برنامج مبتكر للتأهب بالكوارث الطبيعية في الفلبين

برنامج مبتكر للتأهب بالكوارث الطبيعية في الفلبين

1 دقيقة قراءة
باقتصادٍ يعتمد على الموارد الحساسة للمناخ، وكوارثَ طبيعيةٍ تزداد شدةً وتواتراً مع كل يومٍ يمرّ، تعمل الحكومة الفلبينية للاستفادة من تقنيات المعلومات لبناء المرونة في وجه تلك الكوارث.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

باقتصادٍ يعتمد على الموارد الحساسة للمناخ، وكوارثَ طبيعيةٍ تزداد شدةً وتواتراً مع كل يومٍ يمرّ، تعمل الحكومة الفلبينية للاستفادة من تقنيات المعلومات لبناء المرونة في وجه تلك الكوارث.

كلّ عام، تتسبّب الكوارث الطبيعة بخسائر هائلة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية. ومع الواقع الجديد الذي يفرضه تغيّر المناخ وأنماط الحياة المعاصرة، يتطلّب ضمان التعافي للجميع فهماً أفضل لآثار السياسات الحكومية.

لوقوعها في حزام الأعاصير بالمحيط الهادئ، انفردت الفلبين بحصةٍ كبيرة من العواصف والفيضانات والزلازل وغيرها من الظواهر التي تهدّد 60% من أراضيها و75% من سكانها، وتتكرر– خلال العقد المنصرم– بمعدّل 19 مرة سنوياً. وتشير سجلات الكوارث الطبيعية للعام 2021 أنّ ثاني أخطر كارثة في العالم كانت إعصار "راي" الذي دمّر الجزر والمجتمعات الساحلية الفلبّينية وسبّب فيضاناتٍ غمرت شوارع المدن وألحقت أضراراً كبيرةً بالأبنية والجسور والممتلكات الخاصة.

تلقي هذه الكوارث بآثار مضاعفة على الطبقات الفقيرة التي مثّلت– حتى العام 2020– أكثرَ من 16% من تعداد السكان، وذلك حين حظيت الفلبين بأحد أكثر اقتصادات المنطقة ديناميكيةً، أي قبل جائحة كوفيد-19 التي خفّضت الاستهلاك والاستثمار والصادرات والسياحة والتحويلات وزادت نِسَب الفقر والبطالة. 

وحيث يزيد تغير المناخ تواترَ هذه التهديدات، تسعى الحكومة الفلبينية للوقاية من الكوارث الطبيعية، فأطلقت وزارة العلوم والتكنولوجيا مبادرة "جيو ريسك" الحكومية، لبناء قاعدة بياناتٍ مركزية للمساعدة في التنبؤ بالكوارث الطبيعية والتأهب لمواجهتها، وذلك بالتعاون مع كلٍّ من المعهد الفلبيني لعلم البراكين والزلازل، وبرنامج تقوية المؤسسات وتمكين المجتمعات المحلية ضد الكوارث وتغير المناخ، وهي مبادرة أطلقتها الحكومة الأسترالية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الفلبين لخدمة الهدف نفسه.

يشير اسم المبادرة إلى المخاطر الجغرافية المكانية التي تتعرض لها البلاد، وهي تهدف إلى جمعها، مع غيرها من المعطيات ذات الصلة، ضمن مستودع للمعلومات، وإنشاء آلية مرنة لمشاركة البيانات بين الكيانات المختلفة.

عبر "جيو ريسك"، يمكن للمستخدمين معرفة ما إذا كان موقعٌ ما عرضةً للمخاطر الطبيعية، ويمكنهم الاطّلاع على صورٍ مُكبَّرةٍ للطرق والجسور والمنازل وغيرها من البنى التحتية التي قد تتأذّى في حال وقوع كارثة. وفي حين تستغرق الكيانات الحكومية قرابة يومين لإعداد تقرير لتقييم المخاطر، تؤدي هذه البرمجيات المهمة نفسها خلال ربع دقيقة.

