخدمة" في العام 2020 في بريطانيا، ضمن مشروع "منطقة التنقل المستقبلي" في منطقة "سولنت"، وهو مشروع طموح يسعى إلى اختبار مقاربات جديدة في التنقل والعمل اللوجستي، بتمويل من دائرة النقل بلغت قيمته 29 مليون جنيه إسترليني (نحو 47 مليون دولار). تتمثل رؤية المشروع في تطوير تطبيق فائق يمكّن المستخدمين في منطقة "سولنت" من حجز أي نوع من التذاكر على جميع وسائط النقل، ومختلف أنواع الرحلات، دون الحاجة إلى زيارة موقع كل مزود خدمة على الإنترنت. وقد تم إصدار نسخة أولية من التطبيق تقتصر على عدد محدود من الخيارات ووسائط التنقل، لغرض الاختبار وتحديد نقاط الضعف. كما أعلنت مؤخراً إدارة النقل في مقاطعة ويست ميدلاندز عن خطة مماثلة توفر للمستهلك الراحة، والقدرة على تفصيل الرحلات حسب حاجته، وبتكلفة أقل.
واستكمالاً لاستراتيجيتها المستقبلية، قامت الحكومة البريطانية مؤخراً بإصدار مدونة الممارسات الخاصة بـ"التنقل كخدمة"، تحتوي على 34 توصية لضمان مراعاتهم لعدة اعتبارات، أهمها المحافظة على الشمولية، والأمان، وتوفير إمكانية النفاذ لجميع فئات المستخدمين. وتحثّ المدونة مطوري المنصات ومؤسسات النقل على العمل الاستباقي لجذب مشاركة المستهلكين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ودمج وظائف وميزات ضمن منصات "التنقل كخدمة" تساعد على سهولة النفاذ، بالإضافة إلى العمل على تلبية حاجات الفئات الضعيفة اقتصادياً واجتماعياً.
تشجع المدونة أصحاب العلاقة على الترويج لوسائط النقل المستدامة من خلال نشر المعلومات حول فوائدها الصحية في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وأيضاً تقديم النصح بفوائد ركوب الدراجات الهوائية، والمشي. كما توصي المدونة بأهمية الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال، خاصة دراسات الحالة، التي تساهم كثيراً في توجيه وتطوير منصات "التنقل كخدمة".
تحرص الحكومة على عدم التسرع في فرض لوائح تنظيمية في الوقت الحاضر، نظراً لتأثيرها في الحد من الابتكارات المحتملة التي من شأنها الارتقاء بمنصات "التنقل كخدمة" في المرحلة القادمة. عوضاً عن ذلك، فإنّ المدونة والمشاريع التي تبنى حولها ستساعد الحكومة في تطوير القواعد التنظيمية التي ستحكم أنشطة منصات "التنقل كخدمة" في المستقبل.
تولي المدونة اهتماماً كبيراً بأن تراعي المنصة جميع متطلبات أصحاب الهمم وسلامتهم، ما يشمل نشر المعلومات حول المسارات والمحطات المناسبة التي تتوفر فيها مرافق ملائمة لاستخدام الكراسي المتحركة، أو أن يقترح التطبيق مساراتٍ بديلةً للوجهة المقصودة تتوفر فيها تلك المرافق. وفيها توصيات تتعلق بتصميم واجهة استخدام المنصة، من جهة مراعاة احتياجات المستخدمين المكفوفين والذين يعانون من ضعف البصر، مع التشديد على ضرورة أن توفر المنصة إمكانية الحجز لخدمة مساعدة الركاب من أصحاب الهمم في الانتقال بين وسائط المواصلات المختلفة.
ولم تنس المدونة أيضاً أن توصي بضرورة التعامل مع البيانات الحساسة بشكل جيد ودقيق، وإجراء اختبارات مشددة للخوارزميات المستخدمة في التطبيق لإزالة أي نوع من أنواع التحيز ضد أي فئة من المستخدمين.
فيما يتعلق بالتحديات، يمكن القول إن التعاون الوثيق بين الأطراف المعنية، والتخطيط لتبسيط العمليات، والعمل الحثيث على كسب ثقة جميع فئات المستخدمين، هي كفيلة بتذليل العقبات.
تتمثل أهم للدروس المستفادة من تجربة المملكة المتحدة في الأولوية التي يجب أن تمنح لسهولة النفاذ إلى الخدمات، وشمول مختلف فئات المستخدمين، بالإضافة إلى التشجيع على استخدام الوسائط المستدامة، والتعلم من تجربة الغير.

