ألمانيا تصنّع أول قطار ذاتي القيادة في العالم

ألمانيا تصنّع أول قطار ذاتي القيادة في العالم

1 دقيقة قراءة
تعد القطارات إحدى أهم وسائل النقل العام وأكثرها أماناً في العالم، وفي قارة أوروبا تحديداً، تساهم القطارات بتغذية شريان الحياة اليومية في المدن الكبرى، ما يستدعي التطوير الدائم والاستعانة بالتكنولوجيا لتحسين أداء منظومة النقل العام المحلي في مدنها المتنامية، لتواكب احتياجات نمط الحياة المعاصر.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

ضمن التوجه المستقبلي العالمي لتحديث قطّاع النقل، أطلقت مدينة هامبورغ مشروعاً طموحاً لرقمنة شبكة النقل، حيث أعلنت مؤخراً عن تنفيذ مرحلته الأولى والمتمثّلة في تصنيع قطارٍ ذاتي القيادة يعمل بشكلٍ مؤتمتٍ بالكامل وفق الأنظمة الأوروبية، ليمثل خطوة أولى نحو استخدام التقنيات في شبكة النقل على المستوى الوطني.

تعد القطارات إحدى أهم وسائل النقل العام وأكثرها أماناً في العالم، وفي قارة أوروبا تحديداً، تساهم القطارات بتغذية شريان الحياة اليومية في المدن الكبرى، ما يستدعي التطوير الدائم والاستعانة بالتكنولوجيا لتحسين أداء منظومة النقل العام المحلي في مدنها المتنامية، لتواكب احتياجات نمط الحياة المعاصر.

وفي هامبورغ الألمانية، المدينة الأكبر مساحةً في البلاد، تتجه أعداد السكان إلى تزايد مستمر، مصحوبةً بزخم النشاط التجاري الذي تشهده المدينة، الأمر الذي زاد من حاجتها إلى تحديث نظام السكك الحديدية السريع، ومدِّ خطوط نقلٍ إضافية، وتحسين الخدمات المقدمة للركاب. وضمن المساعي الهادفة إلى تحقيق هذه الرؤية، أطلقت مدينة هامبورغ هذا العام أول قطارٍ آليٍّ ذاتيّ القيادة في العالم بعد أن عملت حكومتها المحلية على تحديث ورقمنة نظام السكك الحديدية في مشروع استمر لثلاث سنوات تقريباً.

تتطلب عملية تحسين خدمات النقل في العصر الحالي إنشاء بنى تحتية رقمية، الأمر الذي دفع حكومة هامبورغ إلى إطلاق مشروع النقل الرقميّ في العام 2018، الذي كان حصيلة تعاونٍ بين بلدية هامبورغ وشركتي "دويتشه بان" و"سيمنز" للنقل وتتويجاً لمذكرة التفاهم التي وُقِّعَت في العام 2017 بشأن تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والحكومي لتحويل هامبورغ إلى مدينة ذكية، حيث وضعت المذكرة حجر الأساس لكل هذه الجهود.

ويسعى المشروع الذي بلغت ميزانيته 60 مليون يورو لوضع جدول زمني منتظم وخطط واضحة لتحقيق أهداف تطوير منظومة النقل العام بالكامل، وكانت ثمرة الإنجازات الأولى هو تشغيل أول قطارٍ آليٍّ ذاتيّ القيادة في العالم في العام 2021.

يقوم المشروع على الدمج الوثيق بين البنية التحتية للسكك الحديدية والقطارات بالاستفادة من النظام الأوروبي للتحكم بالقطارات ونظام التشغيل الأوتوماتيكي لها، حيث يراقب النظام الإلكتروني الحديث النقاط المختلفة المنتشرة على طول السكك الحديدية للتأكد من كونها في أماكنها الصحيحة ويرسل الإشارات للقطارات لتشغيلها.

وقد تم تطبيق الآلية الجديدة على أربعة قطاراتٍ ستقطع رحلةً بطول 23 كيلومتراً بين محطة "برلينر تور" ومحطة "أوموليه". وتخضع القطارات المؤتمتة بالكامل للتحكم باستخدام التكنولوجيا الرقمية، وهذا لا يعني الاستغناء عن سائق القطار، إذ يبقى السائق مع الركاب على متن القطار للإشراف على سير الرحلة، في حين يتم تحويل مسارات القطارات وانعطافاتها بشكلٍ أتوماتيكي، ومن دون الحاجة لأي تدخل، بما في ذلك التوقف عند أرصفة صعود الركاب في المحطات. ولكن على متن هذه القطارات الأوتوماتيكية، يتمتع السائق دوماً بالسلطة الأعلى في عملية التحكم بسير القطار، ويستطيع تولي القيادة في أي وقت، وخصوصاً في حالات الحوادث.