ولأنّ البعض أقدرُ على فهم المعطيات البصرية وتذكُّرِها، تقوم قاعدة البيانات بإنشاء خرائط ومخططات ورسوم بيانية للكوارث الوشيكة، وتبيانِ المناطق والمجموعات السكانية والمرافق العامة الأكثر عرضةً للتأثر لمساعدة المستخدمين في فهمها والاستعداد لها.

في السياق نفسه، تعاونت الوزارة مع المجلس الفلبيني للصناعة والطاقة والتقنيات الناشئة وجامعة "مابوا" لتصميم برنامج التقييم والتسجيل الصحيَين الشاملَين للأبنية، الذي سُمي "آشر" (USHER)، والذي يهدف لمقاربة المخاوف المتعلقة بحالة الأبنية قبل الزلازل، وأثناءَها، وفي أعقابِها. وتفتخر الفلبين بكون الفريق الذي قام بالعمل على هذا البرنامج يحتوي على نخبة من الخبراء والمهندسين المحليين.

تتضمن التقنية التي تم تركيبُها في 160 موقعاً حتى الآن، جهازاً متقدماً لقياس التسارع وبوابةً على الانترنت وتطبيقاتٍ للهواتف المحمولة، ويمكن تركيبُها في الهياكل المُشيَّدة أياً كان نوعُها أو عمرُها، وتتيحُ للمطورين والمهندسين المدنيين مراقبتَها من أيّ مكان وفي أيّ وقت.

وبالمثل، طوّرت الوزارة نظام التقييم السريع لأضرار الزلازل، وأسمته اختصاراً "ريداس" (REDAS). سيقوم هذا النظام بمحاكاة المظاهر والمخاطر المرتبطة بالزلازل كالهزات والانهيارات الأرضية وتسيُّل التربة، ليستخدمها في قياس التأثيرات والخسائر. ويتكامل معه مشروع فهم البرق والعواصف الرعدية، "يولات" (ULAT)، الذي يستخدم أنظمةً حاسوبية ونماذجَ وخوارزميات تعلُّم آلي تقوم بتحليل البيانات المباشرة التي تجمعها أجهزة الاستشعار، فيراقب معدّلات هطول الأمطار الغزيرة وحدوث العواصف الرعدية، ويبني عليها تنبؤاتٍ بحالة الطقس على المدى القريب. 

منذ سنوات، تعمل الحكومة الفلبينية على تغيير مقارباتها في التعامل مع الكوارث، وعادةً ما ركّزت سياساتُها على ما بعد الكارثة، إلى أن سنّ الكونجرس الفلبيني القانونَ الوطنيّ لاحتواء الكوارث وإدارتها، والذي يقدم إطاراً وطنياً للحوكمة وبناء المقاومة ويحوّل آليات الاستجابة التقليدية إلى نظامٍ متعدد المستويات، حيث تحظى المبادرات الوقائية بـ70% من التمويل الحكومي المخصّص للكوارث مقابلَ 30% فقط لبرامج الإغاثة والتعافي. بموجب هذه التشريعات، تلتزم كلّ مقاطعة ومدينة وبلدية بإنشاء مكاتب محلية خاصة بإدارة الكوارث، لتطوير خطط جزئية تشكّل معاً الخطة الشاملة التي يشرف عليها مكتب الدفاع المدني التابع لوزارة الدفاع الوطني.

بالتوازي مع هذه الجهود، تعمل الحكومة على تطوير بنية تحتية مرنة تساعد على التعافي ولا تؤخِّرُه، وهذا يشمل البنية التحتية الخضراء الضرورية للإيفاء بالتزامات العمل المناخي.

على أي حال، مهما بلغ التأهب البشري، سيبقى محدودَ القدرة أمام الكوارث الكبرى. وإدراكاً لهذه الحقيقة، طوّرت الحكومة الفلبينية آليات لتنسيق جهود الاستجابة لتشمل الفِرقَ المحلية والوطنية والإقليمية والقوات المسلحة والمنظمات غير الحكومية الدولية التي قد تُدخِل المعدات والتبرعات وغيرها.

