توليد الطاقة النظيفة من البرتقال في إشبيلية

توليد الطاقة النظيفة من البرتقال في إشبيلية

1 دقيقة قراءة
تشتهر مدينة إشبيلية كواحدة من أكبر منتجي البرتقال في أوروبا، حيث تنتشر أشجار البرتقال بكثرة في بساتينها وشوارعها، ولغزارة الإنتاج، غالباً ما يكون مآل عشرات الأطنان من ثمار البرتقال الهدر، خصوصاً تلك التي تنمو في شوارع المدينة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تشتهر مدينة إشبيلية كواحدة من أكبر منتجي البرتقال في أوروبا، حيث تنتشر أشجار البرتقال بكثرة في بساتينها وشوارعها، ولغزارة الإنتاج، غالباً ما يكون مآل عشرات الأطنان من ثمار البرتقال الهدر، خصوصاً تلك التي تنمو في شوارع المدينة. وبغية خفض نسبة الهدر السنوي، أوجدت إشبيلية حلاً مبتكراً يتمثل في إنتاج الطاقة من الحمضيات لتغذية بعض مرافق المدينة بالكهرباء.

تكتسي مدينة إشبيلية في موسم الشتاء باللون البرتقالي، حيث تتدلى من أشجارها حبّات برتقال إشبيلية الشهير الذي يحمل محلياً اسم "النارنج". لكن نادراً ما تستهلك إشبيلية هذا المحصول بسبب طعمه المر. وبالرغم من أن إشبيلية تصدّر ثمار البرتقال إلى بريطانيا، غالباً ما تُترك بقية الثمار على الأشجار في المدينة، لتسقط في شوارعها مسببة مشاكل للمارة.

وتفادياً لهذا الهدر، بدأت شركة مرافق المياه في إشبيلية مخططاً تجريبياً يعتمد على استخدام الحمضيات التي يتم جمعها من شوارع المدينة لتوليد طاقة نظيفة لتشغيل إحدى محطات التنقية الخاصة بها. كخطوة أولى، يتم جمع البرتقال ونقله إلى منشأة متخصصة بتوليد الكهرباء من المواد العضوية. وهناك يتم عصره وتخميره واستخلاص غاز "الميثان" المنبعث منه لاستخدامه في توليد الطاقة النظيفة، بينما تُنقل قشوره إلى مصانع الأسمدة العضوية. وتشكّل هذه المبادرة جزءاً من مهمة أوسع نطاقاً لتعزيز الاقتصاد الدائري في المدينة، وتشجيع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال إنتاج الطاقة النظيفة.

يتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع إدارة المتنزّهات والحدائق في إشبيلية وأحد شركات إدارة النفايات المحلية. وينطوي المشروع على عدة أهداف للارتقاء بمستوى الوعي العام بإدارة النفايات وإعادة التدوير، وخفض كمية النفايات في المدينة بشكل عام. حيث قام المعنيون بالمشروع بنشر 340 حاوية في أرجاء المدينة، كما تم توزيع 340 ألف بطاقة إلكترونية خاصة بإدارة النفايات على السكان لتشجيعهم على جمع النفايات البيولوجية وفصلها عن غيرها.

يوظّف مجلس مدينة إشبيلية حوالي 200 شخص لجمع ثمار البرتقال من أكثر من 48000 شجرة في شوارع المدينة. ومن خلال هذه العملية، يتم جمع ما يقارب 5.7 مليون كيلوغرام، حيث يرسل القائمون على المشروع 35 طنًا منها لتوليد طاقة نظيفة لتشغيل أحد محطات معالجة مياه الصرف الصحي.

تدرس بلدية إشبيلية حالياً خطة لتوسيع المشروع واستغلال كمية أكبر من محصول البرتقال السنوي في إنتاج الطاقة النظيفة. وحسب الاختبارات التي أجريت مسبقاً، تبين أن بمقدور كل طنّ من البرتقال أن ينتج 50 كيلوواط  أي ما يكفي لتزويد خمسة منازل بالكهرباء ليوم واحد. وتنفيذ الفكرة تقنياً يحاكي إلى حدّ كبير عملية التمثيل الغذائي وتوليد الطاقة في جسم الكائنات الحيّة، حيث تبدأ العملية بتخمير البرتقال، ومن ثمّ استخلاص غاز غني بالميثان (بنسبة 65%)، يستخدم كوقود في محركات توليد الكهرباء. وفي حال تم إعادة تدوير كل برتقال المدينة إلى طاقة نظيفة وإيداعها في شبكة الطاقة المحلية، يمكن تزويد حوالي 73 ألف منزل بالكهرباء لمدة يوم واحد. ولتتمكن إشبيلية من إعادة تدوير كل برتقال المدينة، ستحتاج إلى استثمار حوالي 250 ألف يورو.