المراجع:
https://www.intelligenttransport.com/transport-articles/135891/developing-uk-first-multi-city-maas-platform/
https://www.gov.uk/government/publications/mobility-as-a-service-maas-code-of-practice/mobility-as-a-service-code-of-practice#ambition
https://www.smartcitiesworld.net/mobility-as-a-service/mobility-as-a-service/uk-government-launches-mobility-as-a-service-code-of-practice-9308

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

الرقمنة نحو مجتمع أفضل: الدروس المستفادة من التجربة المكسيكية

على الرغم من كونها عاصمة لأحد أكبر اقتصادات العالم وتمتعها بتاريخ عريق، تواجه مكسيكو سيتي تحديات صعبة من ضمنها الفقر والاكتظاظ السكاني. وفي ظل البيروقراطية وعدم المساواة الاجتماعية السائدة تبدو التحديات كبيرة والحلول مستعصية. لكن بوادر التغيير، وإن كانت بطيئة، بدأت بالظهور بفضل جهود الوكالة الرقمية للابتكار العام التي تشكل تجربتُها حالةً نموذجية تسلط الضوء على أهمية الدعم السياسي والمالي، وتعاون مختلف الدوائر الحكومية، لتوفير خدمات حكومية رقمية فعالة تساهم في تحسين نوعية حياة سكان المدينة.

 · · 18 سبتمبر 2024

التكنولوجيا الخضراء: مبادرة سنغافورة للارتقاء بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات نحو الاستدامة

يعدّ أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تغير المناخ ضئيلاً نسبياً حين مقارته بمصادر الانبعاثات الكربونية الرئيسية كالمواصلات والأنشطة الصناعية والبشرية الأخرى التي تستخدم الوقود الأحفوري بكثافة. لكن مع نمو الطلب على هذا القطاع وبنيته التحتية، من المتوقع أن ترتفع كثيراً مساهمته التي تقدر اليوم بين %1.8 و%4 من مجمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالمياً، لتبلغ نحو %14 بحلول العام 2040، ما يجعله مصدر قلق متنامٍ لكافة الدول الساعية للحد من آثار تغير المناخ. في مواجهة هذا التحدي، أطلقت سنغافورة التي تتميز باستخدامها المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مبادرة شاملة وطموحة تستهدف خفض معدل الانبعاثات الناتجة حالياً عن هذه التكنولوجيا بمعدل %50 بحلول العام 2030، تماشياً مع الأهداف العالمية في هذا المجال.

 · · 18 سبتمبر 2024

استخدام مبتكر للبيانات لدعم صنّاع القرار في قطاع الصحة الكندي

شكلت جائحة كوفيد-19 تحديا عالميا غير مسبوق، وكشفت عن نقاط ضعف في صنع السياسات وأنظمة الرعاية الصحية أدت إلى أوجه قصور في إدارة الأزمات. غير أن بعض البلدان لجأت إلى نهج مبتكرة ساعدت على التخفيف من أثر الأزمة وأثبتت جدارتها في أن تصبح جزءا من آليات دعم التأهب لحالات الطوارئ الصحية في المستقبل. كانت كندا واحدة من هذه البلدان ، حيث تبنت البيانات الضخمة لتتبع حركة السكان لإبلاغ عملية صنع القرار في مواجهة COVID-19.

 · · 22 أغسطس 2024

توظيف أجهزة الاستشعار الذكية في بيانات إدارة الطرق

مع تقدم التكنولوجيا في مجال الكاميرات الذكية، وأجهزة الاستشعار، ونقل للبيانات، والذكاء الاصطناعي، بدأت بعض المدن الكبرى بالنظر في استغلال هذه التقنيات مجتمعةً في حل المشاكل الناجمة عن حركة المرور على الطرق الداخلية والمحيطة بها. من أبرز الجهود المبتكرة في هذا المجال مشروعان تجريبيان أطلقهما مؤخراً كل من مجلس مدينة ولينغتون، عاصمة نيوزيلندا، ودائرة النقل في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة.

 · · 23 يوليو 2024

إستونيا تتوسع في تسخير التكنولوجيا لجذب الشركات الناشئة وريادة الأعمال

تقدِّم إستونيا نموذجاً فريداً في ساحة التكنولوجيا العالمية، إذ استفادت من نقاط القوة الوطنية، وعزّزت الشراكات بين القطاعَين الحكوميّ والخاص، وبَنَت المعرفة التكنولوجية لدى مواطنيها، ودعمت التحوّل الرقميّ السريع ليكون محفِّزاً رئيسياً لنموّ ريادة الأعمال، واحتضنت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا العميقة.

 · · 23 يوليو 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right