الحكومة الكندية تتبنّى المسرِّع الرقميّ نموذجاً تعاونياً لحلول الذكاء الاصطناعيّ

الحكومة الكندية تتبنّى المسرِّع الرقميّ نموذجاً تعاونياً لحلول الذكاء الاصطناعيّ

1 دقيقة قراءة
سعياً لنشر التقنيات الحديثة في العمل الحكوميّ، تبنَّت إدارة الموارد الطبيعية الكندية نهجاً تعاونياً يجمع خبراء البيانات لدعم عمليات الإدارة والتخطيط واتخاذ القرار.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

سعياً لنشر التقنيات الحديثة في العمل الحكوميّ، تبنَّت إدارة الموارد الطبيعية الكندية نهجاً تعاونياً يجمع خبراء البيانات لدعم عمليات الإدارة والتخطيط واتخاذ القرار.

قبل سنوات، أدركت حكومات كثيرة حول العالم حجمَ الفرصة التي يقدِّمها الذكاء الاصطناعيّ، وخاصةً بالنظر إلى كميات البيانات الهائلة المتاحة لديها، والتي– إذا ما وُظِّفَت وفق سياسات رشيدة– ستحدث تغييراً عميقاً في الحياة اليومية لكلّ مواطن.

في كندا، تواجه الحكومة تحديات في الوصول إلى توظيف حقيقيّ وفعّال لعلم البيانات والذكاء الاصطناعي، فعادةً ما يكون العمل في القطاع الخاص الخيارَ الأولَ لأصحاب المواهب والتخصّص في هذا المجال، كما أنّ المخاطر التي ترافق التقنيات الثورية أشدُّ في القطاع الحكومي منها في القطاع الخاص.

أمامَ هذا الواقع، تنطلق المبادرات الحكومية بتروٍّ، وقد اختيرت الإدارة الكندية للموارد الطبيعية لاحتضان إحداها، بوصفها الكيان المسؤول عن ثروات البلاد الوفيرة ورسمِ مستقبلِها المستدام، فأنشأت المسرِّع الرقميّ لاستكشاف آفاق الحلول الرقمية وتطوير شراكاتٍ استراتيجية.

لفعل ذلك، يعتمد المسرِّع على العديد من مجموعات البيانات، بما فيها العوامل التكنولوجية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، ويضيف إليها أدواتٍ تكنولوجية متقدّمة.

كانت السلطات قد وضعت في العام 2020 معاييرَ رقميةً لتحقيق هدف الحكومة بأن تكون أكثرَ مرونةً وانفتاحاً وتركيزاً على المستخدم. وضمن هذا السياق، راعت الإدارة عدة أهدافٍ في إطلاقِها للمسرِّع الرقمي، واستفادت من تجارب رائدةٍ ومتقدِّمة لتخرجَ بما يمكن تسميتُه بـ"نموذج الحدّ الأدنى" الذي يلبي الاحتياجات المبدئيّة ويحتمل التجارب والفشل لكنّه قابلٌ للتطوير ومرنٌ في الوقت نفسِه، بحيث يخدم مشاريع متنوِّعةً لهيئات مختلفة على التوازي. وقد تلقى حتى الآن قرابة 30 من مقترحات هذه المشاريع التي تدرس الإدارةُ مدى فاعليتها واستجابتِها لأولويات المؤسسة وإمكانية تكرارِها إن حقّقت النجاح، فهي تولي أهميةً كبرى للمشاريع المؤهلة لإنتاج المعارفِ وتطبيقِها في سياقات أخرى.

هدفُ الإدارة الأولُ كان بناءَ القدرات، فابتعدت عن منهجية الفريق المنغلق وجمعت العديد من علماء البيانات أصحاب المهارات العالية والخبرات المرتبطة بالذكاء الاصطناعيّ، وممّن يحملون خلفياتٍ متنوِّعةً كالرياضيات والإحصاء والعلوم الحاسوبية.

