تطبيق "لوكس تشات": نحو ضمان الخصوصية والأمان في المراسلة الفورية

تطبيق "لوكس تشات": نحو ضمان الخصوصية والأمان في المراسلة الفورية

1 دقيقة قراءة
استجابةً للمخاوف المتزايدة حول خصوصيّة البيانات، ولاعتبارات الأمن القوميّ التي تضاهيها أهميةً، أطلقت لوكسمبورغ تطبيق مراسلةٍ فوريةٍ وطنياً، وهو نتاج تعاونٍ بين القطاعين الحكوميّ والخاص، يقدّم للمواطنين بديلاً موثوقاً متعدِّد السمات، في تجربةٍ تسلِّط الضوء على أهمية الابتكار وإرساء بنيةٍ تحتيةٍ رقميةٍ آمنةٍ ومتطوّرةٍ في آنٍ معاً.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

استجابةً للمخاوف المتزايدة حول خصوصيّة البيانات، ولاعتبارات الأمن القوميّ التي تضاهيها أهميةً، أطلقت لوكسمبورغ تطبيق مراسلةٍ فوريةٍ وطنياً، وهو نتاج تعاونٍ بين القطاعين الحكوميّ والخاص، يقدّم للمواطنين بديلاً موثوقاً متعدِّد السمات، في تجربةٍ تسلِّط الضوء على أهمية الابتكار وإرساء بنيةٍ تحتيةٍ رقميةٍ آمنةٍ ومتطوّرةٍ في آنٍ معاً.

يتّفق معظمُنا على أنّ حريّة الإنسان هي هويتُه ووجودُه، لكنّ هذا لم يَحُل دون المواجهة القائمة دائماً بين الخصوصيّة الفرديّة والأمن القوميّ، وما يرافقها من مخاوف حول النقطة التي تحقِّق التوازن الدقيقَ بين الأمرَين، وهي مخاوف تتعاظم مع تقدُّم التكنولوجيا يوماً بيوم.

لم تكن لوكسمبورغ استثناءً في هذا السياق، خاصّةً أنّها دولةٌ أوروبيّةٌ تلتزم بمعايير الاتّحاد الذي تتمتّع بعضويَّته، مثل اللائحة العامّة لحماية البيانات، لكنّ الحكومة وجدت أنّ مخاوف الخصوصية تتنامى في خطٍّ متوازٍ مع التحدّيات الأمنيّة، كما أنّ العديد من تطبيقات المراسلة الفوريّة تعتمد على تحقيق الدّخل من بيانات المستخدِمين.

لذا، أطلقت الحكومة شراكةً مع غرفة التجارة وعدّة جهاتٍ خاصّة لتطويرِ "لوكس تشات" الذي يقدِّم للمواطنين والشركات والموظّفين الحكوميّين وسكّان المناطق الحدوديّة خيارَ مراسلةٍ فوريّةٍ مجّانياً وآمناً وموثوقاً وخالياً من الإعلانات ولا يستخدم البيانات الشخصيّة لأغراضٍ تجاريّة.

يتيح التطبيق لمستخدميه مشاركة الرسائل النصيّة والمستندات والصور ومقاطع الفيديو في غرف الدردشة الفردية أو الجماعية، إلى جانب إجراء المكالمات الصوتيّة أو مكالمات الفيديو ومشاركة الموقع الجغرافيّ وغير ذلك.

يستخدم التطبيق بروتوكول "ماتركس" أي "المصفوفة"، وهو عبارة عن نظام مفتوح موحّد للاتصالات الفورية يضمن أقصى درجة من الأمان ويعطي الأولويّة لحماية البيانات، ويسمح بالاتّصال المفتوح والقابل للتشغيل البينيّ مع أيّ نظام آخر يعتمد البروتوكول نفسه.

في مرحلة تصميم البرمجيّات، حرص فريق التطوير أولاً على تشفير الاتصالات تماماً، بحيث لا يطّلع عليها سوى طرفاها، كما تتم استضافتُها كلِّها مصحوبةً بالبيانات في مراكز بياناتٍ آمنةٍ داخل حدود لوكسمبورغ، وليس في أيّ بلدٍ آخر. بالإضافة إلى ذلك، تم توفير التطبيق على أنظمة التشغيل المتعدّدة مثل "أندرويد" و"آي أو إس" وعبر الويب، ريثما يجري العمل لإصدار نُسَخٍ تعمل على الحاسوب الشخصيّ على اختلاف أنظمته.

