اعتماد نظام إنترنت الأشياء لمراقبة جودة مياه البحر في موريشيوس

اعتماد نظام إنترنت الأشياء لمراقبة جودة مياه البحر في موريشيوس

1 دقيقة قراءة
لحماية أهمّ ثرواتها الطبيعية، تستخدم حكومة موريشيوس إنترنت الأشياء لمراقبة جودة مياه البحر عبر تتبُّع معايير رئيسيةٍ وتزويد السلطات بالمعلومات مباشرة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لحماية أهمّ ثرواتها الطبيعية، تستخدم حكومة موريشيوس إنترنت الأشياء لمراقبة جودة مياه البحر عبر تتبُّع معايير رئيسيةٍ وتزويد السلطات بالمعلومات مباشرة.

أحدثت تقنية إنترنت الأشياء ثورةً رقميةً عالمية، وباتت تكتسب أهميةً متزايدةً لا سيما في الدول محدودة الموارد وفي الظروف الاستثنائية التي سبّبتها جائحة كوفيد-19. وتقدِّم تجربة دولة موريشيوس مثالاً نموذجياً على هذا، فهي دولة جُزُرية في المحيط الهندي، تعتمد على المياه كمصدرٍ للأمن الغذائيّ، حيث تمثِّل صناعة المأكولات البحرية أكثر من 9% من الصادرات، كما تستفيدُ من موقعهِا المُحاط بالشعاب المرجانية في السياحة البيئية التي تمثِّل 10% من سوق العمل و8% من قوام الاقتصاد. وبطبيعة الحال، فإنَّ أيّ خللٍ يصيب المياه سيعود بتكاليف بيئيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ باهظة، وهذا ما تتجنّبه الحكومة بممارسات أدّت لانخفاض حوادث ناقلات النفط على مدار العقود الثلاثة الفائتة.

إلّا أنّ حادثة من هذا النوع وقعت في العام 2020، حين جنحت ناقلةُ بضائعَ يابانيةٌ على الشعاب المرجانية قرب محمية برية، ما أدى إلى تسرُّب أكثر من ألف طنٍّ من المشتقات النفطية في المياه. وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية الخطوط السوداء التي خلّفها موقع السفينة واتجاه التيار الذي جرفَ النفطَ المنسكب. وما فاقمَ أثرَ هذه الحادثة التي عُدَّت أسوأ تلوُّثٍ بحريٍّ تشهده البلاد هو محدودية الموارد، حيث عجزت الآليات المؤسسيّة والقانونية عن إدارة جهود تنظيفٍ واسعة النطاق، خاصةً أنّ التسرُّب كان بعيداً عن الموانئ الرئيسية وتزامنَ مع جائحةٍ عالميةٍ وانكماشٍ اقتصاديّ، فتقلّص احتمالُ اتخاذ أيّ إجراءٍ سياسيٍّ بعيد الأمد.

بنتيجة التأثيرات التي امتدّت على طول سواحل الأرخبيل، أطلقت الحكومة برنامج ابتكارٍ أسمته "المرونة الزرقاء"، ودَعَت خلالَه مختلف الكيانات من شركاتٍ ومنظَّماتٍ ومؤسساتٍ بحثيةٍ وأكاديميةٍ إلى استكشاف الأفكار المبتكرة التي قد تساهم في إدارة موارد الجزيرة وحماية اقتصادها.

وعبر شراكة مع القطاع الخاص متمثلاً في شركة "خدمات التوأم الرقميّ" المحليّة التي تقدِّم بعضاً من حلول الثورة الصناعية الرابعة، انطلق مشروعٌ لمراقبة جودة مياه البحر عبر دمج منتجات وأدوات اختبار المياه وتحليلِها.

بعد مرحلة "إثبات المفهوم" والتي تم فيها اختبار الحلول المطروحة، اختيرَ موقعان من الجزيرة لإجراء التجربة الأولية، حيث سيتم استخدام وحداتِ اتصالٍ مستقلّة وهوائيٍّ وأجهزة استشعارٍ رقميةٍ تعتمد على تقنيةٍ مقاومةٍ للماء ومتعددة الاستخدامات تُسمى "شبكة الاتصالات اللاسلكية طويلة المدى ومنخفضة الطاقة" (LoRaWAN). تعمل كلّ هذه العناصر على تحليل المعايير الرئيسية لجودة المياه على مدار الساعة، إذ تقيس أجهزة الاستشعار الأوكسجينَ المُذاب، ودرجاتِ الحرارة، ونِسَبَ التعكُّرِ والملوحةِ والحموضةِ والموصليةِ الكهربائية، والأسَّ الهيدروجينيّ، وإمكاناتِ الأكسدة والاختزال. ثم تصنِّف البرمجيات المعاييرَ على إحدى الدرجات الأربع المُعتمدة، وهي "ممتازة" أو "جيدة" أو "مقبولة" أو "سيئة". كما طوَّر الفريق التنفيذيّ تقنيةً جديدةً لأتمتة أنظمة التنظيف الخاصة بأجهزة استشعار الأوكسجين وتعكُّر المياه.

تنتقل البيانات باستمرارٍ عبر بواباتٍ خارجيةٍ تمثِّل مخرجَ الشبكة، لتصلَ بشكلٍ فوريٍّ وآمنٍ إلى منصّة إنترنت الأشياء التي يستضيفُها مركز البيانات الحكوميّ. ثم يعرض النظام كلَّ تلك النِسَب الحيوية ضمن رسومٍ بيانيةٍ ديناميكيةٍ وجدولٍ زمنيٍّ يبيِّن المستويات المستهدَفة والعتبات الحَرِجة، وذلك لتيسير فهمِ المعلومات وتحليلِها لغير المتخصصين من المسؤولين وصنّاع القرار. سيتم قريباً اختيار شركة استشارية لتوجيه السلطات صوبَ إنشاء مؤشِّر "لاجون" لجودة المياه. ويعني مصطلح "لاجون" البحيرة التي يتضمنها الشاطئ، وهي مسطَّحات مائية ضحلة تحاذي مياه البحر وكثيراً ما تتصل بها.