ولتحقيق الهدف الثاني، انطلق الفريق في تحديد استخدامات الذكاء الاصطناعيّ الكفيلة بتحقيق قيمة مُضافة، إذ ليست هذه التجربةُ أولَ عهدِ الإدارة بالتقنيات، فهي تستخدم أدوات علميةً متنوِّعةً في دراسات الطقس والتنبؤ بالأحوال الجوية وعمليات المحاكاة. ولهذا، مضى العمل باتجاه الاستكمال لا الاستبدال، فتضمّنت المشاريع مثلاً استخدامَ الذكاء الاصطناعيّ في الوصول إلى المياه الجوفية، وتحسينَ البنية التحتية للسيارات الكهربائية عبر البيانات الضخمة، وتطبيقَ تقنية التعلُّم الآليّ لتصنيف صور الأقمار الصناعية وتحليلِها، وتوظيفَ تقنيةَ التعلُّم العميق للكشف عن الرواسب المعدنية. كما يزوِّد المسرِّع المسؤولين والباحثين والمستشارين بالأدوات والمعارف اللازمة لتحسين إدارة الشبكة الكهربائية.

أما الهدف الثالث، فكان تأسيسَ مستوى معينٍ من زخم العمل للكيان برمته، ومحوَ الأمية الرقمية فيه، وإضفاء طابع ثقافيٍّ على هذه الجهود عبر تبادل ما تُنتِجُه من معارف ضمن ورش عملٍ وجلساتٍ ودّيةٍ تجمع المختصين والعاملين، وتُجرى تحت عناوين محبّبةٍ كـ"غداءٌ وتعلُّم" أو "اسأل الخبراء". ولمشاركة الخبرات على مستوى تخصصيٍّ أكثر، أعلن المسرِّع مؤخراً عن شراكات استراتيجية مع الفرق المختصّة بعلوم البيانات في كلٍّ من الهيئة الكندية للإحصاء، والفرعَين المحليَين لـ"مايكروسوفت" و"غوغل".

وكان مجلس الخزانة قد أصدر توجيهاً لاعتماد الأنظمة المؤتمتة في اتخاذ القرارات الإدارية بوصفها أداة سياسية إلزامية في معظم المؤسسات التابعة للحكومة الفيدرالية، حيث تطلب هذه المؤسسات تقييماً لتأثيرات الخوارزميات، وتتخذ التدابير اللازمة لضمان جودة البيانات، وتلتزم بشفافية كاملةٍ في الإفصاح عن استخداماتِها.

وبينما يبدو الذكاء الاصطناعيّ خياراً مثالياً لحلّ القضايا الحكومية بكفاءة ودقة وسرعة، فإنّ التعامل معه على هذا الأساس قد يزيد الأمر تعقيداً، فالاعتماد على الآلة في اتخاذ القرار ينطوي على مخاطر جمّة كالتحيُّز الذي تزايد بشكلٍ ملحوظ خلال السنوات الأخيرة مهدِّداً بحالات من التمييز بين المواطنين. على سبيل المثال، يمكن لهذه التقنيات تحديدُ النتائج المرغوبة وغير المرغوبة في تجربة سابقة وإسقاطُها على وضعٍ راهن لاستقراء النتائج الممكنة مستقبلاً، إلّا أنّ الخوارزميات المستندةَ إلى البيانات التاريخية قد تركِّز على تصنيفاتٍ عِرقيةٍ أو طبقيةٍ سادت في الماضي وباتت مرفوضةً اليوم، وقد تفتقر حتى إلى التمثيلات الدقيقة.

وفي أحيان أخرى، قد تَخرج أنظمة الذكاء الاصطناعيّ بقرارات أو تنبؤات أو تصنيفات غير قابلة للتفسير، وهذا يتناسبُ طرداً مع تعقيدها، لكنّ تبريرَ الإجراءات الإدارية فائقُ الأهمية، لا سيما إن كانت صادرةً عن حكومة اتحادية مسؤولةٍ عن تفسير قراراتها للمواطنين بشكلٍ منطقيٍّ ومفهوم، ولا يمكنها أن تعزو هذه القرارات للخوارزميات الآلية.

كما يشكّك البعض في قدرة الحلول الرقمية على إحداث تغيير جذريّ، في حين يرى فريق المسرّع الرقميّ أنّ فهم التحدّي وإيجاد الكادر المؤهّل للتعامل معه عنصران كفيلان بتحقيق الأثر بسرعة، فحتى جائحة كوفيد-19 ساهمت في نجاح التجربة وضاعفت معدّلات الاعتماد على الإنترنت لدى الحكومة والمواطنين.

