إندونيسيا تضع البيانات الصحية في متناول أيدي مواطنيها

إندونيسيا تضع البيانات الصحية في متناول أيدي مواطنيها

1 دقيقة قراءة
على خطى التجارب الرقمية الناجحة للدول الأخرى، تعمل إندونيسيا على إنشاء سجلّ صحيّ إلكترونيّ موحّد يتضمّن التاريخ الطبيّ لكلِّ مواطنٍ على حدة، ويتيح مشاركة المعلومات بين المرافق الصحية بسهولة والرجوع إليها وتحديثها في أيّ وقت.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

على خطى التجارب الرقمية الناجحة للدول الأخرى، تعمل إندونيسيا على إنشاء سجلّ صحيّ إلكترونيّ موحّد يتضمّن التاريخ الطبيّ لكلِّ مواطنٍ على حدة، ويتيح مشاركة المعلومات بين المرافق الصحية بسهولة والرجوع إليها وتحديثها في أيّ وقت.

إذا حاول أحد تذكُر عدد الأمراض التي أُصيب بها أو المرات التي تلقّى فيها رعاية صحية أو زار المستشفى أو عيادة الطبيب، سيفشل على الأرجح في إحصائها. وإذا كان بصدد تلقّي رعاية واحتاج إلى هذه المعلومات، فقد يعجز حتى عن تحديد ما تجبُ مشاركتُه.

عادةً ما يحتفظ الناس بنُسَخ ورقية من الصور الشعاعية ونتائج التحاليل والوصفات الطبية السابقة الخاصة بهم لعرضها على أطبائهم الجدد، ولكنهم غالباً ما يضطرون لإعادة الفحوصات أو ملء الاستمارات بسبب ضياعها، وأحياناً يفشل الخياران، فتضيع بيانات طبية مهمة.

أبزرت جائحة كوفيد-19 هذا الواقع كما فعلت بالكثير من المشكلات المتجذّرة. وفي حين صُعِق العالم بتداعي منظومات صحية في أكثر الدول الأوروبية تقدُّماً، كانت نظيراتها الآسيوية والإفريقية تعايش مشهداً أشدّ قسوةً بكثير.

قد تكون إندونيسيا خير مثالٍ على هذا، فهي موطنٌ لرابع أكبر تعداد سكانيّ في العالم، ما جعل نِسَب العدوى والوفيات فيها من الأعلى على الإطلاق، حيث اكتظّت المرافق الصحية بالمصابين وتعذّر الوصول إلى سجلّاتهم الطبية التي تُحفظ عادةً في المستشفيات فقط، باستثناء بعض الحالات التي يُعطى فيها المريض نُسخاً ورقية. فإيجاد مستنداتٍ كهذه والاطلاع عليها، يعد ترفاً بالنسبة لطبيب يحاول إنقاذ حياة مريض عاجز عن التنفّس.

لهذا، وبعد أن هدأت جذوة الجائحة، بدأت وزارة الصحة من خلال مكتب التحوّل الرقميّ العملَ على إنشاء السجلّ الصحيّ الإلكترونيّ الذي يمثّل المرجع والوثيقة الرسمية للتاريخ الطبيّ لكلّ فرد، وهي وثيقة يمكن مشاركتُها بين جهاتٍ عدة.

شهد العام 2022 انطلاق المنصة التكاملية التي تقدّم صيغة موحّدة لتبادل المعلومات بين مرافق الرعاية الصحية والمختبرات والصيدليات، بحيث لا يُضطر المرضى إلى الخضوع للفحوصات عدة مرات، بل تستطيع المرافق الصحية مشاركة نتائجها خلال ثوانٍ.

وحيث يُراد للمنصة أن تكون شاملة، سيتوزّع إدماج البيانات على 5 مراحل. الأولى هي تسجيل المرضى أنفسهم وتشخيصاتهم الأساسية. أما الثانية، فهي الإجراءات الطبية التي خضعوا لها ومؤشّراتهم الحيوية والأنظمة الغذائية التي يتبعونها. وفي المرحلة الثالثة، سيتم إدخال بيانات الأدوية وقواميسها، أي تاريخ استهلاك المريض للعقاقير وجرعاتها المفصّلة، لتأتي المرحلة الرابعة التي ستختصّ بنتائج التحاليل المخبرية والصور الشعاعية من الرنين المغناطيسيّ إلى الأشعة المقطعية. وفي المرحلة الأخيرة، ستُضاف المعلومات المتعلّقة بحالات الحساسية والوضع الجسديّ عموماً.

