أوروبا تستخدم البلوك تشين لتعزيز استدامة سلسلة توريد منتجات القطن

أوروبا تستخدم البلوك تشين لتعزيز استدامة سلسلة توريد منتجات القطن

1 دقيقة قراءة
طورت "لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا" (UNECE) نظاماً يستخدم تقنية بلوك تشين بهدف توفير جميع المعلومات والبيانات المتعلقة بالمنتجات القطنية، بدءاً من مرحلة زراعة القطن، وحتى عرض هذه المنتجات في السوق، ليتسنى للمستهلك اتخاذ قرارات مستنيرة من كافة الجوانب عند شرائه لمنتجات القطن.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

طورت "لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا" (UNECE) نظاماً يستخدم تقنية بلوك تشين بهدف توفير جميع المعلومات والبيانات المتعلقة بالمنتجات القطنية، بدءاً من مرحلة زراعة القطن، وحتى عرض هذه المنتجات في السوق، ليتسنى للمستهلك اتخاذ قرارات مستنيرة من كافة الجوانب عند شرائه لمنتجات القطن. كما يدعم هذا النظام عملية التحقق من البيانات المعلنة حول المنتج من قبل السلطات والشركات.

تعدّ الأسواق الأوروبية من أكثر الأسواق المستهلكة للمنتجات القطنية، أو التي يدخل في صناعتها القطن، مثل الملابس والأحذية الرياضية. وعلى الرغم من أن السياسات الأوروبية تحظر استيراد المنتجات التي شكلت إحدى مراحل صناعتها خرقاً لحقوق الإنسان أو ضرراً بالبيئة، خاصة فيما يتعلق بمسألة العمالة مثل عمالة الأطفال والعمالة القسرية، إلّا أنه لا توجد قوانين واضحة تمنع استيراد مثل هذه المنتجات. والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم توفر آلية موثوقة يمكن من خلالها التحقق من صحة البيانات الواردة في البطاقات التعريفية أو ملصق المنتج. هذا عدا أن الملصقات في الأساس غالباً ما تكون بياناتها معقدة، غير واضحة، أو حتى مضللة في بعض الأحيان.

كان البرلمان الأوروبي قد تبنى في العام 2016 مجموعة توصيات بحثها لأول مرة في العام 2010، بهدف وضع معايير اجتماعية وبيئية يُحظَرُ من خلالها دخولُ منتجات تخالف تلك المعايير إلى أوروبا، خاصة تلك المتعلقة بعمالة الأطفال والعمالة القسرية والممارسات الملوّثة للبيئة والمضرة بالمجتمعات. لكن تحويل تلك المعايير إلى قوانين يتطلب أدلة دامغة لا يمكن التشكيك فيها حتى يتم إنفاذها على أرض الواقع.

وبالتالي، تدارست لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا الحلولَ المحتملة، وتوصلت إلى اقتراح مبتكر يستعين بتقنيات بلوك تشين لتعقب مسار المنتجات القطنية بكل مراحلها التصنيعية، "من الحقل وحتى المتجر". ويجدر بالذكر أن طريقة استخدام نظام التعقب هذا شبيهة بطريقة استخدام تقنية بلوك تشين في مجال العملات الرقمية، الأمر الذي يجعله نظاماً موثوقاً، لا يسمح بإجراء أي تعديل على السجلات الموجودة أو التلاعب بها، ويضمن معايير الشفافية والتعقب المعتمدة لدى الأمم المتحدة.

بيد أنّ جائحة كوفيد-19 شكلت تحدياً لتطبيق النظام، وأكّدت في الوقت نفسه على ضرورة استخدامه لضمان نجاح عمليات التتبع والتحقق. فقد تأثرت صناعة الملابس كثيراً بتفشي الجائحة، ما جعل المصانع تعيد النظر في أولوياتها على المستوى التشغيلي، الأمر الذي أثّر سلباً على عملية التتبع والالتزام بالمعايير. لكن التحدي الأكبر في ظل الجائحة كان في جمع كافة المعنيين في سلسلة القيمة حول طاولة واحدة للتباحث والتوافق حول تنفيذ المشروع. كما شكلت مسألة الخصوصية وسرية المعلومات الصناعية عقبة أخرى أمام الإفصاح عن البيانات ومشاركتها مع شركاء في الصناعة. لكن تم في النهاية إيجاد حلول لتلك التحديات أو الالتفاف حولها.

أطلقت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا مشروع بلوك تشين تجريبياً في بداية 2020 ضمن إطار مبادرة "تحسين التتبع والعناية الواجبة لسلاسل القيمة المستدامة في قطاع الملابس والأحذية القطنية" التي أطلقتها اللجنة مع مركز الأمم المتحدة لتيسير التجارة والمعاملات التجارية الإلكترونية (UN/CEFACT) بالتعاون مع مركز التجارة الدولية (ITC) وبتقديم دعم مالي من الاتحاد الأوروبي، بهدف تزويد الحكومات والشركات بالأدوات اللازمة للتثبت من تطبيق المعايير المطلوبة. قامت جامعة العلوم التطبيقية والفنون في جنوب سويسرا (SUPSI) بتصميم نظام البلوك تشين وفقاً لنموذج معايير "خدمة معلومات رمز المنتج الإلكترونية" (EPCIS) العالمية، الذي يتطلب معلومات تعريفية دقيقة في عملية التتبع. كما شارك في تنفيذ المشروع مزودو خدمات حلول التكنولوجيا، والهيئات المعنية بوضع المعايير، ومستشار قانوني، ومزود خدمات علامات الحمض النووي.