يمكن القول إنّ وجود الفريق التكامليِّ متعدد الاختصاصات يوفّر دعماً متعدد الوظائف لخبراء العلوم والسياسات في إدارة الموارد الطبيعية. كما ستسهم دراسة صور الأقمار الصناعية باستخدام التكنولوجيا في رسم الخرائط للفيضانات والحرائق والحماية منها.

وفي عامِه الثالث، يرشِد المسرِّع الرقميّ الهيئات الحكومية لاتخاذ القرارات وإطلاق ابتكارات مؤسسية تستخدم التقنيات العالية بمسؤولية لتوفير التكاليف وتسريع الإنتاجية وزيادة دقة العمل وتقليل المخاطر.

المراجع:

https://www.globalgovernmentforum.com/ai-powered-government-how-the-natural-resources-canada-digital-accelerator-brings-data-science-into-public-services/

https://www.statcan.gc.ca/en/data-science/network/digital-accelerator

https://www.statcan.gc.ca/en/data-science/network/automated-systems

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام الطائرات المسيّرة في فحص البنى التحتية لعمليات أكثر أماناً واستدامةً

أطلقت قضية سلامة البنى التحتية والحفاظ عليها سباقاً محموماً بين حكومات العالم، ليصل العديد منها في آسيا وأوروبا وأمريكا إلى استخدام تقنية الطائرات المسيّرة من دون طيار لإجراء عمليات التفتيش الدورية لهذه البنى بغية توفير الوقت والتكلفة وزيادة الدقة وتعزيز الكفاءة.

 · · 15 مايو 2023

دول آسيوية تعلّق آمالها على الحافلات ذاتية القيادة

يبدو أنّ المركبات ذاتية القيادة هي مستقبل النقل. قناعةٌ توصّلت إليها دول آسيوية عدّة أبرزُها كوريا الجنوبية والصين واليابان، وكلٌّ منها تعمل بدأب لتغيير شكل منظومة النقل عبر إجراء التجارب وسنّ التشريعات وتطوير التقنيات.

 · · 15 مايو 2023

سنغافورة تختبر طرقاً عديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم

على عكس بعض الحكومات التي اتخذت موقفاً متحفظاً، بل وسلبياً أحياناً، حيال اعتماد روبوت الدردشة المستند إلى الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تعملُ حكومة سنغافورة بجدية على اختبار تطبيقاتٍ تستند إلى الذكاء الاصطناعي وترمي إلى تعزيز تجربة التعلّم للطلبة وللمعلّمين على حد سواء، وعلى ثلاثة محاور: التعلّم التكيّفي، وتقييم أعمال الطلبة، وتقديم ملاحظات على النصوص البرمجية التي يقدمها طلبة البرمجة.

 · · 25 أبريل 2023

سنغافورة تتجه صوب الأعماق في مشروعٍ لرقمنة باطن الأرض

من أجل حياة أفضل للمواطنين، وللتغلّب على محدوديّة المساحات المتاحة ضمن جغرافيّة البلاد الصغيرة، وجّهت سنغافورة اهتمامها إلى باطن الأرض، وأطلقت مبادرةً بحثيّة تطبيقيّة متكاملة استعانت فيها بالوسائل الرقمية، وبدمج البيانات، بهدف إتاحة معلومات موثوقة تتيح تخطيطاً وإدارةً أفضل للحيّز الجوفيّ تحت الأرض، بغية استخدامه في بناء مرافقها وتشييد بنيتها التحتية، والاستعداد لدعم خطط سنغافورة المستقبلية.

 · · 12 أبريل 2023

أجهزة استشعار ذكية لشتاء آمن في الشوارع البريطانية

تألف المملكة المتحدة الشتاءات الباردة، لكنّها تسعى لإيجاد حلول لتخفيف قسوتها، لذلك شرعت مجالس محلية عدة في تركيب شبكات من أجهزة الاستشعار تراقب ظروف الطقس وحالة الطرق لتساعد السلطات على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة وإرسال الفِرَق البلدية إلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.

 · · 4 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right