إشراك المواطنين الأستراليين في البحث العلمي لتحقيق نتائج بيئية أفضل

إشراك المواطنين الأستراليين في البحث العلمي لتحقيق نتائج بيئية أفضل

1 دقيقة قراءة
للنهوض بأجندتها البيئية، اختارت الحكومة الأسترالية إشراك المجتمعات في إجراء الأبحاث وحماية الطبيعة، بتقديم شكلٍ من أشكال الابتكار المفتوح يُعرف بـ" العلماء المواطنين " (Citizen Scientists)، حيث يساعدُ الناسُ الحكومة في اتخاذ القرار وتوفير الموارد وتحقيق الاستدامة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

للنهوض بأجندتها البيئية، اختارت الحكومة الأسترالية إشراك المجتمعات في إجراء الأبحاث وحماية الطبيعة، بتقديم شكلٍ من أشكال الابتكار المفتوح يُعرف بـ" العلماء المواطنين " (Citizen Scientists)، حيث يساعدُ الناسُ الحكومة في اتخاذ القرار وتوفير الموارد وتحقيق الاستدامة.

يشير مصطلح " العلماء المواطنين" إلى المشاركة العامة والتعاون في البحث العلميّ لزيادة المعرفة. حيث يطلق العلماء برامج لجمع البيانات من دون إنفاق تمويلٍ إضافيّ، فيفتحون الباب لتطوُّع أناسٍ من خارج الأوساط العلمية والبحثية لتوريد المعلومات. تتنوَّع خبرات المتطوِّعين ومعارفُهم من الفضول الطفوليّ إلى اطّلاع الهواة الذين يمتلكون معدّات متطورة، فيساعد هؤلاء بإجراء الدراسات على الكائنات الحية أو حالة الطقس أو غيرها.

يتمتع هذا المفهوم بمكانةٍ خاصةٍ في أستراليا، فهي موطنٌ لأنواعٍ عديدة من الحشرات المتوطِّنة التي تؤدي أدواراً مهمة كتحليل النفايات وتدوير المغذِّيات وتلقيح المحاصيل، لكنّ الكثير من تفاصيل حياة هذه الحشرات ما يزال مُبهماً. اليوم، لم يعد في وسع الممارسة الاحترافية وحدَها تقديم المعلومات الكافية لفهم التغيير البيئيّ، فلدى وكالات الدراسات البيئية كميات هائلة من المتطلبات والاحتياجات المتعلقة بالبيانات، وأمامَها مساحات هائلة تحتاج للتغطية والدراسة. وأمامَ تنامي الحاجة إلى الفهم، يأتي نقص التمويل البحثي ليزيدَ المسألة تعقيداً، لا سيما بعد الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات الأسترالية في العامين 2019 و2020، واستدعت جهداً على مستوى المجتمع.

لهذا، أطلقت الحكومة برنامج "التعافي من حرائق الغابات" الذي خصّصت له 200 مليون دولار، والذي يُعنى بالحياة البرية وموائلها. وحيث أعطت الحكومةُ الأولويةَ لأنواع محددة من الكائنات الحية لإجراء التقييم العاجل، فقد بدأت منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية "سي سايرو" بتطبيق برامج " العلماء المواطنين ".

لمسَ فريقُ "سي سايرو" الدافع الأصيلَ لدى الناس لتقديم المساعدة، فوظَّفوا التكنولوجيا إلى جانبه. وهكذا، سهَّلت الهواتف الذكية والإنترنت والحواسيب الشخصية وغيرُها عمليات الفهرسة والتتبُّع وجمع المعلومات وتقديمها للجهات التخصصية مرفقةً بتفاصيل الزمان والمكان والبيانات الوصفية.

