استجابةً للتحدي الذي فرضته جائحة كوفيد-19 على السلطات الصحية العالمية لإيجاد آلياتٍ أكثر كفاءةً وفاعليةً لتقديم الخدمات الطبية والطارئة، تسعى حكومة ويلز مع عدة شركاء لإيجاد حلولٍ جديدةٍ لتعقيم سيارات الإسعاف بسرعةٍ ودقة. وقد وقع الاختيار على نظام تعقيمٍ مبتكرٍ يختصر أكثر من نصف الوقت والجهد اللازمين للعملية.
عادةً، بعد إسعاف مريضٍ يُشتبه بإصابته بفيروس كورونا المستجدّ، لا يمكن إعادة استخدام سيارة الإسعاف لنقل مريضٍ آخر قبل تعقيمها بالكامل، وذلك منعاً لانتقال العدوى بينهما، في عملية تستغرق عادةً من نصف ساعة إلى ساعتين لتنظيف كلّ أجزاء السيارة ومعدّاتها.
في ويلز بالمملكة المتحدة، ومع تسارع انتشار الفيروس وتزايد الضغط على هيئة الخدمات الصحية الوطنية باقتراب الشتاء، أصبح التعقيم المتأنّي والمطوَّل لسيارات الإسعاف رفاهيةً لا بدّ من الاستغناء عنها واستبدالها بحلولٍ عمليةٍ أكثر، لا سيما بعد ظهور متحوِّر أوميكرون بإصاباتٍ متسارعةٍ عرقلت تقديمَ الخدمات العامة في عموم أنحاء ويلز، التي شهدت خلال أسبوع واحد قرابة 9 آلاف حالة إصابة، بمعدَّل ارتفاعٍ أسبوعيٍّ بلغَ الضِّعف.
وعلى الأرض، انقطع قرابة 350 عاملاً من موظفي الخطوط الأمامية عن العمل بسبب تشخيص إصابتهم بفيروس كورونا، إذ يمثِّل هؤلاء 10% من إجماليّ الموظفين، تُضافُ إليهم 6% من العمال المصابين بأمراض أخرى.
هذا الشحُّ في الموارد وغيابُ الطواقم الكافية وضيقُ وقتِ العاملين على الأرض، كلُّها وضعت المنظومة الصحية في أزمة حقيقية، واضطرَّتها للاستعانة بالجيش لتعويض غياب فِرَقِها، حيث انضم ما يقارب 150 عنصراً من الجنود والبحّارة والطواقم الجوية لتقديم المساعدة إلى جانب 100 من زملائهم الذين يعملون مع الطواقم الصحية على الأرض منذ شهر أكتوبر 2021.
وأمام الضغوط الإضافية التي يفرضها فصل الشتاء على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، خصصت الحكومة تمويلاً إضافياً فاقت قيمتُه 34 مليون جنيه إسترليني لخدمة الإسعاف، وتعاونت مع كلٍّ من أمانة هيئة الخدمات الصحية الوطنية لخدمات الإسعاف بويلز، ومركز مبادرة أبحاث الشركات الصغيرة، ومختبر علوم وتكنولوجيا الدفاع، وبرنامج المسرِّع الأمنيّ والدفاعيّ، لنشر إعلان للمساعدة في إيجاد حلول مبتكرة لتسريع تنظيف سيارات الإسعاف.
بعد أن قدّم المسرِّع الأمنيّ والدفاعيّ إطار عملٍ لتقديم المقترحات وتحليلِها ومراجعتِها، انتقلَ الفريق من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة التجارب العمليّة خلال 6 أسابيع فقط. ومن ضمن 200 اقتراح، تم اعتماد منتجِ شركة “هايجين برو كلين” إلى جانب 4 متقدِّمين آخرين.