من الجدير بالذكر أنّ عمّال الطوارئ تمكّنوا من ضخ قرابة 3 آلاف طنٍّ من زيت الوقود من السفينة قبل انسكابها في المحيط. وقد استخدمَت الفِرَق الساحلية والمتطوعون أذرعَ عائمةً مصنوعةً يدوياً من الشَّعر والقش لامتصاص ما تيسّر من النفط، حيث أشار باحثون في جامعة سيدني إلى أنّ للشعَّر قدرةً على امتصاص ما يصل إلى 9 أضعاف وزنه من الزيت، حيث تلتصق هذه المواد اللزجة بألياف الشَّعر، ما يجعله مادةً ماصّةً طبيعية. ولهذا السبب، اختارته حكومة موريشيوس ضمن توجُّهها لاستخدام الموارد المستدامة، ليكونَ بديلاً عن المنتجات الصناعية التي تعتمد على مركَّبات الـ "بوليمر"، لكنَّها لم تستبعد أن تضطرَّ في مرحلة لاحقة لاستخدام المواد الكيميائية لتنظيف الصخور من آثار النفط.

ولعلّ أبرز التحديات التي واجهت الحكومة المحلية عقب الحادثة تتمثّل بالأُطُر المعقّدة للمسؤولية والتعويض، ففي حالات الحوادث البحرية، من الضروري الالتزام بالأسس الدولية، لكنّ هذه الأسس لا تنطبق على حالة موريشيوس لأنّ التسريب نتجَ عن ناقلةٍ سائبة لا عن ناقلة نفط. وفي هذه الحالة، تُطبَّق اتفاقية دولية تضمن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بزيت وقود السفن، لكنّ التعويض محدود نسبياً ويشترط عدة معطياتٍ قانونيةٍ لم تُحسم بعد.

قبل المصادقة على معاهدات تضبط مجملَ العمليات البحرية، سيبقى الخطر قائماً، لا سيما قبالة الجزر الصغيرة. لكنّ هذه التجربة وضعت الأساس لإنشاء نظام حيٍّ يعتمد إنترنت الأشياء لمراقبة جودة مياه البحر، ما سيؤدي إلى حماية النُّظم البيئية وتقوية السياحة وتعزيز إدارة الشواطئ ودعمِ الاقتصاد المحليّ.

المراجع:

https://ocean.economist.com/governance/articles/mauritius-oil-spill-and-its-aftermath

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

سنغافورة تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي

كشفت السلطات في سنغافورة عن تطويرها لإطار عمل ومجموعة أدوات اختبار مبتكرة تساعد الشركات في مختلف القطاعات على تعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي.

 · · 29 يناير 2024

التحول الرقمي للقطاع المالي البرازيلي يعزز الشمول المالي

تشهد البرازيل ثورةً في عالم التمويل الرقميّ وتزايداً في أعداد المنضمّين إليه، من خلال حملة إصلاح شاملة تقودها الحكومة، تكثِّف استخدام التكنولوجيا وتركّز على احتياجات العملاء وتجدِّد اللوائح وتطوِّر تطبيقات التحويل الفوري وتحمي مواطنيها من ارتفاع الفوائد وعمليات الاحتيال.

 · · 22 يناير 2024

كيف يساعد الذكاء الاصطناعيّ فِرَق الإطفاء الأمريكية

أمام أخطار كثيرة ومتنوعة تواجه رجال الإطفاء، من الأبنية الآيلة للانهيار إلى حالات الوهج الشديد التي قد تحدث في أي لحظة عند ارتفاع درجات حرارة الحرائق أو حرائق الغابات التي تلتهم كلّ ما في طريقها، لجأت عدة مدن أمريكية للذكاء الاصطناعيّ، بغية ترتيب أولويات هدم الأبنية القديمة، وإرشاد فِرَق الإطفاء في مهامها، والتنبؤ بحالات الانفجار الناتجة عن الحرائق الشديدة.

 · · 19 ديسمبر 2023

مدن ألمانية تحلّ التحديات المعقّدة باستخدام التوائم الرقمية

لأنّ التوائم الرقمية تقدّم نماذج تقنية تدعم التنمية المستدامة المستقبلية، تعمل الحكومة الألمانية باختلاف مستوياتها على إنشاء هذه التوائم، فترسي الشراكات مع القطاع الخاص لتطوير شبكة السكك الحديدية وإدارة شبكات المياه وتحسين جودة الحياة.

 · · 19 ديسمبر 2023

حكومات توظف الابتكار لمواجهة القيادة المستهترة

سعياً لاحتواء ظاهرة القيادة المستهترة التي تعتلي لائحة مسبِّبات حوادث الطرق في العالم، لجأت حكوماتٌ عدّة في كلٍّ من أوروبا وأمريكا إلى الكاميرات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعيّ، لترصدَ المخالفات وتتكاملَ مع أُطُر ولوائحَ قانونيةٍ صارمةٍ لا تتهاون مع أيّ سائقٍ يعطي لعوامل التشتيت الأولوية على حساب سلامته وسلامة الآخرين.

 · · 4 ديسمبر 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right