لينجح مشروع من هذا النوع، فهو بحاجة إلى إنشاء برامج مراقبة متينةِ التصميم إلى جانب استقطاب متطوِّعين جادّين. وقد أثبتت التجارب أنّ العلوم البيئية تجذب أنجحَ المشاريع وأكثرَ المتطوِّعين تفانياً. وهكذا، دعت "سي سايرو" المواطنين للمساعدة في رقمنة عينات مختلفة من أنواع الذباب والبعوض والفراشات وغيرها مستفيدةً من رغبتهم بمساعدة النباتات والحيوانات على التعافي في أعقاب الحرائق.

في مجموعة الأبحاث الوطنية الأسترالية، تحتفظ "سي سايرو" بما لا يقل عن 5 آلاف عينة من أنواع الحشرات المختلفة التي تعودُ أعمارُ بعضِها إلى 100 عام. وقد التقط خبراء المنظَّمة صوراً عالية الدقة لهذه العينات، في حين يقدِّم المواطنون المساعدةَ للعلماء في تتبُّعِها وجمع البيانات عنها. وسيتم نسخ جميع الصور باستخدام منصة "ديغي فول" التابعة للمتحف الأسترالي. كما ستودَع بيانات الحشرات ذات الأولوية في أطلس الأحياء الأسترالية، وهو موقعٌ إلكترونيّ يجمع سجلاتٍ رقميةً للتنوُّع البيولوجيّ في البلاد بغرض إتاحتها للبحث والاستكشاف. ولكونِه جهةً تُعنى بالبحوث التعاونية، فسيتولّى تنسيقَ مشاريع إنقاذ الكائنات البرية.

في المشروع الثاني، تعاونت "سي سايرو" مع جامعة "ويسترن سيدني" على تطوير الموارد لدعم المواطنين ذوي الخبرة وتمكينِهم من توثيق كيفية تعافي النباتات الأسترالية الفريدة بعد الحرائق. يعتبر "ذوو الخبرة" في هذا المشروع هم علماء النبات الهواة المطَّلِعون على الغطاء الأخضر في محيطهم. حيث سيُطلب من هؤلاء مراقبةُ كيفية تعافي النباتات والتقاطُ الصور لتوثيق ظواهر كالتبرعم الفرعيّ وإعادة النمو القاعديّة ونمو الشتلات والإزهار وغيرها، إلى جانب تكوين قاعدة بياناتٍ جديدة عبر توثيق التهديدات النشطة للنظم البيئية المتعافية.

بالتزامن مع هذه الجهود، تشاركت المنظّمة مع مركز علوم النُّظم البيئية التابع لجامعة ولاية "نيو ساوث ويلز" تنسيقَ سلسلةٍ من الحملات البيولوجية في مناطق متفرِّقة من الولاية. وهذه الحملات عبارة عن دراساتٍ ميدانيةٍ مكثّفةٍ يقوم بها العلماء والمتطوِّعون لقرابة يومٍ ونصف بهدف تسجيل أكبر عدد ممكن من الأنواع الحية في منطقةٍ ما وإجراء المقارنات بين المناطق المتأثِّرة وغير المتأثِّرة بالحرائق، عبر أخذ عينات متساويةٍ على طول خطِّ الحريق.

في تجارب أخرى، يتعاون هواة مراقبة النجوم لإنشاء خرائط جماعية، أو تدعو "سي سايرو" الناسَ لمراقبة استهلاكهم للطاقة في منازلهم. ويبقى التحدّي الأكبر الذي يواجه كلّ هذه التجارب هو توحيد معايير التوثيق وجمع البيانات، وهو ما يحتاج التنسيق والتدريب المكثَّفَين. إلّا أنّ هذه المشاريع ستقدِّم فرصةً مثاليةً للناس لتقديم المساعدة للسلطات في ظروف الإغلاق، كما أنّ نتائجَها ستساعد المختصين على فهم توزُّع الأحياء المؤثِّرة ووفرة أنواعِها، وبالتالي، ستمكِّنهم من تحليل تأثيرات الحرائق واختيار الإجراءات اللازمة لإنقاذ الأنواع الحية والتنبؤ بالكوارث المماثلة والنمذجة. وإلى جانب الأهمية العلمية، تساهم الحملات البيولوجية في دعم المجتمعات المتضرّرة.

