سعيًا منها لمواجهة التحديات المتعلقة بالتغير المناخي والبيئة، قامت الدنمارك بالدمج بين أنظمة النقل المشتركة والعامة مثل استخدام السيارات الخاصة وتوزيع المناطق المزدحمة مع ضمان توفير الوقت والتكلفة على أفراد المجتمع.
يُشير مفهوم النقل المشترك إلى عملية تقاسم المركبات حسب الطلب بحيث يشترك الأفراد باستخدام مركبة واحدة سواء في الوقت نفسه (ومثال ذلك الركوب المشترك) أو في أوقات مختلفة (مثل الاشتراك في دراجة أو سيارة واحدة). بهذه الطريقة، يمكن للأفراد تقاسم تكلفة الرحلة مما يرسخ مفهوم استخدام وسائل النقل العام والسيارات الخاصة بشكل مشترك. تتضمن هذه الدراسة مثالين على استخدام وسائل النقل بشكل مبتكر في الدنمارك.
المثال الأول يأتي من مدينة جونغشوفد في ساوث زيلاند. لعدة سنوات، كانت FlexTur وسيلة النقل العامة الوحيدة المتاحة للتنقل من المدينة وإليها. واشتكى العديد من كبار السن من أنها باهظة الثمن وصعبة الاستخدام. استجابة لهذه الشكاوى، توصّل المجلس المحلي في جونغشوفد إلى حل تكميلي مناسب.
إذ أصبح بإمكان سكان المدينة استخدام حافلة مشتركة يطلق عليها اسم "Frøen" للتسوق أو زيارة الطبيب أو الأصدقاء وأفراد العائلة المقيمين في بلدة مجاورة. وبفضل الجهود التي بذلها المجلس المحلي لمدينة جونغشوفد، واصلت الحافلة عملها منذ شهر أغسطس عام 2017. ومن جهتها، توفر بلدية فوردنغبورغ خيار الحافلة المستأجرة التي يقودها متطوعون من المدينة. تبلغ تكلفة تذكرة باتجاه واحد 10 كرونة دنماركية وتتنقل الحافلة بين بلدة جونغشوفد وبرايستو مرتين في اليوم. أما في نهاية الأسبوع، يمكن لسكان المدينة استعارة الحافلة لأغراض خاصة.
حققت الحافلة نجاحًا كبيرًا منذ إطلاقها، حيث تم تنفيذ 343 رحلة منفردة خلال أول شهرين فقط من بدء تشغيل الحافلة واستعارها السكان ثلاث مرات. وخلال الفترة نفسها، انخفضت الرحلات الأغلى ثمنًا عبر حافلات "FlexTur" بنسبة 47% لتصبح 146 رحلة فقط. بشكل عام، لا تُكلف الخطة الجديدة البلدية مبالغ إضافية، لكنها منحت المستخدمين خيارات نقل أكثر بتكلفة أقل. والجدير بالذكر أن الحافلة أصبحت بمثابة مركز للتجمع الاجتماعي وقد شهد السكان المحليون أثرها الإيجابي على البلدة. وبالمعدل، تنقل الحافلة ثلاثة إلى أربعة ركاب في كل جولة كما أنها تشهد تزايدًا في عدد مرات استعارتها. وبعد فترة تجربة لمدة ستة أشهر، قررت بلدية فوردنغبورغ تمديد مدة المشروع لثلاث سنوات.
أما المثال الثاني فهو من مدينة أكبر وهي كوبنهاجن. يعد برنامج DriveNow أول برنامج لتقاسم السيارات مجانًا في العالم يتم دمجه مع وسائل النقل العام في كوبنهاجن. يوفر DriveNow سيارات كهربائية من شركات بي إم دبليو وميني في جميع أنحاء المدينة ليتم استخدامها من قبل الأفراد لغايات التنقل. على سبيل المثال، يمكن للفرد طلب استخدام سيارة من النقطة أ إلى النقطة ب. وما أن يتم تسجيله، كل ما عليه فعله هو إيجاد السيارة الكهربائية المركونة في النقطة أ وقيادتها إلى النقطة ب ثم ركنها في واحدة من نقاط الاصطفاف المعتمدة لدى DriveNow. يتم احتساب تكلفة استخدام السيارة حسب الفترة الزمنية بواقع كل دقيقة.
يخزن النظام معلومات حول استخدام السيارات ومقارنتها مع وسائل النقل العام وأماكن معيشة المستخدمين وعملهم. وتنطوي الخطة على تجميع معلومات حول المناخ والفعاليات ونبض المدينة وتخزينها كبيانات يمكن استخدامها لتحديد النقاط الأكثر طلباً وتحديد مواقع البنية التحتية التي تحتاج إلى تغيير. بالمجمل، هدفت هذه العمليات إلى توفير بنى تحتية مناسبة للاستخدام لكل من خطط السيارات المشتركة والاستخدام اليومي للسيارات الكهربائية المملوكة للقطاع الخاص. تخدم السيارة الكهربائية كمنصة عصرية، وذلك من خلال دمجها مع برنامج تنظيم رحلات إلكتروني وتوفير إمكانية استخدام بطاقة التنقل عبر مختلف أنحاء الدولة كمفتاح للدخول للنظام.
بدأ تشغيل نظام DriveNow في كوبنهاجن منذ أكثر من 4 سنوات الآن وقد ساهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل ملموس. وبناء على قصة نجاح DriveNow، يتوقع إضافة المزيد من السيارات إلى النظام ليكون متاحًا لعدد أكبر من الأفراد.
المصادر: