أول مشروع لتخزين الهيدروجين ينطلق في غلاسكو

أول مشروع لتخزين الهيدروجين ينطلق في غلاسكو

1 دقيقة قراءة
تتوالى السياسات والابتكارات والمبادرات الحكومية لإيجاد البدائل وتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة. ومن المجالات التي تشهد نمواً متسارعاً ما يُسمى بـ"الهيدروجين الأخضر"، الذي يتم إنتاجه بالتحليل الكهربائي للطاقة المتجددة. فوفقاً لتقديرات بلومبيرغ في دراسات تمويل الطاقة النظيفة، يستطيع الهيدروجين تلبية ما يصل إلى 24% من احتياجات الطاقة في العالم بحلول العام 2050، فيما لو توفرت الإمكانيات اللازمة. نتائجُ دعَّمها تقريرٌ صادر عن وكالة الطاقة الدولية، حيث يعتبر الهيدروجين والوقود المعتمد عليه ركيزةً أساسية لتخفيض نسبة الكربون، كما أنّ المحلل الكهربائيّ للهيدروجين هو من أكبر الفرص الواعدة للابتكارات في مجال الطاقة، إلى جانب البطاريات المتطورة ومساعي التقاط وتخزين الغازات الدفيئة. 
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

في الأسابيع التي أعقبت مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بغلاسكو، وضمن جهود المملكة المتحدة الهادفة إلى إزالة انبعاثات الكربون من منظومة الطاقة في البلاد بحلول العام 2035، أطلقت الحكومة مشروع "وايتلي" للهيدروجين الأخضر، وهو المشروع الأكبر من نوعه لتخزين الطاقة الهيدروجينية باستخدام محلل كهربائيّ سيتم تركيبه في محطةٍ لإنتاج الطاقة من الرياح، وذلك لتنظيم إنتاج الطاقة وتخزينها لتلبية الحاجة المحلية.

بعد أن وضع العالم نصبَ عينيه مواجهة تغير المناخ وخفض نسب انبعاثات الكربون، تتوالى السياسات والابتكارات والمبادرات الحكومية لإيجاد البدائل وتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة. ومن المجالات التي تشهد نمواً متسارعاً ما يُسمى بـ"الهيدروجين الأخضر"، الذي يتم إنتاجه بالتحليل الكهربائي للطاقة المتجددة. فوفقاً لتقديرات بلومبيرغ في دراسات تمويل الطاقة النظيفة، يستطيع الهيدروجين تلبية ما يصل إلى 24% من احتياجات الطاقة في العالم بحلول العام 2050، فيما لو توفرت الإمكانيات اللازمة. نتائجُ دعَّمها تقريرٌ صادر عن وكالة الطاقة الدولية، حيث يعتبر الهيدروجين والوقود المعتمد عليه ركيزةً أساسية لتخفيض نسبة الكربون، كما أنّ المحلل الكهربائيّ للهيدروجين هو من أكبر الفرص الواعدة للابتكارات في مجال الطاقة، إلى جانب البطاريات المتطورة ومساعي التقاط وتخزين الغازات الدفيئة. 

ولكن لماذا تولي حكومة المملكة المتحدة اهتماماً بإنتاج وتخزين الهيدروجين الأخضر؟ يعود السبب في ذلك إلى استدامة الهيدروجين الأخضر وخلوه من انبعاثات الكربون، على عكس عمليات انتاج الهيدروجين الرمادي التي تعتمد على تعريض الوقود الأحفوري إلى البخار، وبالتالي فإن هذه العمليات لا تخلو من الكربون. أما المحلل الكهربائي في مشروع "وايتلي" فهو عبارة عن نظام يحول الماء إلى الهيدروجين الذي يتمتع بالقدرة على تخزين الطاقة لفترات طويلة وبكميات كبيرة. فبعد توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مثل توربينات الرياح أو الألواح الشمسية، يتم استخدامها لتحليل المياه إلى أكسجين وهيدروجين يُعرف بالهيدروجين منخفض الكربون. وبعد إنتاج الهيدروجين، يمكن استخدامه مباشرة في خلايا الوقود أو في إنتاج الوقود القائم على الهيدروجين مثل الأمونيا والسوائل الاصطناعية والغاز.

وتعد هذه الميزات للهيدروجين الأخضر في غاية الأهمية، خصوصاً أن التحدي الأكبر أمام التحول إلى الطاقة النظيفة بعيداً عن الوقود الأحفوري يكمن في سهولة انتاج الطاقة من مصادر الوقود الغير متجددة مقارنةً بغيرها. حيث يمثّل الوقود الأحفوري، رغم عيوبه وآثاره البيئية، مصدراً ثابتاً وموثوقاً للكهرباء، والأهم هو إمكانية التحكم به بواسطة الشبكة لتلبية الطلب، وهي السمة التي تفتقر إليها مصادر الطاقة المتجددة، التي كثيراً ما تشهد فترات تفاوت بين العرض والطلب، أو بين الطاقة المتاحة والحاجة إليها. وبوصفها غير قابلةٍ للتوقع، لا يمكن التحكم بيومٍ غائم يحجب أشعة الشمس عن ألواح الطاقة أو بشدة الرياح أو اتجاهها، يبقى احتمال ظهور عجزٍ أو فائضٍ في الطاقة قائماً. وإن كانت الطاقة المتجددة ستحلّ محلّ الوقود الأحفوريّ، فلا بد من التغلب على هذا التحدي بتمكين تخزين الطاقة النظيفة على نطاق واسع.

هذه العوامل، إلى جانب الحضور القويّ للتكنولوجيا في ابتكار حلول الهيدروجين النظيف، جعلت من الأخيرِ منافساً رئيسياً لأكثر البدائل الواعدة للوقود الأحفوري منخفضة الانبعاثات الكربونية.

وهذا ما تعمل عليه مدينة غلاسكو من خلال تشجيع الشراكات بين أهم رواد الطاقة النظيفة من القطاع الخاص لإيجاد حلول مبتكرة لإنتاج وتخزين الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع. وبتمويل بلغ 9.4 مليون جنيه استرلينيّ قدَّمه قسم ابتكارات الطاقة في وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجيات الصناعية، تعاونت شركتان رائدتان في مجال الطاقة النظيفة لإطلاق مشروع "وايتلي" للهيدروجين الأخضر.

الأولى هي شركة "الأكسجين البريطانية" (BOC) التي تدعم جهود المملكة المتحدة لتمكين نقل الهيدروجين التجاريّ والخاص بدعم من شبكة التزود بالوقود في جميع أنحاء المملكة المتحدة، والتي تقوم عبر فريق الوقود النظيف بتصميم الحلول وتنفيذها وتشغيلها لتقديم خدمات التزود بالوقود بسرعة.

أما الشركة الثانية، فهي "آي تي إم للطاقة الذكية"، والتي تقوم بتصنيع حلول متكاملة للطاقة الهيدروجينية لموازنة الشبكة وتخزين الطاقة وإنتاج الهيدروجين المتجدد للنقل والتدفئة والصناعات الكيماوية.

ستعمل الشركتان مع شركة الطاقة الإسكتلندية في إحدى محطات توليد الطاقة من الرياح التابعة لها، حيث سيجري دمج محللٍ كهربائيٍّ في عمليات المحطة التي تُعدّ الأكبرَ في المملكة المتحدة، بقدرة تبلغ 539 ميغاواط تنتجها 215 توربيناً. وفي شيفيلد، سيقوم شركاء المشروع بتصنيع محلل كهربائي وتطويره، وكذلك تشغيل أكبر منشأة لتصنيع المحللات الكهربائية في العالم بسعة ألف ميغاواط سنوياً. 

بالإضافة لذلك، خصصت الحكومة مبلغ 2.25 مليون جنيه إسترليني لإعداد القوى العاملة وتطوير مهاراتها ووضع مواصفاتٍ تدريبيةٍ لتأهيل العمال على التعامل مع منتجات الهيدروجين، وهذا ما سيقوم به اتحاد يجمع بين خبراء الطاقة والمهندسين. وفي السياق نفسه، ستعمل المؤسسة البريطانية للمعايير على تطوير المعايير الفنية لمنتجات الهيدروجين.

إذ ما يزال المشروع في مراحله الأولى، فإنّه يحظى باهتمام حكومي كبير لرصد تحدياته وآثاره. ومع اكتماله، سيتراوح الإنتاج اليومي للمنشأة بين 2.5 إلى 4 أطنان من الهيدروجين الأخضر يومياً، وبمجرد تخزينها، ستوفر هذه الكمية ما يكفي من الوقود خالي الكربون لتشغيل 225 حافلةً تقطع المسافة بين غلاسكو وإدنبرة كل يوم، كما سيضع المشروع إسكتلندا في طليعة سباق الطاقة النظيفة. ومن شأن مشاريع كهذه المساهمة في تحقيق الاستفادة القصوى من مصادرها المتجددة عالمية المستوى.

وعلى نطاق أوسع، فإنّ استخدام الهيدروجين سيتيح تحويل فائض الطاقة المتجددة إلى وقود يمكن استخدامه في الاقتصاد. ومن خلال تخزينه ونقله، يمكن تنظيم التفاوت في العرض والطلب ضمن إمدادات الطاقة الكهربائية المتغيرة، وإيجاد الكثير من فرص العمل. بهذا، سيلعب الهيدروجين دوراً رئيسياً في إنشاء منظومة طاقة منزوعة الكربون بشكل كامل، وهو حجر الزاوية في سعي المملكة المتحدة للوصول إلى اقتصادٍ صفريِّ الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2050.

المراجع:

  • https://www.gov.uk/government/news/glasgow-to-be-home-to-first-of-a-kind-hydrogen-storage-project
  • https://www.openaccessgovernment.org/storage-vital-for-hydrogen-to-solve-renewable-energy-challenges/117942/
اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

كيف بنَت الصين أكبر شبكة شحن مركبات كهربائية في العالم

لأنها تطمح إلى تحويل قطاع النقل إلى منظومة صديقة للبيئة، تعمل الصين لجعل 40% من أسطولها البريّ كهربائياً. لتحقيق ذلك، أقرّت سياسات الدعم للمنتِجين والمستهلِكين، وتؤسس اليوم محطات الشحن في سائر البلاد، وتسعى لتعزيز المساواة بين المناطق الحَضَرية والريفية في مواكبة هذا التحوّل الثوري.

 · · 15 مايو 2023

توربينات الرياح العائمة ... دولٌ تجلب الطاقة من أعالي البحار

للاستفادة من مورد رياحٍ سخيّ تتيحُه مناطق المياه العميقة، بدأت دول كالولايات المتحدة وفرنسا واليابان بتركيب منصاتٍ عائمةٍ وسط البحار، تعلوها توربينات تولِّد الكهرباء من الرياح، مثبّتةً على قواعد مختلفة الأشكال، وفق الميزانية والعمق وتقدير الطاقة المولّدة.

 · · 25 أبريل 2023

مدن الدقائق الخمس عشر ... مدن اختارت حياة محلية مستدامة

لإعادة بناء المدن بشكلٍ أفضل، يلقى مفهوم "مدن الدقائق المحددة" رواجاً واسعاً من بوغوتا إلى برلين، ومن شنغهاي إلى سياتل.

 · · 25 أبريل 2023

ابتكارات جديدة لتعزيز الاستدامة في ميناء بوسان

بحثاً عن وسيلةٍ لحماية البيئة بدلاً من تدميرها، بدأت هيئة ميناء بوسان الكوريّ تنفيذ مشروعَين مبتكَرَين للاستفادة من زخم الحركة في الميناء الحيويّ، فاتجه الأول إلى توليد الطاقة من الضغط الناشئ عن شاحنات نقل البضائع التي لا تهدأ، وتوجّه الثاني إلى الاستفادة من ركام عمليات البناء في المدينة وإعادة تدويرِها كجزءٍ من مشاريع البناء والتوسيع في الميناء الضخم.

 · · 12 أبريل 2023

كوبنهاغن تختبر نظام إعادة تدوير عبوات الوجبات الجاهزة

أمام انتشار ثقافة الوجبات الجاهزة بعبواتها البلاستيكية، احتاجت سلطات العاصمة الدانماركية لنشرِ ثقافةٍ لا تقلّ عنها تأثيراً، ثقافة تراعي البيئة وتشرك الناس في إعادة تدوير مخلفاتهم.

 · · 12 أبريل 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right