عملت الشركة على تطوير المنتج بالتعاون مع جامعة سالفورد وبالاعتماد على مبدأ بسيطٍ يقول إنَّ التطهير الفعّال ممكنٌ فقط في حال تحقيق عناصر أساسيةٍ معينة لا بدّ من اجتماعِها معاً، وأهمُّها نظامُ نشر المعقِّم والمواد الكيميائية والكاشف والمنهجية الكاملة.
وعليه، فقد صمّمت الشركة نظام رشٍّ بالموجات فوق الصوتية، يقوم بنشر محلولٍ معقِّمٍ عالي الفعالية على شكلِ رذاذٍ ناعمٍ يضمن توزيعاً موحَّداً للسائل بمعدل 10– 15 ميكرون (1/ 1.000.000 متر)، وذلك لتقليل الرشِّ الزائد عن الحاجة والفضلات. وبهذا، ينجز النظام عملية تنظيف السيارة خلال ما يقارب 20 دقيقة، يقضي خلالَها على الفيروسات الموضعية مثل “كورونا” و”نورو” و”إنفلونزا”، إلى جانب التهديدات الفيروسية والبكتيرية والحيوية الأخرى مثل مسبِّبات العَفَن والرائحة الكريهة وغيرها من عوامل الأمراض، مع ضمانِ كونِها آمنةً وغير سامة وتلبي شروط المعيار الذهبي لدستور الأدوية.
كما يتضمن النظام تدريباً وبرتوكولاتٍ خاصةً لإزالة التلوث بشكلٍ فعّال من أي مكان، وبشكلٍ يكفل تعقيم أيِّ سطحٍ بالكامل، دون الإفراط في الترطيب، وبحيث تشمل عملية التلويث السطحَ نفسَه والهواء المحيط به على حدٍّ سواء. وقد طُوٍّرت أيضاً عبوات رشٍّ تعمل بالأمواج فوق الصوتية للتحكم في العدوى، للاستخدام اليدويّ اليوميّ.
وإذ تُجرى الاختبارات في مختبر علوم وتكنولوجيا الدفاع التابع لوزارة الدفاع، سيتم في المرحلة القادمة وضع تقييمٍ نهائيٍّ للمنتجات، وما يرتبط بها من تحدياتٍ وآثار، لاختيار الحلول الأكثر فاعليةً والقابلة للتطبيق على مستوى المنظومة الصحية ككل، حيث سيتوجه استثمار الحكومة الويلزية أيضاً لزيادة طواقم سيارات الإسعاف وزيادة السعة وإمكانيات نقل المرضى، ورفع مستوى الدعم لمرضى الصحة العقلية.
إلى جانب نظام التعقيم هذا، تضمنت العروض الأخرى كثيراً من الأفكار والمفاهيم المفيدة، والتي تتطلّع السلطات للعمل على تطويرها ودعمِها تمهيداً لنشرِها في كل أنحاء ويلز.
ومن المتوقع أن تسهم هذه التكنولوجيا في اختصار الوقت والجهد اللازمَين لتعقيم سيارات الإسعاف، إلى جانب تحقيق فعاليةٍ كبيرةٍ من ناحية الموارد البشرية، إذ ستتيح للطواقم القيام بمهام أخرى بينما يتم تنظيف السيارة والمعدّات.
حالياً، يسعى الفريق التنفيذيّ لإيجاد مزيد من الحلول التي يمكن استخدامُها لتطوير أيِّ جانبٍ من المنظومة الصحية، في ظلِّ هذه الأزمة وفي سبيل إنقاذ الأرواح.
المراجع:
- https://www.bbc.com/news/uk-wales-59871952
- https://www.gov.uk/government/case-studies/rapid-sanitising-technology-improves-ambulance-cleaning-times-and-standards
- https://www.hygieneproclean.com/news/hpc-have-been-successful-in-winning-funding-from-a-welsh-government-backed-initiative-for-the-rapid-sanitisation-of-ambulances-welsh-ambulance-trust
- https://www.ambulance.wales.nhs.uk/Default.aspx?gcid=1635&lan=en