من خلال توظيف التقانة في بناء المقاومة، تتطلّع الحكومة الفلبينية إلى بناء فهمٍ شاملٍ وعميقٍ للكوارث وإرساء منظومة مرنة للتعامل معها وحماية البلاد منها.

المراجع:

https://www.preventionweb.net/news/innovation-philippine-disaster-management-keeping-neighbours

https://reliefweb.int/report/philippines/2021-philippines-disaster-management-reference-handbook

https://georisk.gov.ph/

https://govinsider.asia/citizen-centric/data-vs-disaster-inside-the-philippines-natural-emergency-preparedness-programme-undp-philippines/

https://www.wipo.int/ipadvantage/en/details.jsp?id=12465

https://www.pna.gov.ph/articles/1171660

https://www.pna.gov.ph/articles/1097548

https://www.wipo.int/ipadvantage/en/details.jsp?id=12465

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

ثلاث مدن تنفّذ حلولاً مبتكرة لمواجهة موجات الحر

تمثّل ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة الحاد في المدن تهديداً لصحة السكان وجودة حياتهم. لذا تسعى الحكومات إلى اعتماد طرائق مبتكرة لاحتواء هذه الظاهرة، بدءاً من إرشاد الناس للاحتماء منها كما في ملبورن السويسرية، مروراً بإنشاء المساحات الخضراء لتبريد المدينة وكسر حدة التلوّث كما في باريس الفرنسية، وليس انتهاءً بتركيب مظلّات تقي الناس حرّ الشمس كما في إشبيلية الإسبانية.

 · · 19 ديسمبر 2023

الحكومات المحلية في المملكة المتحدة تستثمر التكنولوجيا الجغرافية المكانية

تسعى العديد من الحكومات المحلية في المملكة المتحدة لإدماج الأدوات التقنية في عمليات التخطيط، واللجوء إليها لفهم البيئات الحَضَرية ورسم الخرائط التفاعلية والتصوّرات ثلاثية الأبعاد وإشراك الناس في عمليات صنع القرار.

 · · 18 سبتمبر 2023

اختبار مياه الصرف الصحي مرجعاً لقرارات الصحة العامة

كوسيلةٍ إضافيةٍ لتتبُّع حركة فيروس كورونا الذي يتطوّر بوتيرةٍ شبه يومية، لجأت بعض الدول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى مراقبة شبكات الصرف الصحيّ وتحليل عيناتٍ منها لرصد وجود الفيروس في منطقةٍ ما قبل حتى ظهور أيّ إصابةٍ فيها.

 · · 25 أبريل 2023

مدن أمريكية تسوِّق لسكانها تطبيق الأمن السيبرانيّ

مع انتقال الكثير من الأنشطة الحياتية والوظيفية إلى الإنترنت وتزايُد المخاطر هناك، تتلاحق المدن الأمريكية لاستكشاف الحلول لحماية مواطنيها ومؤسساتها، فتبنّت العديد من المدن مثل دالاس ونيويورك وميشيغان سياسة تطوير التطبيقات الذكية التي تحظر البرمجيات الضارة وترشِد المستخدمين إلى تدابير الحماية.

 · · 12 أبريل 2023

الابتكار من الماضي ... بنغلادش تحيي تقنية المزارع العائمة

سعياً لتحقيق الأمن الغذائي الذي يهدده خطر الفيضانات، يستخدم المزارعون البنغاليون حلّاً عمره قرون، وهو تربية محاصيلهم في مزارع عائمةٍ على سطح المياه، مدعومين باهتمامٍ حكوميٍّ وغير حكوميّ يرى في هذا الابتكار ركيزةً في التنمية ومكافحة الفقر.

 · · 31 مارس 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right