توأم رقمي دقيق في أستراليا باستخدام نموذج الجاذبية المبتكر

توأم رقمي دقيق في أستراليا باستخدام نموذج الجاذبية المبتكر

1 دقيقة قراءة
لتحسين التخطيط والمشاركة المجتمعية، تعمل حكومة نيو ساوث ويلز على تطوير توأمٍ رقميٍّ للبنية التحتية في التجمُّعات البشرية والبيئة الطبيعية المتاخمة لها، حيث ستجمع الطائرات البيانات لتقدِّمَها الحكومةُ لمواطنيها عبر منصةٍ ذكيةٍ سهلة الاستخدام تمدُّهم بما يحتاجون من معلومات.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لتحسين التخطيط والمشاركة المجتمعية، تعمل حكومة نيو ساوث ويلز على تطوير توأمٍ رقميٍّ للبنية التحتية في التجمُّعات البشرية والبيئة الطبيعية المتاخمة لها، حيث ستجمع الطائرات البيانات لتقدِّمَها الحكومةُ لمواطنيها عبر منصةٍ ذكيةٍ سهلة الاستخدام تمدُّهم بما يحتاجون من معلومات.

يستدعي التخطيط دراسةً وافية وتحليلاً متأنّياً لكلّ المعطيات والمتغيّرات، وهذا ينطبق على أيّ مشروعٍ مستقبليّ، سواءٌ أكان صنع آلةٍ أو تشييدَ مبنى، حيث لم يعد كافياً اختيارُ الأرض، ولا بدّ من دراسة كلّ تفاصيلها، وما فوقَها، وما تحتَها.

عند الحديث على مستوى المدن والدول، يواجه مخطِّطو المدن تحدياتٍ جسيمة في تخطيط المشاريع المستقبلية التي ينبغي عليها تحقيقُ معاييرَ تزداد دقةً وصرامةً كلّ يوم، مع توجّه العالم صوب المدن المستدامة والآمنة والصديقة للبيئة. كلُّ هذا في ظلّ تسارعٍ مقلقٍ لتأثيرات تغيُّر المناخ والكوارث الطبيعية من زلازل وفيضاناتٍ وغيرها، ونضوبٍ للموارد الطبيعية، وفي مقدِّمتها المياه الجوفية.

ولأنّ تصميمَ أيّ بنيةٍ جديدة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار كلّ هذه العوامل وغيرَها، فلا بدّ من وسيلةٍ ميسورة التكلفة لتوقّع السيناريوهات المختلفة ونتائجها. ومن هنا، وُلدت فكرة التوأم الرقميّ، الذي يشير إلى تمثيل افتراضيّ للعالم الفعليّ بما فيه من عناصرَ ماديةٍ وعملياتٍ وعلاقاتٍ وسلوكيات، ودمج كلّ هذا بأتمتةٍ متطوِّرةٍ تقدّم توقعات مستقبلية.

في العام 2020، أعلنت حكومة نيو ساوث ويلز تخصيصَ قرابة 27 مليون دولار أمريكيّ من ميزانية صندوق التحوّل الرقميّ للبدء بإنشاء توأمٍ رقميٍّ مكانيّ لكلٍّ من البنية التحتية المشيَّدة والمناطق الطبيعية، على أن تواصل توسيعه بشكلٍ سنويّ.

بدأ العمل بإنشاء تمثيلاتٍ افتراضيةٍ لـ7 مناطق تتصف بمعدّل نمو سكاني مرتفع، يمكن من خلالها إجراء محاكاة للمشاريع المخطّط لها، ومعرفة نتائجها على السكان والبيئة وحركة المرور وغيرها من العناصر الحيوية، ومن ثم يمكن إدخال التعديلات على المخططات. وقد اختيرت منطقة باثهرست لتكون أول مركزٍ إقليميّ يحظى بنموذج ثلاثيّ الأبعاد، وهو واحدٌ من أقدم المواقع في أستراليا.

لإنشاء التوأم الرقميّ، تعمل آلةُ تصويرٍ خاصةٌ على جمع صور متعدّدة لأي جسم أو موقع من زوايا مختلفة. ثم تتراكم هذه الصور في طبقات متداخلة بفضل النُّظم الحاسوبية المعقّدة التي تجمعها مع إحداثيات الأبعاد الثالثة والرابعة المُدخلة مسبقاً. والنتيجة هي نموذج محاكاة متعددُ الأبعاد وبالغُ التفصيل والدقة، إذ يمكن للمستخدِم أن يسقط عليه سيناريوهاتٍ مختلفةً ويطّلع على نتائج كلٍّ منها عبر معادِلاتٍ بصريةٍ تقوم على المحاكاة والتعلُّم الآليّ والاستنتاجات المنطقية.