تتيح قاعدة البيانات رفع الملفّات من مختلف الأنواع والصِيَغ، ابتداء من التقارير الطبية المكتوبة مروراً بنتائج التحاليل المخبرية وليس انتهاءً بالوسائط المتعدّدة كالصور الشعاعية أو مقاطع الفيديو المسجّلة للعمليات الجراحية. وستدمج الوزارة كلّ هذا بقواعد بيانات أخرى متبنّاة على المستوى الوطني، كتلك التي تتابع مرض السلّ أو الوفيات أو صحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة.

ستكون هذه المنصة مرتبطةً بتطبيق جديد آخر أطلقته وزارة الصحة لتداول المعلومات المتعلّقة بجائحة كوفيد-19، بعد أن فاق عدد مستخدميه 60 مليون إندونيسيّ، فيما سيتمّ العمل في المرحلة المقبلة على ربط المنصة بوكالة الضمان الاجتماعيّ للرعاية الصحية.

يتبنّى السجل الوطنيّ نموذجاً برمجياً يُعرف بـ "المنصة كخدمة"، وهو أحد نماذج الحوسبة السحابية حيث يقوم مزوِّد خدمة خارجيّ بتوفير الأدوات والبرامج للمستخدِمين عبر الإنترنت.

حتى الآن، انضمّت 77% من المنشآت الصحية الإندونيسية إلى المنصة، كما أصدرت وزارة الصحة قانوناً يلزم جميع هذه المنشآت بإدماج نظمها الإلكترونية في المنصة قبل نهاية العام 2023 ويطالبها بالتقيّد بالمعايير التي وضعتها الوزارة.

لكنّ هذا سيحمل بعض التحديات، فالكثير من المرافق الصحية لا يملك البنى التحتية والموارد الرقمية الكافية، وخاصةً في المناطق النائية. وقد بيّن مسحٌ حكوميّ أنّ نسبة المستشفيات التي تملك سجلات إلكترونية ذات معايير عالية لا تتجاوز 16%، في حين تحقّق 32% معايير مقبولة، وتبقى نسبة أكثر من النصف مفتقرةً للمعايير الكافية، فما يزال العديد من مقدّمي الرعاية الصحية يُدخلون المعلومات يدوياً إلى حواسيبهم لعدم وجود اتصال بالإنترنت.

بالتالي، لا بدّ للحكومة من تقديم الدعم وإيصال الخدمات الرقمية إلى كلّ أنحاء البلاد وإعداد الطواقم المؤهّلة وتحفيز إدارات المنشآت الصحية للحاق بالركب. كما أنّه لا بدّ من مقاربة تحديات الخصوصية والأمان وتقديم ضمانات للمرضى بألا يُسمح لأيّ جهة بالوصول إلى سجلاتهم الطبية دون موافقتهم، وبأنّ هذه السجلات ستكون في أيدٍ أمينة ولن يتم تسريبُها أو استخدامُها لأذيتهم، إلى جانب إرشادهم للتعامل مع هذا التطبيق الجديد وتجاوز العثرات البرمجية والفنية.

دول عديدة تخطو في هذا الاتجاه، من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي بدأت مؤخراً العمل لإطلاق نظام إلكتروني موحّد للسجلات الطبية يحمل اسم "رعايتي"، ويهدف لتقديم خدمات رعاية صحية متطورة للمواطنين.

إنّ وجود قاعدة بيانات مركزية من هذا المستوى يعني مصدراً آمناً ومستداماً للمعلومات القابلة للتحديث، ما سيقدّم للناس وسيلةً لمتابعة المستجدّات واتخاذ إجراءات الوقاية وسيرسي لصنّاع القرار أرضيةً متينةً يستندون إليها في وضع السياسات الصحية.