وفي هذه الأثناء، تخضع الرحلة للمراقبة عبر حاسوب مبرمج يعمل وفقَ النظام الأوروبي للتحكم بالقطارات، وهو ما يتلقى معلومات التحكم بالقطار كحدود السرعة، ثم يتولى نقلَها عن طريق موجات الراديو إلى القطارات المعنية، ومن ثم يواصل مراقبة حركتها.

وإلى جانب مركز الراديو الجديد، يتضمن النظام الأوروبي للتحكم بالقطارات العديد من أجهزة التحكم اللاسلكية، وهي عبارة عن أجهزة إرسال يتم وضعها بين قضبان السكة الحديدية على امتداد مسارات القطارات الأربعة لتنقل إلى كلٍّ منها معلوماتٍ إحصائيةٍ إضافية، كالموقع والسرعة مثلاً.

أما نظام التشغيل الأوتوماتيكي للقطارات، فيمكن لسائق القطار من خلاله تفعيل القيادة الآلية عالية الجودة عبر الوحدات الخاصة به على متن كلّ قطار، حيث تتلقى هذه الوحدات معلومات الجدول الزمني المباشرة من حاسوبٍ تابعٍ لها، وتتلقى أوامر المتابعة من وحدة النظام الأوروبي للتحكم بالقطارات الموجودة على متن القطار أيضاً.

وفي المرحلة الثانية من المشروع، سيبدأ النظام بالاستفادة من إمكانياته الكاملة، حيث ستعمل القطارات على مقربةٍ من بعضها ضمن عمليةٍ مؤتمتةٍ بالكامل، يتم التحكم بها عبر التقنيات الذكية كتقنية الاستشعار التي تمكنها من استكشاف محيطها وموقعها.

وأثناء عملية التنفيذ، اتضح أن التحدي الأكبر يكمن في افتقار الأنظمة المعتمدة حالياً إلى الشروط المطلوبة لتوسيع التجربة، فلتحقيق الاتصال بالنظام الأوروبي للتحكم بالقطارات، كان لا بد من ترقية الأنظمة لتمكينها من العمل إلكترونياً باستخدام تقنياتٍ محدثة، ولذلك تم دمج العناصر المطلوبة لتنفيذ نظام التشغيل الأوتوماتيكي وفق النظام الأوروبيّ، وذلك على السكك وفي القطارات نفسِها والحواسيب والمرشِدات اللاسلكية وغيرها.

وعبر أتمتة عمليات السكك الحديدية، يمكن للشبكة أن تقدم لمسافريها خدمات أفضل وأكثر وموثوقية ودقة، كما أنّ قدرة هذه الشبكة يمكن أن يزداد بنسبةٍ تصل إلى 35% لجذب مزيد من الركاب، وذلك دون الحاجة إلى تمديد مسارات جديدة للقطارات. والأهم هو أنّ هذه العمليات ستحقق كفاءةً أكبر في استخدام الطاقة، مما يعني الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز منظومة نقلٍ أكثر استدامة.

إلى جانب كونه خطوةً مفصليةً لإدخال التقنيات المبتكرة إلى عمليات السكك الحديدية، يمثل هذا القطار الخطوة الأولى في مشروعٍ يهدف إلى تجديد الشبكة بالكامل بحلول العام 2035 باستخدام النظام الأوروبي للتحكم بالقطارات وتكنولوجيا الإشارات الرقمية ونظام التحكم والتشغيل المتكامل، ضمن المسعى الألماني للانتقال إلى المستقبل الرقمي.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

الرقمنة نحو مجتمع أفضل: الدروس المستفادة من التجربة المكسيكية

على الرغم من كونها عاصمة لأحد أكبر اقتصادات العالم وتمتعها بتاريخ عريق، تواجه مكسيكو سيتي تحديات صعبة من ضمنها الفقر والاكتظاظ السكاني. وفي ظل البيروقراطية وعدم المساواة الاجتماعية السائدة تبدو التحديات كبيرة والحلول مستعصية. لكن بوادر التغيير، وإن كانت بطيئة، بدأت بالظهور بفضل جهود الوكالة الرقمية للابتكار العام التي تشكل تجربتُها حالةً نموذجية تسلط الضوء على أهمية الدعم السياسي والمالي، وتعاون مختلف الدوائر الحكومية، لتوفير خدمات حكومية رقمية فعالة تساهم في تحسين نوعية حياة سكان المدينة.

 · · 18 سبتمبر 2024

التكنولوجيا الخضراء: مبادرة سنغافورة للارتقاء بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات نحو الاستدامة

يعدّ أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تغير المناخ ضئيلاً نسبياً حين مقارته بمصادر الانبعاثات الكربونية الرئيسية كالمواصلات والأنشطة الصناعية والبشرية الأخرى التي تستخدم الوقود الأحفوري بكثافة. لكن مع نمو الطلب على هذا القطاع وبنيته التحتية، من المتوقع أن ترتفع كثيراً مساهمته التي تقدر اليوم بين %1.8 و%4 من مجمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالمياً، لتبلغ نحو %14 بحلول العام 2040، ما يجعله مصدر قلق متنامٍ لكافة الدول الساعية للحد من آثار تغير المناخ. في مواجهة هذا التحدي، أطلقت سنغافورة التي تتميز باستخدامها المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مبادرة شاملة وطموحة تستهدف خفض معدل الانبعاثات الناتجة حالياً عن هذه التكنولوجيا بمعدل %50 بحلول العام 2030، تماشياً مع الأهداف العالمية في هذا المجال.

 · · 18 سبتمبر 2024

استخدام مبتكر للبيانات لدعم صنّاع القرار في قطاع الصحة الكندي

شكلت جائحة كوفيد-19 تحديا عالميا غير مسبوق، وكشفت عن نقاط ضعف في صنع السياسات وأنظمة الرعاية الصحية أدت إلى أوجه قصور في إدارة الأزمات. غير أن بعض البلدان لجأت إلى نهج مبتكرة ساعدت على التخفيف من أثر الأزمة وأثبتت جدارتها في أن تصبح جزءا من آليات دعم التأهب لحالات الطوارئ الصحية في المستقبل. كانت كندا واحدة من هذه البلدان ، حيث تبنت البيانات الضخمة لتتبع حركة السكان لإبلاغ عملية صنع القرار في مواجهة COVID-19.

 · · 22 أغسطس 2024

"التنقل كخدمة": الحكومة البريطانية تجمع كل وسائل النقل على منصة واحدة

انطلقت خلال السنوات الماضية مبادرات في عدد من الدول تسعى إلى استثمار التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقنيات الدفع الإلكتروني، في جمع خدمات وسائط النقل المختلفة على منصة واحدة، توفر للمستهلكين سهولة غير مسبوقة في التخطيط لرحلاتهم، واختيار وسائل النقل التي تناسبهم، والحجز، وشراء التذاكر– ضمن ما أصبح يطلق علية تسمية "التنقل كخدمة". لكن هذه التجارب لا زالت في بداياتها، وهي محدودة النطاق بشكل عام نظراً لمجموعة من التحديات. في المملكة المتحدة، حيث تم إطلاق أكثر من مبادرة في هذا المجال، أصدرت الحكومة مؤخراً مدونة ممارسات خاصة بمفهوم وتطبيقات "التنقل كخدمة" كمرجع للمعايير والإرشادات التي تتوافق مع توجهات وطموحات الحكومة لمشهد التنقل في المملكة، خاصة من جهة المحافظة على الشمول المجتمعي، وضمان نفاذ كل فئات المستخدمين للخدمة.

 · · 22 أغسطس 2024

توظيف أجهزة الاستشعار الذكية في بيانات إدارة الطرق

مع تقدم التكنولوجيا في مجال الكاميرات الذكية، وأجهزة الاستشعار، ونقل للبيانات، والذكاء الاصطناعي، بدأت بعض المدن الكبرى بالنظر في استغلال هذه التقنيات مجتمعةً في حل المشاكل الناجمة عن حركة المرور على الطرق الداخلية والمحيطة بها. من أبرز الجهود المبتكرة في هذا المجال مشروعان تجريبيان أطلقهما مؤخراً كل من مجلس مدينة ولينغتون، عاصمة نيوزيلندا، ودائرة النقل في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة.

 · · 23 يوليو 2024
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right