اختارت الحكومة مشاركة التوأم الرقميّ مع مختلف المهتمين من المسؤولين مروراً بأصحاب الأعمال والمشاريع وليس انتهاءً بالسكّان العاديين، حيث يمكن الوصول إلى المعلومات الرقمية المكانية عبر منصةٍ إلكترونيةٍ أو تطبيقٍ ذكيٍّ يتيح لمستخدميه إيجاد المعلومات وفق احتياجاتهم والأماكن التي يحدّدونها كالمدرسة أو المستشفى، وهو متاح للهواتف المحمولة والحواسيب الشخصية واللوحية.

في عام 2022 تلقى المشروع أحدث ترقية، حيث تقوم الحكومة بوضع نموذج للجاذبية بوصفها عاملاً متغيِّراً يرتبط باختلاف توزُّع كُتَل المواد تحت الأرض، ويلعب– في الوقت نفسه– دوراً جوهرياً في مشاريع البنى التحتية وإدارة الثروات الطبيعية والتنبؤ بالكوارث الطبيعية.

لوضع هذا النموذج، استخدم فريق المشروع أجهزة القياس الجوية التي تحسب مجال الجاذبية الأرضية بدقةٍ عاليةٍ تتفوق على أنظمة الملاحة العالمية عبر الأقمار الصناعية، حيث تحلّق الطائرات على ارتفاع 300 متر فوق المناطق المأهولة بالسكان مقابل 160 متراً فوق المناطق الأخرى، وهذا ما توصي به إرشادات هيئة سلامة الطيران المدنيّ التي تشترطُ أيضاً ألا تؤثّر هذه العمليات على الناس أو الحيوانات أو البنى التحتية، وألا تتضمّن تصوير المواقع بما فيها من ممتلكاتٍ وأفراد. في كلّ رحلة، تقطع الطائرة مسافة كيلومترين أو أكثر بقليل، لترصدَ الاختلافات الطبيعية في قوة الجاذبية الطبيعية للأرض.

تغطي هذه البيانات أكثر من 800 ألف كيلومتر مربّع وصولاً إلى مسافة 50 كيلومترٍ قبالة سواحل نيو ساوث ويلز، ومن المخطط أن تُضاف إلى البيانات التي جُمعت سابقاً عبر عقودٍ من جهود دراسة الجاذبية وعلوم الأرض، والتي– وإن كانت ذات دقةٍ مكانيةٍ منخفضة– تقدّم معلوماتٍ ثمينةً تم الحصول عليها عبر العمل الميدانيّ وصور الأقمار الصناعية والطائرات، وذلك حتى العام 1992.

تبنّى النموذج الجديد مقاييسَ ثابتة للجاذبية، وذلك لتمكين الاستفادة من هذه البيانات مراتٍ ومرات، حيث ستكون متاحةً بشكلٍ مجانيّ على منصة البيانات المفتوحة، وقاعدة البيانات الوطنية لعلوم الأرض، والبوابات الإلكترونية التابعة للجمعية الأسترالية للعلوم الجغرافية.

يتميز النموذج الجديد بسهولة ودقةٍ أكبر في جمع بيانات التضاريس وتدفّق المياه، وهذا ما يسمّى بـ"ارتفاعات العالم الحقيقي"، ويقدّم للباحثين– أخيراً– الأساسَ الدقيق والموثوق الذي يمكن للتوائم الرقمية أن تُبنى عليه، الآن وفي المستقبل.

تقدِّر حكومة نيو ساوث ويلز أنّ هذه الخطوة ستوفّر أكثر من 250 مليون دولار خلال العقد المقبل، في حين يُتوقّع أنّ مشاريع الأماكن الذكية ستوفّر حوالي 450 مليون دولار خلال الفترة نفسِها.

تمتدّ الآفاق واسعةً أمام تقنية التوائم الرقمية في مجالات الهندسة والتخطيط والمراقبة وإنشاء البنية التحتية وتحقيق الاستدامة والاستجابة للطوارئ والكوارث الطبيعية وتغيّر المناخ والمشاركة المجتمعية واتخاذ القرار واختبار الأفكار والتجارب الجديدة.

يمكن القول إنّ هذا المفهوم يتيح للحكومة جمع مشاريع البنية التحتية السابقة والحالية والمستقبلية في منصة واحدة لاتخاذ قرارات مستنيرة تحقق النفع الأقصى للمجتمع.

المراجع:

https://www.nsw.gov.au/media-releases/bathurst-becomes-first-regional-centre-digital-twin

https://www.nsw.gov.au/media-releases/world-leading-spatial-digital-twin-launched-nsw

https://www.nsw.gov.au/media-releases/digital-twin-revolutionises-planning-data-for-nsw

https://www.nsw.gov.au/customer-service/media-releases/new-gravity-model-to-transform-data-for-nsw

https://www.spatial.nsw.gov.au/what_we_do/projects/live_nsw_gravity_model

https://www.statedevelopment.qld.gov.au/news/how-digital-twins-could-help-us-plan-a-better-queensland

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right