ولكن تصب مدينة إشبيلية حالياً اهتمامها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في بعض مرافقها الحيوية، عوضاً عن تزويد المنازل بالكهرباء. وقد نجحت في تحقيق ذلك في محطة "كوبيرو" لمعالجة مياه الصرف الصحي، حيث تتمتع المحطة باكتفاء ذاتي يعادل 95%. وتنطوي خطة إشبيلية للسنوات القادمة على أهداف تتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي الأربعة الأخرى.

يواكب هذا المشروع الخطة الطموحة التي أطلقتها إسبانيا في عام 2018 لتحويل نظام الكهرباء بالكامل إلى مصادر متجددة بحلول عام 2050 وإزالة الأنشطة التي تعتمد على انبعاثات الكربون من اقتصادها. كما أعلنت إسبانيا أنها لن تمنح تراخيص جديدة للتنقيب عن الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى تخصيص خُمس ميزانية الدولة للمشاريع والابتكارات الهادفة إلى الحد من التلوث البيئي والآثار السلبية لتغير المناخ. وضمن توجه إسبانيا نحو مستقبل قائم على الطاقة النظيفة، أصبح مشروع مدينة إشبيلية ضمن المبادرات السبّاقة في هذا المجال، وأحد الابتكارات نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في منشآتها الحيوية. وتتطلع المدينة إلى تطوير مشروعها في المستقبل وتوسيعه من خلال العمل على ضخ فائض الطاقة المتولد من إعادة تدوير البرتقال في شبكة الكهرباء الرئيسية بحلول العام 2023.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

دروس في الاقتصاد الدائريّ نستقيها من التجربة الفنلندية

في سعيها للحد من استخدام الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2035، انطلقت فنلندا في رحلة الاقتصاد الدائريّ بعد أن رسمت خريطة طريقٍ واضحةً تتعاون فيها القطاعات، وتنظِّمها سياساتٌ منفتحة، ويدعمها مجتمعٌ محليّ تتم تَنشِئَتُه على ثقافة الاستدامة.

 · · 29 يناير 2024

مدن توظف تحليل البيانات للتصدي لظاهرة التشرّد

بعد سنواتٍ من مكافحة ظاهرة التشرّد، بدأت بعض الحكومات المحلية في بريطانيا وأمريكا بالنظر إلى القضية من زاويةٍ مختلفة. وبدلاً من البحث عن المتشرّدين في الشوارع لنقلهم إلى الملاجئ، باتت تستخدم النمذجة وتحليلات البيانات للتنبّؤ بأولئك المُهدَّدين بالتشرّد ومساعدتهم قبل أن يخسروا أمانَهم.

 · · 29 يناير 2024

الولايات المتحدة تعتمد الأتمتة لتسريع مشاريع الطاقة الشمسية

لحثِّ الخطى صوب الحياد المناخي، الهدف المرجو لمنتصف القرن الحادي والعشرين، ابتكرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وسيلةً جديدةً لتخفيف عبء البيروقراطية عن أصحاب مشاريع الطاقة المتجددة، الشمسية على وجه الخصوص، عبر منصةٍ إلكترونية تدرس خطة المشروع وتمنحه التصريح القانوني تلقائياً، فتختصر وقت المعاملات من أسابيع إلى دقائق.

 · · 22 يناير 2024

اليابان تعلّق آمالها على الهيدروجين لمستقبل أخضر

رسمت اليابان أهدافاً طموحةٍ لمستقبلٍ محايدٍ لمستويات الكربون، فوضعت الاستراتيجية الوطنية الساعية إلى مجتمعٍ قائمٍ على الهيدروجين وبشكلٍ مجدٍ اقتصادياً، فافتتحت محطة عالمية للهيدروجين الأخضر، وأطلقت أولى سفن نقل الهيدروجين المسال، وصمّمت سياسات الدعم الحكوميّ وعقدت الشراكات الدوليّة لبلوغ رؤية العام 2050. عقب الإجماع العالميّ على هدف مواجهة تغيّر المناخ وتحقيق الحياد الكربونيّ، تخرج الحكومات […]

 · · 22 يناير 2024

إندونيسيا تضع البيانات الصحية في متناول أيدي مواطنيها

على خطى التجارب الرقمية الناجحة للدول الأخرى، تعمل إندونيسيا على إنشاء سجلّ صحيّ إلكترونيّ موحّد يتضمّن التاريخ الطبيّ لكلِّ مواطنٍ على حدة، ويتيح مشاركة المعلومات بين المرافق الصحية بسهولة والرجوع إليها وتحديثها في أيّ وقت.

 · · 1 نوفمبر 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right