كما أتاح الفريق الوصولَ إلى التطبيق عبر شبكةٍ من مقدِّمي الخدمات المستقلِّين، شرط الالتزام بالمعايير الصارمة للجودة الفنّيّة والأمان وحماية البيانات الشخصيّة، ولم يتمّ إلزامُهم بالخدمات المجانيّة. ففي حين يحصل المستخدِمون على خدمات المراسلة الأساسيّة دون مقابل، يمكن لمقدِّمي الخدمات طرحُ إصداراتٍ مدفوعةٍ أو تطويرُ خدماتٍ أخرى مقابل رسومٍ إضافيّة.

بعد إعداد كلّ شيء، اختيرَت فعاليّة "أيام الإنترنت في لوكسمبورغ" موعداً للإعلان عن التطبيق، فهي حدثٌ يجمع المهتمّين بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ويناقش تطوّراتِها في البلد والمنطقة. ثم جاء الطرح الأوليّ للتطبيق عبر نسخةٍ سُميَت "لوكس تشات فور غوف"، وخُصِّصَت للموظّفين الحكوميّين الذين استخدموا التطبيق في فترته التجريبيّة لأغراض العمل، لكن ضمن بيئةٍ خاضعةٍ للرقابة، وذلك بغية اختباره ورصد الأخطاء، إن وُجدت، وتلافيها.

في نوفمبر من العام التالي، شهدت النسخة العاشرة من "أيام الإنترنت" الإطلاق الرسميّ للتطبيق، ليصبحَ بمتناول الناس والشركات والجمعيّات.

هنا، برز التحدّي الأول، وهو تحقيق الانتشار، فالناس يميلون للتمسّك بما هم معتادون عليه، وكان لا بدّ من تشجيعهم على تجربة التطبيق الجديد وتبنّيه، وهذا جزءٌ من تحدٍّ أكبر، وهو بناء الثقة بالبديل الوطنيّ وزيادة الوعي العام بأهمية خصوصية البيانات والتواصل الآمن. وحلُّ كلا التحدّيّين يكمن في الجودة التي يقدّمها التطبيق، وهذا تحدٍّ ثالث، حيث تعيّن على الفريق بذلُ جهدٍ هائلٍ لتطوير خدمة مراسلةٍ تلتزم بمعايير البيانات العالية بما فيها التشفير الشامل والخصوصيّة، وتتوافق مع اللائحة العامّة لحماية البيانات، ولا تمسّ بتجربة المستخدِم في الوقت نفسِه.

تجّلت نتيجةُ هذا الجهد من خلال تطبيق يقدِّم التنوُّع والأمان وراحة المستخدِم، ويعزِّز البنية التحتيّة الرقميّة والابتكار والتميّز والخدماتِ المصمّمةَ خصيصاً في قطاع الاتصالات الرقميّة، ويدعم حالة التكامل بين القطاعَين الحكوميّ والخاص، ويحفِّز النموّ الاقتصاديّ المحليّ، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، فيتيح الفرصة للشركات، الرائدة والناشئة على حدٍّ سواء، للمشاركة في مشروعٍ وطنيٍّ ضخمٍ ورفيع المستوى.

على الصعيد الحكوميّ، استطاع التطبيق تبسيط التواصل بين العاملين في مؤسّسات الدولة وضمان سرّية المعلومات التي يتبادلونها، ما يساهم في تعزيز الكفاءة التشغيليّة.

من خلال إنشاء نموذج على مستوى الاتحاد الأوروبيّ، يمكن القول إنّ لوكسمبورغ قد اجتازت عتبةً مهمة نحو تحقيق السيادة الرقميّة بتطويرِها لخيار مراسلةٍ محليّ. ولعلّ أهمّ ما في الأمر هو أنّ هذا التطبيق يجمع بين الاستجابة لاحتياجات المواطنين المتنامية والحفاظ على أمنهم، الهدف الذي تسعى إليه معظم الحكومات في هذا العصر الرقميّ.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

الرقمنة نحو مجتمع أفضل: الدروس المستفادة من التجربة المكسيكية

على الرغم من كونها عاصمة لأحد أكبر اقتصادات العالم وتمتعها بتاريخ عريق، تواجه مكسيكو سيتي تحديات صعبة من ضمنها الفقر والاكتظاظ السكاني. وفي ظل البيروقراطية وعدم المساواة الاجتماعية السائدة تبدو التحديات كبيرة والحلول مستعصية. لكن بوادر التغيير، وإن كانت بطيئة، بدأت بالظهور بفضل جهود الوكالة الرقمية للابتكار العام التي تشكل تجربتُها حالةً نموذجية تسلط الضوء على أهمية الدعم السياسي والمالي، وتعاون مختلف الدوائر الحكومية، لتوفير خدمات حكومية رقمية فعالة تساهم في تحسين نوعية حياة سكان المدينة.