ستتيح هذه المنصة مشاركة البيانات وتخزينها واسترجاعها بكفاءةٍ أكبر، وتسهيل العمليات على المرضى ومقدّمي الخدمات على حدٍّ سواء، وهذا يعني تعزيز جودة الرعاية الصحية عموماً.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

استخدام مبتكر للبيانات لدعم صنّاع القرار في قطاع الصحة الكندي

شكلت جائحة كوفيد-19 تحديا عالميا غير مسبوق، وكشفت عن نقاط ضعف في صنع السياسات وأنظمة الرعاية الصحية أدت إلى أوجه قصور في إدارة الأزمات. غير أن بعض البلدان لجأت إلى نهج مبتكرة ساعدت على التخفيف من أثر الأزمة وأثبتت جدارتها في أن تصبح جزءا من آليات دعم التأهب لحالات الطوارئ الصحية في المستقبل. كانت كندا واحدة من هذه البلدان ، حيث تبنت البيانات الضخمة لتتبع حركة السكان لإبلاغ عملية صنع القرار في مواجهة COVID-19.

 · · 22 أغسطس 2024

مدينة شارفت على الجفاف: دروس مستفادة من تجربة كيب تاون في تجنب أزمة المياه

تحرصُ المدن الكبرى على التخطيط والاستثمار لضمان توفير أهم مورد طبيعي لسكانها، وهو المياه، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ، الذي يؤثر سلباً على صعيدين. فهو يؤدي إلى شح المياه، وهو أيضاً يساهم في تعجيل التضخم السكاني بسبب الهجرة المتنامية لسكان القرى والأرياف نحو المدن، مع تراجع الظروف المناخية المناسبة التي تعتمد عليها […]

 · · 22 أغسطس 2024

"التنقل كخدمة": الحكومة البريطانية تجمع كل وسائل النقل على منصة واحدة

انطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات في عدد من الدول تسعى إلى استثمار التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقنيات الدفع الإلكتروني، في جمع خدمات وسائط النقل المختلفة على منصة واحدة، توفر للمستهلكين سهولة غير مسبوقة في التخطيط لرحلاتهم، واختيار وسائل النقل التي تناسبهم، والحجز، وشراء التذاكر– ضمن ما أصبح يطلق علية تسمية "التنقل كخدمة". لكن هذه التجارب لا زالت في بداياتها، وهي محدودة النطاق بشكل عام نظراً لمجموعة من التحديات. في المملكة المتحدة، حيث تم إطلاق أكثر من مبادرة في هذا المجال، أصدرت الحكومة مؤخراً مدونة ممارسات خاصة بمفهوم وتطبيقات "التنقل كخدمة" كمرجع للمعايير والإرشادات التي تتوافق مع توجهات وطموحات الحكومة لمشهد التنقل في المملكة، خاصة من جهة المحافظة على الشمول المجتمعي، وضمان نفاذ كل فئات المستخدمين للخدمة.

 · · 22 أغسطس 2024

سدّ فجوة التوظيف عبر مشروع وحدات التوظيف المتنقّلة في فينيكس

لمواجهة تحدٍّ صعب، أطلقت بلدية مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأمريكيّة مشروعَ وحدات التّوظيف المتنقّلة، التي تأخذ بيد الباحث عن عملٍ عبر التدريب والتوجيه والدعم إلى أن يعثر على فرصته، مُحدِثةً تحوّلاً من النماذج المركزيّة الثابتة إلى الأساليب الديناميكيّة الموجّهة نحو المجتمع، ومقدِّمةً دروساً قيِّمةً في الإدارة الحَضَريّة وتقديم الخدمات العامة، في تجربة أوصلتها إلى تحدّي رؤساء البلديّات العالميّ.

 · · 23 يوليو 2024

توظيف أجهزة الاستشعار الذكية في بيانات إدارة الطرق

مع تقدم التكنولوجيا في مجال الكاميرات الذكية، وأجهزة الاستشعار، ونقل للبيانات، والذكاء الاصطناعي، بدأت بعض المدن الكبرى بالنظر في استغلال هذه التقنيات مجتمعةً في حل المشاكل الناجمة عن حركة المرور على الطرق الداخلية والمحيطة بها. من أبرز الجهود المبتكرة في هذا المجال مشروعان تجريبيان أطلقهما مؤخراً كل من مجلس مدينة ولينغتون، عاصمة نيوزيلندا، ودائرة النقل في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة.

 · · 23 يوليو 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right