تم تنفيذ المشروع التجريبي بالتعاون مع المعنيين الرئيسيين على المستوى التشغيلي في صناعة الملابس القطنية، شاملاً العلامات التجارية، والهيئات المخولة بإصدار شهادات الاعتماد، ومصنّعي الملابس والأنسجة في ألمانيا وإيطاليا وسويسرا والمملكة المتحدة، وبعض أكبر الدول المنتجة للقطن مثل الولايات المتحدة ومصر. وتمحور التعاون بين جميع الشركاء والأطراف المعنية حول أربع نقاط يجب التقيد بها عند إدخال البيانات في نظام البلوك تشين، وهي متطلبات الاستدامة، وتعيين جهات البيانات الرئيسية، ومشاركة البيانات، وتعاون الجهات المعنيّة.

يجب أن تشمل متطلبات الاستدامة، على سبيل المثال، بيانات حول أصل أو منشأ المنتجات القطنية، تركيبة ونسبة القطن فيها، استخدام المواد الكيميائية، والعناية الواجبة وفق شروط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). كما يجب أن ترفق هذه المتطلبات بالأدلة والوثائق الداعمة الرسمية، وهو ما يشمل تقارير المعاينة والتفتيش، وتقارير التدقيق، ومذكرات الشحن التأكيدية، والفواتير والإيصالات، والعقود ذات الصلة.

فضلاً عن ذلك، يشتمل النظام على شريحة إضافية لزيادة الثقة في صحة البيانات من خلال الربط بين عملية التتبع الرقمي والتتبع المادي للمنتج، وهذا يتم من خلال توفير مؤشرات حيوية مثل علامات الحمض النووي.

وبالرغم أن نظام البلوك تشين هذا يعد في مرحلته التجريبية إلا أنه أثمر عن نتائجَ إيجابية على عدة مستويات، منها إثبات صحة المفهوم الذي قام عليه المشروع من جهة قدرة وموثوقية تقنيات البلوك تشين على تتبع صناعة المنتج في جميع مراحلها، وحفظ البيانات، وربط تعاملات كافة المعنيين في الوقت الفعلي، وزيادة الشفافية، فضلاً عن إمكانية توسيع نطاق النظام ليشمل كامل قطاع الملابس والأحذية وليس القطنية فحسب.

ويجدر بالذكر أن الفوائد المرتقبة تشمل زيادة مستوى ثقة المستهلك ببيانات الاستدامة ومراعاة الاعتبارات الاجتماعية المعلن عنها في الملصق، أما بالنسبة للشركات فالنظام يساعدها على اتخاذ قرارات مبنية على الحقائق والدراية الكاملة بالمخاطر، وزيادة الثقة بين كافة المعنيين. كما يوفر النظام للهيئات التنظيمية سهولة الوصول إلى بيانات موثوقة حول التزام المصنعين بمعايير الاستدامة والعمالة، ويساعد المستثمرين أيضاً في اتخاذ قراراتهم حول الاستثمار المؤثر.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
أشترك في القائمة البريدية لمنصة ابتكر | كل أسبوع
القائمة البريدية للمبتكرين
نشارك أكثر من 20,000 مبتكر أسبوعياً نشرة أخبارية ترصد الابتكارات العالمية من كافة أنحاء العالم
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

سنغافورة تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي

كشفت السلطات في سنغافورة عن تطويرها لإطار عمل ومجموعة أدوات اختبار مبتكرة تساعد الشركات في مختلف القطاعات على تعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي.

 · · 29 يناير 2024

التحول الرقمي للقطاع المالي البرازيلي يعزز الشمول المالي

تشهد البرازيل ثورةً في عالم التمويل الرقميّ وتزايداً في أعداد المنضمّين إليه، من خلال حملة إصلاح شاملة تقودها الحكومة، تكثِّف استخدام التكنولوجيا وتركّز على احتياجات العملاء وتجدِّد اللوائح وتطوِّر تطبيقات التحويل الفوري وتحمي مواطنيها من ارتفاع الفوائد وعمليات الاحتيال.

 · · 22 يناير 2024

كيف يساعد الذكاء الاصطناعيّ فِرَق الإطفاء الأمريكية

أمام أخطار كثيرة ومتنوعة تواجه رجال الإطفاء، من الأبنية الآيلة للانهيار إلى حالات الوهج الشديد التي قد تحدث في أي لحظة عند ارتفاع درجات حرارة الحرائق أو حرائق الغابات التي تلتهم كلّ ما في طريقها، لجأت عدة مدن أمريكية للذكاء الاصطناعيّ، بغية ترتيب أولويات هدم الأبنية القديمة، وإرشاد فِرَق الإطفاء في مهامها، والتنبؤ بحالات الانفجار الناتجة عن الحرائق الشديدة.

 · · 19 ديسمبر 2023

مدن ألمانية تحلّ التحديات المعقّدة باستخدام التوائم الرقمية

لأنّ التوائم الرقمية تقدّم نماذج تقنية تدعم التنمية المستدامة المستقبلية، تعمل الحكومة الألمانية باختلاف مستوياتها على إنشاء هذه التوائم، فترسي الشراكات مع القطاع الخاص لتطوير شبكة السكك الحديدية وإدارة شبكات المياه وتحسين جودة الحياة.

 · · 19 ديسمبر 2023

حكومات توظف الابتكار لمواجهة القيادة المستهترة

سعياً لاحتواء ظاهرة القيادة المستهترة التي تعتلي لائحة مسبِّبات حوادث الطرق في العالم، لجأت حكوماتٌ عدّة في كلٍّ من أوروبا وأمريكا إلى الكاميرات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعيّ، لترصدَ المخالفات وتتكاملَ مع أُطُر ولوائحَ قانونيةٍ صارمةٍ لا تتهاون مع أيّ سائقٍ يعطي لعوامل التشتيت الأولوية على حساب سلامته وسلامة الآخرين.

 · · 4 ديسمبر 2023
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right