 · · 18 سبتمبر 2024

التكنولوجيا الخضراء: مبادرة سنغافورة للارتقاء بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات نحو الاستدامة

يعدّ أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تغير المناخ ضئيلاً نسبياً حين مقارته بمصادر الانبعاثات الكربونية الرئيسية كالمواصلات والأنشطة الصناعية والبشرية الأخرى التي تستخدم الوقود الأحفوري بكثافة. لكن مع نمو الطلب على هذا القطاع وبنيته التحتية، من المتوقع أن ترتفع كثيراً مساهمته التي تقدر اليوم بين %1.8 و%4 من مجمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالمياً، لتبلغ نحو %14 بحلول العام 2040، ما يجعله مصدر قلق متنامٍ لكافة الدول الساعية للحد من آثار تغير المناخ. في مواجهة هذا التحدي، أطلقت سنغافورة التي تتميز باستخدامها المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مبادرة شاملة وطموحة تستهدف خفض معدل الانبعاثات الناتجة حالياً عن هذه التكنولوجيا بمعدل %50 بحلول العام 2030، تماشياً مع الأهداف العالمية في هذا المجال.

 · · 18 سبتمبر 2024

استخدام مبتكر للبيانات لدعم صنّاع القرار في قطاع الصحة الكندي

شكلت جائحة كوفيد-19 تحديا عالميا غير مسبوق، وكشفت عن نقاط ضعف في صنع السياسات وأنظمة الرعاية الصحية أدت إلى أوجه قصور في إدارة الأزمات. غير أن بعض البلدان لجأت إلى نهج مبتكرة ساعدت على التخفيف من أثر الأزمة وأثبتت جدارتها في أن تصبح جزءا من آليات دعم التأهب لحالات الطوارئ الصحية في المستقبل. كانت كندا واحدة من هذه البلدان ، حيث تبنت البيانات الضخمة لتتبع حركة السكان لإبلاغ عملية صنع القرار في مواجهة COVID-19.

 · · 22 أغسطس 2024

"التنقل كخدمة": الحكومة البريطانية تجمع كل وسائل النقل على منصة واحدة

انطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات في عدد من الدول تسعى إلى استثمار التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقنيات الدفع الإلكتروني، في جمع خدمات وسائط النقل المختلفة على منصة واحدة، توفر للمستهلكين سهولة غير مسبوقة في التخطيط لرحلاتهم، واختيار وسائل النقل التي تناسبهم، والحجز، وشراء التذاكر– ضمن ما أصبح يطلق علية تسمية "التنقل كخدمة". لكن هذه التجارب لا زالت في بداياتها، وهي محدودة النطاق بشكل عام نظراً لمجموعة من التحديات. في المملكة المتحدة، حيث تم إطلاق أكثر من مبادرة في هذا المجال، أصدرت الحكومة مؤخراً مدونة ممارسات خاصة بمفهوم وتطبيقات "التنقل كخدمة" كمرجع للمعايير والإرشادات التي تتوافق مع توجهات وطموحات الحكومة لمشهد التنقل في المملكة، خاصة من جهة المحافظة على الشمول المجتمعي، وضمان نفاذ كل فئات المستخدمين للخدمة.

 · · 22 أغسطس 2024

توظيف أجهزة الاستشعار الذكية في بيانات إدارة الطرق

مع تقدم التكنولوجيا في مجال الكاميرات الذكية، وأجهزة الاستشعار، ونقل للبيانات، والذكاء الاصطناعي، بدأت بعض المدن الكبرى بالنظر في استغلال هذه التقنيات مجتمعةً في حل المشاكل الناجمة عن حركة المرور على الطرق الداخلية والمحيطة بها. من أبرز الجهود المبتكرة في هذا المجال مشروعان تجريبيان أطلقهما مؤخراً كل من مجلس مدينة ولينغتون، عاصمة نيوزيلندا، ودائرة النقل في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة.

 · · 23 يوليو 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right