على مستوى أعمق، تضع هذه البرامج العلوم في متناول الجميع وتكسر تلك الحواجز التي كانت قائمةً بين العلماء والعامة.

المراجع:

https://www.nationalgeographic.org/encyclopedia/citizen-science/#:~:text=Encyclopedic%20Entry%20Vocabulary-,Citizen%20science%20is%20the%20practice%20of%20public%20participation%20and%20collaboration,done%20as%20an%20unpaid%20volunteer.

https://www.theguardian.com/environment/2018/aug/06/the-golden-age-of-citizen-science-and-how-it-is-reshaping-the-world

https://www.csiro.au/en/news/News-releases/2022/Help-scientists-monitor-native-plants-after-extreme-weather-events

https://www.csiro.au/en/education/get-involved/citizen-science/three-bushfirerecovery-citsciprojects

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

ثلاث مدن تنفّذ حلولاً مبتكرة لمواجهة موجات الحر

تمثّل ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة الحاد في المدن تهديداً لصحة السكان وجودة حياتهم. لذا تسعى الحكومات إلى اعتماد طرائق مبتكرة لاحتواء هذه الظاهرة، بدءاً من إرشاد الناس للاحتماء منها كما في ملبورن السويسرية، مروراً بإنشاء المساحات الخضراء لتبريد المدينة وكسر حدة التلوّث كما في باريس الفرنسية، وليس انتهاءً بتركيب مظلّات تقي الناس حرّ الشمس كما في إشبيلية الإسبانية.

 · · 19 ديسمبر 2023

الحكومات المحلية في المملكة المتحدة تستثمر التكنولوجيا الجغرافية المكانية

تسعى العديد من الحكومات المحلية في المملكة المتحدة لإدماج الأدوات التقنية في عمليات التخطيط، واللجوء إليها لفهم البيئات الحَضَرية ورسم الخرائط التفاعلية والتصوّرات ثلاثية الأبعاد وإشراك الناس في عمليات صنع القرار.

 · · 18 سبتمبر 2023

اختبار مياه الصرف الصحي مرجعاً لقرارات الصحة العامة

كوسيلةٍ إضافيةٍ لتتبُّع حركة فيروس كورونا الذي يتطوّر بوتيرةٍ شبه يومية، لجأت بعض الدول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى مراقبة شبكات الصرف الصحيّ وتحليل عيناتٍ منها لرصد وجود الفيروس في منطقةٍ ما قبل حتى ظهور أيّ إصابةٍ فيها.

 · · 25 أبريل 2023

مدن أمريكية تسوِّق لسكانها تطبيق الأمن السيبرانيّ

مع انتقال الكثير من الأنشطة الحياتية والوظيفية إلى الإنترنت وتزايُد المخاطر هناك، تتلاحق المدن الأمريكية لاستكشاف الحلول لحماية مواطنيها ومؤسساتها، فتبنّت العديد من المدن مثل دالاس ونيويورك وميشيغان سياسة تطوير التطبيقات الذكية التي تحظر البرمجيات الضارة وترشِد المستخدمين إلى تدابير الحماية.

 · · 12 أبريل 2023

الابتكار من الماضي ... بنغلادش تحيي تقنية المزارع العائمة

سعياً لتحقيق الأمن الغذائي الذي يهدده خطر الفيضانات، يستخدم المزارعون البنغاليون حلّاً عمره قرون، وهو تربية محاصيلهم في مزارع عائمةٍ على سطح المياه، مدعومين باهتمامٍ حكوميٍّ وغير حكوميّ يرى في هذا الابتكار ركيزةً في التنمية ومكافحة الفقر.

 · · 31 مارس 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right