المملكة المتحدة تسعى إلى لقب "مركز التشفير العالمي"

المملكة المتحدة تسعى إلى لقب "مركز التشفير العالمي"

1 دقيقة قراءة
أطلقت هيئة الرقابة المالية البريطانية "سباق العملة المستقلّة" الذي سيجمع محترفين ومتخصصين من داخل القطاع لمشاركة الأفكار والرؤى التطويرية. سيسعى هذا الملتقى لاستكشاف طرقٍ لتعزيز القدرة التنافسية للنظام الضريبيّ في المملكة المتحدة، كما يهدف إلى مراجعة آليات تحديد الضرائب في حالات قروض الأصول المشفَّرة، حيث يقوم أصحاب هذه الأصول بإقراضِها لآخرين مقابل عائد. وفي هذا الصدد، تنسِّق الهيئة جهودَها مع دار سك العملة المَلَكية لتطوير رمزٍ غير قابل للاستبدال لهذه العملة. ويمكن تعريف الرموز غير القابلة للاستبدال بأنّها وثائق إلكترونية تمثِّل أصولاً فريدةً محفوظةً بصيغة مُرَقمنة لا يمكن تغييرُها، ما يمنحها قيمةً ويجعل إثباتَها ممكناً.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تتبنى حكومة المملكة المتحدة، في مساعيها لتطوير قطاع الخدمات المالية، نهجاً استشرافياً لإدخال العملات المشفَّرة المستقرة ضمن المنظومة المالية، وفق أُطُرٍ قانونيةٍ تضمن استخدامَها بشكلٍ موثوقٍ وآمن. 

العملات المستقرّة أحد أشكال الأصول المشفَّرة، وهي عبارة عن أصلٍ رقميٍّ مرتبطٍ بأصلٍ ثابت السِّعر مثل الدولار الأمريكيّ. عبرَ هذا الارتباط، تحافظ بدورِها على قيمةٍ ثابتة. وإذا ما ضُبِطَت بالشكل المناسب، من شأنها توفيرُ وسائل دفع أكثر راحة وخيارات أكثر تنوُّعاً للمستهلك، ما يجعلها مرغوبةً من قبل حكومات كثيرة.

واقع الأمر أنّ ترسيخ هذه العملات في أيّة منظومة مالية يستدعي إيجاد الظروف المناسبة لمصْدريها ومقدِّمي خدماتها، وهذا غير ممكنٍ دون إطارٍ تشريعيٍّ متين. ولهذا، فقد أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن سلسلة خطوات ترمي إلى منح الاعتراف بالعملات المستقلة كوسيلة دفعٍ مُعتمَدة، ضمن مسعى أشملَ لجعل المملكة المتحدة مركزاً عالمياً في تقنيات الأصول المشفَّرة واستثماراتها.

تمثَّل أوّلُ إجراء رسمي بوضع العملات المستقرّة ضمن اللوائح التنظيمية تمهيداً لاستخدامها للدفع، وذلك بدءاً بتشريع "صندوق حماية البنية التحتية للأسواق المالية" ليكون مساحةً آمنة تسمح للشركات بالتجربة والابتكار والتعلُّم واستكشاف الأخطاء دون التأثير على سير العمل.

بعد ذلك، أطلقت هيئة الرقابة المالية البريطانية "سباق العملة المستقلّة" الذي سيجمع محترفين ومتخصصين من داخل القطاع لمشاركة الأفكار والرؤى التطويرية. سيسعى هذا الملتقى لاستكشاف طرقٍ لتعزيز القدرة التنافسية للنظام الضريبيّ في المملكة المتحدة، كما يهدف إلى مراجعة آليات تحديد الضرائب في حالات قروض الأصول المشفَّرة، حيث يقوم أصحاب هذه الأصول بإقراضِها لآخرين مقابل عائد. وفي هذا الصدد، تنسِّق الهيئة جهودَها مع دار سك العملة المَلَكية لتطوير رمزٍ غير قابل للاستبدال لهذه العملة. ويمكن تعريف الرموز غير القابلة للاستبدال بأنّها وثائق إلكترونية تمثِّل أصولاً فريدةً محفوظةً بصيغة مُرَقمنة لا يمكن تغييرُها، ما يمنحها قيمةً ويجعل إثباتَها ممكناً.

وبغرض جذب الاستثمارات والوظائف وتوسيع خيارات المستهلك، فقد طُرحت المزايا والإعفاءات الاستثمارية على جدول الأعمال الحكوميّ لدراسة إمكانية توسيع نطاقِها. بالإضافة إلى ذلك، تبنَّت الحكومة نهجاً استباقياً تحلِّلُ من خلاله "تقنية السجل الموزَّع" وآفاقَها في الأسواق المالية، وتدرسُ الجدوى والفوائد المحتملة لاستخدامها لأدوات الديون السيادية، إذ تتيح هذه التقنية مزامنةَ البيانات ومشاركتَها لا مركزياً، لتحقيق أقصى درجات الكفاءة والشفافية والمرونة.

