بغية التصدي لانتشار الأوبئة والفيروسات، يقع على عاتق الحكومات مجموعة من المهام والإجراءات الأساسية الواجب اتخاذها ومنها إنشاء قنوات تواصل فعالة وسريعة. ففي غياب مثل هذه القنوات وعدم توافر المعلومات الكافية خلال الأزمات الصحية، يبدأ تداول الأخبار المغلوطة والإشاعات مما يؤدي إلى نشر الذعر والخوف وشعور الناس بالخزي في حال إصابتهم، وما يترتب على ذلك من شعور بعدم الحماية ورغبة بإيذاء الذات أو إيذاء الآخرين. وتأكيدًا على ذلك، فقد تبيّن أن الانتشار السريع لوباء كوفيد19 في العديد من الدول جاء نتيجة لعدم وعي الأفراد بالفيروس مما زاد من صعوبة احتوائه.
كجزء من جهودها الرامية إلى مواجهة هذا التحدي، بدأت فنلندا بالاستعانة بأشهر المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي لإيصال معلومات دقيقة وموثوقة ونشر الوعي بكوفيد19. حتى أن الحكومة الفنلندية منحتهم اسمًا وهو “أصحاب المهام الحرجة”. وتشمل قائمة المؤثرين راقصي راب ومؤلفين وكٌتاب مدوّنات. إن من شأن هذه المبادرة تعزيز جهود الحكومة الرامية إلى نشر الوعي والمعلومات الموثوقة لا سيّما وسط المجموعات الديمغرافية الأصغر سنًا التي يكون من الصعب الوصول إليها عبر الوسائل التقليدية.
أدرجت فنلندا المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ضمن خطط الطوارئ قبل عامين تقريبًا؛ ولذلك فقد كانت إجراءات التنسيق معهم والاستعانة بهم سريعة وفعالة. أدرك قسم الإعلام التابع لمؤسسة خدمات الطوارئ الوطنية بأن وسائل الإعلام التقليدية لن تكون كافية للوصول إلى جميع المواطنين خلال الأزمات؛ وذلك تقرر قبل عام ونصف إضافة المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مجموعة الجهات الفاعلة والأساسية. كما يساعد سكان فنلندا الذين لا يتجاوز عددهم 5.5 مليون نسمة في نشر الرسائل ذلك أن أي مؤثر يمتلك 5000 متابع أو أكثر قادر على نشر المعلومات المطلوبة بسرعة وكفاءة. ومن العوامل الأخرى التي دعمت المبادرة بشكل كبير منهجية الإدارة الانسيابية المتبعة في الحكومة الفنلندية التي لا تعتمد على الإجراءات الرسمية المطولة.
أشرف على قيادة هذه المبادرة عددًا من الجهات المعنية بمن في ذلك سانا مارين، رئيسة وزراء فنلندا البالغة من العمر 34 عامًا وبينغ هيلينسكي، مستشار على وسائل التواصل الاجتماعي وMediapool وهي شبكة من الشركات الإعلامية. فمن جهتها، تُعنى رئيسة الوزراء بضمان اتخاذ الإجراءات الصحية والآمنة، فيما يتولى بينغ هيلينسكي مسؤولية تحرير نصوص رسائل الحكومة وتعديلها لتكون مناسبة للنشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وأخيرًا، يتم توزيع هذه الرسائل على قائمة مؤلفة من 1500 مؤثر. بحيث يقوموا بهذا العمل دون مقابل.
علاوة على ذلك، نشرت الحكومة الفنلندية قائمة من الأمور الواجب فعلها وتلك التي يجب تجنبها على وسائل التواصل الاجتماعي خلال أزمة فيروس كورونا وذلك ضمن جهودها الرامية إلى التصدي للمعلومات المغلوطة. كما تمت مشاركة بعض التوصيات مثل التروّي والتفكير قبل النشر ومراجعة المحتوى بدقة وتمييز الحقائق من الآراء الشخصية والإطلاع على الحقائق وعدم نشر المعلومات الخاطئة.
المصادر: 1