تخطط الحكومة لمواصلة المشاورات بشأن تنظيم قطاع الأصول المشفَّرة بشكلٍ أوسع وأكثر شمولاً. وقد سبق أن أطلقت وزارة الخزانة المَلَكية دعوةً لجمع الأدلة والمعطيات التي تخدم إرساء النهج التنظيمي. وعلى نطاقٍ أوسع، تحافظ حكومة المملكة المتحدة على مجالات التعاون العالمي والمشاركة الفاعلة في المنتديات الدولية والعمل لتكييف القواعد والمتطلَّبات وفقاً لمخرجات هذه المنتديات.

في نهاية المطاف، توصّلت الحكومة إلى 3 نقاط أساسية لإدماج العملات المستقرة ضمن المحيط التنظيمي. النقطة الأولى هي أن تعتمد شركات الدفع على إطار العمل الذي تقدِّمه "لوائح الأموال الإلكترونية الصادرة في العام 2011" و"لوائح خدمة الدفع الصادرة في العام 2017"، فهي تقدِّم أساساً لتمكين السوق واستقراره وإن لم توفِّر نظاماً واضحاً تماماً للعملات المستقرة. أما النقطة الثانية، فتستهدفُ الجزء الخامس من "قانون البنوك الصادر في العام 2009" وتسعى لتوسيع تطبيقِه ليشمل العملات المستقرة. بهذا، عند ظهور مخاطر متعلقة بالنظام، سيكون بنك إنجلترا معنياً بالقضية بوصفه السلطة الاحترازية الرئيسية بالنسبة للكيانات المرخصة من قِبَل هيئة الرقابة المالية والتي يعترف بها القانون. وأخيراً، ركّزت النقطة الثالثة على تنظيم المنافسة في النهجَين الماليّ والتكنولوجيّ، وذلك بتوسيع نطاق "قانون الخدمات المالية (الإصلاح المصرفيّ) الصادر في العام 2013" لإخضاع العملات المستقرة لـ "ضابط أنظمة الدفع". وستصدر الحكومة هذه التشريعات بما يتماشى مع جدول أعمال البرلمان.

كما بدأ العمل لإنشاء مجموعة مشاركة الأصول المشفَّرة التي ستجمع شخصياتٍ بارزةً من السلطات التنظيمية ليعملوا جنباً إلى جنب مع الممارسِين، وذلك لتقديم مشورتهم للحكومة والإجابة على تساؤلاتها حول الأصول المشفَّرة المستخدمة كاستثمارات تجزئة، وحول نمو التمويل اللامركزي، والأهم، لمشاركة أية تحديات تواجههم في المستقبل.

في مقدِّمة هذه التحديات، تأتي المخاوف من أن تهدِّدَ الشعبية المتزايدة لهذه العملات الأنظمةَ المالية القائمة. ورغم أنّها لا تشكّل حالياً أكثر من 0.1%، فهي مؤهلة للارتفاع بسرعة، وبالتالي فإنَّ من شأن انخفاضٍ حادٍّ في قيمتِها أن يحدِث تأثيراً غير مباشرٍ على المنظومة المالية ككل.

أما التحدّي الثاني الذي لا يقلّ أهمية، فهو التأثير البيئيّ لهذه العملات، إذ يتم إنشاؤها عبر حواسيب فائقة، ضمن عمليةٍ التعدين التي تستهلك الطاقة بكثافة، وقد أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ إنشاء عملة "بيتكوين" مثلاً يولِّد اليومَ انبعاثاتٍ كربونيةً مساويةً لما تولِّده دولة اليونان. وقد تعهّدت حكومة المملكة المتحدة بدراسة هذه القضية بتعمُّقٍ إلى جانب قضايا أخرى مثل احتمال إساءة استغلال العملات المشفَّرة من قِبَل المجرمِين، ما يستدعي سنّ قوانين إضافيةٍ كما تفعل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.

 بصورة عامة، إذا ما استُثمِرت هذه التكنولوجيا بالشكل الصحيح، يمكنها ضمان الاستقرار الماليّ والمعايير التشريعية العالية. ووفقاً لتطلُّعات المملكة المتحدة، ستفضي هذه الجهود إلى بيئة عملٍ منظَّمة تتيح للشركات خيارات الاستثمار والابتكار والتوسُّع، بوجود أُطُر قانونية تديرها السلطات، فتصدِّر من خلالِها الثقةَ التي يحتاجها قطاع الخدمات المالية ليحتلَّ الصدارة العالمية.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right